الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحر مَقبرة الفقراء حينما يبحثون عن حماية

عصام محمد جميل مروة

2023 / 6 / 18
حقوق الانسان


ليست المرة الاولى التي يغضب البحر بعد دوران متعدد الأوجه في عتمات الليالي المضيئة من انوار القمر في عز ايام الصيف حينما يركب التائهون آليات غير مضمونة ولا يعرفون عنها شيئاً لا اسماً لأصحابها ولا لوائح طعامها او حتى خارطة نجاتها اذا ما تعرضت للإهتزاز والإرتجاج كما يحصل على متون المراكب السياحية في ايام النزهة البحرية على شواطئ البحر الابيض المتوسط الذي يشتهر بتعدد جزرهِ الخلابة الممتدة والمتقابلة ما بين حوض تركيا وقبرص وسوريا ولبنان وصولاً الى سواحل مصر وتونس وليبيا والمغرب حيث تبدأ من هناك رحلة البحث عن اخر آمال إنسانية الإنسان . و العمل بإتجاه رسم ما تبقى للآمال للشباب في منحهم رائحة الحرية اذا ما قاموا في مجازفة تحدى امواج البحر بحثاً عن اشارات التي تدل الى مرافئ وموانئ اوروبا بداية من نقطة التلاقي عند ايطاليا وربما اسبانيا وفرنسا وبريطانيا.
لعبة الموت هنا اكبر رهان يخوضها الشباب والعائلات التي تبيع اغلى ما لديها للحصول على كرسي او مكان وقوفاً !؟. على متن مراكب اساسا ً لا يمكنها ان تكون قوارب صيد على اطراف الشواطئ في تلك الدول الفقيرة والمنهكة من تتالي الحروب ومآسيها اذا ما تخطينا اسباب ودوافع السرية التامة عندما ينعقد شِراء وحجز مكاناً مع أُناس بلا قلب او شفقة او حتى إسقاط المسئولية عن الاجابة عن وجهة المسير او خطة العبور والإبحار !؟. لكن رُعاة تلك القوارب والمراكب التي ليس بمقدورها سوى تعميم ساعة الصفر التي لا يعرف عنها شيئاً الا بعضاً من الاشخاص الذي يختبئون خلف توابيت الموت !؟. لأن إصطيادهم للأفراد يكون سهلاً بعد تقديم فرص التسهيل ""وتبليط البحر في مخيلة الذين ذاقت بهم سبل الحياة في بلادهم من الجوع والمرض والفقر والتهميش وحتى السكن تحت سقف من الصفيح"" !؟..
9 حزيران ابحر المركب وعلى متنهِ حسب الإعلام المحلي لليونان "" حوالى - 500 - 700 شخص "" ، من دول متعددة - مصر - فلسطين - الباكستان - سوريا -وربما هناك بعض المجموعات من دول افريقية وليس مؤكداً بعد الإغراق المباشر للمركب عندما أبحر من سواحل ليبيا على اطراف مدينة طبرق متجهاً الى السواحل الإيطالية وكان يحتضن العدد الاكبر من ابناء سوريا كما ورد بعد وقوع الصاعقة لدى الاهالي فقط .
250 شخصاً معظمهم من مستوى اعمار لا تتجاوز الاربعة عقود ومعهم نساء واطفال لاقوا حتفهم في تلك الليلة المشئومة بعدما رفضت اليونان وخفر سواحلها استقبال المركب وتسهيل عملية الانتقال. لكنهم رفضوا و دفعوا من على المركب الى متابعة الابحار بلا خارطة وبلا دلائل نحو سير مجهول ومستقبل سيما الغرق والجنوح كان اخر نهاية ذلك المركب ومن على ظهرهِ وفي باطنهِ . تم إكتشاف المجزرة او المغرقة صباح الاربعاء بعد سلسلة اقاويل من هنا او هناك بعد فقد الاهالي "" المتواجدون "" على احر من الجمر لإستماع رنات هواتف الذين إلتزموا صيغة الصمت والأوامر خوفاً من فضيحة لحظة العبور .
نكست الحكومة اليونانية الاعلام لفترة ثلاثة ايام حداداً على ارواح فضائح مشتركة ما بين دولهم وما بين اليونان اذا ما كانت وافقت على إستقبالهم وتأمين فرص وتنظيم محاضر اللجوء في اسلوب حضارى كما مرَ عند المؤتمر الصحفي لخفر السواحل حينما قالوا اننا نتبع تعاليم وبرنامج الامم المتحدة ونتلقى دعمهم ونقف حاجزاً بوجه كل من يريد العبور بطريقة عشوائية مما يؤدى الى ما نحنُ عليه وعمق الازمات في إستقبال اللاجئين.
ومن البديهي بعد الإتهام والتقصير في عمليات الإنقاذ اليوناني ، الا ان احد النواب في الاحزاب العنصرية ادان واستنكر عملية الموت وترحم على فقدان الاولاد والنساء والشباب ، وقال بكل خبثٍ ولؤم اننا لا نفتح ابوابنا للسارقين !؟.
فمن هنا تبدأ عمليات المحاسبة مباشرة عن من هو المسؤول اولاً واخيراً حول مسيرة المئات من مراكب الصيد الصالحة او الغير صالحة للإبحار وعلى متونها ربما المئات في مساحات لا تتسع الا لبعض الاشخاص وحتى لمسافات جداً قريبة و بلا حماية او رعاية منعاً للغرق !؟. كما يتم إرسال الزوارق السريعة للإنقاذ التي تتميز بكل مواصفات البدخ والصناعة والحداثة وعلى متونها العشرات من خفر السواحل المدججين بالسلاح لحماية شواطئ بلادهم من الغزو المتعارف عليه مؤخراً في التدبير والتدبيج لمعاهدات حماية الحدود المائية ما بين الدول . فكيف سيكون الحال اذا ما كانت معظم الدول الغنية وجهة "" الشخاتير العاجزة "" ، فهناك سردية وحيدة لا ثالث او ثانية لها وهي من حق أرباب خفر السواحل إغراق مراكب مَنْ لا يصغي الى مؤشرات التراجع وعدم إختراق الحدود الدولية.
إنها لعبة البحث عن الموت في البحر !؟.
إبتلع البحر جثث اكثر من 109 اشخاص من الابرياء الذين عانقت ارواحهم اكثر من "" 30000 - الف مفقود وغريق ما بين ليبيا وايطاليا بعد سقوط انظمة الموت مباشرة اثناء ثورات الربيع العربي "" . لكن الحرب كانت برغم قساوتها تقاسمت الالام مع اعباب البحر الذي يداعب الجثث المترامية في الذاكرة منذ تلك المراحل الاليمة بعد انفجار اصوات مدافع لا تفرق بطريقة موتها عن الامواج العاتية وقعر البحر الذي يحتضن الى الأن الالاف من الشهداء الذين سقطوا غرقاً بعد بحثهم عن الحرية على متن محيطات مجهولة القاع .
ما كان فظيعاً وقاسيا اكثر من الموت نفسهِ هو التأكيد بعد البحث عن لوائح واسماء ناجون من مهلكة الإغراق الذي على ما يبدو إنهُ لن يتوقف وبفعل مجهول او معلوم لردع وصول مراكب السفر والنجاة من أتون بلاد الحروب عبر البحر والمصير المجهول سعياً للمستقبل في بلاد افضل من بقايا بلادنا التي تآكلت حتى صارت رماداً وسقماً ناتج عن انانية مدعومة بكل صلفٍ موثق!؟.
تعتبر اليونان المترامية جزرها في شرق البحر الابيض المتوسط عند نهاية الحدود الاخيرة للإتحاد الأوروبي .
فلذلك تُنظمُ وتُعدُ وجهة الفارين والهاربين من الحرب والفقر والجوع والمرض والعوز للأفراد الأتيَّين من دول افريقية واسيوية ومن جوار بلاد الحوض للبحر المتوسط ، سوريا - لبنان - فلسطين - ويسعون بكل ما لديهم من زنود و قوة بدنية لمعاندة امواج البحر والموت المتوقع ، قد يكون افضل وارحم حال في الاف المرات اذا ما نجوا بحياتهم وتم عبورهم سباحة الى بلاد اوروبية خصوصاً الشمالية منها والإسكندنافية ، النرويج ، السويد ، فنلندا ، الدانمارك .
إزاء تلك الهالة من الحزن على فقدان الالاف من ابناء بلاد الحروب يبقى التساؤل غامضاً حول عمليات الإتهام والإتهام المتبادل ما بين مساومة البحر على إحتضانهِ فقراء يبحثون عن مقبرة ، ام عن زعماء لتلك الدول الأشبه بالعصابات والمافيا التي تُساوِمُ على بقائهم توابع لها او الفرار مرغمين وإن كانت نسبة النجاة لا تتجاوز فسحة رحلة خوض غمار فوق امواج تتكسر على اجساد بشرية بريئة طامحة للعيش الكريم فقط .

عصام محمد جميل مروة ..
اوسلو في / 18 حزيران - يونيو / 2023 / ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3