الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المجلس العسكري السوري -  ،  بين تجاذبات القوى الدولية ، ومصالح السوريين المشتركة!

نزار فجر بعريني

2023 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في اواسط نيسان ٢٠٢١ ،
   تناقلت  بعض مواقع التواصل الاجتماعي ، ووسائل الإعلام ،خبراً مثيراً، حظيَ بمتابعة غالبية السوريين ، المهتمين  والمعنيين ، بمآلات المرحلة الراهنة ،والقادمة ، من الصراع على سوريا، وتناول بالتفصيل ما سُمّي  " مشروع وطني سوري "، يعتقد ناقلو الخبر، الذين يعتمدون على " مصدر عسكري مقرّب من مناف طلاس" انّه "سيبصر النور قريبا"!!
فما هي حقيقة هذا "المشروع "، وما هي موضوعية هذا الطرح ، ومَن هي الجهات الداعمة له  ؟
أوّلا ،
  في محاولة لمعرفة دقّة الخبر ومصداقية المصدر ، من الجدير بالملاحظة أنّ الخبر لم يصدر عن " مناف طلاس " شخصيّاً ، سواء بشكل مباشر ، أو تلميحا ، بل كما نَقلَت صحيفة " المرصد السوري لحقوق الإنسان "، فإن   الخبر منسوب إلى   " مصدر عسكري ، مقرّب من مناف طلاس " !
عند العودة  إلى  المصدر الأساسي للخبر ، في تقرير  الصحفي " ابراهيم هويدي " في جريدة " الشرق الأوسط " ، اللندنيّة نجد أن الكاتب يذهب بعيدا في تفاؤله بنهاية واحدة من أبشع الحروب ، وأطولها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، مبشّراً  بعنوان مشوّق ، "  بنهاية الصراع على سوريا ، ونقلها من تحت السيطرة المشتركة لقوى و ميليشيات الأمر الواقع ، الأمريكيّة والتركيّة والإيرانيّة والميليشيات التابعة ،إلى مظلّة "السيادة الروسيّة "، الوحيدة !
يمهّد التقرير للخبر بعنوان عريض  ، يقول :
"مقترح خطي لروسيا ،...
مهماته توحيد البلاد وإخراج القوات والميليشيات الأجنبية عدا قوات موسكو"،
ومقدّما للموضوع المثير  بتأكيده على أنّ " موسكو.... تلقت مجدداً عروضاً من معارضين سوريين تدعو إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين الجيش وفصائل مسلّحة، ومنشقين ..." .
تحت عنوان" مجلس عسكري " يجزم الكاتب بوجود " وثيقة مكتوبة" للإقتراح ، الذي "جاء خطياً من معارضين من «منصتي» موسكو والقاهرة ، تحتفظ" الشرق الأوسط " بنسخة عنها" ،ويتحدث عن آليات محدّدة لتنفيذه!
في إطار البحث عن مصداقية خبر تقديم منصتي "موسكو والقاهرة" مقترحا مكتوبا للجانب الروسي ، بتشكيل "مجلس عسكري يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية"، عدتُ إلى ما ذكره الفنان "جمال سليمان " .
لقد أكّد السيّد " سليمان "  في مقابلة خاصّة، وفي ما نشره على صفحته ، أنّ " أصل الحكاية " تعود إلى " اقتراح " ، كان قد عرضه بصفته الشخصيّة ، ( يعني حتّى دون التشاور ، او التنسيق مع العميد "مناف طلاس" أو مع أعضاء منصّته ، او منصّة " موسكو ") ، شفهياً، نافيا ، ما أوردته صحيفة "الشرق الأوسط" حول وجود" وثيقة مكتوبة" !
وقد شرح " سليمان" ، في صفحته الشخصية، موضّحا حقيقة ما حدث حول لقائه بوزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، وما تمّ تداوله حول اللقاء ، مشيرا إلى أنّه كان قد طرح "الفكرة" بصفته الشخصية ؛ إذ لم يكن يحضر المؤتمر ممثّلا عن " منصّة القاهرة " ، التي كان قد جمّد عمله فيها ، وعضويته ، وكذلك في هيئة التفاوض ، وأنّه سبق أن طرحها على نائب وزير الخارجية الروسي" ميخائيل بوغدانوف" "قبل أكثر من ٤ سنوات"، دون أن تلقى أذناً صاغية !!
ثانيا ،
ما  هي الإمكانات الموضوعيّة لتحقيق مشروع " مجلس عسكري " في الواقع السوري الراهن ، في معايير موازين قوى الصراع الحالي، وفي ما يتفق، أو يتعارض مع سياسات ومصالح القوى والدول التي تحتلّ وتنهب سوريا، بعد نجاح مشروعها المشترك لتقاسمها إلى حصص ومناطق نفوذ؟
إذا كان من الواضح وجود نشاط باتجاه تشكيل " منصّة عسكرية   ، وطبيعة مرجعيتها الدولية ، فإن تحقيق أهداف المشروع  لا يخرج عن  مصالح وسياسات روسيا  ،  والأمل بنجاحها يعتمد على طبيعة موازين القوى القائمة، والعلاقات بين قوى الخَيار العسكري؛ وهي لاتميل لصالح روسيا ، في ظلّ ما نتج موضوعيا من سيطرة تشاركية أمريكية إيرانية ، تملك كلّ عوامل الاستمرار!
تأسيس مجلس عسكري  لقيادة مرحلة انتقالية، يعمل على " إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها وتمكينها من القضاء على الإرهاب، وتفكيك كافة الجماعات المسلحة،.....، وتسمية حكومة مؤقتة .....والدعوة لمؤتمر وطني داخل البلاد ينتج عنه جمعية تأسيسية ، إضافة إلى «إطلاق المعتقلين»، و«إعادة اللاجئين إلى أماكن سكناهم الأصلية» ، كما ورد في تقرير " الشرق الأوسط"،   لايمكن أن يكون خارج حل سياسي وطني، باتت شروط تحقيقه خارج سياق ما نتج عن الخَيار العسكري من وقائع في نهاية حروب تقاسم الحصص، مطلع  ٢٠٢٠. ، وما تحقق من مصالح لجميع " اطراف حلف " الثورة المضادة " ، في مستوياته الدوليّة ، روسيا و أمريكا، والإقليميّة ، أنظمة ايران وتركيا والسعوديّة ، والمحليّة ، سلطات الأمر الواقع  ،بما يعطي احتمال تطبيقه ، حتّى بشكل جزئي، صفر مكعّب ، رغم أنّ  ما  قد يشكّله السير على طريق تنفيذه ، مخرجا ما ، أفضل بكثير من الحالة الراهنة ، وما يترتّب عليها !
ثالثا ،
ما هي أهداف الترويج ؟

   بغضّ النظر عن مشروعية هذا الطرح ، او أسباب مَن يقف معه أو ضدّه " ، أعتقد أنّ ترويجه من قبل وسائل إعلام عالميّة في هذا الوقت تحديدا  ،  يدلّل على وجود أهداف محددة ، يعمل صنّاع الخبر ، ومروّجيه ، على تحقيقها، وقد لاتتجاوز أوراق الضغط التي تستخدمها القوى المتصارعة على آليات وسيناريوهات  توفير شروط  التسويةالسياسية .
بناء على ما يبدو من ربط مباشر اوغير مباشر بين  حيثيات  طرح المشروع العسكري  والداعم الروسي ، بما يجعل منه ورق ضغط روسية بشكل رئيسي ، تحاول من خلالها توجيه رسائل إلى جميع القوى  المشاركة في التسوية السياسية.
على ايّة حال ،  في ظل موازين القوى القائمة، لصالح آليات سيطرة تشاركية إيرانية/ أمريكية ، وفي ظل ما وصل إليه الصراع العسكري من  تقويض لعوامل قيام حل سياسي ، لايملك "المشروع العسكري "   الحدّ الأدنى من فرص التحقق !
بالنسبة لمواقف النخب السورية ، من المؤسف ملاحظة أنّه  لاتشكّل أدوات المشروع السورية حالة استثنائية عن ما باتت عليه نخب المعارضات من تبعية لاجندات القوى الخارجية، التي تتناقض مصالحها مع اهداف وأدوات قيام حل سياسي!!
في خلاصة القول ، إذا لم يخرج السوريون ، أصحاب المصلحة الحقيقية بحدوث تغيير ديمقراطي ، من دائرة التعويل على الآخر - كلّ المشاركين ، والمساهمين ،في وصول سوريا إلى هنا - سيبقون  تلك الكرة الصدئة ، تركلها في الإتجاه الذي يخدم مصالحهم  ، أقدام أعداء التغيير السياسي الديمقراطي، وطابوره الخامس !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد