الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور من طفولة الماضي العميق

ناس حدهوم أحمد

2023 / 6 / 15
الادب والفن


أذكر أنه كان هو أنا . وكنا نتحدث عن زمن طفولتنا . ونناقش كل الحالات والوقائع . وندرك الزمن الذي نحن فيه . هذا وأنا طفل صغير
لا يتجاوز الأربع سنوات من العمر . كنا معا داخل خرائب المدينة الريفية بأهلها الذين ولدوا من سواد النكبة الموروثة في الوطن المحتل .
كان أول وجودي باكرا . وجود خرج من ليل مبهم . وهكذا رغم صغر سني كنت بل كنا معا نرى نرى صور زمان المدينة وسكانها .
وجود مذقع بالفقر والجهل واللامبالات . والمدينة لم تكن سوى مجمع منكوب على الحضيض .
كنت أنا وظلي نسمع هدير الرعد في السماء ونتساءل حول ما يجري . لكننا لم نكن ندرك آنذاك لماذا يصل ضوء البرق قبل هدير الصوت .
ولا كنا نفهم ذلك الصوت أو مصدره . فكنا نحسبه هديرا ناتجا عن تدحرج براميل ضخمة هناك فوق في السماء . وأيضا كنا نجزع معا حينما
نسمع خطوات الأحدية العسكرية وهي تنزل من الثكنة العسكرية بالجبل الجاثم فوق رأس المدينة العتيقة . نحو قعر المدينة المظلم . كنا أيضا
نقلق أنا وظلي حينما نرى أبناء الغرباء المحتلين يصطادون طيور الخطاطيف الوديعة نكاية بنا نحن أهل المدينة المحتلة والمقطوعة .
كان هؤلاء الشباب الصيادون يعرفون أن طيور الخطاطيف مقدسة في عرفنا وتقاليدنا وعقيدتنا . وهم يفعلون ذلك كيدا ضدنا .
المدينة مظلمة
الأهالي محشوون في السراديب تشبه الكهوف . والخوف عريق بلا أسباب . فلم يكن لدينا آنذاك مدارس حتى ولو هي سيئة . فقط كتاتيب قرآنية
بلا كراسي وبلا طاولات فقط خشونة وألواح نكتب عليها كلمات لا نفهمها وبعضها كانت تخيفنا . مثل النار . جهنم . الجحيم الخ ..
الفقيه الحاكم المطلق لأرواحنا البريئة لا يفارق القضيب أو العصا أو السوط يده . هو أيضا كان مصدر رعب عظيم لنا . وحين يغضب ترتفع
أصوات القراءة ويصبح المكان محموم والفقيه مزمجر يتطاير الشر من عينيه على أطفال أبرياء مرتعبون .فله السلطة العليا لا يوقفها حتى الآباء .
كنا نتلو آيات الكتاب المقدس ولكننا لا نفهم المحتوى والفقيه نفسه لا يفهم سوى القليل والقليل مما يلقنه لنا . كنا جميعا كالببغاوات نردد ولا نفهم.
هكذا كان زماننا البني في المدينة الغامقة . وبين الدكر والأنثى هوة عميقة مثل الفصل التام بين الجنسين وعلى رأسهم الآباء والأمهات . وكل شيء
ممنوع ومخنوق بحزام الحرام . والويل لمن يريد أن يسأل أو يفهم . والسماء منفصلة عن الأرض والطيور شبه غائبة عن المشهد . أو كأنها في
عداد المفقودين ولا نعرف منها إلا الخطاطيف المقدسة والتي يصطادونها أبناء المحتلين الغرباء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال