الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلمر رايس والمسرح غير التجاري في أمريكا

أبو الحسن سلام

2023 / 6 / 13
الادب والفن


يقول إلمر رايس (1).
( إلمر رايس ، المسرح الحي ، تر؛ د. داود حلمي الي،يد ، القاهرة ، مكتبة النهضة العربية ، . 1964)

" علي الرغم من أن نيويورك تعتبر مركز الإنتاج الحقيقي الوحيد للمسرح الأمريكي ،. وأن كلا من الكاتب المسرحي والمخرج والممثل إنما يبني شهرته علي منصات مسارح برودواي ، فإن مسارح برودواي الثلاثين والمسرحيات التي تنتج هناك ،. ويتراوح عددها بين الستين والسبعين مسرحية ، إنما تمثل نسبة بسيطة من مجموع النشاط المسرحي في الولايات المتحدة . ولا تكتمل أي دراسة للمسرح الأمريكي دون أن تدرس الأشكال المختلفة لهذا النشاط الواسع الانتشار دراسة شاملة .
ينقسم المسرح إلي نوعين أساسيين : المسرح المحترف والمسرح غير التجاري ، وغالبا ما يدار النوع الأول إدارة تجارية علي عكس النوع الثاني . ولكن هناك حالات إستثنائية متعددة لهذه القاعدة العامة ، فضلا عن وجود تداخل كبير بين النوعين ،. فمثلا كثيرا ما تمول الفرق المختلفة بطريقة أو بأخري كما يحدث في كثير من الأحيان أن تستخدم فرق الهواة مخرجين محترفين ، بل وممثلين محترفين في أحيان أخري .
ويدخل في نطاق المسرح التجاري - إلي جانب مسارح بردواي 0 مسارح الطريق - أي الفرق المتجولة - أو ما بقي منها ،والمسارح الصيفية ، وعدد من المسارح المتناثرة التي تمتلكها الشركات المساهمة أو مسارح الأحياء في المدن الكبري ، فضلا عن المسارح التي تعرف باسم " او ، التي - كما يدل عليها إسمها - تكون خليطا من المسارح التي تقع من حيث الموقع الجغرافي والتشغيل خارج منطقة برودواي .مسارح خارج منطقو برودواي "
وقد انكمش نشاط " مسرح الطريق" بدرجة مخيفة في المدن التي تزورها الفرق المتجولة سواء أكان عرض المسرحية قبل أو بعد عرضها في نيويورك ،. - وقد وصف بالتفصيل في فصل سابق ما كانت تقوم به فرقة متجولة منذ أربعين سنة مضت - أما اليوم فلا يمكن تصور مثل هذه الجولة . وقد يحدث أن جيلا بأكمله لا يتمكن من مشاهدة مسرحية تقدمها غرقة محترفة . أما الجولات التي تقوم بها الفرق المختلفة في تجربة المسرحية خارج نيويورك فينحصر نشاطها في بضع مدن علي الساحل الشرقي : نصف أسبوع في كل من نيوهاتن ، وبرنستون ، وويلنجتون ،وأسبوع أو أسبوعين في بوسطن واشنطون والتينور وفيلادلفيا . أما جولة عرض المسرحيات بعد عرضها في نيويورك فهي آخذة في الانكماش أيضا بسبب الزيادة المطردة في جميع النفقات ، فضلا عن زيادة إقبال الناس الي الأجازات الشتوية . وقد شجع تطور الطيران الناس في جميع أنحاء الولايات الًمتحدة علي تمضية أجازاتهم الشتوية في نيويورك حيث يمكنهم الذهاب ألي المسرح .
ولا تعرض الفرق المتجولة الآن إلاً المسرحيات الناجحة جدا خارج نيويورك ، إذ قلما تستطيع مسرحية أن تغطي تكاليفها إذا كان عدد الممثلين فيها كبيرا ، وكانت تكاليف إنتاجها باهظة ، كما أن ارتفاع تكاليف إقامة الممثلين من طعام ومبيت في الفنادق جعلهم يترددون في العمل في فرقة متجولة ، إن لم ترتفع المرتبات التي ي يحصلون عليها إرتفاعا كبيرا.

ونجد أن عدد المدن الكبيرة التي يمكن للفرق أن تحقق فيها ربحا معقولا يتناقص اليوم بنسبة كبيرة . كما اختفي تقريبا ما كانت تقوم به الفرق المتجولة من زيارة لمدة ليلة واحدة لعرض المسرحية باستثناء المدن التي توجد بها مسارح سعتها كبيرة حيث يمكن تغطية التكاليف ، علما بأن الأ
داء غالبا ما يمون دون المستوي العادي . ولما كان هناك عدد قليل من المدن الكبيرة بين سانت لويس وسان فرنسيسكو أو لو إنجلوس ، فإن المنطقة الشاسعة الواقعة بين المسيسبي والمحيط الهادي قلما تزورها أية فرقة متجولة ، ويمكن أن يقال نفس الشئ تقريبا عن المنطقة الواقعة جنوب خط ماسون وديكسون ، ونيوإنجلند شمال بوسطن . وتتضح أهمية الفرق المتجولة إذا في أنها تستهدف الربح من تقديم عروضها لآخر مسرحيات برودواي الناجحة لسكان عشرين أو ثلاثين مدينة كبيرة . ولما كانت هذه الجولات تحقق أرباحا إضافية للمسرحية فإنها تساهم في زيادة نجاح المسرحية المادي .
لقد زاد عدد المسارح التجارية الصيفية ، كما أنها اكتسبت شعبية كبيرة ويقع معظمها في المناطق الريفية ناصةرفي الولايات الشمالية الشرقية ، وتقدم عروضها لأهل اًلمدن ممن يقضون أحازاتهم في الردف ، وموسم هذه المسارح قصير لا يزيد عادة علي ثمانية أو عشرة أسابيع ؛. ولا تنتج عادة إلاً الكوميديات الخفيفة التي يقوم بأدائها عدد بسيط من الممثلين ولا تحتاج إلا إلي مناظر بسيطة .
وتستخدم لأداء كل مسرحية مجموعة مختلفة من الممثلين ولكن غالبا ما ينضم إلي الفرق المقيمة نجم مسرحي محترف . كان هنك منذ وقت قريب عدد متزايد من الفرق المتجولة التي يرأسها نجم وتقدم مسرحية واحدة في سلسلة من المسارح . وعندما كان يطبق هذا النظام ، كان من البدهي أن تصبح المسارح مجرد متنفس تعمل الفرق الًمتحولة علي حجزها لتقدم فيها مسرحياتها . ربما لم يكن من بين المسارح الصيفية التي قد يزيد عددها الي المائة بقليل إلاً إثنا عشر أو خمسة عشر مسرحا يديرها فنيون وتستخدم ممثلين ومخرجين مجددين ، وتمتاز بمستوي رفيع بين المسارح التي تستهدف الربح. ومن الأمثلة البارزة مسرح وستبورت بلاي هاوس في كونتيكت ، ومسرح كيبب بلاي هاوس ماساشوستس ، ومسرح اليتش جاردنر في دنفر ومسرح باكمس كاونتي بلاي هاوس في بنسلفينيا . أما معظم المسارح الأخري فإن ما تقدمه من عروض لا يتميز بالمستوي الرفيع أو بالأداء الجيد . ويعمل قصر الموسم وضآلة حصيلة شباك التذاكر الأسبوعية الي الإقلال من التكاليف بقدر الإمكان . وعلاوة علي ذلك لا يسمح تغيير البرنامج أسبوعيا بإعطاء الوقت الكافي للبروفات ، كما يدل الي ذلك بوضوح نوع الأداء في المسرحيات المقدمة ، إلاً أنً الناس في غترة قضاء أجازاتهم يميلون إلي التسامح ، ويتقبلون بروح متسامحة ما يشاهدونه في مخزن علف موًل إلي مسرح ، الأمر الذي لا يجبرونه بحال في مسرح من مسارح برودواي . ويغلب الي بعض هذه المسارح روح المقامرة فتتكفل بإنتاج مسرحيات جديدة قد ترقي إحداها إلي مستوي يمكنها معه أن تكون صالحة للعرض في أحد مسارح نيويورك ، مثلا مسرحية " الحياة مع أبي" ، ومسرحية " السرير ذو الأعمدة الأربعة" . وتعمل بعض المسارح علي زيادة دخلها باستخدام ممثلين ناشئين أو " فدق مدرسية". مشكوك في قدرتها . وعلي أية حال تقدم المسارح الصيفية خدمات جليلة حينما تهي الفرصة أمام الناشئين ممن يتطلعون إلي العمل في المسرح لكي يقفوا علي النظم المسرحية ويتدربوا الي المهارات اللازمة للإنتاج المسرحي المباني ، طلاء وبناء المناظر،. عمل الملابس، الإضاءة، الماكياج.. إلي آخره . كما تمكن هذه المسارح الممثلين الناشئين من الظهور أمام النظًارة في أدوار مختلفة ، وهو نوع من التجربة التي لا يمكن الحصول عليها بسهولة في المسرح الأمريكي .
وليس هناك ما يدعو إلي الإفاضة في الحديث عن شركات المسارح الشتوية المساهمة المتناثرة والمسارح التجارية في أحياء المدن الكبري . كما أن المسارح الأولي تتبع النمط المعتاد في تقديم مسرحيات اكتسبت شعبية في برودواي أو ميسرحيات كلاسيكية من المسرح العالمي . وأحيانا أخري تحذو حذو المسارح الصيفية الناجحة ، وتهيئ الفرص أمام الكتًاب المسرحيين الناشئين بأن تنتج مؤلفاتهم .
وهناك عدد من مسارح المجموعات السكانية ،. مثل مسرح كليفلاند بلاي هاوس ومسرح باسادينا كومبونيتي بلاي هاوس ، التي يزخر سجلها بجليل الأعمال ، إلاً أن أثرها يكاد يكون محدودا في نطاق المنطقة التي تقع فيها ، " ويستدرك رايس - " إذ أنني لا أعرف مسرحا واحدا من بينها يعتمد ماليا علي نفسه ، فجميع هذه المسارح تتلقي المعونات المادية بطريقة أو بأخري ، إما أن يقوم بتمويلها ممولون أثرياء أو تستخدم فرقا مدرسية أو تعتمد علي قبول من يعملون فيها بمرتبات ضئيلة . وتعتبر هذه المسارح أحيانا مدارس عظيمة لتدريب الناشئين ، وامدًت برودواي بعدد عظيم من الممثلين أو الفنيين من الطراز الأول، إلاً أن الحقيقة الدالة علي مجئ هذه الفئة من الأفراد الموهوبين إلي نيويورك طائعين سعيا وراء كسب مادي أكثر وجمهور أكبر لتدل الي أن مسارح الأحياء في المدن الكبري ليس لها جذور حضارية عميقة أو مكانة مهنية محترمة.
والحركة المسرحية خارج برودواي مليئة بالحياة وتبشر بمستقبل باهر ، وكما سبق أن رأينا ، فقد ظهر خلال الأربعين أو الخمسين السنة الماضية بضعة مسارح خارج برودواي كمسرح بروفنستون بلايز ، ومسرح واشنطن سكوير بلايزر ، ومسرح سيفيك ريبرتوري، وغيرها ، ممن أسهمت بنصيب وافر في المسرح الأمريكي ، ولكنها زادت في السنوات الماضية عددا ومجالا حتي إنه ليحتمل أن تمون المسارح التي تعمل خارج برودواي أكثر عددا من المسارح التي تعمل فيها ، وهذه المسارح مجتمعة تمثل ملحقا مهما لبرودواي ومن الصعب أن تذكر تلك الفرق المسرحية كل علي حدة لأنها تجئ وتذهب ، وبتي الآن لم تستقر إحداها في مكان واحد. إن قائمة المسرحيات التي أدتها هذه الفرق كبيرة جدا ، إذ أنها تشمل مسرحيات من أعمال شكسبير ، وجونسون ، و إبسن ، وتشيكوف ، وأوائل ، وأزوكاسي ، ووليامز ، وميلر ، بالإضافة إلي مسرحيات للكتاب المسرحيين الذين يكتبون للخاصة مثل سارتر ، و جويس ، و بيراندللو ، و بيكيت ، ويونيسكو .
ولقد تميزت مسرحيات كثيرة بالإخراج الدقيق والأداء الرفيع والمستحدثات الفنية المثيرة . وبينما نجد أن مزايا المسارح خارج برودواي لا يرقي إليها شك ، إلا أنه ليس من اليسير أن نقول إنها بزت مسارح برودواي والمسارح التي تقع خارجها في نفس المستوي . فالإنتصار هنا يقابله إنتصار هناك ، كما أن الفشل هنا يقابله الفشل هناك ، ومن الناحية الفنية تتفوق مسارح برودواي الي المسارح الأخري دون أدني شك . وبالرغم من ان مسارح برودواي قديمة وليست معًدة الإعداد الكافي ، إلاً أنها توفر كل ما يتطلبه الإنتاج ، ووسائل الراحة التي يتوقعها النظارة والتي لا يجيدونها في المسارح التي تقام في الأدوار السفلي أو أسطح المنازل أو قاعات الاحتفالات في الفنادق والكنائس ؛ إلاً أنه يزداد عذابا مضاعفا مما تسببه له محاولة تنفيذ تمثيل نص مسرحي لايصلح للمسرح مطلقا.
وتشبه المسارح خارج برودواي ، مسارح الإحياء في المدن في أنها لا تعتمد ماديا علي نفسها ، وتعتمد أحيانا في بقائها علي كرم بعض الأثرياء ولكنها مضطرة لأن تعتمد أساسا علي التبرعات غير المباشرة ، وهي تتمثل في الإيجارات المخفضة التي يمنحها إيًاها أصحاب الأملاك عندما تستأجر منهم إدارة المسرح عقارات لا يقبل الي استئجارها أحد ، وتغاضي النقابات المسرحية عن بعض مطالب أعضائها في عدم التمسك بالحد الأدني للأجور مثلا ، وتنازل الكتاب المسرحيين عن بعض أنصبتهم في الأرباح ، واستعداد ممثلين كبار أن يتقاضوا أجورا رمزية لمدة محدودة يقومون خلالها بأداء أدوار محببة إليهم . وبديهي أن كل هذه الامتيازات تقدم تقريبا علي أساس أن المشروع لا يستهدف الربح ، وتضيع هذه الامتيازات إذا استهدف المشروع الربح ، وترتفع تكاليف المشروع ، وفي الحقيقة نجد أن التكاليف آخذة في الارتفاع الي أية حال ، ويجب الي المنتج الذي ينتح للمسارح خارج برودواي أن يقدًر تكاليف إنتاجه بآلاف الدولارات بدلا من مئات الدولارات التي كانت تكفيه لتغطية تكاليف الإنتاج حتي عهد قريب . ويتطلب ذلك زيادة في أسعار التذاكر ، وبذا قل الفرق الشاسع بين أسعار التذاكر في برودواي وخارجها ، وبالاختصار لا يستطيع المنتج خارج برودواي أن يتجاهل وطأة الحقائق الاقتصادية ويفكر بالدولار والسنت إذا أراد لمسرحيته البقاء ، وتقول لوجه الحق، إن عددا كبيرا من منتجي برودواي لديهم مسرحيات محببة إليهم ، يودون لو استطاعوا أن يقدموها الي أساس لا يستهدف الربح ، إذا استطاعوا أن يستأجروا مسرحا في مقابل أجر يغطي تكاليف إدارته ويخفًضوا الأنصبة إلي النصف ، ويتخلصوا من المرتبات الرائدة التي يدفعونها لتموين لا داعي لوجودهم ويجدون النجوم الذين يعملون في مقابل ما يكفي لشراء مايلزمه من التبغ . وفي نفس الوقت فإنهم كبقية من يعملون في المسرح ممن يجلًون الفن المسرحي يظهرون إعجابهم بأعمال غيرهم من منتجي المسارح خارج برودواي كأشياء تستحق الإعجاب في حد ذاتها ، فضلا عن أنها أشياء مهمة يسهمون بها في تثقيف النظارة ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال