الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذهاب للعالم الآخر بدون موت؟/ ملحق 2

عبدالامير الركابي

2023 / 6 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عبدالاميرالركابي
مما لايستطيع العقل الانسايوان التوقف عنده، وبالاصل الانتباه له كاستثنائية فعل تاريخي، ماقد اوجده المنظور الاول للانسان في ارض الرافدين من مفهوم، فاصل في العلاقة البشرية مع الوجود، تحت منظور الفصل بين عالمين، سماوي وارضي، الثاني محكوم عليه بالذهاب الى الاول حكما وان باجتياز معبر الموت، ان هذا الموضع من المعمورة هو الذي وضع التساؤل الاكبر الاول عن "الخلود"، ليصطدم بالجسدية وحاجزها، دون ان يتوقف التساؤل الذي لانهاية له بحثا عن كسر سطوة الموت الجسدي، علما بان التساؤل المشار له ليس ولم ولن يكون باية حال "جسديا"، ولا "انسايوانيا".
توجد الحياة والمجتمعية"لاارضويه/ عقلية" محكومة لاشتراطات العيش على حافة الفناء، وارضوية/ جسدية"، الاولى غير قابلة للتحقق ولا الادراك في ساعتها، بينما توجد الاخرى تحققية بالكينونه، هي المؤقته المعمول على تفاعليتها وتصيرها، لحين توفر الاسباب الغائبة اللازمه والضرورية لانتقال اللاارضوية وتحققها اعقالا وماديا، ووقتها لايكون الانقلاب التحولي مرهونا بالفعالية الواقعية البشرية كما في الانقلابات ومايعود للثورات الانسايوانيه، فالانقلاب العقلي اللاارضوي، هو الرؤية الاخيرة التي لها نفس الوقع العبقري الاول، ذلك الذي رهن وقت الانتظار بالموت، وقرر ان الذهاب الى العالم الاخر شرطة الانبعاث الذي تتكفل به القوة العليا الخالقة.
هل يمكننا بناء على مانتقدم، افتراض مرور الكائن البشري بنوعين من الاشتراطات الحياتيه المجتمعية، واحد مناسب لتكريس المنظور والاعقال والسلوك الارضي الانسايواني، واخر مصمم لكي يصبح العقل هو المحور الحياتي الذاهب للتحرر من سطوة الجسدية، وهو مايعني والحالة هذه كسر قاعدة الرؤية والمنظور الارضوي للمجتمعية كظاهرة، بابقائها ضمن دائرة الجسدوية الارضوية من دون استشراف او تخيل احتمال انقضاء امد وصلاحية هذا النوع من المجتمعية، الامر الذي تقوم البيئة بتسييده ابتداء بمقادير مختلفة من التوافق البيئي الانتاجي المذكوراعلاه، واكثره نموذجية، ذلك الذي تمثله حالة مصر ووادي النيل، حيث التوافقية التامه بين الطبيعة والمنتجين، وبمقدمهم عامل الانتاجية الرئيس، النيل الذي يفيض بالتوافق مع الدورة الزراعية، بما يعاكس تماما الحالة الرافدينه حيث النهرين المدميرين العاتيين اللذين يفيضان عكس الدورة الزراعية، مع مجمل اشتراطات الحياة المجافية الطاردة، التي تحول العملية الحياتيه الانتاجية الى اصطراع مستمرمحتدم، مع البيئة والطبيعة، والى نزوع لمجافاتها والبحث عن ملجا غيرها، خارجها، عادة مايستقرمتجها الى السماء التي تتحول الى سكن بديل حكما، مخففة وطاة الجسدية وهيمنتها، لصالح العقل الذي يضطلع حكما يتشكيل عالم ونمط تعبير مجتمعي "اخر"، وان يكن ابتدائيا حينها، وابعد من ان يتوفر على اسباب الاحاطة الكلية الادراكية باجمالي العملية الاجتماعية الازدواجية الثنائية مراحلا، مع انه يصل نطاق النبوية الحدسية الاعلى، المقاربة في العمق للمطلوب الباقي مؤجلا.
على هذه الصيغة يظل منظور العقلية اللاارضوية، ومملكته السماوية، وانتقاليته المشروطة بالموت / البعث ابان المرحلة الجسدوية الارضوية الانسايوانيه وغلبتها المقررة بيئيا، وبالانتاج اليدوي، وهو الطور الاطول من التاريخ التصيري المجتمعي البشري، الى ان تحين ساعة الانتقال الى الالة، ويبدا التحول من يومها الى المجتمعية العقلية على مستوى المعمورة، بينما يتوقف الوعي بالمتغير الانقلابي الحاصل عند مدركات وماممكن ومتاح للانسايوانية الجسدية من ادراكية، لاتتيح لها سوى ان ترى في الاله وريثا مكملا للانتاج اليدوي، من منطلق التعاقبية، دون ان يخطر لها احتمال اي تحول او انقلاب نوعي مجتمعي بشري.
وتسهم البنية الاوربية الطبقية ابتداء، على اثر الانقلاب الالي، في تكريس منظور مواكب ايهامي، من مستوى اعلى، وذروة ضمن ممكنات صنفه ونمطيته، تكرس توهميا امكان استمرار المجتمعية الموروثة الارضوية الجسدية، وقد تحولت الى آلية، غير انها لن تعيش طويلا حتى يبدأ الاختلال يصيب نموذجها وينيتها بالانسدادات الايديلوجة، والاحترابية التي تفضي لحضور المجتمعية الامريكيه المفقسة خارج رحم التاريخ، دلالة على انتهاء مفعول واسباب صلاحية المجتمعية الارضوية، وفي حين تمارس الامبراطورية النافية لماقبلها، باسم "الرسالية"، والقائمة على قانون شطب المجتمعية السابقة، ابتداء من ابادة سكان القارة المكتشفة تحت شعار "سنبني مدينه على جبل" التوراتي، الذي يشيطن الارادة الربانيه، محولا اياها الى رسالية تصادر "الله" لتبرر وجودها المؤسس على محق ماقبلها، والتي منها ومن بين اهم مناسباتها غزو ارض الرافيدين، بينما " الله" يهمس في اذن بوش والجيوش الامريكية تذهب لمقاتلة ياجوج وماجوج في ارض بابل(1).
هذه هي الولايات المتحدة التي يجري التساؤل عن توصيف لها متعد للكوابح الانسايوانيه والتوهمية الغربية الحداثية، فهذا الموضع هو الانبثاق الاخير الذي لايعرف ذاته، ويجهل نسبه الفعلي، فيلجا لما متاح له من المتوفر انسايوانيا للنطق المزور، وبدل ان يتمكن العقل الامريكي من رؤية مضمرات الانتقال من المجتمعية الجسدية الى العقلية، يستمر متوهما وقابلا بما يتلقاه من الغرب الاوربي من ناحية، فيخلطة بابراهيمة مزورة (2)في الوقت الذي تكون فيه "الرؤية الثانيه" مابعد النبوية قد صارت لزوما وضرورة قصوى على مستوى المعمورة، من المستحيل ان ينطق بها الا مكان وموئل الرؤية الاولى، ومن الذهاب للعالم الاخر انبعاثا بعد الموت، تحل اليوم موجبات الرؤية الختام القائلة ب" الذهاب الى العالم الاخر بدون موت"، بتحرر العقل واستقلاله عن الجسد. وبكلمه فان امريكا هي الجريمه الاكبر في التاريخ البشري، المغلفة بالاستعارة المزورة للرؤية السماوية التي تخضع التعبيرية اللاارضوية لاحط االاغراض الارضوية الحاجاتية، فهي تبني " مدينة على جبل" انما على جثث اكثر من ستين مليونا من السكان الاصليين، وهي صاحبة رسالة الشيطان الذي يتلبس رداء الاله، لاتتوقف عن نشر ماهي مكلفة به على المعمورة، احتلالا وابادة ان استطاعت لذلك سبيلا (3).
ولاشك ان الظاهرة المذكورة هي نتاج وحصيلة غربية حداثية مكملة، مغطاة بدين الغرب التقدمي الديمقراطي، مع القوة وتعالي الديناميات المجتمعية الالية، وكل هذا وغيره مما حل بالكائن البشري على يد الغرب الالي، ومنه 70 مليون قتيل حصيلة الحروب الاوربية العالمية، والفاشية وغيرها من اشكال الايديلوجيات القهرية،عدا عن الهيمنه وماواكبها وتمخض عنها، توفر على مايجعله يحتل مااحتله ويكرس ذاته، ليس لانه بحد ذاته قادروحسب، بل لان حدود وممكنات الرؤية الانسايوانيه ظلت تجيز الايهامية، الناجمه عن توقف العقل دون ماهو مفترض ومتفق مع الحقيقة البشرية المضمرة، الموافقه لغرضية الوجود.
ويدخل هنا في المقدمه ثقل المعتبر بمثابة مدى للمجتمعية باعتبارها وحيدة واحدة، تتوقف منتهية عند تلك الجسدية الراهنه المعاشة، بها وعلى اساسها ووفقا لما تتيحه من قدرة على التصور، تقاس الالية ومايعرف بالتقدم والعلموية، وكل المنجز الاوربي الذي يبرر، لابل ويجعل من اكبر الجرائم المرتكبة بحق البشرية بمثابة ثمن لازم الدفع ومبرر، مقابل ماهو متحقق من انتقالة كبرى، وكل هذا يكرسه بالدرجة الاولى كون "النهضة" الحالية لم تذهب بالعقل البشري لمقاربة البديل، او المنظور الاخر اللاارضوي للانتقالة الالية، وهو مالم يكن ممكنا من دون ان تتبلور اسبابه.
ينقلب الامر كليا اذا دخل على الافق التصوري الاعقالي البشري مفهوم الثنائية التعاقبية المجتمعية، من "مجتمعية جسدية"، الى "مجتمعية عقلية"، مناظرة ومتداخله مع نوع ووسيلة الانتاجية، اليدوية ثم الالية، مامن شانه تبديل الرؤية الانسايوانيه الاوربية المسقطه على الاله باعتبارها عامل بذاتها، من دون منطويات نوعية كما حال اليدوية وشكل المجتمعية الملازمة لها، مايستوجب توقفا اخيرا.
ـ يتبع ـ ( العراق: الابراهيمة الثانيه او الفناء؟) ملحق3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا ماقاله بوش على التلفون للرئيس الفرنسي جاك شيراك ماجعل شيراك يرفع التلفون عن اذنه غير مصدق بان من يتحدث معه رئيس اكبر دولة في العالم.
(2) تكاد الولايات المتحدة تكون ساعية لتوليف "ابراهيميه جديده" فقد اعلن" معهد دراسة الدين الامريكي" في دراسة له نشرت عام 1988 في موسوعه الاديان الامريكيه" ان امريكا فيها 1586 دينا منها 700 سماها "غير تقليدية" بمعنى تعذر تصنيفها ضمن الاديان العالمية التاريخيه المعروفه"/ مدينه على جبل/ الدين والسياسة في اميركا/ طارق متري / دار النهار ـ بيروت/ ص 32
(3) ويرد في المصدر نفسه /ص 13/ " ومنذ استيطان المهاجرين الاوربيين الاوائل شاطيء " العالم الجديد" الشرقي الى اليوم، يتكرر القول بصيغ ونبرات مختلفه، ان امريكا بمثابة " امة مختارة" لها دعوة بينه وهي تسير الى مصيرها برعاية الله.. ويستعين هذا القول بصور من العهد القديم مثل " ارض الميعاد"، في سفر الخروج، واخرى من العهد الجديد مثل " مدينه على جبل" التي ورد ذكرها في عظة يسوع المسيح الكبرى حسب انجيل متي القائل" انتم نور العالم لاتخفى مدينه موضوعه على جبل ولايوقد سراج ويوضع تحت المكيال بل على المناره فيضيء لجميع الذين في البيت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح