الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرق المستمر للدستور اللبناني ... ورش الملح على الجرح

حسن احمد عبدالله

2023 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


حين وقع "اتفاق الطائف" واخر عام 1989 كان الامل ان يؤدي الى اعادة تفعيل المؤسسات اللبنانية، والخروج من الانقسام الى بناء نظام يستطيع العمل على تلبية حاجات اللبنانيين، واثناء مناقشات النواب في مدينة الطائف السعودية، وضعت هواجس كل المكونات على الطاولة، وصيغت وثيقة الاتفاق الوطني على هذا الاساس، التي اصبحت بعد اقل من شهر تعديلات دستورية، عرف ما بعدها لبنان بـ"الجمهورية الثانية".
هذه الجمهورية الى اليوم لم تولد بعد، لان جرى طوال 34 عاما خرق الدستور، وعدم العمل بمواده الاجرائية، فلا شكل "مجلس الشيوخ"، الذي مهمته وفق النص "مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي یستحدث مجلس للشیوخ تتمثل فیه جمیع العائلات الروحیة وتنحصر صلاحیاته في القضایا المصیریة"، فيما يكون مجلس النواب "وطني لا طائفي"، وكانت هذا الخرق الاول الذي تسبب فيما بشرعنة التمثيل الطائفي والمذهبي في البرلمان.
استتبعه بعد ذلك خروقات اكثر، منها تشكيل "هیئة وطنیة لإلغاء الطائفیة"، لكن هذه الهيئة لم تر النور الى اليوم، بل دخلت الطائفية والمذهبية في كل مفاصل الدولة.
ان عدم تشكيل مجلس الشيوخ و"الهيئة الوطينة"، شكلا دائما من مناسبة للخلاف، اضيفت اليهما صلاحيات رئيس الجمهورية التي اسقطت في "الطائف" وكذلك تفرد رئيس الحكومة في الحكم، باعتبار الصلاحيات الكبيرة التي منحت لـ"مجلس الوزراء مجتمعا"، وبفعل التكرار الذي يوجد اعرافا سياسية في الممارسة، اصبح الفراغ الرئاسي مناسبة لكي يكون رئيس الوزراء الحاكم بمفرده، لهذا ففي كل فراغ تصدر قرارات حكومية او تفرض، ولا يكون هناك اي مقومات شرعية لها، ولا يصار الى مراجعتها بعد عودة انتظام المؤسسات مرة جديدة.
الخرق الاخر، في النص الدستوري يعتبر مجلس النواب "هيئة ناخبة" الى حين الانتهاء من انتخاب رئيس للجمهورية، لكن هذا الامر لم ينفذ ايضا، فقد اجتمع مجلس النواب مرات عدة، في حال الفراغ، واقر قوانين، هي ليست شرعية دستوريا، لكن الاعراف اصبحت اقوى من النص، لان وفق النص فـ"المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة إنتخابية لا هيئة إشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أو أي عمل آخر".
لذلك حين لا يكون هناك اي التزام بالنص الدستوري المنظم للحياة السياسية والمؤسسات تسقط الدولة في الفوضى، فالحكومة الحالية، مثلا، هي وفق رأي الخبير الدستوري اللبناني المخضرم حسن الرفاعي "حكومة تصريف الأعمال هي عملياً حكومة ميتة تكلف تصريف أعمال محدودة وفقاً للدستور"، واستنادا الى ذلك عندما لا يكون هناك رأس للدولة، لا يمكن التعويض عنه ببديل صلاحياته محدودة،
ماذا يعني ذلك؟
ان الاستخفاف بالدستور، وتغول زعماء كل طائفة او مكون سياسي، او مؤسسة على اخرى يؤدي الى مزيد من انحلال الدولة، ويزداد بالتالي الانهيار الاقتصادي الذي يضغط على الناس، فيما وحدها الطبقة السياسية مستفيدة منه، ولهذا هي لا تعير اهمية كبيرة لعودة المؤسسات الى عملها.
من تمادى بارتكاب جريمة خرق الدستور باستمرار، لا يمكن الوثوق به، ولهذا، مثلا ، كتب الصحافي الشهير طلال سلمان عام 2015 " تنهار الدولة في لبنان أمام عيون رعاياها الممنوعين من أن يكونوا "مواطنين" فيها… وتمضي الطبقة السياسية، حاكمة ومعارضة (والكل شركاء) في تهديم الدولة بمؤسساتها".
هذا يعني ان الفراغ في لبنان اصبح عادة، لا يمكن الفكاك منه الا في حال واحدة وهي العودة الى الدستور وتطبيقه بالكامل، والمؤسف هذا مستمر منذ العام 1989، وحينها كتبت في مجلة "صباح الخير" ان "اتفاق الطائف هدنة طويلة، يمكن خلالها العمل على اعادة بناء الدولة المدنية"، ولان ليس هناك من يتمتع بحمية وطنية تؤهلها لتأدية دور بحجم بلد انهكته الاعيب السياسيين والجماعات والاحزاب، واستفادت من ذلك برش المزيد من الملح على جرح اللبنانيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية