الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الابداع المتجدد- مجلد باذخ في الفن التشكيلي لمحمد مهر الدين

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2023 / 6 / 9
الادب والفن


من دار "الأديب البغدادي" في عَمّان، الأردن، صدر مؤخراً مجلد: "الابداع المتجدد: مجموعة عبد الواحد سكران ساهي السلطاني" بطبعة ملونة أنيقة من حجم الكوارتو العريض (11 X 9 بوصة) وبغلاف صلد. وقد تكفل الأستاذ عبد الواحد سكران / معاون عميد معهد الفنون الجميلة ببغداد سابقاً بتكاليف طباعته الباذخة، ونفَّذ صوره الباحث الفوتوغرافي الاستاذ هيثم فتح الله عزيزة.
يقع المجلد بمائتي صفحة باللغتين العربية والانجليزية، ويشتمل على صور لأكثر من مائة لوحة ومنحوتة وتخطيط للفنان التشكيلي الكبير محمد مهر الدين عظيم (1938-2015)، مع (10) تخطيطات للصور الشخصية (البورتريهات) كان الفنان الفقيد قد رسمها في أزمنة متباعدة لزميله وصديقه وجاره الأستاذ الفاضل عبد الواحد سكران. وقد تولى الأخير التقديم لهذا الكتاب، حيث سرد تفاصيل علاقة الصداقة التي جمعته بزميله الفنان محمد مهر الدين، ومميزات فنه التشكيلي، والعدد الكبير من لوحات الفنان الذي اقتناها والتي بقي محتفظا بها بكل اعتزاز وتمسك، فأصدر هذا المجلد للتعريف بها. كما اشتمل المجلد على دراسات نقدية ثرّة لمختلف الأوجه المميزة للوحات الفنان محمد مهر الدين بأقلام الأساتذة: صلاح عباس، و د. عاصم عبد الأمير، وجاسم عاصي، و د. جواد الزيدي، وخالد خضير، و د. حسين علوان حسين الذي تولى كذلك ترجمة النصوص الدراسات النقدية للإنجليزية.
أدناه النص العربي لمساهمتي المترجمة في هذا الكتاب:
كلمة المترجم: العملاق محمد مُهر الدين عظيم: جَبَلُ التشكيل بثلاث قمم
د . حسين علوان حسين
التقيت بالفنان محمد مُهر الدين عظيم لأول مرة، بالصدفة، في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1970، عندما كنت طالباً في كلية التربية الملغاة، جامعة بغداد، وكان هو أستاذاً في المعهد المذكور. ولقد هالني كل شيء فيه منذ أول لقاء لي معه: معارفه الموسوعية، ووعيه السياسي النافذ الناقد الرائي، وفوق هذا وذاك: ثقافته الفنية الشاسعة الرهيبة المحيطة بآخر التطورات العالمية في الفنون التشكيلية قاطبة. كان عقله المتوفز الجبار يفرض هيبته فرضاً على كل من هم حواليه. فهو ثالث ثلاثة فقط كان ينتابني الشعور بالصَّغار في مجالسهم: المرحوم أستاذي الجليل الدكتور خليل حماش، و صديقي الشهيد المغدور والمفكر الكبير الأستاذ عزيز السيد جاسم، و الفنان العملاق محمد مهر الدين - الذي تقطعت السبل بيننا بعد عام 1979 .
في آخر لقاء لي معه، لمحني وأنا أحمل كتاب: "العراق القديم" لمؤلفه الدكتور: جورج رو، باللغة الإنجليزية. قطب حاجبيه، وهو يقول لي بجدية، مؤشراً بسبابته على الكتاب المذكور: "إسمع حسين، يجب عليك ترجمة هذا الكتاب المهم للعراقيين. إنه يحل مشكلة أصل السومريين المفتعلة عند الغرب لكي ينسبوهم لغير أرض العراق".
وقتها ، عجبت من سعة اطلاعه، و وعيه النافذ لخبث مفردات الاستعمار الفكري الامبريالي الجائح، وعمق همّه العراقي؛ فطمأنته بأنني بصدد تدقيق النسخة الثانية من ترجمتي الكاملة للكتاب المذكور، فتهللت أساريره، وأوصاني بالإسراع بإتمامها وطبعها.
لقد تميزت الأعمال الفنية لمُهر الدين بغنى تنوعها التجريبي، وبغزارتها كماً ونوعاً. ولكن، ومهما كان الأسلوب المتنوع المتبع في تنفيذه للوحاته، فقد كانت تتكامل في كل واحدة منها ثلاث قيم كبرى مثلت الثوابت الفاعلة في معادلته الفنية: بنية التخطيط القوي المحكم؛ الخيال الشامخ المحلق للأشكال المرسومة؛ الرسالة الإنسانية العالمية الراقية والواضحة الثورية. كل أعماله الفنية امتازت بكونها قوية التعبير بحيث تستفز المتلقي للاستجابة الفكرية والقلبية والفعلية بفضل التخطيط المحكم لبنية أشكالها وخطوطها التعبيرية الصريحة و الجميلة. إنها تؤسر وتنطق وتفعل. تلكم هي القمم الفنيّة الثلاث للجبل العملاق: الفنان محمد مُهر الدين عظيم. و لقد عبَّرت عن ذلك مرة للفنان الفقيد بالقول: "لقد أسستَ في اللوحة التشكيلية العراقية ما أنجزه الجواهري والسياب ومظفر النواب مجتمعين للقصيدة العراقية الجديدة: الجواهري بضبطه الهندسي لها، و السيّاب بتثويره لها شكلاً ومضموناً، ومظفر النواب بجمال موسيقاه الشعرية ومضامينه الثورية. أنت جبل بثلاث قمم". وقتها ، قال لي مبتسماً: "لم أسمع مثل هذا التقييم من أحد غيرك".
ولا بد لي أن أعبر هنا عن جزيل شكري وعميق امتناني الجم للصديق العزيز الأستاذ صلاح عباس، مدير تحرير مجلة "رواق التشكيل"، و لراعي هذا المشروع الفني-الأدبي الكبير الأستاذ الجليل عبد الواحد سكران. فبفضل جهودهما الطيبة الخيرة، وثقتهما الموجبة للاعتزاز، فقد أتاحا لي الفرصة النادرة لبعض الوفاء لهذا الفنان الكبير الذي عشق أرض العراق وأهله، ليتوفى أخيراً – مثل العشرات غيره ممن أسميهم بـ "عمالقة العراق المُغرَّبين" في أرض الغربة. و كأني به يقول لي الآن: "إسمع حسين، يجب عليك ترجمة هذا الكتاب المهم للعراقيين".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب


.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري




.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات