الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستجدّات النشاط النخبوي المعارض، بين الآمال المشروعة وحقائق الصراع المرّة !

نزار فجر بعريني

2023 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


"مستجدّات النشاط النخبوي المعارض"، بين الآمال المشروعة ، وحقائق الصراع المرّة !
يُلاحظ المتابع لحراك منصّات وهيئات ونخب المعارضة نشاطا سياسيا ملحوظا ، يتناسب تسارع وتيرته طردا مع تزايد خطوات التطبيع والتأهيل ، وتصاعد ردود الأفعال المعارضة لإجراءاتها على الصعد الإعلامية ، وحروب الدعاية !
إذا غضينا النظر عن طبيعة ما ظهر من نشاط على صعيد تيّارات المعارضات الرسمية، مكوّنات " هيئة التفاوض " - " الإئتلاف" و"منصّة موسكو " و " منصّة دمشق "( هيئة التنسيق الوطنية )- وما تسعى لتحقيقه من مكاسب خاصّة ، نلاحظ ظهور نشاط تيارات معارضة أخرى، كانت في حالة "كمون " ثوري ، و لم تنخرط مباشرة بمسارات قوى الخيار العسكري الطائفي، شكّل أهمّها تنشيط الجنرال" مناف طلاس " لمشروع " المجلس العسكري " وتشكيل واجهة سياسية تحت اسم " حركة التحرر الوطني "؛ وعقد اللقاء الثاني من منصّة " مدنية"، إضافة إلى لقاءين آخرين، يُعقد أحدهما في باريس خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بينما سيُعقد الثاني خلال أيام في مدينة أوروبية أخرى!!
آمال متجدّدة ،وتساؤلات كبيرة ، أحاول الإحاطة بإجاباتها بعيدا عن نسق تفكير المعارضات السياسية والثقافية النخبوية، الذي بات وعيه يتحكّم بالرأي العام السوري ، ويفسّر بعض أسباب عجز السوريين عن فهم الواقع؛ ناهيكم عن امتلاك أدوات تغييره!
من جهته ،وجّه العميد السيد "مناف طلاس" من مقر إقامته الباريسي رسالة إلى السوريين بصفته "قائد المجلس العسكري السوري، "ورئيسا" لحركة تحرر وطني" ، بما يتوافق مع روح البيان الذي أصدره مجلسه في ٢٥ أيار الماضي والذي أكّد فيه "أن ثورة الشعب السوري أصبحت حركة تحرر وطني، ومن حق جميع السوريين العمل على إسقاط النظام الغاصب وبناء دولة القانون والعدالة والديموقراطية، وذلك من خلال جميع الوسائل الممكنة والمشروعة"، دون أن يفوته مباركة "المواقف الدولية الرافضة لتسويق النظام وإعادة تعويمه، و في مقدمتها الموقف الأوروبي والأمريكي"!!.
أوّلا،
كيف نفهم التوقيت ، و دوافع النشاط النخبوي الجديد عند قادة الحراك السياسي الراهن ، ومنظميه؟
في السياق العام، لم يرتبط حراك النخب السياسية والثقافيّة المعارضة بالشروط الوطنية السورية للتغيير ، بقدر تعلّقه بما يبدو للقائمين عليه من ظهور بوادر جهد أمريكي ضاغط بإتجاه إيجاد "حل سياسي" ، قد يفتح أمامهم نوافذ المشاركة ، وتحقيق الطموحات الشخصية والجبهوية الخاصّة ؛ لكن سرعان ما تتكشّف عدم موضوعية التعويل على الأمريكي ، فيبدأ النشاط بالتراجع، وتخبو الهمم! حدث هذا منذ ٢٠١٨ مع " حركة ضمير " ، و عشرات اللقاءات والتجمّعات اللاحقة ، ولم تكن النتائج على مستوى الحدّ الأدنى من الآمال !!
في دوافع تجدّد النشاط النخبوي اليوم لسنا أمام حالة استثنائية! ما تروّجه وسائل إعلام أمريكية وأوربية عن "معارضة" الحكومات الأوروبية والأمريكية لخطوات التطبيع الإقليمي وتأهيل النظام السوري، والتلويح بعصا العقوبات الغليظة وتسخين ملفات المحاكمات الجنائية ، جعل قادة الحراك النخبوي المعارض يعتقدون بوجود جهد سياسي قانوني حقيقي ، أوروبي أمريكي، لدفع " الحالة السورية الراكدة " على مسار حل سياسي، قد يتجاوز سقف ٢٢٥٤ وما يشترطه من مشاركة وقيادة النظام السوري "للعملية السياسية "؛ دون أن يفرض عليه شروط التغيير .
يبدو لي ، وآمل أن أكون مخطئا ، أنّ الدافع المشترك لجميع قيادات الأنشطة المعارضة التي أعقبت قمّة جدّة ، وما سبقها من خطوات تطبيع وتأهيل، يرتبط بالاعتقاد بوجود "حل سياسي" ، يفتح أمام النخب فرصة لعب دور ما ، طال انتظاره ،عبر مسار إعادة تأهيل سلطة النظام وما يواكبها من تطبيع إقليمي !
في حين يحاول الجنرال المتمّرد على إرث أبيه السياسي استخدام ورقة " العسكر" والاستثمار في روح التحرّر الوطني ، يعتقد رجل الأعمال المنشقّ " أيمن الأصفري" بإمكانية تجيير ما تُسمّى "منظّمات المجتمع المدني " كورقة لصالح مجموعته السياسية الخاصّة!
في قراءتنا للمواقف المُعلنة ، لانجد صعوبة في فهم طبيعة الأسباب التي تجعل الرجلين يعتقدان بوجود فرصة حقيقية لقيام حل سياسي، تدفع إليه بقوّة وثبات جهود واشنطن الراهنة ، وما يتيحه من إمكانية وصول الجنرال طلاس إلى السلطة ، و مشاركة السيد الأصفري الفاعلة فيها !!
إذ يعتقد السيّد أصفري أن وجود" دور سياسي للمجتمع المدني في الحالة السورية اليوم" بات " ضرورة " من أجل " طرح بدائل لكيفية سير الأمور فيما يتعلق بمستقبل سورية بما يتناسب مع قيم الديمقراطية والعدالة والمساءلة والوصول إلى الحقوق"، وأنّ ما يطرحه عن إيمانه" بأنّ المجتمع المدني السوري هو اللبنة التي سيبنى عليها التغيير المستدام، من خلال اتباع نهج تصاعدي بخلق أرضية صلبة للتغيير المنشود"، فإنّه يأمل ، بما يحتلّه من موقع قياديّ في " المجتمع المدني " أن يحصل على فرصة سياسية جيدة ؛ ويقف بذلك على نفس أرضية الوعي السياسي التي جعلت طلاس يعتقد أنّنا في مرحلة حل سياسي، وتنفيذ القرار ٢٢٥٤، ومرحلة انتقالية ، تستوجب مشاركة العسكر، الذي يترأّس مجلسه ، بدور قيادي ، وهما بهذا النشاط والحيوية يؤكّدان "للقوى الفاعلة" على استعدادهما ، و أهليتهما ، للمشاركة الفاعلة !!
في حوار مع “القدس العربي” بدا واضحا ربط الجنرال طلاس نشاطه السياسي بجهد خارج، في جوابه على سؤال:
هل لديكم دعم سياسي خارجي ...؟(١).
"الدعم الداخلي والخارجي موجود دائماً وخاصة من ناحية تقبل المشروع والحاجة إليه، وكونه مشروعاً لا بد منه في مسار المرحلة الانتقالية، .... لكن حالياً نحن نركز على إعادة ترتيب آلية العمل بحيث تساهم القوى الوطنية السورية بشكل أكبر من السابق في دعم المشروع خاصة مع استراتيجيتنا النضالية الجديدة وإطلاق حركة التحرر الوطني ..التي تحتاج لزجّ كل القوى الوطنية السورية فيها سواء العسكرية أو المدنية، وكذلك تساهم الدول المهتمة بأدوات تنفيذ القرار 2254 في هذا الدعم، لأنّهم باتوا مقتنعين بالحاجة إلى توفير بيئة عسكرية مساعدة في ضبط السلاح المنفلت وتحسين ظروف المرحلة الانتقالية."
رسالة الجنرال واضحة الدلالات:
يعتقد الجنرال أنّ الصراع على سوريا اليوم قد وصل إلى مرحلة إطلاق مسار " مرحلة انتقالية "، في سياق تنفيذ القرار ٢٢٥٤ ،يتطلّب نجاح خطواتها وجود قيادة عسكرية سورية،وطنية وموثوقة، للمساعدة في " ضبط السلاح المنفلت وتحسين ظروف المرحلة الانتقالية "، وهو ما يجعل الدول الفاعلة تتقبّل مشروعه وتحتاج إليه، وهي - حاجة الدول الخارجية للمشروع الطلاسي العسكري ، والمدني الوطني ، في سياق تنفيذ القرار ٢٢٥٤ التي تُعطي المشروع الموضوعية وإمكانيات التحقّق!
ثانيا ،
في حقائق الصراع الواقعية،و المآلات .
كيف ندرك مآلات النشاط النخبوي، وما هي فرص تحوّل الأحلام والآمال إلى وقائع !؟
اختلاف قراءتنا لطبيعة المرحلة في أهدافها وسياقاتها وقواها ، وجدلية علاقات قواها، تضعنا أمام استنتاجات متناقضة مع الأهداف النخبوية المرجوّة!!
في التوصيف العياني للمشهد السياسي، يواجه السوريون منذ ربيع ٢٠٢٠ استحقاقات " تسوية سياسية ، ( تختلف نوعيا عن حيثيات وسياق إطلاق "مرحلة انتقالية"، كانت ممكنة فقط بين ربيع ٢٠١١ ٢٠١٢، قبل ذهاب الصراع السياسي بشكل نهائي على مسار الخيار العسكري الطائفي)، وما تتضمّنه من خطوات وإجراءات تحقيق الأهداف الأمريكية والروسية لمرحلة ما بعد حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠؛ وهي اهمّ حقائق الصراع التي يتجاهلها الوعي السياسي النخبوي المعارض!!
في هذه المرحلة الثالثة من "الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي " التي تجسدها " التسوية السياسية" ؛ وما نتج عن صيرورته من وقائع ، شكّل أبرزها إجهاض مسار حل سياسي وسيطرة ميليشيات قوى الثورة المضادة بين صيف ٢٠١٢ ٢٠١٤ ، وتبلور سلطات أمر واقع خلال حروب ٢٠٢٥ ٢٠٢٠ ، من نفس طبيعة سلطة النظام، وتتقاسم معه أدوات السيطرة والنهب ، والإرتهان للمشاريع الخارجية؛ وبغضّ النظر عن حسن النوايا ، ووطنية الأهداف، يستحيل إطلاق" مرحلة انتقالية "( وعذرا من الجنرال طلاس ، ومستشاريه السياسيين، ومرشديه الخارجيين)، تشكّل خارطة طريق انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي؛ وكلّ ما تُتيحه الظروف الموضوعية والذاتية هو الوصول إلى تفاهمات" تسوية سياسية" بين قوى الخيار العسكري الطائفي الخارجية وادواتها السوريّة، تعمل الولايات المتّحدة على تحقيق خطواتها وإجراءاتها التطبيعيّة والتأهيليّة منذ ما قبل نهاية ٢٠١٩ ؛ وهي حقيقة أخرى ، يتجاهلها رغبويّا الوعي السياسي النخبوي المعارض !!
إذا كان من الطبيعي أن تنتهي الحروب بتسويات سياسية ، تسعى قواها لشرعنة ما صنعته موازين قوى الحرب من وقائع جديدة، فإنّ الغير طبيعي في تاريخ الصراعات أن تقف جميع أطياف النخب السياسية والثقافيّة السوريّة المعارضة عاجزة عن فهم" طبيعة التسوية" وحقيقة أهدافها الأمريكية، وطبيعة ما تتركه من عواقب، وتصنعه من مآلات، وتستخدمه من أدوات؛ بما يضع المواقف السياسية والوعي السياسي النخبوي في حالة انفصال تام عن حقائق الواقع ، ويدخل نخبها في ممارسات سياسية دنكشوتية !! )٢)
ثالثا ،
في قرائتنا لأهداف وسياق المشروع العسكري/ المدني الذي طرحه السيدان مناف طلاس وأيمن أصفري ، لانجد صعوبة في رؤية لاموضوعية الطرح ، وانعدام فرص تحقيق خطواته على جميع الصُعد والمستويات .
موقع الفشل النخبوي الرئيسي، السياسي والثقافي ، وما نتج عنه من تهميش وارتهان، يتمظهر في عدم فهم طبيعة مصالح وسياسات الولايات المتّحدة على الصعيد الإقليمي والسوري ، وطبيعة العلاقات التشاركية بين الولايات المتّحدة" والنظام الايراني".
أعتقد أنّ أبرز مواقع الخلل في الوعي السياسي النخبوي المعارض هو عدم إدراك طبيعة العلاقات التشاركية بين مشروعي السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة والنظام الايراني، وبالتالي الدور الرئيسي لحلقة الوصل التي يشكّلها النظام السوري، وتعطيه أهمّ أوراق القوّة، والافضلية ، في سياسات الولايات المتّحدة ، على جميع البدائل السياسية القابلة للحياة .
وقد أكّدت الولايات المتحدة وروسيا إدراكهما لهذه الحقيقة في الصراع في جوهر مشروع "الحل السياسي" وفقا لمسار جنيف ،بدءا من نقاط كوفي انان ٢٠١٢، وفي القرار ٢٢٥٤، التي قامت على قاعدة الإعتراف بشرعية النظام ، وقيادته لعملية المفاوضات ؛ وعندما اشترطت موافقته الأساسية على ايّة نتائج قد تصل إليها المفاوضات المستقبلية . في هذه المرحلة من تقدّم الخطوات العملية للتطبيع الإقليمي مع النظام وتأهيل على الصعيد السوري، تتأكّد حقائق تحكّمه في جميع آليات إعادة تأهيل سلطته ، وطبيعة ما قد يُدخل عليها من " تعديلات " سياسية !(٣).
ضمن هذا السياق ، لن يكون مجلس الجنرال طلاس العسكري ، أو غيره من تجمّعات المعارضة سوى أداة ضغط بيد الولايات المتّحدة، تستخدمها كورقة ، على غرار قوانين العقوبات ، و أوراق المحاكمات الأوربية، من أجل الضغط على النظام لتحقيق شروط التسوية السياسية الأمريكية.
ما تريده واشنطن من النظام و قسد هو الوصول إلى تفاهمات اعتراف متبادل وتنسيق أدوات السيطرة والنهب التشاركية ، بما يضمن للولايات المتّحدة والنظام الايراني حالة تهدئة مستدامة ، توفّر أفضل شروط تأبيد سيطرتهما المشتركة على سوريا والإقليم، وتستخدم جميع أوراق الضغط عليهما لإنجاح اهدافها، كما تستخدم ضغوطا مشابهة على القوى الإقليمية التي تتعارض مصالحها وسياساتها مع مسار التسوية السياسية الأمريكية.
لا ضير بالنسبة للولايات المتّحدة أن تجيّر النشاط النخبوي المعارض المتجدّد في معركة تحقيق أهداف مشروعها السياسي والعسكري بإقامة قاعدة ارتكاز في شمال وشرق سورية ، بالتكامل مع أدوات المشروع الإيراني، وقد استخدمت طيلة سنوات صراع آلام ملايين السوريين وآمالهم دون أدنى أشكال تأنيب الضمير الديمقراطي/ الإنساني ، وما زالت نخب المعارضات تقوم بدورها في التغطية على أهداف مشاريع احتلال وتفشيل سوريا ،خاصّة الأمريكية ، طالما تجد في الحضن الأوروبي الأمريكي ما يحميها من أدوات البطش السلطوية !!
الخاسر الوحيد هم السوريون، جميع السوريين الذين تلتقي مصالحهم في بناء مقوّمات الدولة الوطنية الموحّدة !!


◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆
(١)-
https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%81-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B3-%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%AD-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81/

(٢)-
في الأهداف السوريّة والإقليمية للتسوية السياسية:
على الصعيد السوري ،
الهدف الأساسي للتسوية السياسية التي باتت ذات طابع أمريكي أحادي واضح خلال ٢٠٢٣ هو إضفاء الشرعية السورية والإقليمية والدولية على الحصص التي أفرزتها موازين قوى الحرب التي استمرّت بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠،بما يحافظ بالدرجة الأولى على حصّة الولايات المتّحدة ووظيفة وكيلها ، وعلى حصّة شريكها الإيراني ووظيفة وكيله؛ في سياق صيرورة شاملة، تشرعن وجود سلطات الأمر الواقع الأخرى ، المتشابهة في البنية و الوظيفة ، وتخلق مرتكزات وآليات" نظام سوري تشاركي "،( فدرالي ،وفقا للتوصيف الأمريكي/ القسدي !!)،جديد، تشكّل سلطة النظام عرّابه وممثّله الشرعي ،بينما تشكّل قاعدته شبكة أدوات سيطرة ذاتية لسلطات الأمر الواقع الجديدة؛ وبما يثبّت وقائع الحرب، التي حوّلت سورية جغرافيا وبشريا إلى كانتونات هشّة، تقودها سلطات أمر واقع ، متنافسة على الثروة والسلطة والإرتزاق للأجنبي، تشكّل عقبات أمام جهود إعادة توحيد سوريا سياسيا وجغرافيا واجتماعيا ، وتجهض جهود السوريين وآمالهم للعمل معا لمواجهة جميع عواقب الصراع على السلطة في ظل معادلة قوى مصالح محليّة وإقليمية و إمبريالية تميل دائما لصالح تحالف استراتيجي تتناقض سياسات أطرافه مع خيار الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي .
على الصعيد الإقليمي،
تسعى التسوية السياسية الأمريكية الشاملة إلى إعادة صياغة علاقات تشاركية جديدة بين القوى الإقليمية التي تصارعت على الحصص ومناطق النفوذ في سياق الخيار العسكري الطائفي ،تخلّلها مواجهات عسكرية وسياسية كبيرة غير مباشرة و بدرجات متفاوتة بين سياسات الولايات المتحدّة من جهة، وسياسات شركائها التاريخيين ، من جهة ثانية، (خصوم أدوات وأهداف مشروع السيطرة الإقليمية الإيرانية، أنظمة تركيا والسعودية و " إسرائيل " والإمارات ؛وكانت المواجهات نتيجة لواقع تقاطع أدوات وأهداف المشروعين الايراني والأمريكي- قطع صيرورة الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي ، إضعاف سلطة النظام دون السماح بتغييرها، لصالح الميليشيات وسلطات الأمر الواقع )، كما شهدت صراعات بينيّة مباشرة بين أصحاب المشاريع الإقليمية المتنافسة ، التركي والسعودي والإيراني والإماراتي والمصري و"الإسرائيلي "؛ شكّلت بمجموعها أخطر عوامل صيرورة الخيار العسكري الطائفي، ورسمت ملامح خارطة الصراع في سوريا والإقليم، وحدّدت طبيعة التسوية السياسية .
تسعى الولايات المتّحدة بشكل أساسي ، ( بناءً على معطيات ما حقّقه جميع الشركاء من انتصار تاريخي على صيرورات التغيير الديمقراطي خلال ٢٠١١ ٢٠١٤ أوّلا ، وفي ضوء ما فرضته موازين قوى الصراع من حصص و مناطق نفوذ خلال المرحلة الثانية بين ٢٠١٥، ٢٠٢٠، وشكّل أبرزها الحصتين الإيرانية والامريكية، ثانيا) ، لتوفير شروط قيام حالة " تهدئة مستدامة" ، تُعيد صياغة العلاقات الإقليمية بما يتوافق المنظور العالمي للصراع ضدّ روسيا ، ويؤدّي إلى تشكيل تحالف إقليمي أوكراني، لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، وإضعاف شبكة العلاقات والمصالح الإقليمية التي تساعد النظام الروسي على استمرار الحرب . يرتكز المحور الجديد على تنسيق وتوافق سعودي إيران ، في إطار تطبيع العلاقات الإقليمية مع النظام الايراني،وسياق "تطبيع "العلاقات الأمريكية الإيرانية!!
(٣)-
● رأى المحلل السياسي، باسل معراوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "واشنطن لم تعارض جدياً التقارب العربي مع الأسد طالما أنه تحت رقابتها،(!!) ولن يتعدّى حدوداً أو سقوفاً وضعتها،( وما هي تلك السقوف،؟)ولكنها كانت تصرّ على أخذ شيء من الأسد مقابل ذلك، كما قالتها بصراحة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف". ومن هذه الأشياء، برأيه، "الإفراج عن معتقلين وقبوله بالقرارات الدولية"!!
هل ما ينغّص على واشنطن هو قضية المعتقلين، وعدم التزام النظام بالقرارات الدولية ؟
ولفت معراوي إلى "كلام بلينكن الناعم تجاه الوزير بن فرحان بخصوص الملف السوري وتوجيه اللوم بلغة دبلوماسية كون الوزير الأميركي جاء إلى السعودية حاملاً ملفات أهم، ولا يريد تعكير الأجواء!!!!
أضاف د. معرّاوي ، مذكراً بأن "الدول العربية كانت قد حصلت على تنازل أميركي (كما يقال) لغضّ الطرف الأميركي عن مساعدات إنسانية بعينها تقدم للنظام وأيضاً تقديم أموال لمنع تهريب الكبتاغون". وبرأيه، فإنه "عدا ذلك فإن العين الأميركية تراقب تدفق الأموال ولن تسمح بالتجاوز على قانون قيصر أو العقوبات الأخرى".
مع كامل الاحترام ، ما تريده واشنطن من النظام ، مقابل رفع عصا العقوبات ، وعدم إعاقة تقدّم مسار التطبيع الإقليمي وتأهيل النظام سوريّا ، لا يرتبط بما ذكره السيد معراوي؛ وآخر هموم الولايات المتّحدة هو القضايا الإنسانية أو تطبيق القرارات الدولية !
العصا الناعمة التي تستخدمها الولايات المتحدة في وجه النظام والمطبعين معه تستهدف توفير شروط التسوية السياسية الأمريكية ، التي يتجاهلها المحلّل السياسي ، الدكتور باسل معراوي، كما يفعل جميع صنّاع الدعاية الأمريكية، ومروجيها. إنّ ترويج دعايات واشنطن لايقلّ خطرا على السوريين من ترويج الكبتاغون !!
كلّ ما يعني الولايات المتحدة في هذه المرحلة من التسوية السياسية هو إضفاء الشرعية السورية والدولية على سلطة " شمال شرق سورية " ، وبالتالي فإنّ جوهر الصفقة الامريكية مع نظام الأسد هو الوصول إلى تفاهمات مع قسد ، تؤدّي إلى إعتراف متبادل ، وتنسيق في آليات السيطرة والنهب التشاركية، مقابل إطلاق قطار التطبيع بشكل نهائي ؛ وهو جوهر مشروع التسوية السياسية الأمريكية.
● في " العربي الجديد " يحرصون على ترويج أضاليل الدعاية الأمريكية بكلّ مهنية :
تحت عنوان " تحفظ أميركي على تعويم النظام السوري... وشروط الانخراط ":
13 يونيو 2023
" شروط أميركية للانخراط مع نظام الأسد !
من جهتها، علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، إليزابيث ستيكني، في حديث مع "العربي الجديد"، على موقف بلادها الذي عبّر عنه الوزير بلينكن من الرياض، بالقول إن الولايات المتحدة "لن تقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد ما لم يحدث تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الأساسي". وأضافت ستيكني: "لقد أكدنا للشركاء الإقليميين المنخرطين مع النظام السوري أن الخطوات الموثوقة لتحسين الوضع الإنساني وحقوق الإنسان والأمن للسوريين يجب أن تكون محور ذلك الانخراط".
وأضافت: "ما زلنا نعتقد أن الحل السياسي على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 يظلّ السبيل الوحيد القابل للتطبيق لحل النزاع، ونحن نعمل مع حلفائنا وشركائنا الذين يشاطرونا هذا الرأي، ومع الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254".
أضاليل دعايات ، تعمل على تغييب حقيقة أهداف الولايات المتحدة في سياق توفير شروط التسوية السياسية ، وتضليل الرأي العام السوري، !!
◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو