الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكونية اللاارضوية مقابل العولمة الانسايوانيه/ملحق

عبدالامير الركابي

2023 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مع اواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم كانت الشركات متعددة الجنسية قد بدات تحضر في قلب الدولة الوطنية فتنتزع منها سيادتها من دون اعلان ويحدث هذا الانقلاب في المقاييس والثوابت من دون اعلان وبلا اشارة حدثية مقارنه بالطور الاول الانتقالي الالي البرجوازي وزحمة ظواهره واحداثة الكبرى من ثورات وحروب وصراعات تكرست في غمرتها مجموعة من المفاهيم والمباديء الاساسية شبة الثابته اعتمدت كمعبرة عن "العصر" واستمرت مفاعيلها الى اليوم وحتى بعدما حلت محلها عمليا اشتراطات محطة اخرى مختلفة عدت هي الغالبة المستمرة في وقت لم يتبلور اي منظور بديل متناسب مع الحال المستجد المرتهن لصعود وتكرس موضع ومكانة الامبريالية الامريكيه المفقسة خارج رحم التاريخ على انقاض وبعد ما دفنت حقبة الانتقال الالي الكلاسيكي الاوربي.
وبعد مباديء الثورة الفرنسية واكتوبر الروسية "الاشتراكية" وما يحايثهما من مفاهيم "حركة التحرر العالمية" المنتهية الصلاحية من يومه، لم تتبلور او تلوح في الافق اية رؤية متناغمة مع او مضادة لاشتراطات الطور الجديد، بينما ظلت مفاهيم العتبة المنتهية سارية من دون اساس واقعي الى اليوم برغم انهيار اهم مرتكزاتها مثل "الاتحاد السوفياتي" ومن معه من امثاله وتخلخل نموذج الدولة البرجوازية الاوربية وتراجع موقعها حتى سياديا.
ولاشك ان الحاصل هو منعطف اضافي حل على المسار التحولي الالي ليزيد من وطاة التعقيد الانتقالي الاستثنائي على العقل الانسايواني غير المؤهل اصلا وابتداء للاحاطة بالمتغير الحديث ومترتباته وما يتولد عنه، بالمقابل وفي ذات التوقيت تقريبا دخلت ارض الازدواج التاريخي سياقية يمكن ان نطلق عليها آلية"فك الازدواج التاريخي" تبدا مع دخول الريع النفطي عام 1968 اللوحة الاصطراعية المجتمعية كعنصر براني بديل للبرانيه الاحتلالية التي ظلت مستمرة على فترات متباينه منذ عام 1258 يوم دخول هولاكو الى بغداد من اهمها تلك التي عادت معها الاليات الازدواجية للانبعاث في دورة ثالثة مع القرن السادس عشر لتستمر حالة التشكل الانبعاثي الحديث من يومها الى اللحظة الراهنه.
ويبدو واضحا ان الانتقالية الاليه عرفت لحظة اولى ترافقت مع سردية رؤيوية مدعمة ينموذجية كيانيه تميزت برغم ايهاميتها بما يمكن اعتباره "مشروعا" شاملا، لتنتهي الى ضبابية مفهومية وعلى مستوى النموذج المحور، ولن نعدم مايعود الى بعض مجهودات غير واعية ترافقت مع موجة الحديث عن ظاهرة مايعرف ب "العولمه" غير المفسرة بحسب طبيعة مصدرها او بؤرتها، فقد صدرت معها وفي غمرتها كتابات تتركز على التساؤل عن "امريكا" نفسها (1) من هي وماذا تكون، هذا علما بان قراءات من هذا النوع تظل تصطدم بموروث النموذجية الاولى الاوربية وحضورها اللاواعي مانعه مع اسباب اخرى تتعلق بوحدة منظور الغرب عن ذاته ومايريد تكريسه لهذه الجهه التخصيص الكلي للنموذج الامريكي.
على منقلب مقابل رافديني كانت التفاعلية الازدواجية قد تمخضت عن نتيجه غير محسوبة ولا متوقعه اخذت وجهة مضادة كليا لاشتراطات المتغير المستجد الامريكي تعززت فيه مقومات "الكيانيه" خارج اوانها، ومع الهزيمة الشاملة الاقتلاعيه اللاارضوية التي حلت بالمشروع الغربي الاول ومحاولته فبركة كيانيه برانيه مدعمه بحضوره في 14 تموز 1958 بدا انه لم يعد هنالك اي افق يتيح بقاء المرحلة البرانيه المستمرة على مدى سبعة قرون بالتمام والكمال ابتداء من 1258 ومع فقدان والافتقار الى الاسباب ومقومات الكيانيه الذاتيه التقليدية الاصطراعية ازدواجا فلقد كانت الحالة تشير الى مايصعب التكهن به الامر الذي تم حسمه من قبل الغائية الكونية العليا والحضور الالي الغربي بالنفط وريعه كعنصر من خارج العملية الاصطراعية والتوازن المجتمعي التاريخي ليصبح بديلا عن الحضور البراني، ومع شيء من الايديلوجيا العقيدية الاستعارية القومية والنواة القرابيه فقد قام عام 1968 بعد عشر سنوات على ثورة تموز نظام استحالة في غير لحظته عالميا.
وبينما كان المشروع الالي يتحول الى انهاء نمط الدولة السيادية قام في العراق نوع نظام مخالف كليا محكوم لتكريس الكيانيه بظل استحالة الامبراطورية من جهه ومقتضيات التدخل في البنيه المجتمعية مع تحول الدولة الى "موظف" ورب عمل اكبر بالضد من الانتاجية التقليدية واشتراطاتها التاريخيه المجتمعية مع مايتطلبه وضع كهذا من محاولة حرف الديناميات الاصطراعية المتولده عن مثل هذا التحوير التاريخي باتجاه تكريس الحداثية الكيانيه بالاصطناع من اعلى ماولد بالمقابل واستثار ديناميات مقابله اقليميه متفاعلة تاريخيا مع المكان ومتداخلة معه ايقاعا، من قبيل مثلا موقف ايران والخميني الذي كان منفيا في النجف وشهد بعينه انتفاضة خان النص عام 1977وكان وسط حالة صارت تنذر بخطر زوال على مركز قيادة الانتظارية/ النجفي، ماقد حدا به لان يبلور وقتها مشروعا هو بالاحرى خطة لانقاذ الانتظارية يخرق الانتظارية بدءا من القول باقامة الدولة في ظل الغيبة، مستبدلا الحاكم والغائب، بالفقيه وولايته، ليضع من يومه اساس اصطراعية مصيرية ليست الاولى في التاريخ بين البلدين.
وهكذا ولد الطور الافنائي للكيانيه الريعية فكان تاريخ الثورة الايرانيه والحرب التي تبعتها ابتداء من 1980 واستمرت لثمان سنوات كاطول حرب بين دولتين بعد الحرب العالمية الثانيه هي تاريخ اخراج "الريع النفطي" من المعادلة الكيانيه وهو ماقد حصل بالفعل فلم يعد النظام من وقتهاهو ذاته، بسبب الخسائر الهائلة واعباء الحرب، ماقد ادخله بحالة من الاختلال والهوس الجنوني وقد فقد ركيزته الاساسية، وتحول لمديون بعد ما كان يودع المليارات في البنوك الاجنبيه، ماحدا به لاتخاذ خطوات انتحارية جوهرها"ريعي" ومترتباتها لايمكن ان تقبل اطلاقا من قبل المركز الامريكي بما هي احتمالية متعدية للمسموح على مستوى الاستراتيجيا النفطية العالمية ومايترتب عليها من نتائج مضاعفه على مستوى الكيانية بما توحيه من اشارة استعادية للموقع والحضور الامبراطوري للمكان، ماقد عادت امريكا نفسها وجربت استحضاره تمثلا وايحاءا باقتراح "الشرق الاوسط الكبير" الممتد من الباكستان الى المغرب العربي وعاصمته بغداد استعادة لواقع تاريخي وضعت له ميزانية مليارية(1) لاكثر سفارة في التاريخ كلفة، وهكذا كانت الولايات المتحدة تريد وضع حاجز امبراطوري وهمي محكوم من قبلها بين اوربا من جهه والصين وروسيا من جهه.
ولم تكن تلك سوى التفاته تخيلية اختلطت فيها قوة وقع التاريخ بالطموح الكوني خلال لحظة تفرد غير مستقرة ومتهاوية محكومة بالدرجة الاولى وكمسار رئيس لاعتبارات التفتيت الكياني في الوقت الذي لم تعد "المجتمعية" كظاهره قابلة للاستمرار بصيغتها التي هي عليها بينما تذهب وسائل الانتاج الى مابعدها وهنا يقف العراق في قلب العملية التحولية المجتمعية المستجدة المتبلور باعتباره بدئيا لاارضويا وتطابقا مع الاشارة الاولى المنتكسة من "الانتقال الى العالم الاخر بدون موت" فالكائن البشري ينشأ ابتداء بصفته مجتمعيتين وحياتين، الاولى جسدية انسايوانيه والثانيه لاارضوية عقلية لاحقة تبدا بالحضور مع توفر الاسباب الضرورية المادية الموضوعيه وهو مايكون خلاصة ومنتهى المسار المجتمعي الجسدي البشري المعاش الى اليوم.
ثمة حدث يمكن ان ينطوي على مؤشرات انقلابيه غير عادية بما انه يكون من قبيل اللحظة الانتهائية المؤدية لزمن اخر، مع انه لاينتبه له ولا لما يحمله من حصيلة لتاخر الوعي السائد المكرس الغالب، وسطوة مايواكبه من نوع تفسير وتحليل للمعطيات والظواهر، وهنا نكون امام عقبة كبرى مستحيلة الاجتياز حين يتعلق الامركما حاصل اليوم باعادة النظر في الظاهرة المجتمعية وحقيقتها، واذا كانت على الخصوص ابدية نهائية او هي محطة ومعبر انتقالي ذاهب الى مابعده من "الانسايوان" الى "الانسان" ومن "الجسدية" الى "العقلية" وهو مايتطلب توقفا خاصا وتحريا عن التفاصيل وتراكمها المتاخر المعاش اليوم بعد الغزو الامريكي وتداعياته بالذات في ارض الازدواج واللاارضوية، ماسيكون موضوعنا ومحط اتشغالنا القادم وهو ماسيكون موضوع الملحق الا ضافي رقم 2 .
ـ يتبع ـ" الذهاب للعالم الاخر بدون موت"؟/ ملحق2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معلوم انه رصد لها مايزيد على الخمسة مليارات ولنتصور لو ان المشروع المومى له امكن له ان يطبق بالفعل مع اثره الاستراتيجي الاقليمي والعالمي وكونه انقلابيه غير مسبوقة في السياسية الغربية عموما.
(2) ملفت في بدايات القرن الحالي ماقد صدر من كتابات تنزع لمحاولة الاجابة عن " ماهي امريكا؟" ومن اين جاءت، في محاولة لتعريف ظاهرة ماتزال خارج التوصيف، من نوع كتاب:" مابعد الامبراطورية الامريكيه: دراسة في تفكك النظام الامريكي"/ امانويل تود/ دار الساقي/ ترجمة محمد زكريا اسماعيل/ و" امريكا التوتوليتارية"/ ميشيل بوغنون ـ موردان/ نفس الدار/ تقديم بيار سالينجر/ترجمة خليل احمد خليل/ وغيرها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا