الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بل نحن بحاجة الى غاندي عراقي

جليل البصري

2006 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


طالعت على صفحات الانترنيت مقال للسيد صاحب مهدي الطاهر يحمل عنوان ( العراق بحاجة الى برويز مشرف عراقي لانتشاله من الهاوية ) ، حيث يبدأ بالمقارنة فيقول ( الى حد بعيد تشبه الاوضاع التي عاشتها الساحة الباكستانية قبل تولي برويز مشرف الحكم ،الاوضاع السائدة الان في العراق ماعدا درجة الانفلات الامني حيث كانت في باكستان في ادنى درجاتها اما في العراق فهي في اوجها .فالاحزاب الرئيسية التي كانت تدير دفة الحكم في باكستان او التي لها تاثير وثقل على الساحة الباكستانية كانت تتنازع فيما بينها وتتقاسم في بعض الاحيان المصالح الذاتية الضيقة ،اما اذا اختلفت على تقاسم هذه الحصص والمصالح فتشرع بتنظيم المظاهرات والاضرابات العامة والدعوة الى العصيان المدني وبالتالي تعطيل مؤسسات الدولة بمختلف فروعها بغية اسقاط هذه الحكومة الممثلة باحزاب اخرى .لذلك كان يحصل بين فينة واخرى اضطراب سياسي بما ينعكس على وضع الفرد الباكستاني الفقير والمعدم ) ( الا ان مجئ برويز مشرف في الوقت المناسب وسيطرته القوية على زمام الامور وبسط سيطرته ونفوذه على كافة المواقع المهمة في الدولة الباكستانية قد انقذ باكستان من كارثة حقيقية كادت ان تحدق بها ،الامر الذي حذا بان يساند الشعب الباكستاني القيادة الجديدة عسى ان تنقذه وتنتشله مما هو عليه رغم انها لم تكن قد خرجت كنتيجة لمخاض شرعي افرزته عملية ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة). وقد اوردت هذه الاستشهادات الطويلة لاوضح، ان ثلاث حقائق تبرز عبر هذا الطرح .
الاول : ان هذا الطرح هو تداعيات او تمنيات على خلفية انباء عن محاولة انقلابية وردت قبل مدة لا اصل لها ولا تمثل الا محاولة لاحياء ثقافة الانقلابات العسكرية .
والثاني : ان هذا الطرح يمثل احباط واقعي وحاجة للمواطن المضغوط بين القوى السياسية المتصارعة تحت الغطاء الطائفي للتنفس والتي يدفع المواطن فاتورته صراعها دون افاق حل .
والثالث : قصور في الرؤية الواقعية التي تؤكد لك ان لا امكانية حقيقية لانقلاب عسكري كون الجيش العراقي غير متبلور من ناحية التقاليد المهنية وتسيطر القوى السياسية على ولاءاته على عكس القوة العسكرية الباكستانية التي استجابت للوضع ودفعت بمشرف الى استلام السلطة . اذا فان الدعوة لظهور مشرف عراقي ينقذه من الهاوية هي نوع من اليوطوبيا التي تساهم في استمرار شريعة الغاب التي تعصف بكل القيم العراقية مثلما تعصف بالوجود الانساني في هذا البلد .
وترتبط هذه الدعوة لدينا بدعوة من طراز اخر هي ارسال القادة السياسيين ممثلي الطائفتين السنية والشيعية الى مكة لتوقيع عهد بحقن الدم العراقي وتحريم اراقته ، بضمنهم شخصيات جمعت الجانبين الديني والسياسي ، وهي دعوة رغم نبل هدفها فهي محاولة غير واقعية لتحقيق هذا الهدف والذي تعمل الحكومة واصدقاء العراق على جعل تحقيقه ممكنا .. فكيف يستطيع رجل دين مهمش ان يمنع صراعا لم ينشأ طائفيا بناء على دعوة منه، بل صراع سياسي واضح على المواقع والحصص .. اذا فان الهدف كان توريط هؤلاء في (( حل )) قضية ليسوا قادرين على حلها .. بل اظهروا ضعفا واضحا في التعامل معها ، فهم من جهة لم يجعلوا المساجد التي يسيطرون عليها مراكزا في مجال التعليم ومحاربة الامية ونشر الفكر التنويري واعداد المسلمين لدخول القرن الجديد وتطوير العادات والتقاليد والاعراف التي لا زالت تشكل عاملا كابحا لمجتمعاتنا المسلمة مما يحول دون تقدمها ، وهي وظيفة كانت المساجد سابقا تقوم بها ، وهم من جهة اخرى وقفوا في المجال السياسي موقف المشارك والمتفرج على آلام الاف ومئات الالاف من المسلمين وغيرهم من العراقيين واكتفوا بالفتاوى والتصريحات المقتضبة التي لا يسمعها احد ، ولم ينسحبوا من هذه المعمعة لكشف الستار وترك الصراع السياسي عاريا دون غطاء ديني مذهبي ، وليتحولوا هم الى رقيب على الميزان الاخلاقي للاطراف المتحاربة او المتصارعة وليكونوا المدافع عن انسانية المواطن وحقوقه التي منحها له الله والاديان السماوية وشرائع البشرالانسانية ، وداسها الصراع تحت اقدامه .. ولم يستطع لا السياسي ولا رجل الدين ان ينتج مهاتما عراقي يشبه غاندي يوحد العراقيين بكل تلاوينهم دون ان يبحث عن السلطة او ينازع الاحزاب عليها لكنه يكون قوة مؤثرة لصالح المواطن وحقه في الحرية والحياة الكريمة والامان . نعم نحن بحاجة الى مهاتما غاندي عراقي يتصف بالشجاعة والصدق والتجرد ويكون سبب ونموذجا لخلاص العراق المتعدد من التجزئة والصراع ويكون طريقا لبناء العراق الديمقراطي الحر اكثر مما نحن بحاجة الى برويز مشرف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ