الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية أنت طالق

سليم النجار

2023 / 6 / 14
الادب والفن


رواية أنتَ طالق
هبة فراش
”جرس الخوف “
بقلم سليم النجار

كيف أنسى أنّ جرْس الكلمة هو مهمازُها؟ لكل كلمةٍ جَرْس . وما أزال اشدّ حرصاً وأكثر هَوَساً من فلوبير ؛ ذاع عنه ذهابُه إلى الحقول ؛ ليسمع ما كتب مرنمّاً ؛ فإما يرضى عنه أولا. أُرسل كل كلمة مرّاتٍ ذهاباً وإياباً ؛ إلى أن اسمع جَرْسها استقرّ في أُذُنيَ ؛ فالتي إستَقّرت جعلتني ابحث عن قلمي لعلِ اجد ما اكتبه عن هذا الجرس الذي بدأ يطرق على مسامعي ؛ هذا حالِ مع رواية ” أنتَ طالق ” للكاتبة هبة فراش .
السؤال الأول الذي هاجمني اين توجد كلماتها ؟ ؛: ( انت فعلت بي كل هذا وأكثر … هل تعلم ؟؟ ص٢٥ ). بالطبع مسكنُها في القواميس . لغات البشرية جميعها ؛ قديمُها وحديثُها في القواميس ؛ : ( في اليوم التالي جاءت سحاب واخذتني إلى الطبيب بنفسها وهي تصرخ في وجه خالتها : ” تموت الفتاة بين أيديكم ولا تبالون ” ؟! ص٥٣) .
إحساس هبة فراش التي عبرت من خلال بطلتها حور وحاجتها ؛ حور للتعبير عن المشاعر والكائنات والأشياء ؛ عن ما يصطرع في الوجود ؛ الظاهرُ والخفيُّ والصامتُ المباحُ والممنوعُ ؛ المتاحُ والأشباحُ ؛ والرُّؤى والأحلامُ ؛ كلُّ شييء تقربياً منها . بل لا شيء يكاد يوجد إلا بالكلمات ؛ أعني دائماً كلماتِ الكاتبة ؛ : ( لكن لكل شيء نهاية …
رفعت كوكبك الداري عن كتفي ؛ وحط مكانه الشيطان ؛ سلَّمت لسانك للقدر وبدأت تتكلمين بما أحضرتني لأجله ص٨٥ ) .
الرواية موغلة في التفاصيل ؛ وقد اختارت هبة فراش مقاربة الجسد ثقافياً نظرا لكون الثقافة هي الإطار التجميعي لمختلف المقاربات نفسيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ؛ ونظراً لتعدد محتويات الجسد وتنوع إحالاته اختارت الكاتبة الفعالية الذكورية لطغيانها على النص كأقوى الفعاليات فيه ؛ : ( لم يرد عليَّ ؛ لكنني شعرت بأنني أثقلت عينيه بالدموع وغادر المكان ؛ ليته لم يغادر المكان ؛ ليته لم يغادر ؛ انت لا تعلم ما الذي أطيح بي تلك الليلة ؛ حتى أنني اكتب لك الآن عنها وارتجف ؛ أخاف تذكرها ؛ أخاف قول ما حدث ؛ لا اتمناه لعدوّ يا رابح … لا اتمناه لعدّو ص١٠٥ ) . وبما ان الإنسان نتاج تاريخي رأت الكاتبة ان مقاربة الجنس الذكوري بالثقافة كما كان سائداً في المجتمعات التأسيسية أي المجتمعات القديمة التي حصلت فيها نقلة على مستوى الخطاب الثقافي . مكنت من بناء رؤية متكاملة حول الجسد ومقولتي الأنوثة والذكورة ؛ : ( كنت ألتقي بضرار كل يومين او ثلاثة أيام ؛ حذرته من كثرة القدوم لأنني أخشى على نفسي وعليه من عينٍ متلصصة يوماً ما تنقل الخبر ملوثاً بفكرها ص٢٠٨ ) . هذه العلاقات المتوترة منذ قدم التاريخ وخاصة المجتمعات البدائية مثل المجتمع السومري ومجتمع التوحيد الآرامي بمختلف مسالكه وبحث في أخطر الأسئلة وأدقها :
ما العلاقة الممنكة بين الثقافة والجنس ؟ وهل الجنس هو من يحدد الثفافة ام انه خاضع للشروط الثقافية واملاءتها التاريخية ومتغيرتها ؟ ؛ : ( – لا تنسي أنها كانت حاملاً واجهضت ؛ إذن أبني بخير .
– في التأخير مشكلة ؛ حملها جاء متأخراً بعد أن أكدت ثلاثة طبيبات بأنه لا وجود لسبب حقيقي يمنع حملها ص ٢٥٥ ) .
وتستمر الكاتبة أسلئتها ضمن هذا المنظور الجسدي التي يمتلأ في طيات نصها ؛ ما هي حدود الجنس في الجسد ؟ وكيف نفهم علاقة الأنا في السياق الجنسي ؟ هل الجنس ثابت كما هو عند الحيوان ام متطور بفعل الرغبة ؟ وكيف تمكنت الإنسانية من قطع المسافة بين عضة الإنسان وقبلة الشفاة ؟ وكيف تحول الجنس من مطلب بيولوجي بسيط كالطعام إلى مجال هائل تلتقي حوله التحليلات والاستيهامات عبر التاريخ البشري ؟ ؛ : ( نعم … ” أجل ” تلك هي ذاتها التي أقرؤها الآن مكتوبة على المرأة ؛ الفتاة ذاتها ؛ الاختيار الصارم ذاته ؛ الثقة الأكيدة ؛ الحلم وانتظار مُثقَلٌ بالأمل نحو الغد ؛ الفتاة التي تشد الازر ؛ تميل للمسيرة نحو الحياة ص٣٠١ ) .
واللافت في رواية ” انتَ طالق ” ؛ الزمن ؛ فهذا الزمن يُعد اختباراً دائماً للنص ؛ ومحكَّاً لمصداقية الخطاب الروائي ووزنه لدى المتلقي ؛ فالكاتبة كان زمن صياغة نصها ليلاً وإبتداءً من ساعات الفجر الذي رسم النص خيوطه على الشكل الآتي ؛ : ( عمّان
12:16 بعد منتصف الليل
الممكنات معك شحيحة ؛ صفير مزاجك يعلن عن بدء وانتهاء أي شيء ص٣٧ ) . ومن هذه الزاوية الزمانية يمكن عَدّ التحول الاجتماعي الزماني ؛ : ( الكويت
الساعة 02:00صباحًا
كنت قد تركت كلّ شيء اتيت لك بالعيد ؛ كنت مشتاقًا تخيلي أنني غبت ايامًا وليالي عنك ص١٦٧ ) .
وكن يتغير هذا الزمان الكرنفالي عند الكاتبة ويبدأ عصراً كانه ذات طقوس تدعو للفرح والأمل وصوّرت هذا الزمن على الشكل التالي ؛ : ( دبي
3:30 مساء
امك امسكت يومًا كتابًا على البرميل ؛ كان قد تركه لي ضرار ؛ لما رأيته في يدها ؛ اعتقدت بأنني كشفت ؛ تخيل بأنني لم اكن اشعر بالخوف تلك اللحظة ؛ بل كنت مستعدة للمواجهة ص٢٧٠) .
بدا لي ان الكاتبة هبة فراش في روايتها ” انتَ طالق ” تريد القول نحن عندنا أناث هَرَبْنا من الذكورية بحثاً عن أي شيء ؛ أي شيء ؛ هم مَلُّوا من ولاء العبيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح