الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علبة بريد

البتول المحجوب

2006 / 10 / 31
الادب والفن


تصل بيتها مساء ذلك اليوم.تدلف نحو غرفة باردة الزوايا جرائد،صور،ملابس مبعثرةهنا هناك.مرهقة من سفر حزين،سفر باك.تستلقي على فراشها،تتذكر صديقة جميلة فقدتها بالأمس القريب.الواحد والثلاثين من يوليو تستيقظ مرهقة بحثا عن مواساة من تهفو له، تمد يدها نحو الهاتف.تهاتفه يأتي صوته دافئا،جميلا، تفرح بدفء كلماته. تمنت لحظتها أن تمعن النظر في عينيه، أن يضمها إليه كي تبكي أحبتها طويلا على صدره ثم تنام كطفلة صغيرة أتعبها النحيب بحثا عن دفء حب مفتقد. ترد بصوت شجي آت من هناك:
-مشتاقةوحزينة..
يرد :
-سأحزم حقائبي نحو الضفة الأخرى..
خبر سفره أقلقها، انتظرت لقائه وحلمت بقبلة دافئة على خدها الشاحب، حلمت وحلمت. حلمت معه بكتابة نص سرد دافئ وعدها أن يقرأ شعرا على مسامعها حتى تنام وأن يترك النور مضائا ليتأمل وجهها البدوي القسمات .
يأتي صوته من بعيد:

-كفى تعبت من أنثى تحمل سؤالا محيرا، هما مثقلا، قلقا مستمرا وانتظار من رمي به في أقبية الظلام ذات صباح ضبابي.
ألم يتعبك الانتظار..؟ أم أنا فقد تعبت من عشق امرأة مدفون في رمال الصحراء.
أريدك فرحة بالحياة أريدك..أريدك بعيدة عن هوسك و قلقك.
يغضبها رده:
-أنا الأخرى تعبت ،سأحزم حقائبي..أجول شرقا وجنوبا بحثا عن نص دافئ وأمسية شعرية أكثر دفئا..ألست حفيدة ابن بطوطة كما زعمت..؟
يرد بحنق:
- دوما تهربين، مستحيل الإمساك بك كسراب صحرائك
أين كلماتك المسائية..؟ أين أحلامك أين عشقك للنوارس و المراكب المنسية.. والشاطئ المهجور الاّ من بحار أتعبه الإبحار ومركب حزين يبحث عن مرفأ..أين حلمنا ..؟وأين عشقك للبحر وزرقة السماء..؟
تحاول مقاطعته، لكنه لم يترك فرصة غير فرصة مساء الواحد والثلاثون من يوليو عبر علبة بريد بارد:
"-هذا يكفي انتهى حلمك الفاشل حلمك أضحى كابوسا مزعجا."
تحبطها كلماته..تذرف دمعا تتحسس ملوحة الدمع على خد أتعبته السنين.تتذكر من رمي به في قلعة الجحيم تلك..من كفكف دمعها ذاك الصباح ورحل بعد قبلة على جبينها الصغير..آه كم أفتقدك ..
بصوت شجي الكلمات، بصوت ألف الشموخ رغم الجراح، تتذكرك أنت. تتذكر برودة المنافي، تتذكر من لفظ روحه الطيبة على إسفلت زنزانة باردة تحت أعين جلاد لايرحم ،تتذكر من ودعها في صباح ماطر..وتلوم نفسها كيف طاب لها أن تفكر في رجل غيرك ،تصمت بشموخ صورتك الغائبة تحتل ذاكراتها لتكمل المسير على ذكراك يامن لفظت روحك وأنت توصي رفاقك خيرا بها.
غصة في الحلق وأعين دامعة على فقدان الأحبة..تتابع قراءة رسالته الباردة جدا..

"أتعرفين..؟ تعبت من حلمك المهزوم..

لن ألتفت، سأحتسي نخبا نسيانك.- يبدو حديثها كالتي تغزل صوفها- ،تتابع قراءة سطوره
"-أنت مجرد امرأة صادفتها عبر حوار عابر، عشقت رائحة الثرى المبتل من خلالها، عشقت فضاء الكلمة العذبة عبر صوتها، قرأت لي سردا دافئا، قرأت لها شعرا وافترقنا..

"م"أنت تلك المرأة.. امرأة الحوار المسائي، امرأة فاشلة أحلامها.
"م"أنت تعشقين الدفء في سرد تكتبينه فقط..لاتعرفين طعم القبل الدافئة الاّ على شفاه شخوص سرد نسجته أناملك الرقيقة على الورق..لاتتقني غير عشق حبر قلمك .الأسود على صفحات بيضاء"م"أنت مجرد فعل ماض ناقص..بهاته الكلمات يسدل الستار عبر مساءا لواحد والثلاثون من يوليو..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل