الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى اين تسير السياسة السعودية الجديدة ...؟ ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


من النتائج الكبيرة التي تحققت بفعل التعاون و الشراكة السعودية الصينية هي انعقاد القمم الصينية الثلاثة في العربية السعودية , القمة الصينية السعودية و القمة الصينية الخليجية و القمة الصينية العربية .
أن اهم دلالات انعقاد هذه القمم في السعودية هي أن العربية السعودية قد أصبح لها دور قيادي في علاقة الدول العربية و بالأخص دول الخليج العربية بالأقطاب الاقتصادية الصاعدة و اهم هذه العلاقات هي الشراكة و التعاون بين العملاق الاقتصادي الصيني و الدول العربية .
هذه القمم العربية الصينية الثلاثة هي واحدة من بين أمثلة عديدة التي تؤكد أن عصر هيمنة القطب الأوحد الأمريكي قد بدأ بالزوال ليحل محله عصر جديد , عصر اللاهيمنة , عصر التعددية القطبية , و إن انعقادها في العربية السعودية يعطي دلالة واضحة أخرى من إن السعودية تسعى لتشكيل قطب اقتصادي عربي تكون هي مركزه و اطراف هذا القطب العربي الأساسية هي الإمارات العربية و مصر و ستتشكل اطراف اخرى لهذا القطب العربي على مراحل و بشكل تدريجي .
كي تنجح السعودية في أن يكون لها موقع متميز في العالم الجديد , عالم التعددية القطبية لابد لها من تثبيت استقلالية قراراتها الاستراتيجية و كي تتحقق هذه الاستقلالية تجد نفسها ملزمة لإقامة علاقات متوازنة مع جميع الأقطاب الفاعلة على الساحة الدولية حاليا و اهم الأقطاب هي روسيا و امريكا و الصين و الاتحاد الأوربي و قد حققت السعودية فعلا حالة التوازن في علاقتها مع هذه الأقطاب , ففي الوقت الذي تُنَمي السعودية و تطور الشراكة و التعاون مع الصين فهي تعمل ايضا على ادامة علاقتها بأمريكا بالإضافة الى علاقتها مع روسيا في التنسيق الخاص بتسويق النفط عبر منظمة اوبك بلس .
منذ فترة , السعودية تنافس ايران في جعل علاقتها بالصين اعمق و اوسع نطاقا فكل المؤشرات تؤكد أن هذه العلاقة تتطور الان بوتيرة اسرع من تطور علاقة إيران بالصين , إلا أن ايران قد نجحت بالانضمام الى منظمة شنغهاي للتعاون قبلها و قد يعود السبب وراء ذلك الى الظرف الاقتصادي الصعب التي تمر به ايران نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها و التعقيدات المرافقة للملف النووي الإيراني مما دفعها للقبول السريع بشروط الانضمام الى هذه المنظمة حيث وقعت الحكومة الإيرانية على 49 وثيقة شروط و التزامات أقرها مجلس الشورى الإيراني و وافق عليها المرشد الأعلى في ايران و بذلك اصبحت ايران مستوفية لشروط الانضمام لمنظمة شنغهاي بموجب المعايير الخاصة بقبول اعضاء جدد لهذه المنظمة .
في البيان الختامي للقمة الصينية الخليجية اقرت الصين بأن الجزر المتنازع عليها بين دولة الأمارات و ايران , طنب الكبرى و طنب الصغرى و ابو موسى , هي جزر اماراتية , و هذا يدل على اهتمام الصين بدول الخليج العربية اكثر من اهتمامها بإيران و ورد ايضا في هذا البيان الختامي فقرة تدعو فيها الصين العراق للإسراع بترسيم الحدود البحرية بين العراق و الكويت و هذه الحدود البحرية تستند على الحدود البرية بين العراق و الكويت التي فرضتها امريكا على العراق بعد اندحار الجيش العراقي و انسحابه من الكويت , هذه الفقرة في البيان الختامي تدل ايضا و بوضوح على الاهتمام الصيني الكبير بدول الخليج العربية و قد يجوز وصفه بالانحياز الصيني للكويت على حساب المصالح العراقية .
إن استراتيجية الصين و روسيا في علاقتهما مع دول الخليج العربية أساسها إقامة أركان للتعاون في كل المجالات مع هذه الدول و بالأخص مع السعودية و الإمارات لأنهما لا يخشيان و لا يتوقعان انحياز إيران الى الجانب الأمريكي كرد فعل للسلوك الصيني و الروسي إذ إن مثل هذا الانحياز هو أمر غير ممكن و غير واقعي و غير معقول , و بذلك ستكسب الصين و روسيا دول الخليج العربية و لا تخسر إيران , أما أمريكا فستخسر هيمنتها على دول الخليج العربية و لا تربح إيران ...!
إن مصالح دول مجلس التعاون الخليجي هي التي تتحكم بسياساتها و هذا يتوافق تماما مع توجهات النظام الصيني و الروسي البراغماتي بعكس النظام الإيراني الذي تحكمه أيديولوجيا ثورية اسلاموية , لذا ستقترب دول مجلس التعاون الخليجي ( باستثناء قطر ) من الصين و روسيا و ستبتعد عن امريكا كلما كثفت امريكا من نهجها المتمثل بفرض أيديولوجيتها و نموذجها في اللبرالية على الدول الأخرى .
في مرحلة الحرب الباردة كانت دول الخليج العربية و منها السعودية يدورون في فلك الغرب الذي تقوده أمريكا بسبب وجود خطر و تهديد خارجي عليها , هذا التهديد كان تحت عنوان " الخطر الشيوعي " الذي اعتبرته دول الخليج العربية تهديدا وجوديا لكياناتها دفعها بقوة نحو المعسكر الغربي ليوفر لها الحماية من هذا الخطر .
بعد انهيار و تفكك الاتحاد السوفيتي صارت معظم دول العالم تدور في فلك القطب الأوحد الأمريكي و كان للنظام الأسلاموي في ايران دور اضافي و مهم في توثيق العلاقة بين دول الخليج العربية و أمريكا , فكلما تصاعدت خطابات تصدير الثورة الأسلاموية من ابواق ايران الإعلامية كلما زاد التصاق هذه الدول بأمريكا حيث خدمت تلك الخطابات الأهداف الأمريكية في بسط نفوذها و ابتزاز دول الخليج العربية اقتصاديا مقابل الحماية الأمريكية من الخطر الإيراني .
اما الآن , فكل المعادلات الدولية اخذت تتغير و سياسة السعودية اخذت تتغير أيضا و سيكون للمصالحة السعودية الإيرانية أثرا كبيرا في أضعاف النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بعد أن كان شبح الخطر الإيراني هو المغذي لهذا النفوذ .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا