الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتدادات الحرب في اوكرانية على الوضع في الساحة الدولية ( 1 )

آدم الحسن

2023 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر الحرب في أوكرانيا اهم و أخطر حدث منذ إسقاط جدار برلين و انتهاء الحرب الباردة الأولى بانهيار حلف وارشو و تفكك الاتحاد السوفيتي السابق و صعود امريكا كقطب أوحد مهيمن على العالم .
الحرب في اوكرانيا بين الاتحاد الروسي و قوات حكومة اوكرانيا التي صارت تقاتل نيابة عن حلف الناتو هي الحد الفاصل بين مرحلتين , مرحلة عالم تحت هيمنة القطب الأمريكي الأوحد و مرحلة عالم جديدة يمتاز بالتعددية القطبية .
سيكون يوم الإعلان الرسمي لفشل المخطط الأمريكي الذي اعدته إدارة الرئيس الأمريكي بايدن لهزيمة روسيا في الساحة الأوكرانية هو اليوم الفعلي لانتهاء مرحلة عالم القطب الأمريكي الأوحد لذلك نرى إصرار أمريكا و خلفها بريطانيا و سعيهما لإطالة امد هذه الحرب عسى و أن تظهر مستجدات تغير من سير المعارك في اوكرانيا لصالح حلف الناتو و يأملون من الهجوم الأوكراني المضاد الذي اعدوا له كثيرا و جندوا كل امكانياتهم الاستخباراتية و قدرات اقمارهم الصناعية للرصد و المراقبة و توجيه العمليات و تحديد الأهداف في ساحة المعركة من اجل الحاق هزيمة حتى لو كانت هزيمة جزئية بالقوات الروسية .
للحرب في اوكرانيا ارتدادات على الوضع في الساحة الدولية شملت نواحي و مسارات مختلفة اهمها :
اولا : سيشهد العالم مرحلة حرب باردة جديدة تختلف عن الحرب الباردة الأولى لأنها ستكون حرب باردة متعددة الأطراف , الأمريكي البريطاني , الصيني الروسي , الفرنسي , و اطراف أخرى أقل تأثيرا , هذا السباق للتسلح قد بدأ فعلا و كل المؤشرات تؤكد انه سيكون اسرع و أقسى و أخطر من سباق التسلح خلال الحرب الباردة الأولى .
الرعب النووي المتبادل بين المحور الصيني الروسي و المحور الأمريكي البريطاني سيجبرهم جميعا على الجلوس حول طاولة حوار جاد لوقف التصعيد و الاتفاق على اسس جديدة لوقف سباق التسلح , لكن هذا لن يتم إلا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا دون هزيمة روسيا و توفير ضمانات معقولة لأوكرانيا دون انضمامها لحلف الناتو .
ثانيا : في كل الحالات سينتهي النزاع المسلح في الساحة الأوكرانية عندها سيتلاشى غبار المعارك و ستظهر الحقيقة المؤلمة للدمار الذي لحق بأوكرانيا و سيعترف الجميع بأن الخاسر الوحيد هو الشعب الأوكراني .
ثالثا : الحرب بين الاتحاد الروسي و الناتو على الأرض الأوكرانية أوجدت أزمات اقتصادية حادة أعطت لعناصر تفكك الاتحاد الأوربي قوة , لكن عناصر تماسك الاتحاد الأوربي لازالت صامدة و من المؤكد أن الاتحاد الأوربي سيخرج من هذه الأزمات اكثر تماسكا و موحدا بعيدا عن الإملاءات الأمريكية و سيتنامى الدور الفرنسي القيادي لأوربا و الداعي الى اوربا موحدة و مستقلة في خياراتها .
رابعا : لقد افشل الاستقرار الذي يتمتع به الوضع الداخلي الروسي و خصوصا الاستقرار الاقتصادي و ارتفاع قيمة الروبل الروسي كل المشاريع الأمريكية في إحداث أزمات داخلية للاتحاد الروسي لحرمانه من القدرة على ألمواجهة و جعل نتيجة هذه الحرب لصالح حلف الناتو لكن الذي حدث هو العكس و بقى الاقتصاد الروسي متماسكا و يسير باتجاه جديد يجعله اكثر قوة , اقتصاد منتج غير ريعي و غير مرتبط بالألية الغربية للتعاملات التجارية و هذا الاتجاه الجديد سيخلص الاقتصاد الروسي من كل القيود الغربية التي فرضتها تبعيته للاقتصاد الغربي في الفترة السابقة , لذا يمكن القول أن الاقتصاد الروسي بدأ عملية تصحيح واسعة النطاق و سيغير كل شركائه التجاريين و سيكون جزء من نظام نقدي خارج الهيمنة الغربية بشكل عام و خارج الهيمنة الأمريكية بشكل خاص , أما الدول الأوربية فقد أصبحت هي من تبحث عن حلول لمشاكلها الاقتصادية التي سببتها العقوبات الغربية على روسيا .
خامسا : استخدم الغرب كثيرا موضوع حق الشعوب في تقرير مصيرها في تحقيق مكاسب سياسية و أمنية و اقتصادية و اهم مثل على ذلك هو تقسيم يوغسلافيا بقوة نيران حلف الناتو .
عندما يصب مبدأ حق تقرير المصير في مصلحة الغرب عموما و امريكا خصوصا فأن الغرب يستخدم قوته العسكرية و الإعلامية و بضغوطه الاقتصادية و السياسية للدفع نحو التقسيم و ضد هذا المبدأ اذا وجده يتعارض مع مصالحه كما حصل للسكان الأصليين لجزيرة القرم و اقليم الدونباس الذين اختاروا الانفصال عن أوكرانيا و العودة مع أرضهم الى وطنهم الأم روسيا .
الغرب مع انفصال كوسوفو لأنه وجد انفصالها يخدم مصالحه و ضد انفصال إقليم الدونباس عن أوكرانيا لنفس السبب , فمبادئ الغرب هي مصالحه وفق نهج الغاية تبرر الوسيلة ...!
سادسا : يصور الإعلام الغربي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا و كأنها غزو لأوكرانيا في حين أنها عملية عسكرية محدودة الأهداف و من أهدافها اعطاء السكان الأصليين لمناطق شرق أوكرانيا و هم من القومية الروسية حقهم في تقرير مصيرهم , فإما عودتهم الى وطنهم الأم روسيا أو البقاء ضمن أوكرانيا , و قد اختاروا العودة لروسيا .
سابعا : هددت امريكا دول منظمة أوبك بلس لخفضها إنتاجها من النفط للحفاظ على مستوى عادل للأسعار حيث اعتبرت امريكا و معها دول غربية هذا الأجراء عملا عدائيا ضدها , لقد مارست امريكا الضغط بشكل خاص على السعودية و الإمارات إلا أنها فشلت في التأثير على قرارهما , هدا دليل آخر على أن أمريكا اخذت تفقد هيمنتها على المنظومة الاقتصادية في العالم و ستجد نفسها مجبرة على التوقف عن تهديد دول اوبك باستخدام قانون نوبك " لا لأوبك " لأن نتائج تطبيق هذا القانون ستنقلب ضدها .
من أهم نتائج قرار أوبك بلس بخفض سقف الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل في اليوم هو جعل استبعاد النفط الروسي من السوق العالمية امرا غير ممكن و هذا اضاف عاملا جديدا لإفشال العقوبات الغربية على روسيا .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية