الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دين الله لا تنصره سجود نجوم كرة قدم حتى لو كان رولدو أو ميسي!

حميد طولست

2023 / 6 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


التقييم الصحيح لأي حدث أو ظاهرة أو موقف ، سياسيا كان أو اجتماعيا أو دينيا ، لابد أن يكون بتجرد و حيادية و بموضوعية ، لا تحركه المشاعر والعواطف والأهواء الشخصية ، ولا تتحكم فيه الأفكار المسبقة والمبيتة ، حتى لا تجيء معظم الأحكام خاطئة متقلبة تقلب القلب والعاطفة ، كما هو حال الكثير من الأحداث والظواهر والمواقف المتعلقة بالدين ، التي حُكِّمَ فيها القلب أكثر من العقل ، و أَصْدِرَت فيها وعليها الأحكام المبنية على مدى حب أو كره فاعلها ، والتي غالبا ما يُهمل صلب موضوعها و جوهر كينونتها ، كما هو الحال مع الأحداث والقضايا التي اعتبرتها الكثير من منصات التواصل الاجتماعي ومواقع البحث ومحركاته ، نصرا مبينا للإسلام ، وعزة ورفعة للمسلمين، والتي منها على سبيل المثال فقط: حدث ما اشتهر بـ "قطة الإمام" التي تسابقت جحافل "الفيس بوك" على التهليل والتغني بملاطفة الإمام الجزائري وليد مهساس، للقطة التي وقفت على كتفه أثناء إمامته المصلين لصلاة التّراويح ، وكخبر وصول عدد المسلمين لملياري مسلم ، الذي تنافست كتائب "الفسابكة" المتأسلمين ، على الاحتفال به ، وكقضية القس الكاهن الأمريكي "هيلاريون هيجي" ، الذي تصدر الاحتفاء بإعلان إسلامه ، كل العوالم العربية والإسلامية ، وغيرها من الأحداث الغريب التي اختصر الإسلامويون فيها عزة الإسلام ، وأوجزوا رفعته في حدوثها ، صد تعاليمه وقيمه السامية وشريعته الغراء، والمتمثل في سجدة البرتغالي رونالدو على أرضية الملعب احتفالا بتسجيله هدفا لفريقه "النصر" السعودي في مرمى غريمه "الشباب" ، التي فاق ما عرفته كلٌ من قصة الإمام والقطة ، ومسألة بلوغ المسلمين لمليارين ، وقضية إعلان القس الأمريكي لإسلامه مجتمعة ، من تفاعلات ومشاركات المسلمين وتباريهم بالملايين على التكبير لها و لاحتفاله بها، الذي لا يعيبه في شيء ، بقدر ما يعيب أولئك الجهلة الذين لا يعرفون أن السجود ليس حكرا على دين دون آخر، وأن المسيحيين يسجدون هم أيضا شكرا لله سبحانه ، وإن الدين الإسلامي الحنيف لا ينتظر من ينصره أو يعزه ، حتى لو كانت سجود نجم كبير ، و الكثير غيره من النجوم -غير المسلمين- الذين سجدوا قبله في ملاعب كرة القدم ، كليونيل ميسي نجم باريس سان جيرمان الفرنسي ، وكوستا بارباروسيس النيوزلندي ، وجون جميل "مانجا" لاعب فريق النصر ، وإيرلينج هالاند لاعب مانشستر سيتي ، وتيري هنري نجم منتخب فرنسا وأرسنال ، والذين لا يزيد سجودهم لدين الله الحق قيمة أو عزة ، أنه لا يحتاج إلى من ينصره ، بل بالعكس هو الذي يرفع من مكانة من يشاء من عباده ، مصداقا لقوله تعالى: "إِنْ يَنْصُرْكُمُ الله فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" آل عمران:160.
الحقيقة المنطقية التي أوجزها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله البين والوا ضح :"كنا أذل أمة فأعزنا الله بالإسلام ، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله" ، الذي أرخ به لأثر الإسلام على العرب أفرادا ومجتمعات ، الذين وجدهم وهم أضعف أمم الأرض وأكثرها جهلا وتخلفاً ، فوحد اختلافاتهم السياسية وتنافراتهم الثقافية وتناقضاتهم الإثنية ، وجمع شتاتاتهم العرقية ، ورتق تمزقاتهم الاجتماعية ، وجعل منهم قادة الدنيا وسادتها ، قبل أن يتخلفوا عن الركب ويتخلفوا عن التحضر ، ويسقطوا في غياهيب التخلف ،الذي لا يعني بالضرورة تدني المستوى الاقتصادي فقط ، بل يعني الجدب الاجتماعي والسياسي وحضاري والأخلاقي ، والتردي العلمي والتقني، والجمود والبطء في حركة الاجتهاد إزاء قضايا الدين ومستحدثات الدنيا ، الأمر الذي عجل بظهور الكثير من النواقص المذمومة في مجتمعهم ،كالظلم ونقض العهود والخيانة والتزوير والاختلاس وتبديد أموال الشعوب والتناحر من أجل السلطة والاغتناء غير المشروع ، وغيرها من مظاهر التخلف التي لا يمكن كسر قيودها إلا باستنفار المشاريع النهضوية التي تحي حركة المعرفة والعلم ، والانخراط في الثورات العلمية وتوظيفها في الارتقاء بمستوى التعليم، والقضاء على الأمية، وتحرير العقل البشري من التحجر والتبعية الفكرية ، وإعادة تشكيل منظومة التحليل والتفسير في الأذهان المتزمّتة ، وإيساع المساحة الرمادية في تقبّلها للأحداث والقرارات بالتجرد والحيادية التي تحرسها المعايير الأخلاقية.

[email protected]حميدطولست
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟