الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللصوصية – تجديد يمني للحرفة

أمين أحمد ثابت

2023 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عرفت مهنة السرقة انماطا متوالية التجدد عبر التاريخ ، والتي يحتوي كل واحد منها على اساليب متعددة ، وبتطور المجتمع وطابع حياته يجري بموجبه تطوير الاساليب الاجرائية للعمل اللصوصي – ورغم ذلك فإن طابع هذا العمل الاحترافي يتخذ معنى ومدلولا شبه ثابت جوهرا ومضمونا ، ويمكن وضعه بإرجاعه طبيعة ( الاجرامية ) على نحو تصنيفي عام :
- عمل لصوصي منظم واخر غير نظامي او منظم
- عمل لصوصي جماعي او فردي
- عمل لصوصي مخطط له مسبقا او عفوي يعتمد على لحظة الظرفية والحدث .
- عمل لصوصي اجرامي الطابع امام القانون والاخلاق واخر مذموم ولكنه غير محاسب عليه جرما امام القانون – وفي بعض البلدان المتقدمة يعاقب عليه القانون بحكم مخفف لا تصل إليه صفة الإدانة – واحيانا يعد مثل هذا الفعل نوعا من الضرورة ( كعمل محمود ضمنيا ) إذا ما كان الفعل المرتكب يحقق العدالة المفقودة لمتضررين اخرين او المجتمع – طبعا هذا الاخير يمثل حالة فعل شاذة لا تعد قابلة للتعامل معها كقاعدة كغيرها الاخرى .
واللصوصية هي فعل إجرامي بطبيعته مرفوض اخلاقا وقانونا ، ويعد فعلا متعديا على الغير وملحقا له الضرر – وقد يتخذ هذا العمل صفة تآمريه مسبقة . . تتعدد وتختلف من ورائها نوازع الاستهداف والاغراض .
كما ويعد هذا العمل وجها من اوجه ( الجريمة او العمل الاجرامي ) الخاص بطابعه – بينما يندرج تحت معنى مفهوم اللفظ ودلالته ( مسميات متعددة ومختلفة ) . . تختلف باختلاف الغرضية وراء ذلك الفعل كواقعة ، ك . . السرقة ، النهب ، الاختلاس ، أكان اجراءها سرا او علنا بما يسمها بالتهجم لغرض السرقة او النهب – كما ومن طبائع اعمال اخرى . . يمكن لها أن تدرج ضمن موصف اللصوصية إذا ما كان هدفها اخذ حق اخر بما فيه كتعدي على خصوصياته او حقوقه الشخصية المكتسبة ومحمية بقوة الدستور والقانون وموقعا له الضرر قصديا بشكل مسبق ، مثل التآمر ، الوقيعة ، الخيانة ، التلصص والعمل التجسسي .
هذا وقد نما هذا العمل الانحرافي عبر تاريخ تطور المجتمع البشري عامة ، متخذا طابع انماط متعددة عبر حقبات ذلك التطور ، بحيث تتجدد تطويرا الاساليب والوسائل والطرق المعتمدة ، بحيث تطبع كل حلقة لاحقة من حلقات التطور المجتمعي الاسبق عنها طابعا اجرائيا اكثر تطور عما كان قبلا ، ويوصف فاعل الواقعة – لصا او سارقا او نهابا او مختلسا – ظرفيا وفق الحادثة المثبتة فعلها ، ولكن طبيعة اطلاق الصفة – بشكل شبه ثابت - على المرء او جماعة إذا ما استمر او استمروا في ارتكاب مثل ذلك الفعل لأكثر من مرة او مرتين – أي كعمل ممتهن - خاصة وإن كان ذلك الفعل لمرة واحدة او اكثر يسبب ارتكابها فعلا جسيما وضررا بليغا على المعتدى عليه .
اتمنى ألا يستعجل صديقي القارئ بطرح تساؤل مغزاه الاستفزاز اكثر من كونه يبحث عن توضيح لمعرفة اضافية يبتغيها ، كأن يقول : ما اهمية هذا الموضوع ثقافيا ، فهل انتهت كل القضايا والافكار والمشكلات . . حتى لا يتبقى لنا سوى استهلاك وقتنا فيما هو غير نافع وغير ضروري ، خاصة والكاتب غير متخصص مجالي في مكافحة الجريمة وظيفيا ؟ - لأطمئنه بأنه سيجد لقيته لاحقا عند اقترابنا من نهاية الموضوع .
وعودة عما بدء ، فاللصوصية المبكرة في نشأتها علمت بفعل فردي تسللي – خفاء – لارتكاب السرقة ، ورافق ذلك الطابع لاحقا من التطور المجتمعي بطابع الاختلاس المالي او البضاعي الفردي لعامل على حساب رب عمله ، ومن ثم جاء طابع ( الفعل الجماعي ) العلني بمعالم السطو المسلح عبر التقطع او على محل او مخزن او بيت مستهدف خزانة او مواد باهضه الثمن كالمجوهرات والتحف وغيرها – وكلها تعد معتمدة اساليبا بدائية – ثم تطورت بطابع نظامي يعتمد على التخطيط المسبق مع وضع خطة او اكثر بديلة إذا ما فشلت الاولى او تكون مهددة بالفشل كعملية ، وذلك خلال المراحل الاخيرة من الاقطاعية ، ومن اشكالها السطو المسلح بغرض السرقة للبنوك البدائية او الدوائر الايرادية بما فيها البريد او المصادرة او تدمير الممتلكات انتقاما مع نهب يجري معها للممتلكات ، ونشأ مظهرا نمطيا جديدا للسرقة بقوة حضور تهديدي علني بصورة الابتزاز او شكل العصابات المافوية المنظمة البدائية كعمليات سطو او اخذ الاتاوات للحماية او استقطاع جزء من الريع – طبعا ساد خلال حقبات الاقطاعية وخاصة مراحلها الاخيرة طابع التلصص الاستخباراتي على المواطنين وذلك لتسيد طابع النظام الديكتاتوري القمعي والدموي لسلطة الملك ومن ثم لسلطة الكنيسة او الجماعة الدينية القابضة على الحكم ، وخلال ذات الازمنة نمت اساليب الجاسوسية بعملاء من الخارج والداخل ايضا – ازدادت بنية التنظيم الاجرامي ( اللصوصي ) مع تطور نمط الحياة البرجوازية ، وزاد تطوير الاساليب بمستخدم العلم ، واتخذت لأعمالها واجهات شرعية للعمل بينما تستغله باطنا لأعمال غير شرعية ، ومع ما بعد ثلثي القرن العشرين ظهرت اللصوصية المنظمة المستجدة عندنا اليمنيين والعرب بنمط السرقة والنهب المنظم عبر جهاز الدولة المتطور داخلها سلاسل تكوينية مافوية – وعندها بدأت اللصوصية محمية بقوة السلطة والنفوذ فوق الدستور، ونمت طرق التحايل الورقي المجنب المساءلة الرقابية والقانونية ، الى بناء ثروات شخصية ضخمة منهوبة عبر قوتي التسلط والنفوذ العلني ومنها الادعاء بالحمية القومية والاسلامية لدعم القوى الجهادية كخلايا دولية نائمة او فاعلة او بصورة تمويل عمليات الذئاب المنفردة المستأجرة من منظمات او وكالات دولية للقيام بأعمال غير انسانية او اخلاقية – واخيرا انتجت اليمن طابعا اجدا للصوصية في ظرفية ( حرب اللاحرب ) ، وذلك بسرقة المساعدات والمعونات المقدمة دوليا ، حتى افسد فيها الجهاز الدولي العامل على توزيع المعونات ، واخيرا منها ما يمكن تسميتها ب . . ( اللصوصية الوطنية ) المتمثلة بالانتهازيات السياسية والاجتماعية المتعيشة على حساب فقر الشعب المجرد من حقوق المواطنة ومستحقاته المالية القانونية والرواتب ، حيث تستهلك سرقة ما هو موجها شرعا للواقعين في منحصر الحرب ، وتعمل الثروات كلاجئين سياسيين ، بينما تمارس اللصوصية ( الوطنية ) في اطراف وكالات الحرب المليشاوية كذريعة للدفاع عن الوطن وكرامة المواطن واحلامه – تسيدا لنهب موارد البلد وخزينته والمساعدات الدولية المقدمة عبر مليشيات التسيد الواقعي كقوى جميعها تدعي الوطنية – وهما نمطان مصدران لبقية بلدان الصقيع العربي و عالميا لاحقا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع