الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يا سيد فوكاياما !

حسن مدن

2023 / 6 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


نستذكر مقولة فوكاياما عن نهاية التاريخ التي أطلقها بعد انهيار القطبية الثنائية، ونشوء النظام العالمي أحادي القطب، ونحن في خضم الأحداث التي يمور بها عالمنا اليوم: الحرب الطاحنة الجارية في أوكرانيا، الصعود المدوي للصين، نهضة الهند الواعدة بالكثير، تشكّل محاور اقتصادية دولية جديدة مؤثرة وفاعلة خارجة عن سيطرة المركز الغربي كما كان العالم قد اعتاد قبل ذلك، كأن عالماً جديداً مختلفاً قد ولد فعلاً أو أوشك، مع أن قائلين يقولون: لا تستهينوا بالغرب، ولا بالقوة الحاسمة للولايات المنحدة الأمريكية، اقتصادياً وعسكرياً ونفوذاً عالمياً وقدرات ما زالت تملكها للتاثير في مجريات الأحداث، وكأن لسان حال هؤلاء القائلين يقول: «لا تخدعنّكم المظاهر، فالغرب القوي سيبقى قوياً ولا سبيل للنيل من قوته».

لا جدال حول قوّة أمريكا ونفوذها في العالم، ولا حول قوّة الغرب الحليف لها، لكننا نرى بعينين لا بعين واحدة. من يغمض إحدى عينيه ليرى بواحدة فقط قوّة الغرب التي تبهره، ويتجاهل ما يمكن للعين الأخرى لو أنه فتحها أن تراه، إما أنه جاهل أو مكابر، أو مصاب بقصر البصر والبصيرة فكريّاً. علينا ألا نغرق في التحديق في شجرة مهما كانت عملاقة ونتجاهل الغابة التي هي فيها، وعلينا أن نرى أي تفصيل مهما علا شأنه وكبر وزنه في إطار البانوراما الأشمل التي هو جزء منها، فهناك هوس لدى بعض القائلين بنزع الإيديولوجيا، ينسيهم أنهم، وهم يفعلون ذلك، يقدّمون إيديولوجيتهم الخاصة في مواصلة ما يرونه هم فقط، ورفض أو تجاهل أية أطروحة لا تتسق مع ذلك.

ما نعيشه اليوم من تحوّلات أحدث ويحدث من الآثار الثقافية والنفسية والاقتصادية الشيء الكثير، وفتح الباب أمام تناقضات جديدة غير مسبوقة، لكنها لا تنهي التاريخ، الذي لن ينتهي، وهي تتطلب فهماً مختلفاً للعمليات الجارية، غير الفهم الذي يريد أن يضع نهاية للتاريخ، أو يفسر العمليات الجارية فيه، بما فيها المواجهات الدامية، كما لو كانت مجرد مواجهات بين الأديان والحضارات والثقافات.

بالمناسبة ينسب إلى فوكاياما قوله، لاحقاً، إنه لو قيض له أن يعيد كتابة مؤلفه «نهاية التاريخ»، من جديد لكان قد تحدث عن «تحلّل» النموذج الليبرالي، وهو نفسه النموذج الذي سبق له التبشير بانتصاره الحاسم والنهائي والذي لا عودة عنه.

وفي الختام سنستعير عبارة «لا يا سيّد فوكاياما، هذه ليست نهاية التاريخ»، الواردة في خاتمة كتاب أجنبي وضعته شبكة مختصة بمناقشة تحوّلات العالم، وهي «تحثّ على استئناف فصول جديدة من التاريخ بعيداً من الهيمَنة الأحادية».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل