الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفة الوقتية لقانون الموازنة واثرها على المراكز القانونية

سالم روضان الموسوي

2023 / 6 / 12
دراسات وابحاث قانونية


ان قانون الموازنة العامة من اهم صفاته ان يكون مؤقتاً بمعنى ان نطاقه الزمني محدود ينتهي بانتهاء السنة المالية التي تعالجها الموازنة، كما يعتبر من التشريعات المالية، والمختصون في علم المالية يعرفون الموازنة العامة بأنها وثيقة قانونية تتضمن تقديرات لنفقات عامة يخمن صرفها وتقدير لإيرادات عامة يتوقع جبايتها في مدة زمنية، غالبا ما تكون سنة واحدة، غايتها تحقيق منفعة عامة، وتتكون من عنصرين الأول النفقات وهي المبالغ التي تخرج من الذمة المالية للدولة أو احد أشخاصها من اجل تحقيق المنفعة العامة، والعنصر الثاني الإيرادات وهي الأموال التي تحصل عليها الدولة أو احد أشخاصها المعنوية من مصادر متنوعة من اجل تغطية النفقات العامة وتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، وهذا ما استقر عليه فقه القانون، ويمثل قانون الموازنة الرقابة السابقة على نشاط الحكومة أكثر من ميله إلى التشريع، لان قانون الموازنة العامة لا ينظم علاقات متشابكة في الواقع وإنما المصادقة على الموارد التي تدخل ميزانية الدولة وأوجه الإنفاق خلال السنة المالية، ويرى بعض الكتاب إن اعتماد الموازنة بقانون يقره ويشرعه مجلس النواب كان بسبب سوء إدارة الحكام للموارد المالية للبلاد وصرفها على ملذاتهم الشخصية، مما دعا الشعوب إلى اليقظة وتصديها لانحرافات الحكام وإرغامهم على الحصول على الإجازة من السلطة التشريعية التي تمثل الشعب، وأصبح ذلك الأمر مبدأ دستوري بدأت أولى ملامحه في بريطانيا، لكن في العراق وجدنا ان قانون الموازنة تجاوز هذا المفهوم، واصبح الشعب يخشى من السلطة التشريعية، فضلاً عن خشيته من السلطة التنفيذية، وهذه لها أسباب واضحة من خلال تضمين قانون الموازنة نصوص قانونية تخلق مراكز قانونية جديدة وإنشاء كيانات ويمنحها شخصية معنوية، وفي أحيان أخرى يقوم بتعديل نصوص قانونية نافذة وأحكامها موضوعية تنظم علاقات قانونية ومصالح اجتماعية لا علاقة لها بالموازنة العامة، وفي مشروع قانون الموازنة لهذا العام لم يحيد مجلس النواب والحكومة عن منهجه في تضمين القانون نصوص لا علاقة لها بالموازنة، ومثال ذلك سعيه لمنح الكليات الأهلية حق فتح الدراسات العليا، وهذا لا علاقة له بالموازنة، او تشكيل لجنة إعمار لبعض المناطق في العراق ومنحها الشخصية المعنوية مثلما حصل في المادة (41) من قانون الموازنة العامة رقم 44 لسنة 2017، وهذا القانون قد انتهت نفاذيته بانتهاء عام 2017، لان قوانين الموازنة تتصف بالوقتية وليس الدوام وهذا ما استقر عليه فقه القانون، كما ان قانون الإدارة المالية الاتحادي رقم 6 لسنة 2019 قد عرف الموازنة بانها لمدة سنة واحدة وعلى وفق نص المادة (1/ثانيا) التي جاء فيها الاتي (الموازنة العامة الاتحادية : خطة مالية تعبر عما تعتزم الدولة القيام به من برامج ومشروعات ، تتضمن جداول تخطيطية لتخمين الإيرادات وتقدير النفقات بشقيها الجارية والاستثمارية لسنة مالية واحدة تعين في قانون الموازنة العامة الاتحادية) مثلما كان قد عرفها قانون أصول المحاسبات المالية رقم 28 لسنة 1940 عندما كان نافذاً وقت صدور قانون الموازنة لعام 2017 حيث جاء في المادة (2) الاتي (يراد بالتعابير الأتية المعاني المدونة ازائها :1- الميزانية – الجداول المتضمنة تخمين الواردات والمصروفات لسنة مالية واحدة تعين في قانون الميزانية .2- السنة المالية ¬ المدة التي ينفذ خلالها قانون الميزانية، وتبدا في 1/ كانون الثاني من كل سنة، وتنتهي في 31/ كانون الاول من السنة ذاتها .) وكذلك ما جاء في المادة (2/4) من الملحق (آ) من امر سلطة الائتلاف رقم 95 لسنة2004 التي جاء فيها الاتي (تخويل قانوني ممنوح للحكومة لانفاق المال العام خلال السنة المالية لاغراض محددة)، فضلاً عن ذلك فان القضاء الدستوري في العراق قد اعتبر قانون الموازنة لعام 2017 منتهي وغير نافذ وعلى وفق ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا بانتهاء عام 2017 وعلى وفق ما جاء في قرارها العدد 149/اتحادية/2018 في 12/2/2018 وجاء فيه الاتي (ان قانون الموازنة العامة لسنة 2017 رقم 44 لسنة 2017 منتهي وغير نافذ عند انتهاء السنة المالية لعام 2017 الرقابة الدستورية للمحكمة الاتحادية العليا تكون على القوانين النافذة وقت رفع الدعوى وتقديم الطعن على وفق أحكام المادة (93/أولاً) من الدستور) ومن ثم قضت برد الدعوى من هذه الجهة. وفي قرار اخر بالعدد156/اتحادية/2019 في 4/5/2021 حيث جاء فيه ان قانون الموازنة رقم (1) لسنة 2019 يصدر لسنة تقويمية معينة وينفذ خلالها وينتهي بانتهاء تلك السنة، وعند ذلك يفقد هذا الكيان الذي تشكل بموجب قانون الموازنة سنده القانوني لان القانون الذي أنشأه قد انتهى، مما يخلق إرباك عند التطبيق والتنفيذ، ويرتب أثار وخيمة اذا ما كانت تلك الكيانات الناشئة بموجب قانون الموازنة قد تعاقدت بمليارات الدنانير وتعيين موظفين وأجراء وأمور أخرى فيها انفاق للمال العام، لذلك لابد من تدارك هذا الخطأ التشريعي واقتصار قانون الموازنة على اصل وغاية تشريعه، والابتعاد عن تحشيته بنصوص لا تتفق وطبيعته ومن ثم تعتبر منتهية ولا يمكن معالجة أثارها، واذا ما وجد أعضاء السلطة التشريعية ان موضوع ما بحاجة إلى نص قانوني فعليهم اما تشريعه بشكل منفرد او تعديل القانون الأساس الذي يعالج الموضوع، وليس بتحشيته في قانون الموازنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة


.. مقتل عدنان البرش أحد أشهر أطباء غزة نتيجة التعذيب بسجون إسرا




.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟