الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موازنة ما يطلبهُ المُستمِعونَ العامّة الاتّحاديّة (2)

عماد عبد اللطيف سالم

2023 / 6 / 13
الادارة و الاقتصاد


في يوم الأثنين 12 حزيران 2023، أقرّ مجلس النواب العراقي قانون الموازنة العامة الاتّحادية للسنوات الثلاث 2023 و 2024 و2025، بإجمالي نفقات قُدّرت للسنة المالية 2023 وحدها بـ 198 ترليون و 910 مليار دينار (ما يعادل 153 مليار دولار، بسعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار).. وبإجمالي إيرادات قُدّرت بـ 134 ترليون و 5 مليار دينار(ما يعادل 103.4 مليار دولار، بسعر تقديري لصادرات النفط الخام قدرهُ 70 دولار للبرميل).
هذه الموازنة (استناداً للطريقة التي مُرّرت بها في مجلس النوّاب)، يُمكِن لنا أن نُطلِق عليها موازنة "ما يطلبهُ المُستمِعون" العامة الإتّحادية.
لقد كان واضحاً من خلال سير المناقشات، و"التفاهمات" بين قادة الكتل السياسية (وليس بين المختصّين بفن وعلم الموازنات والمالية العامة، والمُدركين لترابطها الوثيق والمتكامل مع أهداف وتوجهات السياسة الاقتصادية العامة للبلد، وبتداعياتها المختلفة في الأجلين القصير والطويل معاً)، أنّهُ اذا لم تتمّ تلبية طلبات "مُستمِع" معيّن (من خلال توزيع "فائض" الريع النفطي كحُصص و"تبويبات" وتخصيصات)، فإنّهُ سيُغلِق راديو"التوافق" وقنوات"التخادُم" في وجه "الآخرين"، أو سيعمل على مناكفتهم، ويبقى يُغنّي أو يُولوِّل خارج الموازنة.. وكُلٍّ حسب "مقامه" و"وزنه" المناطقي، ولكلٍّ حسب ثقلهِ السياسي و"البنادقي".. ولكلِّ منطقةٍ أغانيها وبنادقها، حيثُ لا تتشابهُ لا الأغاني ولا الدبكات ولا الأهازيج ولا البنادق، في بلادِ الهرَجِ والمَرَجِ هذه.
تصفّحوا التفاصيل التي تضمنّها قانون هذه "الموازنة العامة للدولة" بعينِ العراقيّ "الفصيحة"، و"المفتحَة باللِبَن"، وستجدونَ وراء كلّ بندِ من بنودها، وكلّ فقرةٍ من فقراتتها، وكلّ مادةٍ من موادها.. أُغنية.
وفي المُحصِّلة النهائية، وبالضرورة السياسيّة "التوافقيّة – المُكوِّناتيّة"، سيتم تقاسم الفائض الإقتصادي"الفعلي" و"المُحتمَل" في هذا العراق المسكين، كما تمَ تقاسمهُ طيلة عشرين عاماً، من خلال هذا النمط المتخلِّف والبائس للموازنة العامة للدولة، الذي لم يتغيّر إلاّ تغيرات طفيفة منذ عام 1921، ولغاية عام 2023.
تصفّح أيها العراقيُّ.. وأقرأ.. وبمجرد قيامك بقراءة أيّة مادة، أو فقرة من فقرات مشروع الموازنة العامة للدولة، ستعرِفُ بكلّ سهولةٍ و وضوح، من قامَ بطلب هذه "الأغنية"، ومن قامَ بطلبِ تلك.. وستعرِفُ أيضاً، ودون عناءٍ كبير، بأن "قادة الكتل السياسية" هم من قام بتمرير بنود وتخصيصات، وتوزيع "حُصص" هذه الموازنة التي تُعد الأضخم في التاريخ الاقتصادي والمالي للعراق.. وأنهم كانوا يفعلون ذلك وكأنّهم في سباق مع الزمن لتقاسُم أكبر فائض "ريعي" تم تحقيقه في العقود الستة الأخيرة، في محاولةٍ محمومة لـ "قضم" جزءٍ كبير منه خلال الأشهر الستة الأخيرة من هذه السنة.
هي في نهاية المطاف ليست أكثر من موازنة ما يطلبه "المُستمِعون" لأنفسهم، ولا شيء آخر.
لا برامج ولا أداء، ولا "تنويع" لمصادر تكوين الناتج، ولا "تراكم" لرأس المال الثابت، ولا جدوى اقتصادية للإنفاق، ولا انضباط للمالية العامة، ولا "أرزاق" مُستدامة للناس، ولا "طريق حرير"، ولا "طريق تنمية".. ولا نموّ حتّى.
هذه الموازنة (كسابقاتها)، هي مجرّد انفاق "مُقدّس" للريع النفطي "الفائض"، لا يحقُّ لأحدٍ (غير مُقدّس) انتقاد الطريقة التي سيتمّ بها ذلك الإنفاق، أو الاعتراض عليها، لأنّ ذلك سيمسُّ (أو يُلحِقُ الضرر) بجوهر النظام السياسي القائم، ومحتواه، وأسباب وجوده.. وهو "نظام" سياسي-تخادُمي- زبائني"مُقدّس" بدوره، تتزعمّهُ مجموعة "مُقدّسة" من ملوك الطوائف والمناطق والمكونّات والمصالح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا