الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لائحة اتهام لثلاثة ايديولوجيات دمرت اربعة دول عربية ـ2

لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)

2023 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


. ‎ مرافعات وكلاء الدفاع عن التيارات الثلاث
قام ثلاثة وكلاء عن الدفاع بتقديم ادلاءاتهم لدحض التهم الموجهة لتيارات موكليهم الثلاثة وفق لائحة الاتهام التي تم طرحها في الجلسة الاولى .
1. مرافعة وكيل الدفاع عن التيارالقومي العروبي
رد وكيل الدفاع بالنفي لتهمة الانقلابات العسكرية وارجع ان تحرك القوات المسلحة لقلب النظم الملكية جاء لحالة الغضب الشعبي على النظم الملكية العربية بعد فشلها في مجابهة العصابات الصهيونية ومخططات الغرب والشرق في انشاء دولتها الغاصبة اسرائيل ولمواجهة الاذلال للامة العربية بهزيمة جيوشنا وتهجير الشعب الفلسطيني من اراضيه ومدنه. انها تحركت بناء على حاجة الامة وليس لغرض السيطرة على السلطة ايمانا من ضباطها الاشاوس في حركة الضباط الاحرار للعمل على ازالة الانظمة الرجعية واقامة نظما قومية تؤمن بالوحدة العربية لحشد طاقات الامة لمواجهة الاستعمار والصهيونية. ولم يكن امام الضباط الاحرار الا التحرك للثأر لكرامة الامة واعادة حقوقها وبدأته من مصر ثم سوريا والعراق. وتابع ان التيار القومي الذي بدء بقيادته عبد الناصر في مصر كان صادقا مع الجماهير في توحيد طاقات الامة ومايدل عليه انه اقام الوحدة مع سوريا عام 1958 . وردا على تهمة انهاء الحياة الديمقراطية ومنع نشاط الاحزاب السياسية اورد انه جاء لمنع تشتت طاقات الامة بين احزاب وتيارات مختلفة وتوحيدها تحت راية واحد لتحقيق قضايا الامة وجمع طاقاتها لتحرير فلسطين ورفض التهمة الموجهة بالقمع والديكتاتورية كما ورد في اللائحة. اما التأميمات الاقتصادية التي بدأ بها بها الزعيم عبد الناصر فكان هدفها زيادة قدرة الدولة ووضع مواردها في خدمة المجهود الحربي وليس لغرض تصفية منافسة سياسية من الرأسمالية المصرية المحلية كما زعم في الملحق المقدم في تفاصيل الاتهام مستشهدا ان التاميمات ل367 شركة مصرية جاءت بعد ثلاثة اشهر فقط من الانفصال عن سوريا عام 1961. ونرفض انه تم بناء على نصيحة سوفياتية بان الرأسمالية الداخلية في سوريا هي من قادت الانفصال ومنه ضربها الرئيس في مصر خوفا من قيامها بنفس الدورالذي لعبته في سوريا في قلب نظام الحكم . فالرئيس عبد الناصر اراد تحويل ادارة الشركات المؤممة والاقتصاد بيد الدولة خدمة للشعب لاقامة العدالة الاجتماعية ولزيادة قدرات الدولة لخوض الحرب ضد الصهيونية . اما تهم الهزيمة في الحروب مع العدو الصهيوني فهي لاتعود لفشل الرئيس اوللانظمة القومية في سوريا والعراق بل لتآمر الغرب الاستعماري على امتنا العربية في دعم اسرائيل عسكريا ومنه تم التوجه للسوفيت لنصرة نظمنا التحررية في كفاحها المشترك ضد الاستعمار والصهيونية. وبعد رحيل الرئيس عبد الناصر استمر نضال تيارنا القومي العروبي بقيادة حزبي البعث في سوريا والعراق على نهجه وعززت توجهاتها المعادية للامبريالية ودخلت بمعاهدات مع السوفيت لتعزيز الجهود المشتركة في دحر عدوان الصهيونية والامبريالية.واما مايدعى بالقمع للقوى اليسارية الوارد في الملحق بعد الدخول في جبهات تقدمية في السبعينات فهو كان لنفس غرض تجميع القوى التقدمية تحت قيادة حزب البعث الاشتراكي لخوض المعركة ضد الصهيونية والامبريالية ، وليس لاحكام الديكتاتورية كما يرد في الملحق وفي لائحة الاتهام، ومنه فالاتهام بالديكتاتورية ساقطا امام اهداف توحيد كلمة الامة وقواها التقدمية فكلانا يخوض معركة واحدة وكلانا صديق للسوفيت وعدوا للامبريالية. اما دور تيارنا في لبنان واتهامه بتأجيج الحرب الاهلية فان القوى الرجعية رفضت ان يكون لبنان ساحة للمقاومة مع باقي الجبهات ومنه اجبر تيارنا على خوض معركة داخلية لنصرة قضايا امتنا واولها القضية الفلسطينية. اما الادعاء بان تيارنا ابعد شعوبنا عن الديمقراطية فانها باطلة حيث ان تيارنا يؤمن بنظم الديمقراطية الشعبية بدلا من الديمقراطية الغربية فهي تمثل تحالف العمال والفلاحين اي اوسع طبقات الشعب خدمة لمصالح اوسع طبقات الشعب وللوقوف موحدين في قضايانا المصيرية. نحن نرفض جميع التهم الموجهة لتيارنا ونعلن ان كل جهود تيارنا كانت لخدمة امتنا لمجابهة الاستعمار والصهيونية والامبريالية ونحملها كل ماحل بأمتنا من هزائم وماتلاها من ضعف وتراجع كان تآمرا عليها واهدافه واضحة اضعاف طاقات امتنا لمنعها من مواجهة اسرائيل والصهيونية.
2. مرافعة الوكيل عن التيار الماركسي السوفياتي
نفى وكيل دفاع التيار الماركسي اول تهمة واردة بانه ساهم بنقل اتون الحرب الباردة لمجتمعاتنا نافيا ما ورد في الملحق ان الاحزاب الشيوعية التي تمثل هذا التيار قد قام بزرعها السوفيت في المنطقة ولم تولد لحاجة مجتمعاتنا لبرامجها وطروحاتها كونها غير صناعية او رأسمالية ، مضيفا ان تيارهم قد قام لنصرة الفقراء ومقاومة الاستعمار، وانما وقوفه الى جانب السوفيت ليس تبعية بل ايمانا ان تحرر الشعوب العربية لن ينجز الا بعد التحرر من الاستعمار وهيمنة الامبريالية ومنهما يلتقيان فكريا وفي الاهداف. ونفى الوكيل تهمة التحريض ضد النظم الملكية فهو جاء كون الاخيرة مصطفة مع الاستعمار وهي من ادواته، وتوجب فضح سياسات هذه الانظمة الرجعية الموالية للامبريالية لمصلحة شعوبنا للتحرر من نفوذ الاستعمار والاستغلال. اما تهمة خوض معارك داخلية لمصالح دولية خلال الحرب الباردة فردها ان الحركات القومية واحزابها ونظمها هي التي جابهت الاحزاب الشيوعية بداية بتحريض من الغرب وذلك كون الاولى لم تع الدور الهام للوقوف مع السوفيت لنصرة قضايا شعبنا في التحرر من الاستعمار والامبريالية ، ولكنها وعت ذلك تدريجيا ،خصوصا بعد هزيمة حزيران عام 1967 ، وبدأت بالتقرب من تياره ومن السوفيت ومنها رد تهمة تبييض صفحة هذه الانظمة القومية حيث انها انحازت للسوفيت لموقفه المبدئي من قضايانا الاساسية ومنه توجب تشكيل جبهة واسعة مع التيار القومي الناصري والبعثي للوقوف ضد الامبريالية ومنها دخل تياره مع التيار الناصري وتشكيل الاتحاد الاشتراكي القائم على تحالف العمال والفلاحين في مصر ، تلاه بجبهات مع التيار البعثي الحاكم في السبعينات في العراق وفي سوريا، ليس لخدمة اهداف السوفيت بل ايمانا بأن تحرر شعوبنا لن ينجزالا بجبهة واسعة للقوى المناهضة للامبريالية. اما تهمة تعريب نماذج سوفياتية لعبد الناصر والانظمة القومية للقيام بالتأميمات وتحويل الاقتصاد لسيطرة الدولة فان تياره يجدها تتماشى مع التوجهات الاشتراكية لاقامة العدالة الاجتماعية وانهاء دور الرأسمالية الاستغلالية ولكن التيار القومي . وبخصوص تهمة تحريف الديمقراطية التي نادى بها وتعريب النموذج السوفياتي لها في الانظمة القومية فنفاها مدعيا ان ديمقراطيتنا قائمة على تحالف العمال والفلاحين وهم الاغلبية ويمثل الديمقراطية الحقيقية وليست الديمقراطية الغربية القائمةعلى تحالف البرجوازية والطبقات المستغلة التي تقف مع الاستعمار والامبريالية التي نهبت شعوبنا ، وعليه نضع ما اصاب دولنا من ضعف على الاستعمار والامبريالية كما وعليها يقع ايضا الاتيان بالسلفية لمجابهة تيارنا التقدمي وليس هو اتهامنا اننا مسؤولون عن التخلف بل هي مؤامرات الامبريالية ضد شعوبنا ومنه نطالب بالغاء كافة التهم الموجهة لتيارنا في لائحة الاتهام.
3. مرافعة وكيل التيار السلفي الولائي
ادعى الوكيل ان كافة التهم ملفقة وتمثل وجهة نظر الغرب والصليبية ضد الاسلام وضد تيارهم فهم يمثلون ضمير وذراع الامة لمواجهتها، والعمل على اعادة عزتها ومجدها كما كانت في دولته تحت راية الاسلام والتوحيد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعد مؤامرة تشكيل الكيان الصهيوني وفشل نظم القمع الناصري والقومي كان لابد من التحرك لمواجهة الحلف الصليبي الغربي وعونه القومي الذي اراد الفصل بين العروبة والاسلام ومثله الشيوعي الالحادي المتوجه للشيطان، ولولا احتلاله لافغانستان لما رفعنا السلاح ولا كونا كتائب الجهاد لمجابهته ومنه فاتهامنا بتشكيل فصائل مسلحة هو باطلا كون هو للدفاع عن النفس وعن كيان الامة تلبية لدعوته تعالى للجهاد ضد تآمر الغرب والشرق والصهيونية واعوانهما من يريد تشتيت هذه الامة ومن يقف في طريقنا لأقامة دولة الخلافة وفق تعاليمه وشرائعه لتستطيع اعلاء كلمته وارجاع العزة لامتنا وتحرير فلسطين ومجابهة مخططات الصهيونية والغرب الصليبي في غزوه الفكري واعادة مجد الامة تحت راية الاسلام ، فنحن نرفض كافة التهم وكل جهدنا ه. ارجاع مجد هذه الامة والوقوف ضد من قام بتشتيتها واضعافها وهم الصهاينة والاستعمار واعوانهم في المنطقة.
4. مرافعة المدعي العام في القضية
قدم المدعي العام مرافعته لدحض ردود الدفاع التي لخصها وفق نقطتين:
1. دحض استخدام العقائد كحجة عندما يأتي فعلها المُمارَس تخريباً
حيث اشار ان التيارات الثلاثة استخدمت عقائدها ذات النوايا الحسنة لرد التهم عنها ، واذا كان الفعل التخريبي كما جاء في لائحة الاتهام ناتجا عن العقيدة نفسها فلا يجوز استخدامها لدحض التهمة في الفعل ، فهو كان نتيجة لها ،اي ان كلاهما متهمان ، وبما ان المحكمة لم تقم لمحاكمة العقائد ، كون القانون وحقوق المواطنة يجيز حمل العقائد المختلفة للمواطنين وتكوين الاحزاب والتيارات ، فهو حقا لهم بما يعتقدون ، ولكن المحكمة اقيمت للحكم في فعل التخريب الحاصل من الفعل ، ومنها تسقط حجة الدفاع باستخدام العقائد واظهار نياتها الحسنة ، فبعض هذه النيات من قتل وعليه فالمحاسبة على القتل ، وبعضها من دمر الاقتصاد ، واخرى دمرت النسيج الاجتماعي الوطني وبثت الفرقة في ابناء المجتمع الواحد، ولائحة التهم تتضمن ممارسات وافعال للتيارات ادت لنتائج كارثية ولاجلها اقيمت المحكمة للحكم وفق الافعال بالمسؤولية عن هذه الكوارث. وضرب ممثل الادعاء العام مثالا ان التيار القومي يبرر اقدامه على الانقلابات العسكرية لأقامة نظما قومية تحقق الوحدة العربية لتحشيد طاقات الامة لمواجهة الصهيونية ، وهنا اتت العقيدة وراء الدافع الانقلابي (الفعل) وبها يرد نفس المتهم التهمة عن الفعل الانقلابي بنيته ، ولكن الفعل ادى لتدمير كيان دولنا بدساتيرها ومؤسساتها وماتلاه من كوارث في اقامة نظم ديكتاتورية عسكرية واغتيال الحياة الديمقراطية في مجتمعاتنا، وهذه كانت اولى الكوارث. انهم باسم العقيدة اقترفوا الجرم ومارسوا الفعل التخريبي وباسم نفس العقائد ينفون دور الفعل في التخريب. اي استخدام نفس ما ادى للتخلف والتراجع في درء التهم عنه ، وهو امرا مرفوضا كون التبشير بالنيات الحسنة في الشعارات والتوجهات ، مثل تلك التي اوردوها ، لايعفي صاحبها من مسؤولية فعل الخراب الذي قام به ، وهو يشبه الذي يقتل باسم العلاج ويدمر باسم البناء . هذا على صعيد تخريب انظمة الحكم الملكية التي كانت قائمة على دساتير وبرلمانات ديمقراطية حتى وان كانت بشكلها البدائي ولكنها كانت قابلة للاصلاح والتطوير وكان بامكان التيار القومي استخدام وسائل سلمية للضغط على السلطات للدخول بوحدة عربية لتجميع الطاقات ، وهي نفس النية ونفس الهدف ولكن دون تخريب دولا بكيانها ومؤسساتها ليقيم الديكتاتورية عن طريق الاتقلابية . نفس الامر ينطبق على حجج التيار الماركسي السوفياتي باقامة حجته على حسن ئواياه بتعريب النموذج السوفياتي وتقديمه للنظم القومية لحكم الحزب الواحد باسم اتحاد اشتراكي في مصر قائم على تحالف العمال والفلاحين ، او جبهات تقدمية مثل سوريا والعراق ، لتحل محل البرلمان في النظم الديمقراطية ، ومنها قوضت اسس اقامة نظم ديمقراطية في مجتمعاتنا ودولنا .وعربت بسط سيطرة الدولة على الاقتصاد بالتأميمات باسم التوجه للاشتراكية ومنه تمت تقوية قبضة هذه النظم على دولنا وجعل اقتصادنا يدار من البيرقراطية والاجهزة الحزبية ومنه عم الفساد المالي والاداري وتدمير اقتصاد بلدنا واسس تطويره، ومنهةتخلف بلداننا اقتصاديا والى اليوم. الانكى ان هذا التخريب وهذه الانظمة الديكتاتورية مثل نظم ناصر والبعث سماها الماركسيون بيافطات سوفياتية لشعوبنا انها انظمة تحرر وطني وذات توجه اشتراكي معادي للاستعمار والامبريالية بينما هي انظمة ديكتاتورية قمعية ومتخلفة ادت لتدمير اركان الحياة لمحتمعاتنا ودولنا.اما تبريرالسلفي انه انشأ الميليشيات والتنظيمات المسلحة للدفاع عن الامة ولأعلاء كلمة الله ومقاومة الاستعمار والصهيونية ، فهذه كلها وبما فيها من نيات تبدو انها باسم الله فهي في الفعل ضده وضد مجتمعاتنا ودولنا فالقتل والتآمر وبث الفرقة الدينية والطائفية افعالا تدميرية اجرامية تتم باسم الدين وهي ضدعقائد الدين السمح الذي تحاول هذه القوى الارهابية تفسيره وفق ماتشتهيه لبسط سيطرتها وسطوتها الارهابية بقوة السلاح على الدولة وعلى المجتمع، وجرمها جرمين ، اضافة للتدمير والقتل وبث روح الفرقة في المجتمع فهي استغلت الاديان للقيام بذلك ، ومنها اساءت للفهم السميح في مجتمعاتنا لهذه الاديان .
ان جميع هذه التيارات كان متاحا لها العمل العلني قبل الانقلابات ( عدا تلك التي اختارت السري كالاحزاب الماركسية السوفياتية وفقا للمنهج الفكري الذي دربت عليه) . واذ انها ليست مهمة المحكمة محاكمة العقائد ، فحرية العقيدة في عرف الدول الديمقراطية حق لمواطنيها وكذلك حقهم في تشكيل احزابهم واقناع الناس بطروحاتهم وبرامجهم، ولكن هذا لايعطيها الحق بالتآمر والتحريض لقلب نظم الحكم الديمقراطية المستقرة فيها وتدمير اسس دولها واقتصادها واقامة نظما ديكتاتورية بديلها تلغي حق المجتمعات في اختيار طريق تطورها ديمقراطيا. ان ادعآت الدفاع مردودة فالتهم قائمة على افعال التخريب تلك التي تم طرحها في لائحة الاتهام وليس للنوايا والشعارات التي تدعيها هذه التيارات واستخدمتها في دفاعها ومنها تسقط حجج الدفاع باستخدام عقائده.
2. دحض وضع التخلف على شماعة الاستعمار والامبريالية
ادعت هذه التيارات الثلاثة ،ورغم اختلافاتها الفكرية ،ان الاستعمار والامبريالية والصهيونية هي من يقف وراء التخلف والدمار لشعوبنا ودولنا، ويدعون انه ناتج عن تآمرها، وهذه ليست الا شماعة ترفعها لأخفاء اما اخفاقاتها او جرائمها في القمع والتصفية في معارك داخلية خاضتها فدمرت ما دمرت واليوم تضع نتائجها المدمرة على القوى الخارجية.
واورد المدعي العام شواهد من تاريخ منطقتنا القريب وواقعها المعاش اليوم لدحض ادعاآت هذه التيارات الثلاث، موردا نقطتين في الدحض :
الاولى : تقدمنا بحضارة الغرب وبالانقلابات تأخرنا
ان الاصلاح والتقدم بدأ في منطقتنا مع بداية القرن الماضي باقامة كيان ونظم دولنا المستقلة الديمقراطية الدستورية على يد الانكليز والفرنسيين ( نفس الاستعمار الذي يتهمونه) واستمر الصعود متسارعا لعقود جعل من بغداد والقاهرة ودمشق وبيروت مراكز للتحضر والثقافة والفن والادب واستعادت عافيتها التي غادرتها منذ الانقلابات والى اليوم ، فلو كانت هي المسؤولة كما يدعون لماذا حدث التطو وكنا تحت نفوذها ، اليس العكس صحيحا ان الخراب قد حل بعد الانقلابات وحلت القطيعة مع اوربا والعالم وماحدث من خراب هو فوضى الايديولوجيات والعسكر وسيطرتهما على دولنا وتخريب محتنعاتنا ومدننا. ان مراجعة بسيطة لوضع دولنا ومجتمعاتنا بعد تأسيس دولها على يد " ألاستعمار"،ومن خلال اية معطيات من ارشيف وثائقي او اذاعي او تلفزيوني او فوتوغرافي او سجلات بالبيانات الاجتماعية او التعليمية او الاقتصادية لحد منتصف القرن تحت نفوذ هذه الدول، يشهد على التقدم والتحضر المتصاعد في دولنا على كافة الصعد والميادين، كما ان اية مراجعة على ما حل بمجتمعاتنا بعد اسقاط نظم الحكم عن طريق الانقلابات سيظهر شريطا و سلسلة من الدمار والكوارث تستمر نتائجها حتى اليوم . ان التقدم السابق تم قبل الطاعون الديكتاتوري الايديولوجي لهذه التيارات والتراجع اللاحق حل بعده ، مما يشير ان الطاعون هو الفاعل الاساس، وحده الفاصل في هذا الموضوع. وتحديدا منذ نجاح انقلاباته ووصوله للسلطة واقامة نظم الديكتاتوريات العسكرية على انقاض ما كان قائما من انظمة دستورية ديمقراطية . ومن ثم تبنيها للنموذج السوفياتي في شكل الحكم للحزب الواحد وسيطرته على الاقتصاد. لو كان التحول من نظم دستورية ديمقراطية الى نظم ديكتاتورية عسكرية قد تم بتامر الغرب لامكن الاخذ بادعائهم ، ولكنهم يقرون انهم قاموا بالانقلابات ومن هنا ادانتهم .
الثانية : حضارة الغرب كان وراء نجاح الدول القبلية البدوية في التحضر
ان مجرد المقارنة بين تخلف دولنا الاربعة مع انجازات دولا بدوية قبلية جنوبا منها في الخليج تشير بوضوح ان حضارة الغرب بمفاهيمها وقوانينها التي يصموها "الامبريالية " كانت لهم الدواء وعلمتهم فن الادارة والبناء والاعمار ، وجميعها اليوم دولا معتبرة ذات اقتصاد دائم النمو ومدنا جديدة معمرة وبنى تحتية لائقة . واذا كانت هذه حققت نجاحها كونها متحالفة مع الاستعمار والامبريالية ، كما يدعي المؤدلجون ، اليس من حق شعوبنا المطالبة بالتحالف معها كي تتمكن من النهوض والتحضر ؟. ثم ان شعوبنا ترى ان دول الخليج تنعم بالرفاه والتطور والتحول من مدن اقيمت على كثبان تجول بها البعران الى مدن عامرة وبنى تحتية يشار لها بالبنان، ومدننا القائمة منذ فجر التاريخ تهاوت كالاصنام ، اليس هو انفتاح الاولى على حضارة الغرب والعالم والتعلم منه طرق الادارة والتخطيط والاعمار، بينما مدننا اصابها الطاعون الانعزالي ، فاصبحنا نحن المتخلفون وهم المتحضرون ، وهذا يدحض شماعتهم ، كوننا جميعا عربا ولو كان الاستعمار سببا لتخلفنا لعمل على ابقائهم متخلفين معنا. فسببه تخلفنا طاعونا داخليا اصابنا من التيارات المؤدلجة ، ولم يصبهم هذا الطاعون فنجوا وبنوا وتقدموا، ونحن قمنا بانقلابات خربت ودمرت وفقرت وهجرت ، ولو كانت هي السبب لبقيت دول ومدن الخليج كثبانا وقبائل بدوية كما كانت ايام عز بغداد والشام وبيروت والقاهرة . وهنا دحض المدعي ان التقدم الذي حصل في دول الخليج البدوية لا يعود لموارد البترودولار، فاستشهد بافقر البلدان في الموارد، الاردن والمغرب، و هما ينعمان بالنمو المضطرد والتطور والاستقرار ، ولبنان مثلهما فقيرا في الموارد وكان اكثر الدول تطورا قبل السبعينات،اي قبل غزوه بالايديولوجيات القوميات الثوريات والميليشيات. والعراق فهو اغنى البلدان العربية بالموارد المائية والبشرية والبتردولارية وهو من افشل هذه البلدان ، ولعله اوضح مثال على عبثها وماحل منها من اندثار ودمار. كانت بغداد عروسا للشرق كمثيلاتها النجمات القاهرة ودمشق وبيروت ، وتراجعت جميعها بعد غزوها بالطاعون الثلاثي المعادي للحضارة الاوربية ومفاهيمها ونظمها وعلوم ادارتها ، وتم عزلنا عنها وعن العالم باسم محاربة الاستعمار والامبريالية، اي فتح جبهة سوفياتية معها على ارض بلداننا ووقعت ضحية لها محتمعاتنا التي تحولت معاركها الداخلية للبناء تقاد وفق مصالح خارحية، فخربت وتصحرت ، وعكسها اضحت صحراء دبي هي نقطة اللقاء التاريخية بين الغرب والشرق اليوم بدلا من بيروت ، والتي كانت مليئة بالحركة والتاريخ والتحضر والثقافة والاناقة ثم تطوعنت فدمرت. فالمسألة في سبب التخلف والانهيار هو ليس الامبريالية ، بل هي مسألة فشل مناهج داخلية . فالعراق اغناها منهم جميعا في الموارد وهو اليوم افقرها ، ومصر كان يمكن ان تكون اغنى بلدان المنطقة واكثرها تطورا وهاهي اليوم تبحث هنا وهناك عن الاقتراض لشراء القمح، وسوريا التي لم تعرف في تاريخها الجوع شعبها جائع ومشرد من القمع والبطش الطاعوني، ودكتاتورها بالكاد يعيل اتباعه من تجارة حبوب الكوبترون، ولبنان، حيث كان واحة الديمقراطية ومركز تزاوج الثقافة والحضارة العربية والاوربية في المنطقة ، اضحى مرتعا للميليشيات منذ السبعينات بمختلف الاخراجات اخرها اليوم وجدران مدنه تغطيها الاف الصور لخميني وخامنئي وبطلا التحرير نصر الله وسليماني، واختفى جمالها الفينيقي، بينما يتدافع سكان بيروت الانيقون طوابير لشراء الخبز والدواء المدعوم. انه طاعون القرن العشرين المؤدلج ، له ثلاثة تحورات قومي وماركسي وديني سلفي ، كل منها دمر واهلك دولنا في دورات متتالية واذاق شعوبنا الهوان والفقر والبطالة والتشريد والقمع والدمار.
3. نموذج الغرب كان وراء تقدم اسرائيل
شكل انشاء دولة اسرائيل ومأساة الشعب الفلسطيني ضربة موجعة لشعوبنا وخلق الظروف المؤاتية لصعود الايديولوجيات الشعبوية الثلاثة التي استغلتها شر استغلال لضرب مقومات بناء دولنا ومجتمعاتنا، فقام التيار القومي بانقلاباته واقامة نظم الديكتاتورية ، والتيار الماركسي بدفعها للنموذج والمعسكر السوفيتي، والديني كما نراه اليوم في ميليشياته الارهابية المسلطة على شعوبنا باسم تحرير فلسطين. ومنذ منتصف القرن الماضي ، اي منذ الانقلابات ، بدأت دولنا تتراجع بينما تواصل اسرائيل تقدمها، والسبب ليس كما يدعون ان "الامبريالية " ارادت بنائها وعملت على تهريبنا ، بل هو في نموذج التطور الذي اتخذته مقابل نموذج التدمير الذي مارسته هذه الايديولوحيات الديكتاتورية على مجتمعاتنا.
ان " الدويلة " كما يسمونها ، قد استنسخت من الغرب كل نظمه تقريبا في العلمانية والديمقراطية والاقتصاد الحر في التنمية ، ومنها نجحت ويبلغ دخلها القومي اليوم قرابة 400 بليون دولار، أي قرابة نفسه في مصر وسكانها عشرة اضعاف ، وثلاثة اضعاف العراق وسكانه اربعة اضعاف وموارده البترولية الخيالية ، ومساحة الكيان هذا لاتتجاوز 20 الف كلم 2 ، اي اقل من مساحة محافظة واحدة في العراق مثل محافظة المثنى "السماوة " العراقية، ولا وجود في الكيان لا للنفط ولاانهار الفرات فهي دون موارد تقريبا. ان اي تحليل لنجاحها سيقود لنفس اسس نجاح باقي الدول ويعود لاتخاذها نموذج الغرب بأهم مفاهيمه علمانية الدولة ونظم الديمقراطية السياسية والاجتماعية ونموذج التنمية الاقتصادية الاستثمارية وفق الاقتصاد الحر، وهذه هي اسس حضارة الغرب التي تم تطبيقها بنجاح مماثل في عشرات الدول. والسؤال هنا : اليس الاجدر ان نتعلم من عدونا اسباب قوته لبناء قوتنا لمواجهته حضاريا ؟. ان مثال نجاح " الكيان" و فشل " دولنا " ، حوله الى " دولة " ونحن اصبحنا " كيانات" تنسب لحكامها . انت يبرهن على ان نموذج بناء الدول وحكمها وطريقة بناء وتطوير نظمها ومجتمعاتها وحرياتها واقتصادها ، والتي هي معارك داخلية بحتة ، كانت هي السبب، وما الشماعات الخارجية الا وسيلة للهروب للامام واخفاء الفشل وتحمل المسؤولية.
اختتم المرافعة بالطلب في تثبيت كافة الاتهامات المدعومة بالوقائع الواردة بالتواريخ في ملحق قضية الاتهام ، ومرافعتي هذه لرد حجج وكلاء الدفاع ، ونشر كافة وثائق القضية خدمة لمستقبل شعوبنا واجيالنا في رسم معالم طريقها وشقه لبدء معركتها للخروج من النفق المظلم الذي اوقعتها فيه الجهات المتهمة. فمعرفة اسباب التخلف والتراجع الذي جلبها لها هذا الطاعون الثلاثي الذي تلاعب بمشاعرها وعزلها عن العالم ليستفرد بها ، وطغى فخرب ودمر ، ولابد من تبيان دوره في تخلفنا ، وانهاء عزلتنا عن العالم ، وفهم قوانين بناء دولنا ونظم حكمها على اسس ما نجح من تجارب الانسانية .
5.قرار المحكمة
عقدت جلسة ثالثة واخيرة للمحكمة بعد انقطاعها لشهر كامل لغرض التداول وفحص الادلة المقدمة في ملحق القضية لدعم لائحة الاتهام ، وراجعت ماقدمه وكلاء الدفاع والمدعي العام في مرافعاتهم ، وخصصت هذه الجلسة للنطق بالحكم والذي صدر ونطق به القاضي الرئيسي ، الذي تولى ادارة الجلسات، وورد في قرارين اتخطتهما المحكمة :
القرار الاول : وجدت المحكمة ان جميع التهم الموجهة في لائحة الاتهام هي صحيحة ومدعومة بالوقائع الموثقة بالتواريخ واماكن الاحداث ، ومنها تثبت المحكمة هذه التهم الواردة بحق المتهمين الثلاثة.
القرار الثاني : توصي هذه المحكمة بنشر كافة الوثائق والملاحق والمحاضر الخاصة بالقضية للرأي العام لاهميتها في اطلاعه عليها وعلى عدالة الحكم الصادر من المحكمة ، اضافة لفائدتها في تنويره باسباب ما اصاب دولنا ومجتمعاتنا من تخلف وتراجع ودور الجهات المتهمة في القضية فيه.
تم قراءة قرارالمحكمة المشكلة في قضية تخلف الشعوب المغدورة بتاريخ 17 /06/ 2023.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد أسمعت
عدلي جندي ( 2023 / 6 / 18 - 16:45 )
لو ناديت حيا


2 - من دق باب مطلب ---ولج في الدق انبلج
المتابع ( 2023 / 6 / 18 - 18:22 )
صحيح ان احداث-ال105 سنه الاخيره-اي منذ نهاية الحرب العالمية الاولى التي بكت عن شعوبنا قيود وسلاسل وحشية عصابة ال عثمان الاسلاميه-بينت صعوبات جمه في الامتزاج باوربا المزدهره-في حين بلداننا متداخله معها -ولكن مسارعة الشر الثلاثي الاسلامي والبولشفيكي ومن ثم الفاشي العنصري القومي العربي بهيمنتها على مصائر مجتمعاتنا بانقلاباتها -وثوراتها- جعلت التقدم الى امام بحل مشاكلنا حسب العلم وتجارب الغرب السعيد مستحيلا الا بحدث عجائبي او بالتنوير الصبور-صبر نبي هههههههههه

اخر الافلام

.. التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما الدور الذي تلعبه الولايات الم


.. صحيفة إسرائيلية: -القتال الصعب في لبنان مع قوة الرضوان في حز




.. خامنئي: إن أي ضربة ينزلها أي شخص أو مجموعة بإسرائيل هي خدمة


.. إسرائيل - حزب الله: ما الذي تغير في الخطط العسكرية عن حرب 20




.. فواز جرجس عن رد إسرائيل على إيران: علينا توقع الأسوأ.. ونتني