الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سور كاكتاني

بلقيس خالد

2023 / 6 / 15
الادب والفن


سوركاكتاني
كلما حاولت جرد مكتبتي وترتيبها.. تبقى محاولتي ناقصة. اذ يجذبني أثناء الجرد، كتابٌ فتسبح عيناي في صفحاته وتغوص.. قبل أيام توقفت عند مجلد عن تاريخ المغول..
كما لو إن بوابة سحرية نقلتني الى عام 1220 ميلادي. وجدتني في منغوليا تلك الامبراطورية العظيمة. ما استوقفني في منغوليا أن المرأة المنغولية لها مكانتها ومهابتها في المجتمع. منذ الفتوة تمتطي الفتيات الصغيرات الخشنات الملمس ظهور الخيل وتستبق مع أمهر الفرسان. وذلك ما جعلها، منذ تلك القرون وحتى الآن، تتصف بالاعتماد على نفسها وتتفوق على كافة نساء العالم. اذ أن الأصالة البدوية ضمنت المساواة بين الرجال والنساء ووزعت الاعمال بالتساوي. فلم تبق المرأة رهينة البيت بل خرجت للصيد والرعي. كما أن جنكيز خان قد أصدر قرارا أن تقوم النساء المرافقات للجيش بإنجاز الاعمال التي يقوم بها الرجال عندما يذهب الرجال إلى الحرب.
وقد خرجت بنت جنكيز خان للحرب في 1220 واستهدفت مدينة نيسابور وأسرت (400) شخص من أصحاب الحرف لتنتفع بهم بلادها. كما يحق للمرأة المنغولية الاستحواذ على الميراث حين تكون العائلة ارستقراطية.
وذلك ما جعل جنكيز خان يزوج بناته من حكام القبائل المجاورة وكان يرسل ازواجهن في حملاته التوسعية، وغالبا ما يكون الموت مصيرهم، فتتوج بناته حاكمات لتلك المناطق.. مما يزيد في توسع امبراطوريته وقوة نفوذه.
كان جنكيز خان يقدس أمه الأرملة التي نبذتها العشيرة واسمها (هولمن) فهي التي علمته كيف يبني العلاقات مع القبائل ويصنع التحالفات ويقدم الولاء دون سعي وراء مصالح تعود إليه وحده بالمنفعة.. ثم سطع دور زوجة جنكيز خان واسمها (سوركاكتاني) فهي امرأة طموحة وذات بصيرة وحاسمة في قراراتها ولعبت وهذه المرأة التي ليست من أصول منغولية ومن خلال أصولها (الكرتية) الناطقة باللغة التركية دورا ساعد جنكيز خان وبمعونة من عم سوركاكتاني أن تتسع أمبراطورية جنكيز خان، وهناك من يرى اتساع الخارطة المنغولية سببه الحكمة الأنثوية الخارقة وتألق دورها. بعد وفاة جنكيز خان، صارت سوركاكتاني، )هي المرأة التي جمعت المستقبل بين يديها(، خمسون عاما وأبناءها الأربعة يحكمون أطراف مترامية من قارة آسيا. وقد ساعدتها القوانين التي تنص أن أرملة الرجل الثري تدير ممتلكات زوجها. فصار لها حق التصرف بشؤون العائلة والجيش والسلطة والرعية وقد توجوها ملكة . ومارست الحكم خمسة عشر عاما وقال عنها أحد الرحالة (الملكة سوركاكتاني هي المرأة الأكثر شهر بين نساء التتار ) وقال عنها شخص اسمه عبد الرحمن كان يعمل لدى جنكيزخان مسؤولاً عن الضرائب، بيتا من الشعر:
(ولو كان النساء كمثل هذي لفضلت النساء على الرجال) من اللافت للنظر أن في مملكتها عاشت المذاهب الدينية بسلام دائم.. وهي المرأة التي لم تر الفلاحين امتدادا للنفايات مثلما كان ينظر لهم المحاربون المنغوليون وهم على صهوات جيادهم. سوركاكتاني لم تر الحقول مجرد معلفا للجياد. ركزت اهتماما كبيرا على المحاصيل النباتية وتدارست مطاليب الفلاحين ومنحتهم ما يحتاجون.. وهكذا عاشت بسلام وتحققت أغلى الأماني حين صار ولدها توريجه هو إمبراطور المغول... كان ذلك حين بلوغها التسعين ومع هذا الرقم ذهبت بشجاعة مع الزائر الأخير. اضع الكتاب.. متأملة عظمة المرأة في زهرة تفتحت لتوها في شجيرة صبار، وأنا ارتشف الشاي في ظل نخلة يحاور طلعها نسيم هذا الصباح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟