الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الوطنية - في معايير الدكتور حازم نهار !

نزار فجر بعريني

2023 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مساء الخير ،
قراءة في أفكار الدكتور " حازم نهار" ، كما أتت في سياق مشاركته الكريمة ، مع باقة من النخب السياسية والثقافية السورية؛ الدكتور "يحيى العريضي"، والأستاذين ،" عصام دمشقي " وشورش درويش" ؛ في ندوة حواريّة ، بدعوة من " أمارجي - لجان الديمقراطية السورية "، حول" مفهوم الهويّة الوطنية، ومعايير الإنتماء إليها " ، بتاريخ٩/ ١/ ٢٠٢١.

ليس من المبالغة القول، كما أعتقد ، أنّ في مناقشة الأفكار العميقة التي طرحها المحاضرون، سواء في توافقها ، او تعارضها ،(١) تمّ عرض النقاط الأساسية التي يمكن أن تشكّل أرضية لإستمرار حوارات لاحقة ، والتأسيس لقيام ورشة عمل ديمقراطي ، سوري، يجمع أوسع أطياف القوى السياسية الديمقراطية الوطنية، الصادقة ، الملتزمة بتحقيق أهداف مشروع قيام دولة القانون الديمقراطية، الحديثة ، دولة المساواة والعدالة .
اوّلا ،
رغم اتفاق الجميع حول الدور المركزي لوجود " الدولة الديمقراطية " ، فقد تميّز طرح الدكتور" حازم نهار" بعرض رؤية نظرية ، وسياسية ، شاملة للقضية ، يمكن تكثيفها على الشكل التالي:
" إنّ في أولويّة ، وأسبقيّة ،و جوهرية ، وجود الدولة السياسية ؛ "الدولة الديمقراطية ، الحديثة" ، يتحقق الشرط اللازم ،والضروري، لبناء مقومات" الدولة الوطنية"، وأنّ ما يتشكّل في سياق تطوّر الدولة الوطنيّة التاريخي ، من قيم ومفاهيم ، هي التي تجسّد معايير الهويّة الوطنيّة، التي تصبح، في هذا السياق ، مرادفة لمفهوم " الجنسيّة " ، وتظهر في الإنتماء السياسي إلى دولة قائمة بالفعل ، وليس في الوهْم الإيديولوجي.
ثانيا ،
لقد تمّت صياغة أفكار الدكتور حازم نهار في إطار سياقين، مترابطين جدليّا ، وموضوعيا .
١ في حين اكّد الأوّل على خطأ المنهج الذي ينظر إلى الهويّة الوطنيّة كمفهوم مكتمل ، "مسبق الصنع" ، جاهز ، ينبغي علينا ، لكي نستحق صفة " الوطنيّة " أن ننتمي إليه، طرح الدكتور بقوّة منطقه المتماسك ، وبلغته الدقيقة ، الواضحة، حقيقة أنّ مسار تشكّل مقومات الهويّة الوطنية هو صيرورة تاريخيّة ، متلازمة بعلاقة جدليّة ، مع صيرورة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة، وأنّ ، في فصل الصيرورتين، وَهم ، ومنطق مثالي ، غير واقعي ، وقع في شباكه أتباع الإيديولوجيات المختلفة ، القوميّة والشيوعية!
٢ في إضاءة الزوايا المظلمة، التي تخلق إلتباساً نظرياً، وسياسيا ، في أهمّ المفاهيم المرتبطة بقضيّة " الهويّة الوطنيّة " !
خلال مداخلاته المتعددة ، شرح بوضوح خطأ النظر إلى مفهوم الوطنية ، بشكل منفصل وجود الدولة السياسية، من جهة ، ومن دون ربطه بطبيعة الدولة ، وشكل سلطتها السياسية ، بما هي دولة القانون الديمقراطية ، الحديثة ، العادلة ، حصريا ، لأنّ في أشكال الدولة الأخرى، الإستبدادية أو الطائفية ، تناقضاً جذرياً مع أسس تشكّل مقومات الوطنيّة. علاوة على ذلك، فقد أوضح العلاقة الجدلية العميقة بين مفاهيم" الوطن" ، و"الأمّة" ، و"الشعب" ، من جهة ، مع مفهوم "الدولة" ، من جهة ثانية ، مؤكّدا على أولويّة وجود الدولة السياسية الوطنية الديمقراطية ، وعلى واقعية تشكّل مقومات المفاهيم الأخرى، في سياق تطوّرها ، وبناء مقومات مشروع وطني ديمقراطي، حديث. " طالما نحن نؤمن بإمكانية تحولها( الدولة السياسية ) إلى شعب، وبناء دولة وطنية ، يجب أن نؤمن بأننا نشكل أمة" .
٣ في ربطه الخلّاق ، المبدع ، بين مفهوم الدولة الديمقراطيّة، ومفهوم الدولة "العموميّة "، الحياديّة، وفي تأكيده على ضرورة عدم تخفيض مستوى عمومتيها، من خلال توصيفها، بمفاهيم إيدولوجيا ،قوميّة أو أممية، أو دينية . لكي تصبح الدولة ، في سياق تشكّلها التاريخي، دولة القانون ، العادلة ، التي تضمن المساواة بين جميع مواطنيها، بغضّ النظر عن انتماءات إثنية أو قوميّة او دينيّة ، سابقة لتشكّلها ، لا ينبغي حصرها بصفات تتناقض مع جوهر أهدافها، وطبيعتها.
٤ في تأكيده على عدم تعارض صيرورة تشكّل الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة مع انتماءات ، ومفاهيم ، وأصول ، سابقة عليها ، كالأثنيّة أو القوميّة أو الدينيّة.(٢).
لقد اكّد على انّه ليس من مهمّة " الدولة الوطنية أن تقوم على أنقاض الإنتماءات الأخرى، بل لها الأولويّة"... .
"بقية الإنتماءات ، عربية، أو إسلامية، ... تكتسي بطابعها، مع الزمن" .
"الدولة الوطنية سوف تثبت نفسها على الإنتماءات الأخرى".
٥ في تأكيده على عدم موضوعية ما تطرحه بعض القوى السياسية ، القوميّة أو الدينيّة ، خاصّة الكرد والعرب ، حول المظلوميّة التاريخيّة ، التي اصبحت ، كما اعتقد ، غطاء ، وذريعة ، لطرح مشاريع تتناقض مع مقومات قيام الهويّة الوطنية .
ثالثا،
رغم رفض الدكتور حازم في بداية المحاضرة لمبدأ وضع معايير مسبقة، ووصفات جاهزة ، لتحديد "المواقف الوطنيّة " ، التي تتوافق ، او تتعارض ، في طروحات اصحابها الفكريّة ، او في ممارساتهم السياسية، مع مقوّمات "الهويّة الوطنيّة" ، فقد أوصلنا منطقه العلمي ، المتماسك، موضوعيا ، إلى ما يشبه" معايير في الوطنيّة" ، التي تشكّل ، حقيقة، أساساً للحكم على مواقف السوريين ، أفرادا وسلطات ، تنظيمات ونخباً.
إذا كان جوهر ، وأساس، وشرط تشكّل ما يؤدّي ، في سياق صيرورة تاريخيّة متصلة ،إلى تشكّل الدولة الوطنية، والوطن ، والشعب والأمّة ، والهويّة الوطنيّة ، هو بناء" الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة" ، وفقا لطرح الدكتور حازم ، ألا تصبح جميع الخيارات المذهبية والسياسية والقوميّة ، والإثنية، التي تتعارض ، في طرح قواها الثقافية ، وفي ممارستهم السياسية والعسكرية ، مع أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، تصبّ ،عمليّا ، وبغضّ النظر عن نوايا أصحابها ، في خندق القوى المعادية لأهداف المشروع الديمقراطي ؛ الطريق الوحيد لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة؟ .....
أ- أليس في هذا المعيار الأساس القانوني والأخلاقي، لتوصيف موقف النظام اوّلا، ولفرز مواقف السوريين ، فصائل ونخب وهيئات ،ومنصّات معارضة ، بين "لا وطنية" مَن يضرّ ، في سلوكه المعارض، أو المؤيّد ، مسألة السوريين العادلة ، قضيّة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية، او بين " وطنيّة " مَن يعزز ، ويناصر، في سلوكه، قضيّة السوريين ؟
ب-︎ أليس في هذا المعيار ، أيضا ، الدليل القانوني ، والسياسي ، لتصنيف مواقف، وسياسيات القوى الخارجيّة، الإقليميّة ، والدوليّة، ولمعرفة حقيقة مواقفها تجاه القضية السورية المركزيّة ؟!
♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧
(١)التوافق النظري حولها ، على أيّة حال ، لم يمنع من ظهور تناقضات ، هي في الواقع "سياسيّة" ،رغم التعبير عنها من خلال التأكيد على طرح ما تواجهه من عقبات ، في الممارسة السياسية، قد يجعل منها، كما يبدو لبعض المحاضرين ، وَهْما آخر !!
(٢)-
جاء في مقال رائع للصديق " Jamal Seed " ، في سياق حديثه عن ذكريات " المدرّج الرابع " ، في "جامعة دمشق " ، ١٩٩١ :
" بدت (الوحدة الوطنية) وكأنها مجرد غطاء إعلامي، تتنامى تحته الهويات الطائفية على حساب الهوية السورية. يجلس الكثير من الطلاب في المقصف على الطاولات وفقاً لطوائفهم! يربطون حول أيديهم أساور مجدولة من خيوط خضراء أو سوداء أو بيضاء، وتدل تلك الخيوط على منابتهم الطائفية وتبدو كأنها علامات تعارف أو علامات ترابط. انتشرت أيضاً الرموز التي تعلق في سلسلة حول العنق، نجمة خماسية ملونة للدروز، وسيف ذو الفقار بشطلتين للعلويين، وصلبان بأشكال مختلفة لمختلف الطوائف المسيحية، وآية الكرسي أو مجسم للقرآن للسنة، وصورة الراقص بالقلبق أو كلمة أديغا باللغة الروسية للشراكس، والشمس الصفراء المقتطعة من علم كردستان للأكراد إلخ. كان الانتماء إلى سورية يأتي في المقام الثاني ".
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة