الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة الانتهازية والرسمي العربي في ديوان -رمل الذاكر- منير إبراهيم

رائد الحواري

2023 / 6 / 12
الادب والفن


مواجهة الانتهازية والرسمي العربي في ديوان
"رمل الذاكر"
منير إبراهيم
من سمات الشعر، أنه يُشعرنا وكأننا نحن من كتبه، فنجد فيه ذاتنا، ما نريد قوله، ما نشعر به، ما نحتاجه، فالقصيدة الجميلة تبقى حاضرة بصرف النظر عن زمن كتابتها، فهي كالخمر المعتقة، كلما كانت قديمة، أصبحت أنقى واصفى، الديوان صادر في عام 1998 عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين، ورغم هذا نجد فيه واقعنا الآن، وما عشناه من قمع وملاحقة أمنة، نجده فيه طموحنا، أمالنا.
الشاعر المنتمي يتصدى/ يواجه/ يعري الانتهازيين والفسادين والمنهزمين، من هذا الباب سنحاول الدخول إلى ما جاء في "ديوان "رمل الذاكرة" يقول في قصيدة "جُبن""
"زميلان
سافر فيهما كتاب
مجرد ورقة
تضم سطورا
لغاب
واحد عض كلبا وآخر قبل القراءة
تاب!
اهتفي يا عيون
إن أعظم فعل
كتابة سطر
لعين تجور
ولا ترمشها الذباب؟ ص7.
من عاش فترة الأحكام العرفية وما فيها من بطش يعلم حجم الضغط الذي وقع على كل من قال "لا" للنظام، أو لم يقول "نعم" لما هو رسمي، فتلك الفترة كانت شرسة وقاسية على كل المثقفين والمتعاطين في السياسة، هذه المقدمة ضرورية لمعرفة الدوافع وراء (حجم) القصيدة القصير وحجم الألفاظ المستخدمة فيها، فنجد أن القصيدة مكونة من تسعة وعشرين كلمة فقط، رغم أنها تتناول فترة قمع طويلة ما زال آثرها حاضرا حتى كتابة هذه المداخلة، فلماذا هذا الاختزال؟ ولماذا لم يسهب الشاعر في الحديث أكثر عما عاناه؟.
نجيب بما جاء في رواية عائشة عودة "أحلام بالحرية": الحديث عن الألم هو ألم أضافي" من هنا اختزل الشاعر تلك الفترة بهذه الكلمات القليلة، وأيضا من خلال استخدامه لألفاظ قليلة الحروف، حيث جاء غالبيتها بأربعة حروف أو أقل، إذا ما استثنينا: "زميلان، القراءة، اهتفي، كتابة، ترمشها، الذباب" وبهذا يكون قد أوصل لنا سخطه/نفوره على من يستنكر/ يسقط من خلال فكرة القصيدة ومن خلال الألفاظ التي استخدمها.
وعن الانتهازيين يقول في قصيدة "مجرد خبر":
استدرنا له
وقفنا له موقفا
داسه
وفي المعمعة
كنا له كادرا منصفا
ذلك الخفيف
الظريف الظريف
شاء أن يمتطينا
ولما غفا واستراح
استدرنا لنا
يتلظى بليته النباح!!" ص18.
فكرة القصيدة واضحة، لكن ما يميزها أن الشاعر بين لنا العلاقة الوطيدة التي كانت بينه وبين من (استدار) من خلال تكرار "وقفنا/موقفا، الظريف/ الظريف" حيث جاء التكرار لتأكيد العلاقة الخاصة والمتميزة التي جمعتهم، ونجد أيضا الحميمة بينهم من خلال: "المعمعة، الخفيف" فهذه الألفاظ كافية لإيصال ما كان من ود وتفاني في العطاء، لكن وجود "استدرنا له" في فاتحة القصيدة، و"استدرنا لنا" في خاتمتها جاءت لتبين حجم الغدر/الخذلان/الانتهازية التي جاءت ممن استدار، وما وجود ألفاظ قاسية ومؤلمة في الخاتمة: "يتلظى بليته النباح" إلا إشارة عن طبيعته الفاسدة وسلوكه القذر.
وما وجود ألفاظا قصيرة: "له (مكررة)، في، كنا، شاء، أن، لما، غفا، لنا" إلا إشارة لسخط الشاعر وقرفه من هذا المستدير، فأثر أن يتحدث عنه باقل الكلمات وأقصرها، ولأنه قزم فكان لا بد من وجود هذا (التقزيم) حتى لوكان من خلال الألفاظ المجردة.
وعن الواقع الرسمي العربي جاء في قصيدة "شرط":
"أيها الطير
هات من غبار الأرض
وافر في عين الذئاب
فوق أرض الجزيرة
صل إماما
أمير البلاد أطال الفجور
وجاء أخيرا بمن ضاجعوه
وسلمهم راية العشيرة
وسطر وصيه:
بأن يحتكم كل شعب الجزيرة
وأمته العربية
لشرط مجندة أجنبية!" ص77.
فكر القصيدة واضحة حيث تتمثل بنقمة الشاعر على الواقع الرسمي العربي في الجزيرة العربية تحديدا، واللافت فيها أن الشاعر يستخدم أل التعريف في " الأرض، الذئاب، الجزيرة، الفجور" وهذا يتناقض مع طريقة تقديمه السابق التي عبر فيها عن نقمته من خلال (الاقتصاد) في الألفاظ والحروف.
أعتقد أن سبب ذلك يعود إلى حجم التأثر الذي تركه "أمير البلاد" ليس في الجزيرة فحسب بل في المنطقة العربية برمتها، وما وجود (تماثل) بين خطاب الشاعر وخطاب الأمير الذي استخدم أيضا أل التعريف في" الجزيرة، العربية" إلا نتيجة تأكيدا لهذا الحجم الكبير الذي تركه "أمير البلاد".
تكمن أهمية أي فكرة ليس في مضمونها المجرد فحسب، بل في طريقة تقديمها أيضا، فرغم أن الشاعر في ذروة غضبه وسخطه التي ظهر في "ضاجعوه" إلا أنه خفف من حدة القسوة عندما نقل لنا وصية "أمير البلاد" جاعلا الفاجعة في خاتمة القصيدة: "مجندة أجنبية" فبدا وكأنه قد علم أنه أوجع القارئ بما سبق، فأراد أن يستعيض عن ذلك من خلال تأخير الخبر المفجع من خلال آخر فقرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو