الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن لبنان الضحية بوجه الإجماع السوري

خلف علي الخلف

2023 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لأول مرة يتوحد الشعب السوري العظيم؛ أسديون ومعارضون ورماديون، هذا إنجاز عظيم لم يحدث منذ بداية الربيع العربي. حفلة الردح كانت سهلة، حتى لينا شاماميان التي لم تشارك في أي قضية عامة تحت شعار "فصل الفن عن السياسة" شاركت بحفلة الردح المجانية للدفاع عن مقدسات الشعب العظيم .

سيدة لبنانية، تفوهت بجمل عنصرية بسيطة ضد السوريين في لبنان، يقول أفدح منها السوريون عن بعضهم البعض. بالتأكيد لو كانت السيدة العنصرية-الضحية، بالجمل التي قالتها نفسها غير لبنانية لما رأينا هذا الاجماع. فعلى سبيل المثال استباح عرب كثر السوريين، بعضهم كتاب وأكاديميون، ولم يجرؤ السوريون على إجماع كهذا. استباح أتراك كثر السوريين وبعضهم ارتكب جرائم قتل عنصرية بحقهم ولم نر هذا الإجماع. إنه إجماع نادر تم بموجبه إغلاق حسابات السيدة التي صارت ضحية على منصات تويتر وانستغرام نتيجة الإبلاغات. هذا أهم ما يستطيع السوريون فعله الآن بعد هزيمتهم سلطة ومعارضة وشعوب متناحرة.

يختار السوريون أهدافا سهلة ليبرزوا عضلاتهم عليها. ويتبارون على لكمها. في الغالب يختارون أهدافا لا تؤثر في مصالح أيا منهم لا الآن ولا مستقبلا ولا ماضيا.
يهجمون على الضحية كأنهم يرددون الشعار الصباحي الموحد في المدارس. تأتيهم موجة فخر وهم يمزقون ضحيتهم. يندفعون بحماس نحو الضحية يصطفون طوابير من كل الجهات لركلها وقطع أذنيها وسحلها، ويستمتعون بمنظر الدم، وهي في الغالب ضحية عزلاء لا تملك ذبابا يدافع عنها أو حزبا أو جماعة أو غازا أو نفطا. ضحية ميتة مجازا.
وأثناء ذلك لا ينسون ترديد مناقبهم كشعب أخذت عنه البشرية أشياء مفيدة بانتسابهم المشكوك به لحضارات قديمة عاشت على نفس الأرض واندثرت.
يفضل السوريون الجثث حيث لديهم حسابات معقدة تجاه الأحياء لا يجرؤون على انتقاد حيا، ينتظرونه حتى يصبح جثة.
لا يقترب السوريون من نقد واقعهم، جماعاتهم، تشكيلاتهم، وعيهم، نخبهم، قادتهم.. إلا ضمن التحزبات كأن تهاجم الجماعات بعضها البعض من الشلل الصداقية إلى الطوائف.

لكن دعونا ننتقل إلى مكان آخر في الحديث عن علاقة السوريين بلبنان. الفلسطينيون أولا ثم السوريون بشكل رئيس هم من خرب لبنان كدولة قابلة للعيش، كدولة متقدمة على محيطها، بإسلوب الحياة وأنماط العيش، بحرية النشر والانتاج الثقافي وحرية الرأي السياسي.
لست ممن يقدسون لبنان ولا من ينشرون في صحفها أو يظهرون على وسائل إعلامها، لكن السوريين هم من أجهز على هذه الدولة المارقة عن الإجماع العربي. دولة بسقف عال من حرية الرأي وحد مقبول من تداول السلطة حتى وإن تكن محاصصة طائفية، تشكل خطرا على الكيان السوري المتحول لدولة طائفية غير معلنة انتهى حكمها إلى طائفة واحدة.
دولة خارجة عن إجماع محيطها، في الثقافة وأنماط العيش، والحرية، تشكل خطرا على جارتها التي ظلت تطالب باستتباعها وإعادة الفرع للأصل. بدأ الفلسطينيون تشكيل دولتهم داخلها، فاحتلها السوريون وأعادوا هندستها طائفيا لتصبح دولة شيعية صديقة للدولة الطائفية العلوية التي انتهى تشكيلها.

الحرب الأهلية اللبنانية كانت منتجا خارجيا أنتجه الفلسطينيون والسوريون ثم التحقت بهم الدول العربية الأخرى وإيران التي أدخلها السوريون كدولة شقيقة. شكل لبنان بصيغته المستقرة قبل الحرب الأهلية اللبنانية تهديدا مضنيا للدولة الطائفية التي بدأ بتشكيلها حافظ الأسد وأخيه بجدية ومثابرة.
معظم السوريين بفطرتهم القومية السليمة وشيوعيتهم النضالية كانوا لا يعترفون بلبنان كدولة، النظام السياسي السوري في تعامله مع لبنان ودول الجوار هو نسخة عن السوريين وليس العكس.

عانى اللبنانيون عقودا من الاستعمار السوري الذي يطلقون عليه تلطفا عهد الوصاية، كان عهد الوصاية يحظى بإجماع الشعوب السورية، لا يستطيع السوريون أن يعتبروا لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، ذلك يسبب ألما حادا لضميرهم القومي العروبي والقومي السوري والشيوعي الأممي والإسلامي وحتى المسيحي.
خراب لبنان كدولة ونظام عيش قام به النظام السياسي السوري الذي هو انعكاس لتفكير جموع السوريين. ما من شك هناك أقلية سورية آمنت باستقلال لبنان بموجب حرية الانتماء بالتراضي، هؤلاء أقلية عند السوريين. السوريون كاصطلاح جغرافي بموجب حدود الكيان الذي شكله المستعمرون لا يؤمنون بلبنان كدولة لأن الذي أنشأها هو الاستعمار الفرنسي الذي لحسن الأقدار اللبنانية هو من أنشأ دولتهم السورية بالشراكة مع المستعمر البريطاني. لكن السوري ينسى أنه منتج استعماري حديث ويذكر فقط أن اللبناني كذلك.

إن مقايسة ما عاناه الشعب اللبناني منذ استقلاله من السوريين ونظامهم السياسي المنعكس عن فكرهم والممثل لهم يجعل ما يقوله اللبنانيون من عنصرية ضد السوريين اللاجئين مجرد نسمة هواء. بالرغم من ذلك وجد دائما بين اللبنانيين واعلامهم المستقل من يدافع عن السوريين عمالا ولاجئين ولم نشهد إجماعا لبنانيا عنصريا يوما ضد السوريين لكن كان هناك دائما شبه اجماع على عدم اعتبار لبنان دولة مستقلة من السوريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة