الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوغندا الضحية الاخرى لعقوبات الغرب الاقتصادية

محمد رضا عباس

2023 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الكثير من العرب دعم العملية الروسية الخاصة ضد اكرانيا , ليس حبا بالحرب , وليس بالضرورة حبا بفلاديمير بوتين , الرئيس الروسي , وانما دعموا الحرب من اجل التخلص من الهيمنة الامريكية على العالم والتي بدأت منذ خمسة وعشرون سنة , وأصبحت الحاكم على الاراض تقرر من يعيش ومن يموت من خلال اداتها القاتلة, العقوبات الاقتصادية . اداتها القاتلة, العقوبات الاقتصادية . لقد وصلت الهيمنة الامريكية على العالم الى درجة عندما تغضب يجب على الجميع الغضب معها " معنا او ضدنا " يعني اسود او ابيض ورمادي غير مقبول , وبعكسه يحل غضبها على من لم يطيع اوامرها . الحرب في اكرانيا خير مثال على ذلك . أمريكا والغرب فرض عقوبات اقتصادية تعد الأعنف والاقسى في التاريخ على روسيا , ولكن الإدارة الامريكية لم تكتفي بعقوباتها وعقوبة شركائها الاوربيين والتي وصلت عشرة حزم من العقوبات والتي شملت الاقتصاد والفن والادب , فأصبحت تهدد كل دولة تتعامل مع روسيا بالعقوبات ومنها تركيا الامارات العربية ودول افريقية أخرى .
ليس من العادة ان تنجح العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية على الدول الغير صديقة لها او تختلف معها في سياستها , فهناك عشرات الدراسات التي تؤكد ان اغلب العقوبات غير مؤثرة وبمرور الزمن تضطر الإدارة الأمريكية بإلغائها . والسبب هو ان هناك دول منافسة للولايات المتحدة مستعدة لحل محلها والتعامل مع الدول التي ترفض أمريكا التعامل معها . على سبيل لمثال , ان الحصار الاقتصادي ضد العراق بعد غزوه دولة الكويت لم تصرف النظام , الا ان شعبه دفع ثمن الحصار غاليا , حتى بدء بعض المحللين يشككون بفاعلية الحصار او العقوبات لاقتصادية لأن ضحاياها هم الضعاف والفقراء . ايران مثلا اخر , الولايات المتحدة الامريكية فرضت عقوبات اقتصادية قاسية على الحكومة الإيرانية , الا ان هذه العقوبات لم تسقط النظام السياسي هناك , ولم تغلق المراكز النووية أبوابها , ولكن المواطن الإيراني دفع ثمن الحصار على شكل ارتفاع الأسعار , تدهور قيمة العملة الإيرانية , و تباطا في النمو الاقتصادي .
الغريب ان الإدارة الامريكية لم تلتفت الى نتائج البحوث والدراسات الرصينة التي تؤكد عدم جدوى العقوبات بتحقيق اهداف سياسية , واخر هذه العقوبات هي تهديد القوى المتصارعة في السودان , القوات السودانية وقوات الدعم السريع بالعقوبات , وتهديد كوسوفو بفض نزاعها مع صربيا , واخرها على اوغندا .
واذا فهما من ان العقوبات على ايران من اجل عيون إسرائيل وتمكنها بان تكون الدولة المهيمنة على الشرق الأوسط عسكريا , واذا فهمنا ان العقوبات على السودان من اجل وقف النزاع المسلح ولذي ليس له طعم ولا لون ولا رائحة , وان التهديد بالعقوبات لكوسوفو هو من اجل منع اندلاع حرب في أوروبا "المقدسة" , فأننا لا نفهم السبب في التهديد بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على دولة اوغندا , وعلى العالم الوقوف مع هذا البلد بكل قوة من اجل افشال العقوبات المتوقعة.
البلد لم يعتدي على جاره , ولم يستخدم سياسة طائفية او عرقية ضد شعبه , ولم يهدد إسرائيل بقنبلة ذرية , ولم يقف ضد سياسة الغرب , ولم يحث دولة للوقوف ضد سياسة الغرب في افريقيا , ولم يصنع صاروخ عابر للقارات . كل ما عمله ان رئيس البلاد وقع قانون صادر من مجلس النواب يحرم فيه زواج المثليين في بلده . ندد بالقانون والذي اصبح نافذا يوم الاثنين الماضي كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وبريطانيا. الرئيس الأميركي جو بايدن اعتبر القانون يشكل انتهاكا لحقوق الانسان , وملوحا بقطع المساعدات والاستثمارات عن البلد . وبدوره حذر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اوغندا من ان علاقتها بالشركاء الدوليين ستكون مهددة اذا لم تتراجع عن القانون .
ليس لدي مشكلة مع المثلين , حيث اعتقد ان كل شخص حر بتصرفه , شرط ان يحترم القانون والذوق العام , ولكن مشكلتي ان الغرب في تعامله مع خصومه بدء بفرض عقوبات سياسة او اقتصادية او كلاهما بمختلف الحجج والعالم تقبلها مرغما , اما ان يفرض ثقافته واخلاقه على شعوب تبعد عنه الالاف الاميال فهذا مرفوض وعلى العالم عدم السكوت عن هذا الموضوع . اوغندا او ايران او الهند او الجزائر او جنوب افريقيا لم يتدخلوا لمنع تشريع قانون يسمح بزواج المثليين في أمريكا وأوروبا , فلماذا يتدخلون بطريقة حياة الاخرين ؟
فهل وصل التطور الاقتصادي في اوغندا الى مستوى الاقتصاد الأوربي او الأمريكي ؟ هل وصلت ثروة اوغندا الى مستوى ثروة أمريكا ؟, وهل وصل المستوى الثقافي في اوغندا الى مستوى الامريكان ؟ وهل عند اوغندا استقرار سياسي وامني مثل ما وصل الاستقرار لامني والسياسي في أمريكا؟ اوغندا ما زالت دولة تعتبر من دول العالم الثالث فيما ان أمريكا تعتبر من الدول العالم الأول , فهل من حق أمريكا والغرب فرض ثقافتها على هذا البلد ؟ هل اخذت أروبا وامريكا اراء قادة الكنيسة في اوغندا وهل اخذت أمريكا و أروبا راي المسلمين في هذا البلد حول الموضوع ؟ ثم ما ذنب حرمان المواطن غير المثلي , وهم الأغلبية في البلد , من المساعدات والاستثمارات ؟ اذا كان الغرب يحب اوغندا وشعبها , فلماذا لا يعمل على يكون هذا البلد متقدما صناعيا مثل اقتصادهم ؟
اعتقد , اذا لم يرفض العالم , خارج حدود أمريكا واروبا , هذه التدخلات الغربية في حياة البشر, و قام الرئيس اوغندا بإلغاء القانون تحت ضغط الغرب , فان الخطوة القادمة ستكون استهداف الأديان وطريقة العبادة . اذا ربح الغرب القضية في اوغندا , فان ليس من الغريب سيطالب الغرب غدا, على سبيل المثال , حذف كل اية في القران الكريم تتحدث عن اليهود , او تفرض الغاء الأديان كلها وخلق دين جديد " الابراهيمي " , او تحويل جميع المنتمين الى الديانة البوذية الى المسيحية او تحويل الدين المسيحي الى دين يهودي . نعم من يستطع فرض ارادته على الشعوب وعلى طريقة ثقافته بالقوة والتهديد , بالتأكيد , سيكون ليس صعبا عليه تغيير دينه أيضا . انها قرارات تسير العالم نحو الموت والدمار وعلى العالم الانتباه الى هذه السياسة الحمقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي