الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوهام الاغلبية ، الجزء الثالث من مقالنا عن : قيادة مقتدى الصدر

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



( 1 )
انا من المتحمسين جداً لشعار التيار الصدري : عن حكومة الاغلبية ، ولكن مفردة : الاغلبية على لسان قائد التيار لا تشبه ابداً : مفهوم الاغلبية بمعناها الديمقراطي الذي تحقق - على سبيل المثال - امس الاول : في الانتخابات التركية . ان اغلبية مقتدى الصدر شيء آخر يشبه في مضمونه مشية طائر الغراب الذي اضاع المشيتين : فلم يستعن به مقتدى الصدر على تشكيل حكومة ، ولم يستخدمه في البرلمان كمعارضة ناطقة : تعترض بقوة على تمرير السيء واللاوطني من التشريعات ، هو وفضل العزلة والهروب والانزواء . انه من العبث اضاعة الجهد والمال والوقت وراء شعار : هو عبارة عن وهم لا اكثر …
(2 )
منذ 2003 لم تتشكل اي حكومة عراقية على اساس ما تحققه نتائج الانتخابات من اكثرية واقلية .
وعوضاً عن العمل بهذا المبدأ الديمقراطي الاصيل : يتم تشكيل الحكومة بالاعتماد على مبدأ لا ديمقراطي : هو التوافق على توزيع الوزارات والمناصب والامتيازات فيما بين رؤساء الكتل السياسية . وفي هذا يكون العراق قد قدم نموذجاً خاصاً به عن ديمقراطيته المزعومة : تتمثل باجراء الانتخابات - كواجهة شكلية - يترنم بها نوري المالكي ومقتدى الصدر عن النظام السياسي الديمقراطي المُبتلى بالتآمر . ولهذا الامر الشكلي يصرون على اجراء الانتخابات في موعدها المحدد ، لكن مع وقف العمل بنتائجها …

( 3 )
لا قدرة للفرد . مهما كانت مؤهلاته ، في التغلب على المشاكل الموضوعية الجمة التي تحول دون بلوغ حد الاغلبية بمعناها الديمقراطي : وليس بالمعنى التجميعي للاصوات البرلمانية عن طريق شرائها . ان حجب الواقع عن النطق ، وجعل الوهم ناطقاً : ليس بالامر الجديد على ساسة الدول المتخلفة ومنها ساسة العراق : وعلى رأسهم الداغستاني الذي تحدث قبل 10 سنوات عن تصدير الكهرباء بتوجيه من رئيس الحكومة وقتها : نوري المالكي ، وها هو مقتدى الصدر يحدثنا عن : تحقيق الاغلبية . وهو يريد لانصاره ان يستمروا بالايمان بهذا الوهم ، على انه الواقع الذي يجب ان يتعاملوا معه ، وتنطلق سياسات تنظيمهم منه . ان تحقيق الاغلبية مشروط بوجود احزاب حديثة تتنافس انتخابياً وليس دموياً ، وبناءً على انجازات ملموسة وليس بناء على انجازات وهمية .. احزاب مجتمع مدني حرة من اي سلطة تقع خارج تنظيماتها : دينية كانت او قومية او فلكلورية …

( 3 )
ليس من الصحيح الحديث عن مفهوم الاغلبية بمعزل عن مفهوم الديمقراطية ، ذلك لان مصطلح الاغلبية والاقلية ، لم تنتجه الانظمة الفاشستية المستبدة : لانتفاء وجود مناخ الحريات الضروري لسبر اغوار الرأي العام ، ومعرفة رأيه بسياسات هذا المستبد العربي او ذاك . ان مفهوم الاغلبية والاقلية نتاج ظل وارف من الحريات ، وشرط تحققه مرتبط بوجود عملية انتخابية في وطن واحد لا تحجز تجمعاته السكانية اسوار مذهبية واثنية وقبائلية . فهو حق
وطني عام ، ولا يمكن لاحد اجزائه الطائفية او الاثنية او القبائلية النطق باسمه …
( 4 )
في التجمعات السكانية الاهلية التي لم تبلغ مرحلة النضج السياسي : لا توجد اكثرية ولا اقلية . تولد الاكثرية والاقلية بعد ان تبلغ التجمعات الاهلية سن النضج السياسي ، وتتوافق طلائعها السياسية والفكرية على عقد اجتماعي جديد يرى : بان الانتخابات وليست الدبابات ، هي التي تقرر الحزب او التحالف الحزبي الذي سيشكل الحكومة . ولم تكن الانتخابات العراقية انتخابات مجتمع مدني بلغ سن النضج السياسي ، اذ لم يثبت العراقيون في اي عهد من عهودهم السياسية التالية لانقلاب 14 رمضان 1963 الدموي ، بانهم ارتقوا الى مستوى المجتمعات الحديثة ، ونبذوا العنف ، وما زالت المعركة مستمرة بين عموم الاحزاب الشيعية التي تقاتلت في الخضراء وسال دم 30 ضحية ، وما زالت معاركهم الاعلامية والمحاصصاتية جارية على قدم وساق . لا يمكن ان نسمي التجميع العددي للاصوات البرلمانية : عن طريق شرائها من سوق النخاسة السياسة العراقية المقرِف ، بالاغلبية الديمقراطية ( بل يصح تسميتها باغلبية مقتدى الصدر او الحكيم ، او اغلبية هادي العامري او اغلبية قيس الخزعلي او المالكي او العبادي : لان جميع هذه الاسماء تستطيع ان تحقق الاغلبية العددية عن طريق شراء اصوات احزاب الكرد والسنة البرلمانية مقابل مناصب وزارية ، وعقود مقاولات ، والسماح لها بتهريب النفط والدولارات …
( 5 )
المشكلة العويصة الاكبر التي تتحدى تحقق مفهوم : الاغلبية بمعناه الديمقراطي يتمثل : ببقاء التجمعات السكانية الاهلية العراقية على ما كانت عليه من عصبيات ، لحظة تجميعها من قبل الاستعمار البريطاني وحشرها في اهاب دولة ملكية في 21 آب 1921 . هزّت ثورة 14 تموز بعض تقاليدها وموروثاتها الفلكلورية في قرارات تاريخية مهمة كالاصلاح الزراعي والقانون رقم 80 ، ولكنها سرعان ما عادت ، بعصبية اشد ، الى موروثاتها وهوياتها القديمة : الطائفية والقبلية والاثنية بعد انقلاب 8 شباط 1963 الدموي …
( 6 )
يظن مقتدى الصدر : ان بامكان ارادته ان تحل محل الواقع وتقلبه ، فيحقق الاغلبية الديمقراطية عبر تجمعات سكانية اهلية هي عبارة عن امارات او ممالك مستقلة عن بعضها ، ومستقلة باجمعها عن الدولة : لكل منها علمها ونشيدها وممثلها الذي يحاور التجمعات الاخرى ، و( جيشها الخاص : المكون من مجموعة شباب مدربين على القيام بغارات مسلحة سريعة " دگة عشائرية " داخل المدن : من وراء ظهر الدولة واجهزتها الامنية والقضائية ) . لقد كان عنف السلطات الدموي هو الذي وحَّدَ تجمعات السكان الاهلية ، وصهرتهم ماكنة القوات المسلحة في بوتقة ( الوحدة الوطنية ) كما كان يحلم ساطع الحصري ، ولكن بوتقة الوحدة الوطنية هذه : شهدت على نفسها بانها صاحبة " المجازر الجماعية " الاكبر في الشرق الاوسط ، والابكر ايضاً : شرع بها بكر صدقي بمذبحة سميل بحق الآشوريين 1933 ثم قمعَ انتفاضة عشائر الفرات الاوسط عام 1935 ، فطوبه الملك غازي : بطلاً قومياً ، فشجعه هذا اللقب على القيام باول انقلاب عسكري ، كان ضحيته جعفر العسكري وزير الدفاع وقتها . اما المقابر الجماعية المتوالية ، فهي انصاب تذكارية تشير الى " عظمة ما ( انجزته ) جميع السلطات ، فماذا سيفعل مقتدى الصدر لتحقيق الوحدة الوطنية ، وانجاز مشروع : الاغلبية ؟؟…
( 7 )
والعجيب انه بعد عشرين عاماً من انهزام صدام حسين ( الذي تبيّنَ انه لم ينجز شيئاً على المستوى العسكري لمواجهة العدو الزاحف اليه ، وسلم : مقاومته المزعومة ومصيره الشخصي بيد مَن سيوشون به الى القوات الامريكية ، وهي دلالة على غبائه الاستراتيجي : اذ ان التنبؤ بما سيحدث هو احد دلالات النبوغ الاستراتيجي ، ولو كان موهوباً بشيء آخر غير التهور : لما دخل بحرب اقليمية ابداً ) لم المح شيئاً من التفاؤل حول مستقبل العراق يشع من قسمات وجوه مَن التقيهم من العراقيين ، ولم اقرأ تحليلاً ايجابياً عميقاً لعراقي او اجنبي حول هذا المستقبل ابداً . وبهذا يكون مقتدى الصدر قد حجب الواقع عن النطق ، واجبره على السكوت وعدم التصريح بأنه يعيش سياسياً على اوهام ، وانه يريد تعميم هذا الوهم على اعضاء تنظيمه مطالباً اياهم بالاستمرار بالايمان بهذا الوهم : على انه الواقع الذي يجب ان يتعاملوا معه ، وتنطلق سياسات تنظيمهم منه ...
( 8 )
ان تحقيق الاغلبية الديمقراطية مشروط بوجود مجتمع حديث تتنافس على قيادته احزاب مجتمع مدني حرة من اي سلطة خارج كيانها ، وغير محاصرة من ميليشيات مسلحة بتقنية عالية كطائرات الدرونز والصواريخ الباليستية ايرانية الصنع . الاغلبية الديمقراطية تتحقق في مناخ الحريات والنضوج السياسي وليس في تجمعات اهلية معسكرة . والعراقيون لم يثبتوا في اي عهد من عهودهم السياسية التالية لانقلاب 14 رمضان 1963 : بانهم ارتقوا الى مستوى المجتمعات الحديثة ، ونبذوا العنف وعسكرة المجتمع ( معسكرات الطلبة والكشافة في عهد انتفاضة رشيد عالي الگيلاني والضباط الاربعة عام 1941 ، المقاومة الشعبية اثناء حكم عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز 1958 ، الحرس القومي 1963 ، الجيش الشعبي من 1968 وصاعداً بما ضمه من تسميات جديدة حتى 2003 ، واخيراً وليس آخراً : الحشد الشعبي الذي يستفز مشاعرنا الوطنية ، باعلانه الولاء للولي الفقيه الايراني : على مرأى ومسمع من رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ) …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس