الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من يوم غضب مسيحي

سليمان يوسف يوسف

2006 / 10 / 30
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


مهزلة العقل السياسي الآشوري.
لا أعتقد أن (المشهد الآشوري والمسيحي) الراهن الأليم في العراق،وهو جزء من المشهد العراقي العام، يحتاج الى جهد كبير لقراءته واستشفاف آفاقه المستقبلية القريبة. أنه بكل بساطة ينذر بوقوع كارثة حقيقة للمسيحيين في العراق،معظمهم من الآشوريين(سريان/كلدان) والأرمن، حيث تتواصل عمليات الخطف والقتل لأناس عزل أبرياء،مؤخراً قامت مجموعات ارهابية باختطاف كاهن مسيحي في مدينة الموصل قطعت رأسه وألقت به في الشارع لأنه رفض اعتناق الإسلام.وصاعدت هذه المجموعات الإرهابية، الممولة من قبل منظمات قومجية عربية واسلامية،من التفجيرات الإرهابية ضد الكنائس والمنازل وعمليات التهجير القسري للمسيحيين، لا لذنب ارتكبوه وإنما فقط لأنهم مسيحيين، أجبرت هذه الأعمال البربرية حتى الآن أكثر من نصف المسيحيين على النزوح والخروج من العراق.مع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية وارتفاع حدة العنف الطائفي والصراع العرقي في العراق تزداد مأساة المسيحيين تفاقماً، وقد تطال لاحقاً معظم آشوريو ومسيحيو المنطقة، من سوريا الى لبنان ومصر، إذا ما بقيت المنطقة تغلي وتلتهب بنار الطائفية البغيضة، وبالتالي قد يسدل الستار والى الأبد على التاريخ أو الوجود الآشوري الذي يمتد الى أكثر من ستة آلاف عام في (بلاد مابين النهرين) مهد حضارتهم، وتتحقق نبوءة المخرج الفرنسي( روبير آلو) الذي وضع قبل سنوات فلماً وثائقياً عن الآشوريين، بعنوان( آخر الآشوريين) أو (القافلة الأخيرة), بعد أن جالا وتنقل في معظم مناطق والتجمعات الآشورية(سريان/كلدان)(سوريا والعراق وايران وتركيا) مستطلعاً أحوالهم وتابع حركة نزوحهم الديمغرافي ولحق بهم حتى في أوطانهم الجديدة في بلاد الاغتراب، في أمريكا وأوربا،حيث تتوسع وتكبر تجمعات الجاليات الآشورية هناك،بالمقابل تتقلص وتنحسر في أوطانها الأم.
بالرغم من حجم المأساة وهول الكارثة التي لحقت بالمسيحيين في العراق وتنذر بالأسوأ والأعظم- أعادت الى الذاكرة الآشورية والمسيحية المشرقية ويلات ومآسي (المذبحة المسيحية الكبرى) التي جرت لهم في تركيا العثمانية في بدايات القرن الماضي- فأن مظاهر الفرح والبهجة من رقص وغناء وحفلات سهر ومرح تشغل أكبر المساحات الزمنية والمكانية في البرامج الفضائيات الآشورية وكذلك بالنسبة لمعظم فعاليات التنظيمات والمنظمات وأشباه الأحزاب الآشورية وجميع المؤسسات القومية والاجتماعية الأخرى، داخل الوطن وخارجه.إذ يبدو أن هذه التنظيمات الآشورية فضلت التصدي للمخاطر والتحديات المحدقة بالشعب الآشوري بالرقص والحفلات الساهرة ورفع نخب الوطن (بيث نهرين)، جاعلين من مأساة شعبهم ملهاة يتلذذون ويتاجرون بها.هذا التعايش السلبي أو بالأحرى التكييف المرضي الخطير مع الواقع المرير للشعب الآشوري من قبل عموم التنظيمات والحركات والمنظمات القومية الآشورية على اختلافها، يكشف المستوى الهابط لهذه التنظيمات والانحطاط الشامل التي وصلت اليه،أقل ما يمكن أن يقال عن هذه الحالة والظاهرة الخطيرة والغريبة على التاريخ الآشوري إنها: (مهزلة العقل السياسي) الآشوري.إذ، كان المنتظر والمطلوب أن تثور التنظيمات الآشورية وينتفض معها جمهورها- إذا بقي لها من جمهور- وتحرك الجاليات الآشورية في دول المهجر للتظاهر احتجاجاً على الكارثة التي حلت بالشعب الآشوري جراء سياسة (التطهير الديني) والقومي، التي تمارسها المنظمات الإسلامية والمجموعات الإرهابية بحق المسيحيين العراقيين.فالتظاهر والاحتجاج هو اقل ما يمكن أن تفعله التنظيمات الآشورية من أجل لفت أنظار العالم لمأساة الآشوريين والمسيحيين في العراق وتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه قضية هذا الشعب الأعزل الذي وقع في القرن الماضي ضحية الصراعات الدولية وتناقض مصالح القوى الكبرى في المنطقة، وها هو اليوم يعيد التاريخ نفسه على الآشوريين والمسيحيين في المنطقة وتتكرر محنتهم بعد نحو قرن لتقضي على ما تبقى منهم. قبل اسابيع استنفر مسلمو الشرق والعالم على بضع جمل للبابا بنديكدتوس اسيء فهمها، وقبلها استنفروا على رسومات كاريكاتيرية على نفس الوزن وخرجوا الى الشوارع غاضبين،وفي كل مرة أحرقوا كنائس وقتلوا مسيحيين ابرياء واعتدوا على املاكهم ومحرماتهم انتقاماً، وطالبون بالانتقام والقصاص من كل من ينتقد الإسلام أو يتطاول على دينهم ونبيهم. في حين اليوم يتعرض مسيحيو العراق لعمليات تطهير ديني وابادة جماعية على أيدي منظمات ومجموعات اسلامية ارهابية وباسم الإسلام، لكن لا نرى ردة فعل الشارع المسيحي والمرجعيات المسيحية في الشرق ولا في الغرب هي بمستوى الحدث والخطورة التي ينطوي عليها. ألا يستحق ما يحصل للمسيحيين العراقيين ومعظمهم من الآشوريين يوم غضب مسيحي أو آشوري تدعو اليه التنظيمات والمؤسسات الكنسية والقومية (الآشورية/السريانية/الكلدانية)، أم أنها فضلت الصمت والسكوت ودفن الشهداء الآشوريين على أنغام الموسيقى والطرب ودعوات البابا بنديكدتوس للسلام وعظات اليأس للبطاركة الأشاوس(دله، زكا، دنخا)، هرباً من مواجهة الحقيقة المرة ومصارحة الجماهير الآشورية والمسيحية العراقية بها ولتغطي(التنظيمات الآشورية) على إخفاقها وإفلاسها,وقد بدأت قيادات بعض هذه التنظيمات تتسابق في الحصول على (غرين كارت ) والجنسية الأمريكية والكندية، وتهرب أبناءها بحجة الدراسة في الجامعات الأوربية والأمريكية للإقامة والاستقرار هناك،(المنظمة الآثورية الديمقراطية في سوريا نموذجاً)، ليرحلوا على أول طائرة، في حال تدهور الوضع الأمني في سوريا.إفلاس التنظيمات الآشورية بات يطرح تساؤلات مشروعة حول مبررات وجود هذه التنظيمات ودواعي بقائها، خاصة بعد أن ثبت عجزها التام في القيام بالحد الأدنى من أجل الشعب الآشوري في ايام الشدائد والمحن، وبعد أن اتضح بأن هذا التنظيمات الآشورية، على اختلاف تسمياتها الطائفية والمذهبية(كلدانية/سريانية /آرامية)، لم تعمل ولن تعمل يوماً من أجل حقوق ومستقبل الآشوريين، التي تتغنى بها ليلاً نهاراً، وإنما من أجل ضمان وتأمين بعض المنافع والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة هنا وهناك.
فبالرغم من التحولات السياسية والفكرية العميقة التي أصابت العالم شرقاً وغرباً وطالت الجميع، دولاً و مؤسسات وأحزاب ومنظمات وأفراد ، لكن يبدو أن (المنظمة الآثورية الديمقراطية) تجمدت وبقيت خارج الزمن وبعيدة عن حركة التاريخ، حتى أضحت متخلفة ومتأخرة عن عصرها وزمانها، في غالبية مواقفها وخطاباتها السياسية، آخرها المشهد السياسي الحزين والأليم- حزين وأليم لمن يفهم ويستوعب- الذي ساد أجواء الندوة التي أقامتها القيادة الهجينة للمنظمة الآثورية قبل ايام في القامشلي، حاضر فيها الباحث الآشوري العراقي (هرمز أبونا)، حيث قدم أحد الحضور، وهو سرياني مستعرب،من أتباع (البعث الصدامي البائد)، أمضى أكثر من خمسة عشرة عاماً في السجون السورية على خلفيته السياسية، خاطب قيادة المنظمة الآثورية ومن خلالها الحضور على الطريقة البعثية القديمة، امتدح الدكتاتور المخلوع (صدام حسن) ورفعه الى مستوى الأبطال الآشوريين التاريخيين العظماء وأشاد بالعصابات الصدامية التي تعبث بمصير العراق والحقت به الدمار والخراب وجرت على أهله الويلات، وختم المداخل الكريم كلامه بترديد مقولة(( من نبوخذ نصر الى صدام حسين)). والفضيحة أو المهزلة السياسية الآثورية التي برزت في هذا المشهد الكارثي والتي تكشف مجدداً (مهزلة العقل السياسي الآثوري) تمثلت بإشادة مدير الندوة، وهو عضو مكتب سياسي في المنظمة الآثورية، بالسموم السياسية التي بثها المتداخل في القاعة، فعوضاً عن أن يبادر هو أو مسؤول المكتب السياسي للمنظمة،الى الاعتذار من الضيف المحاضر ومن الحضور على هذا الخطاب المتخلف والمؤدلج بالآيديولوجيا البعثية المهترئة والمهزومة،لكن بكل أسف، قُبل(خطاب المتداخل) بتصفيق حار من قبل قيادة المنظمة الآثورية ومن خلفها كوادرها وأنصارها في القاعة،ببلادة و بسذاجة سياسية لا توصفان، ومن غير أن يحترم أحداً منهم، وجود ممثل الحركة الآشورية الديمقراطية(زوعا- العراقية) التي أعدم الطاغية صدام كوكبة من مناضليها،وآلاف من المناضلين الوطنيين العراقيين، كذلك من غير أن تحترم مشاعر ضيفهم المحاضر القدير(هرمز أبونا) الذي ترك وطنه(العراق)، وآلاف مؤلفة من العراقيين مثله، هرباً من بطش حكم صدام حسين وإرهاب عصاباته.
أيها الآشوريون(سريان/كلدان): إذ لم يكن بإمكانكم أن تثوروا على أعدائكم وتنتفضون على الظلم والقهر الذي يلحق بكم، ثوروا على التنظيمات والأحزاب الآشورية/السريانية /الكلدانية، والعنوها قبل أن تبيعكم بحفنة من الدولارات في سوق النخاسة في إحدى الدول الأوربية الى مافيات الهجرة في الأسواق السياسية،بعد أن باعتكم في دولة كردستان الوليدة وفي دولة العراق الذي يحتضر وقبلها في سوريا المهزوزة، من أجل مقعد في مجالسها و برلماناتها الهزيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر