الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- بلْ لا قيمةَ للفَهمِ بلا أَدَب -

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2023 / 6 / 8
الادب والفن


أستوقفني نصٌّ عنوانه (لا قيمة لأدبٍ بلا فهم) بقلم كاتبٍ على صفحاتِ صحيفةٍ غراء، وكانت زبدةُ النص في ختامه وفيها كان قد كَتبَ: (وإني لأعجب كل العجب من شاعر أو ناثر يأتي بغريب الكلمات وغريب المفردات وقدِ إندثرت في لفظها وإندرست في إستعمالها ولديه ما ينوب عنها من لفظ آنهِ وحاضرهِ. هذا هو [التقعر] بعينه وهذا هو النأي عن جادة الفهم وأحسب ذلك من التكلف ولزوم ما لا يلزم، ولا يفعل ذلك إلا من لم يدرك غاية الآداب وأهدافها وحاد عن جادة الإفهام وأثره). انتهت زبدة ماكتب.
ومن باب الحوار الحر الداكن على صفيحِ الضَّاد الساخن، أجد من واجبي تسويةَ ما لوى الأخ الكاتب وطوى من (تقعراتٍ) غريبةٍ لا تستند إلى منطقٍ لغوي سليم ولا إلى مبررات لسانٍ قويم إلَا منطق ومبررات التكاسل عن نَهمِ وفَهم لسان تاج اللغات وأسِّ الهوية لكل ناطقٍ بها، لسان القرآن الكريم، والتواكل على مفردات لغوية يحسبها الجاهلُ ضاداً، وإن هي إلّا غثاءٌ في واد منقعرٍ يُكنَّى " بوادي الجُمُود" ولا ريبَ أن زعيمَهُ هو مُفكِّرُ وصنّاجةَ العَرب في عصرنا هذا :"اللِّمبي المَوعود".
وغالبُ ظنّي يا ايها السيد الكاتب أنَّهُ قد فاتَك أنَّ للضَّادِ مُتعَةٌ يَنحَبِسُ نَبعُها ولا ينبَجِسُ إلّا بعدَ عشقِ عُمقِ مَعانيها لتستهويكَ وتُغنيك، وما كانَ ينبغي لشاعرٍ أو ناثرٍ أن يخطَّ خواطره بِحَشُوِ حرفٍ ودُنُوِّ صرفٍ وبهما مهرولاً يأتيني ويأتيكَ، فذلكَ لغوٌ وحَشوٌ ولَهوٌ لا يُسمِنُ بل عن الإرتقاء سيُلهيني وعن إرتقائِكَ سوف يُلهيك. وكانَ لزاماً علي كلِّ شاعرٍ أو ناثرٍ أن يحطَّ بي وبكَ على قَناطِرهِ بنَشوِ ذَرْفٍ وسُمُوِّ غَرْفٍ يُسعدني ويُسعدُكَ ومِمّا أُشكِلَ عليكَ سيُفتيك. وهو بلطيفِ طرفِهِ ورهيفِ ذرفِهِ كانَ قد إرتقى بي وبكَ وبنا جميعاً في سُطُورِ بيانٍ وعطورٍ جنانٍ لمُشكلِ الرُّوحِ ترشِدُني وتَهدين وتَرشِدُكَ وتَهديكَ.
وإنَّ خيرَ حجةٍ لي وبرهانٍ في ذا وذيك هو ما أنزلَ ربُّنا عليَّ وعليكَ (مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) لنستَعيذَ بها مِنْ شَرِّ الغَاسِقِ لمّا بأثقالهِ يَمتَطيني ويَمتطيكَ، وهوَ العَليمُ سبحانهُ بأنَّا من أمَّةٍ عمّا قريبٌ ستُمسي أمّةً جهولاً بمعاني (غَاسِقٍ) و(وَقَبَ)، وما يُدريك؟ فلرُبَما سوفَ تُمسي جهولةً في دَهرٍ آتٍ حتّى بحُروفِ ضادِها وما يُدريك. لكنّهُ جَلَّ في عُلاهُ أثبتَ (غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) لأرتَقيَ وإيّاكَ وكلُّ عربيٍّ بعُلُوِّ بيانِها وبسُمُوِّ عنانِها فَتهديني وتَشفين وتهديكَ ثَمَّ تَشفيك.
وإذاً فلا يَنبغي لشاعرٍ ولا ناثرٍ أن ينزِلَ إلى جُبِّ جهلِ النّاسِ في دَهرِهم هذا، وبِلسانِ جَهلهِم يكتبُ لنا هراءً يضنيني ويضنيكَ، بل يَنبغي أن يَغزِلَ حَبلَ صهلٍ فصيحٍ مليح، علَّهُ يُرقِّيني ويَرقيني ويُرقِّيكَ ويَرقيك. ثُمَّ أتمنى في الختام أن تجيبَ على تساؤلي:
ماهي مبرراتِ خلودِ (بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ) و(حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ) ؟
وماهي مكورات همودِ (انا اتنفس تحت الماء فأنا أغرق أغرق أغرق) و(القدس عروس عروبتكم. فلماذا يا أولاد القحبة ادخلتم كل زناة الليل حجرتها).
أفرأيتَ نَشزَ ذا الحَشوَ واللَّغوَ الكسيف كَيفُ يُؤذي مَسمَعي وكيفَ يُؤذيك.
وإنَّما إلتجاءُ الشَّاعرِ أو النَّاثرِ لمعاذيرَ عن زَلَلٍ في بَهوِ بَيانهِ ومَلَلٍ في رَهوِ بلاغتهِ وعن عِلَلٍ في نحوِ فصاحتهِ لهوَ خيرٌ لهُ من يلبِسَ (تَقَعُّرِاتهِ) بمبرراتٍ رُبَما تُضنيني وتشقيني وتُضنيك وتشقيك.
ما لنا من محيصٍ يا أخا العرب إلّا إعتلاء سرجِ ضادِنا والإرتقاء، علَّ ذلكَ يشفعُ لنا بهويةٍ قد فقدناها بينَ الأمم في الأرجاء، فننتَزعَ توقيراً من تيك الأمم يُرضيني ويُرضيك. أحترامي.

قيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل