الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة الغرب والعقل العراقي الكسيح؟/2

عبدالامير الركابي

2023 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عبدالاميرالركابي
يتشكل العراق بما هو كيانيه كونية متعدية للكيانيه، بناء لاشتراطات كينونته المشار اليها، وبالذات وعلى وجه الخصوص، مترتبات وحصيلة تاريخه باعتباره كيانيه كونية امبراطورية غادرت دورتها الثانيه بالانهيار مع القرن الثالث عشر، وقد اختلفت شروط الانقطاع التاريخي الناظم لتاريخ هذا المكان اليوم، عن تلك التي عرفتها الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيميه، مع الانهيار الاول للعاصمة بابل، وغياب الكيانيه الامبراطورية كليا مقارنه بالحال الراهن البغدادي، الذي لم يمحو العاصمة كليا من الوجود الشكلي، بل ظلت هذه مع انهيارها تمثل حالة برانيه من تعاقب السلطنات واشباه الامبراطوريات، العائدة لشروط الدورة الثانيه، واشكال تجليها شرقا ابتداء من 1258 تاريخ احتلال هولاكو تعاقبا، لحين حضور القوات البريطانيه عام 1914 في الفاو جنوبا،واحتلالها للعاصمة كاخر ممثل للسياقية البرانيه عام 1917 مع الاختلاف النوعي الآلي، محل سابقاته اليدويات .
ولا يشبه السياق المذكور من اية ناحية، ماهو متعارف عليه، او صار من قبيل المعتمد نموذجا من قبل الغرب "الحديث" على صعيد نمو وتشكل الكيانات "الوطنية"، بافتراض التوحيد البرجوازي للمجتمعية كيانيا وكسوق موحده، فالكيانيه مابين النهرينيه لاتتشكل في لحظتها ولا آنيا، ومفهوم التطور البرجوازي ليس له اساس ولا فعالية هنا، لان عناصره البنيوية لاوجود لها، فالتشكلية هنا تظل محكومة لاشتراطات الازدواج المجتمعي واصطراعيته، وللدورات والانقطاعات، فلا يتحقق الاكتمال التشكلي الابعد ثلاث دورات، هي في الوقت نفسه محورتفاعلية كونية ازدواجية موصوله بالخاصيات المجتمعية الاشمل.
وتختلف الدورات الازدواجية بحسب الفترات التاريخية، ومجمل المتغيرات الموصولة بالتفاعلية المجتمعية ذهابا الى اللاارضوية، التي ينظر لها الغرب كماورائية ابتدائية قياسا لعقلانيته المتاخرة الارضوية، القمه الاحادية مقابل الحقيقة الازدواجية البشرية ( العقلو/ جسدية) والمجتمعية ( الارضو / لاارضوية)، والديناميات الناظمة للظاهرة المجتمعية السائرة بها الى اللامجتمعية، وانتفاء الجسديوية، المقابلة لمفاهيم الارضوية التابيدية التي تنظر للمجتمعية باعتبارها ( تجمع + انتاج الغذاء) وحسب، اي الحاجاتيه الجسدية.
اذن المجتمعية هي ظاهرة لاارضوية، ذاهبة الى اللامجتمعية عبر التفاعل المجتمعي والغلبة الارضوية الابتدائية على مدى ثلاث دورات تاريخيه بنهاتتها تكون توفرت الاسباب الضرورية اللازمه للانتقال النوعي، من المجتمعية الجسدية الحاجاتيه الى العقلية فاكتمال البنية المجتمعية الرافدينه لامجتمعية ونهاية المجتمعية.
من هنا يكون الانقلاب الالي، عراقي لااوربي، وان هو وقع في اوربا، لتحتل دور الوسيط المحفز بالاصطراعية والقصورية الافنائية، لحين تتحول الاله كما هو مقرر لها، من " مصنعية" الى تكنولوجيا متلائمه مع اشتراطات الانتاجية العقلية، حين لايعود ثمه من ممكنات استمرارية للانتاجية الجسدية اليدوية، بما في ذلك لحظتها المؤقتة مابين الالة المصنعية و"التكنولوجيا العليا"، حين ينتهي من حينه اي فعل ممكن للغرب ونمطيته المجتمعية الارضوية الطبقية، ودورته الدينامية الثانيه، العليا ضمن صنفه بعد الاولى الاغريقية الرومانيه، الهامة والضرورية، اللازمه لاجل الانتقال اللاارضوي.
والمجتمعات دورات تشكل، فاما ثلاثية هي الاساس والبؤرة التحولية، تلك التي تحكم ارض مابين النهرين، وتنطوي على الحقيقة المجتمعية الكبرى، والهدف النهائي، او ثنائية الدورات كما الحال الاوربي الاحادي المنشطر طبقيا، او تكون احادية الدورة كما الحال في النموذجية احادية الدولة الاعرق المصرية النيلية، التي تظل محكومه لدورة تشكلها الاولى، تكررها وتجترها على مر الزمن، واقعه تحت اثر وفعل غيرها من خارجها.
والاحادية الارضوية تصل غاية واقصى ماممكن من العجب بذاتها، وبمنجزها يوم انبثاق الاله داخل اوربا، فلا يعود ينقصها كي تعتبر نموذجيتها مطلقة مع مفاهيمها وكل مايبين تفرداتها ونظرتها للاشياء والعالم والوجود، ومع الانفجار الذي يصيب وقتها الاليات المجتمعية، ويتسبب بمضاعفتها هناك، فان كل اسباب الشعور بالفوقية والتغلب على الغير تكون حاضرة بحكم اخلاق ومكونات الارضيوية البديهية، مايجعل من احتمالية مقاربتها لاي جانب قيمي متصل بالتفكير والمعرفه، محمولا بالاساس على غير مامن شانه منع احتمالية الزلل والشطط الذي من شانه احالة المعرفة الى عامل تسيد، لا الي تفان من اجل الحقيقة لذاتها بالاطلاق.
لكل هذا عم التبسيط والبداهه بما يخص المجتمعية، ومامعتبر علما وعقلانيه معززه بمظاهر القوة والمنعه، والمنجز الشامل، فماكان واردا على سبيل المثال الوقوف كما يجب، امام الظاهرة المجتمعية، ومعها وبالتلازم مسالة التاريخ والجهد البشري وتداخلاته وتفاعليته، بناء للعناصر الفعلية المتحكمه بمساره، فضلا عن غايته، ماكان من المستحيل معه على سبيل المثال النظر في الظاهرة الاجتماعية وتبلورها الاساس البدئي، بما قد يؤدي لاكتشاف اللاارضوية كمنطلق واساس، والازدواجية المجتمعية والتكوينه الفردية البشرية، وحين جرى التركيز على ماتعارفوا على تسميته "الحضارات القديمه" ومنها البدئية العراقية في المقدمه، فان هذا الموضع الحق اكراها بالارضوية الاحادية، وهنا كانت النقيصة الجريمه ترتكب اصلا قبل الجريمه الكيانيه النموذجية الاخضاعية الراهنه، فتلتقيان بما هما وحدة منظور اساسه واحد، لتصير البشرية مصادرة تاريخا وحاضرا.
واما الاكثر استحاله، والذي يذهب لحد اضعاف وضعضعة افتراضية العلم والعقلانيه بمقابل الماورائية الدينيه بالذات، فيتمثل تحديدا في افتراض وحدانية النموذج الكياني الارضوي، حيث التطابق بين التشكل المجتمعي القومي الوطني، مع المجال الارضي المحدد جغرافيا والمؤدي الى تشكل الصيغ الخاصة والقوميات، مع ان المتوقع والذي كان مفترضا حدوثة اذا صدقنا مدى ومستوى الوثبه المعرفية العلمية الحالة على الغرب والعالم وقتها، ان يقوم الغرب ساعتها بفك اللثام عن اخطر واهم ظاهرة مجتمعية نوعا، تلك التي تنقسم الكيانيه بضوئها الى، الارضوية المعروفة الشائعة، و "كتابية" بلا ارض، تتحقق اصلا ضمن اشتراطات اساسها ومنطلقا التحقق خارج ارضها كما حال اللاارضوية الخارجة بقوة فعل الاصطراعية الازدواجية الرافدينيه، من ارض سومر الى "الوعد خارج ارضه" الذي يتحقق بسبب ثنائية الكائن البشري وازدواجيته التكوينه العقل/ جسدية، بالكتاب بدل الارض، مع النبوة الحدسية الالهامية، لتغدو القراءات الكبرى الثلاث الابراهيمه، مرتكز كيانيه ثابته، مفارقه، مخترقة للمجتمعية الاحادية الارضوية على مدى هو الاوسع على مستوى المعمورة. وليس هذا وحسب، فهو يبقى كلازمه تكوينه ثابته داخل المجتمعات الاحادية، التي لاتكتمل بنية الا به، وبمايولدة من ازدواجية احادية، مقابل ازدواجية الازدواج المجتمعي، وبصورة دائمه.
هذا على المستوى التاريخي الذي مر به الكائن البشري، والباقي مغفلا خارج الطاقة والقدرة العقلية على الاحاطة، ماكان مفترضا بالقفزة "العلمية" الكبرى الاوربية الحديثه، ان تحاول جاهدة تجاوزه دليلا على رفعتها المعرفية، وللضرورة القصوى، وهو ماقد حدث عكسه كليا مع السعي لفرض المنهجية والنموذجية الغربية بطابعها الاحادي الارضوي، وان بحالته الاعلى القمه، ماكان من البديهي ان يتدرج في الممارسة العملية الى اكراهية نموذجية، مورست بمنتهى السذاجه في حالة ارض مابين النهرين والعراق الحديث كما صار يعرف، لنغدو من يومها بازاء حالتين و نشوئيتين، الاولى مفترضة مفبركه جاهزة ومقحمه ارضوية، والاخرى الاساس، حالة تشكل لاارضوي ذاهبة الى التحقق النهائي للمرة الاولى ككيانيه "كتابية"، تعود اليوم وبعد طول تجارب واختبارات دورات وانقطاعات، الى التحقق في الارض، بعد التحقق الاول خارج الارض، لتعذره في ارضه حينها ابان فترة اليدوية وغلبة الارضوية المرافقة لها.
وليست التصادمه المنوه عنها بالحدث العارض، او المنفصل ـ كما يسعى الغرب لان يصور الامرـ عن عملية الانقلاب الالي ومسارها، والمحطات المفروضة علبها قبل ان تكتمل عناصرا، وتصل غايتها غير المحدودة بالمصنعية الاولى التي عمت اوربا كافتتاح، سائر الى التمخض عن اشكال من التحورات الاليه، منها التكنولوجيا الانتاجية الحالية، ومابعدها التكنولوجيا العليا، وما يواكبها محطاتها من متغيرات على المستوى المجتمعي، وبالذات الاوربي الارضوي الانشطاري الطبقي، وعموم المجتمعات الارضوية الاحادية، بعد انتقال مركز القيادة الاليه الى الكيانيه الامبراطورية المفقسه خارج رحم التاريخ.
هذا والعراق مايزال يعاني وطاة الانقطاعية الثانيه المستمرة من سقوط بغداد عام 1258، وبالمقابله فان حال العراق منذ الانقلاب الالي الاوربي هو حال غياب وانقطاع، مقارنه بحال الصعود والنهضه الاوربية المترافقه مع انبثاق الاله، ومع ان هذا الموضع كان قد عرف قبل الانقلاب الاوربي، وبالتوازي معه حالة انبعاث وتشكل بدات من القرن السادس عشر، الاان مسار الدورة الراهنه الثالثة ظل بلا نطقية هي الاساس في الحال الرافديني.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا