الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى اين تسير السياسة السعودية الجديدة ...؟ (1)

آدم الحسن

2023 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


خلال الفترة الأخيرة حصل تطور كبير في نهج و سياسة السعودية على الصعيدين الداخلي و الخارجي , بعض المتابعين للشأن السعودي ربطوا هذه المستجدات بحادثة مقتل الإعلامي و السياسي السعودي جمال خاشقجي في السفارة السعودية في تركيا و موقف إدارة الرئيس بايدن من هذه القضية , لكن متابعين أخرين يرون أن التوتر في العلاقة بين السعودية و امريكا سبقت حادثة مقتل خاشقجي حيث عللوا سبب هذا التوتر الى نهج الرئيس الأمريكي بايدن الذي توعد في حملته الانتخابية الى التصدي و معاقبة الأنظمة التي وصفها بالاستبدادية و كان النظام السعودي ضمن القائمة الأمريكية لهذه الأنظمة , إذ أن أجندة الحزب الديمقراطي الأمريكي و بالأخص اجندة الرئيس بايدن تتضمن استخدام ملفات حقوق الأنسان للتأثير على مواقف الدول و كذلك تعمل إدارة الرئيس بايدن على إشاعة الليبرالية الغربية حتى في دول لا تلائمها هذه الليبرالية و قد تأتي بنتائج عكسية خطيرة على بيئتها الاجتماعية .
مع مرور الزمن , اتضح أن ليس هنالك علاقة بين حادثة مقتل خاشوقجي بالتطور في النهج السعودي و كذلك لا علاقة للخلاف بين الرئيس بايدن و ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بهذا التطور و إنما هو حاجة السعودية و بعض دول الخليج العربية و منها دولة الأمارات لإحداث تغيرات جوهرية على النظام العالمي السائد و الذي تهيمن عليه امريكا و إنهاء دور امريكا كقطب أوحد في العالم و الانتقال الى عالم متعدد الأقطاب .
السعودية وجدت أن من مصلحتها و لتعزيز أمنها و استقراها التعامل بإيجابية مع جميع الأقطاب في العالم , أمريكا ، الاتحاد الأوربي ، الصين ، روسيا ، و باقي الأقطاب الصاعدة على أن لا تخضع لهيمنة أي من هذه الأقطاب و أن تكون علاقتها بهم جميعا متوازنة و متوازية و أن لا يكون تطور علاقتها بقطب من هذه الأقطاب على حساب علاقتها بقطب آخر ، أي لا تكون السعودية اداة بيد طرف من هذه الأطراف فلقد انتهى ذلك الزمن حين كانت امريكا توجه السياسة السعودية بأوامر عبر الهاتف .
يدل السلوك السياسي للسعودية في الفترة الأخيرة بكل وضوح انها ادركت تماما خطورة وضع كل بيضها في سلة الغرب ، و ادركت أيضا أن مخاوفها من روسيا و الصين كانت مبالغ فيها جدا و أن السياسة الخارجية لهاتين الدولتين هي سياسة برغماتية غير مؤدلجة و أنه من الممكن أن تكون علاقتها بهما علاقة استراتيجية تحقق لها الاستقرار و الأمن , لذا سارعت السعودية الى توطيد علاقتها مع الصين بشكل خاص و مع روسيا ضمن منظمة اوبك بلس , فرفعت السعودية حجم تبادلها التجاري مع الصين لمستويات قياسية حيث وصل التبادل التجاري بينهما الى اكثر من ثمانين مليار دولار سنويا يكون التعامل بجزء منه باليوان الصيني بالإضافة الى رفع حجم الاستثمارات السعودية في الصين و الاستثمارات الصينية في السعودية و جعلت السعودية نفسها نقطة ارتكاز اساسية في طريق الحرير الجديد الذي تقيمه الصين , الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقد تحركت السعودية باتجاه الانضمام الى منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم تسعة دول هي الصين و روسيا و ايران و الهند و باكستان بالإضافة الى اربعة دول من اسيا الوسطى , و للانضمام الى مجموعة بريكس التي تضم حاليا خمسة دول هي الصين و روسيا و البرازيل و الهند و جنوب افريقيا .
لاشك أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يدرك جيدا أن وجود السعودية و إيران معا في منظمة شنغهاي للتعاون امرا غير ممكن دون تطبيع العلاقة بين بلده و ايران , لذا سارعت السعودية باتخاذ خطوات مهمة لتطبيع العلاقة مع ايران و كان للوسيط الصيني دور مهم في المصالحة السعودية الإيرانية .
منظمة شنغهاي ليست منظمة للتعاون الاقتصادي و التجاري فحسب و انما هي منظمة لتعزيز الأمن و الاستقرار الإقليمي و مكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة و تهريب المخدرات .
إن للمصالحة و تطبيع العلاقة بين السعودية و إيران تأثير كبير و مهم على ملفات عديدة في منطقة الشرق الأوسط و له ارتدادات اقتصادية و سياسية يمتد مداها كثيرا في الساحة الدولية مما سيساهم في إضعاف الهيمنة الأمريكية ليس على منطقة الخليج فقط بل في عموم الشرق الأوسط .
إن المصالحة الإيرانية السعودية بضمانة صينية افقدت امريكا اهم عامل استخدمته لإخضاع دول الخليج العربية لهيمنتها , حيث كان خوف دول الخليج العربية من النفوذ و التهديد الإيراني سببا لاعتماد هذه الدول على الحماية الأمريكية لها .
شبح الخوف من إيران ساعد كثيرا امريكا على تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط و اعطى اسرائيل قوة اضافية لتتفرعن اكثر على العرب و تسخر دون رادع من حقوق الشعب الفلسطيني .
إن السعودية تعمل على تطوير علاقة التعاون و الشراكة الاستراتيجية مع الصين لمستوى لا تتحول هذه الشراكة لعلاقة تحالف تسبب للسعودية مشاكل خطيرة مع الغرب , و هذا ما تريده الصين أيضا , إن اهم ما تريده السعودية من الصين هي تعزيز إمكانياتها لتكون مستقلة و غير خاضعة لإرادة أمريكيا أو لغيرها من القوى الكبرى .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو