الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أساليب التكتل الاقتصادي وأهدافه

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2023 / 6 / 6
الادارة و الاقتصاد


هناك أسلوبان رئيسان للتكتل أو التكامل الاقتصادي:
الأسلوب الأول - ويعتمد "الإطار المنهجي" استناداً إلى قوى السوق أو التنسيق والتخطيط، ويهدف إلى تحقيق التنسيق والتجانس بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتنظيم أداء الاقتصاد الكلي في دول التكتل، وإزالة كافة القيود على حرية انتقال السلع والخدمات وعوامل الإنتاج والتوافق في السياسات الاقتصادية، ويعتبر من أهم العوامل التي تؤدي إلى إنجاح تجربة التكامل الاقتصادي، ومن أهم النماذج التكاملية والتي طبقت الإطار المنهجي تجربة الاتحاد الأوروبي.
الأسلوب الثاني للتكتل - يقوم على أساس التنسيق والتكامل بين قطاعات محددة أو مشروعات اقتصادية بعينها، بهدف التنسيق بين المشروعات المتشابهة لإدخالها كمشروعات مشتركة·
وقد تكون المفردات المشمولة بالتكامل أحياناً هي المنشآت الإنتاجية العاملة في قطاع معين أو في عدد من القطاعات الواقعة في نطاق جغرافي واحد داخل الدولة، وقد يمتد ليشمل أوجهاً مختلفة من النشاط الاقتصادي لدول مختلفة، أو يتسع ليشمل مجمل النشاط الاقتصادي في هذه.
(يبدو أن الأهداف المشتركة لجميع التكتلات الاقتصادية هي الحصول على مزايا اقتصادية أكبر مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل. فضلاً عن سعيها لحماية إنتاجها المحلي من المنافسة الأجنبية في ظل العولمة وفتح الأسواق، وعليه أصبحت مسألة الانضمام إلى التكتلات الإقليمية أمراً حتمياً. فلم يعد هناك أي مجال للنجاح في تحقيق أهداف التنمية أو الدفاع عن المصالح الوطنية إذا بقي البلد منفرداً، بعد أن أصبح شعار التعامل الاقتصادي الدولي "أن البقاء لمن هو أكثر كفاءة وقوة ومنافسة").
أهداف التكتل الاقتصادي:
يهدف أي تكتل اقتصادي إلى حصول الدول الأعضاء في التكتل على مزايا الإنتاج الكبير: عن طريق توسيع حجم السوق وتوجيه الاستثمارات لخدمة الاقتصاد الوطني. تقسيم العمل التكنيكي والوظيفي بين الدول الأعضاء في التكتل. والاستفادة من المهارات والأيدي العاملة بصورة أفضل على نطاق الدول الأعضاء في التكتل. كما يسعى التكتل الاقتصادي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها:
1. زيادة حجم الإنتاج والاستثمار والدخل والتشغيل في كافة الدول الأعضاء في التكتل وبالتالي تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية.
2. تحسين مستوى معيشة المواطن في كافة الدول الأعضاء في التكتل، عن طريق تمكين المستهلكين من الحصول على السلع بأقل الأسعار الممكنة.
3. تنويع قاعدة الإنتاج: حيث بقيت ما زالت الدول النامية وخاصة الدول العربية تعتمد على إنتاج مصادر الطاقة والموارد الخام والتجارة الخارجية، وبعضها يعتمد على المساعدات الخارجية، وقد أثقل هذا الوضع كاهلها بالديون الخارجية، في حين أن حصتها من التجارة الخارجية كانت دائما نسبة منخفضة من إجمالي التجارة العالمية.
4. زيادة معدلات الادخار والاستثمار: شهدت الدول النامية وخاصة الدول العربية تذبذباً شديداً في الاستثمار والادخار، كان متوسط معدل الادخار نسبة منخفضة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من أدنى معدلات الادخار في العالم.
5. تضييق الفجوة في نمط توزيع الدخل: تعاني الدول النامية وخاصة الدول العربية من درجة مرتفعة من التفاوت في توزيع الدخل وفرص الحصول على الموارد. وتصل نسبة الفقراء إلى ما يفوق 40% من عدد السكان، ويبلغ متوسط دخل الفرد الفقير أحياناً أقل من دولار واحد في اليوم، ويفتقر كثير من السكان إلى العناية الصحية والتعليم وأساسيات الخدمة.
6. تحقيق السلام الاجتماعي: حيث إن الدول النامية وخاصة الدول العربية تعاني من تفشى النزاعات والصراعات الأهلية التي تمثل تهديدا مباشراً للتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
7. زيادة معدلات الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي: حتى تتمكن الدول النامية وخاصة الدول العربية من تحقيق الأهداف الاقتصادية من التكتل الاقتصادي ومن ضمنها تخفيض حالة الفقر يتعين عليها تحقيق معدلات لنمو الناتج المحلي الإجمالي، لا تقل في المتوسط عن 7% سنويا، الأمر الذي يتطلب تحقيق معدلات للاستثمار تفوق في المتوسط 30% من إجمالي الناتج المحلي.
8. تيسير الاستفادة من مهارات الفنيين والأيدي العاملة بصورة أفضل.
9. يؤدي التكتل الاقتصادي إلى التقليل من الاعتماد على الخارج.
ويمكن اعتبار التكتلات الاقتصادية كأحد نماذج التنمية تتخذها مجموعة من الدول التي تدخل في اتفاق فيما بينها، تقضي بتنسيق السياسات الاقتصادية وإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية بغية تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية وزيادة التعاون فيما بينها، ومواجهة مختلف التحولات والتطورات والأزمات التي تحدث في الاقتصاد العالمي. فالتكتلات الاقتصادية سواء كانت تكتلات شرقية أو غربية هدفها هو التكامل الاقتصادي للإمكانات المتاحة الموزعة على وحدات التكتل، ويتطلب التكتل الاقتصادي تحليل الوضع الاقتصادي لكل عضو من أعضاء التكتل لمعرفة مناطق القوة والضعف بالنسبة لهذا التكتل.
تنامى و(تعزز التوجه نحو التكتلات الاقتصادية بعد خضوع كل من الدول المتقدمة والنامية لشروط منظمة التجارة العالمية الخاصة بتحرير التجارة، فضلا عن خضوع قسم كبير من الدول النامية لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الخاصة بإعادة جدولة الديون وما ترتب عليها من التزام ببرامج الخصخصة والتكييف الهيكلي. ومهما تباينت الدوافع، فإن بروز التكتلات الاقتصادية بهذا الزخم، يؤكد على قوة العوامل التي دفعت إلى ظهورها. وفي مقدمتها التحولات الهيكلية في الاقتصاد الدولي، وما ترتب عليها من إعادة توزيع للأدوار والمواقع النسبية للمشاركين فيه. والتي شملت المشاركين الفاعلين في الاقتصاد الدولي، بل تعدت ذلك لتشمل معظم الدول النامية مما جعلها ظاهرة دولية في أبعد حدودها. فضلا عن كونها ظاهرة اقتصادية في منطقها السياسي وظاهرة استراتيجية في ترابط واتصال حلقاتها).
وإذا كانت الدول تقع ضمن إقليم واحد يكون التكامل الاقتصادي تكامل إقليمي يمكن أن يقود لاحقاً إلى وحدة سياسية تشمل مختلف أوجه الحياة الإنسانية (اقتصادية، وثقافية، وسياسية)، فإذا اقتصر الأمر على بناء وحدة اقتصادية بين دول الإقليم فإننا نكون بصدد تكامل اقتصادي قد يكون مقصوداً بحد ذاته أو باعتباره خطوة إلى اندماج في اقتصاد أكثر شمولية منه " إقليمي أو عالمي"، وقد يكون مرحلة تستهدف تعزيز الحركة نحو وحدة سياسية.
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق

رابط المصدر: http://almustshar.sy/archives/10345








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 إبريل 2024 بالصاغة




.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست