الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعركة الروسية الأخيرة: ستة مواقع رئيسية - الكسندر دوغين (2)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الكسندر دوغين
Alexander Dugin

ترجمة: نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]


العملية للعسكرية الخاصة في سياق صراع الحضارات

النهج الجيوسياسي الصرف يتوافق مع النهج الحضاري. ولكن، كما رأينا، فإن الفهم الصحيح للجغرافيةالسياسية عينها يتضمن بالفعل بعدا حضاريا.
على مستوى الحضارة، قوتان رئيسيتان متواجهتان تصطدمان في العملية العسكرية الخاصة:
الفردانية الديمقراطية الليبرالية، و المذهب الذري، وهيمنة النهج المادي التقني على الإنسان والمجتمع، وإلغاء الدولة، وسياسة النوع الاجتماعي، في جوهرها إلغاء الأسرة والنسل نفسه، وفي الحد الأقصى الانتقال إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي (كل ما يسمى التقدمية أو نهاية التاريخ )؛
الإخلاص للقيم التقليدية، وكمال الثقافة، وتفوق الروح على المادة، والحفاظ على الأسرة، والسلطة، والوطنية، والحفاظ على التنوع الثقافي، وأخيرا، خلاص الإنسان نفسه.
فبعد هزيمة الاتحاد السوفيتي، جعلت الحضارة الغربية إستراتيجيتها جذرية بشكل خاص، وأصرت على الضبط الدقيق- والآن! - لمواقفها. ومن هنا الفرض القسري للأجناس المتعددة، وتجريد الإنسان (الذكاء الاصطناعي، والهندسة الوراثية، والإيكولوجيا العميقة)، و الثورات الملونة المدمرة للدولة، وما إلى ذلك. علاوة، فقد حددت الحضارة الغربية نفسها علانية مع البشرية جمعاء، ودعت جميع الثقافات والشعوب إلى اتباعها على الفور. هذا ليس اقتراحا، ولكنه أمر، نوع من الحتمية الملحة للعولمة.
إلى حد ما، تأثرت جميع المجتمعات بالحضارة الغربية الحديثة. و هذا يشمل منطقتنا، حيث، منذ عام 1990، ساد نهج ليبرالي غربي. لقد اعتمدنا الليبرالية وما بعد الحداثة كنوع من نظام التشغيل ولم نتمكن من التخلص منها، على الرغم من 23 سنة من مسار بوتين السيادي.
لكن اليوم، أدى الصراع الجيوسياسي المباشر مع الناتو والغرب الجماعي إلى تفاقم هذه المواجهة الأهلية. لذا التجأ بوتين للقيم التقليدية، ورفض الليبرالية، والسياسة الجنسانية، وما إلى ذلك.
و بالرغم من عدم فهم مجتمعنا والنخبة الحاكمة لها بالكامل، إلا أن العملية هي مواجهة مباشرة بين حضارتين:
ليبرالية، عولمة الغرب ما بعد الحداثة و
المجتمع التقليدي، ممثلا في روسيا وأولئك الذين يحافظون على مسافة معينة على الأقل من الغرب.
وهكذا تنتقل الحرب إلى مستوى الهوية الثقافية وتكتسب طابعا أيديولوجيا عميقا. تصبح حرب ثقافات، مواجهة شرسة للتقاليد ضد التحديث وما بعد الحداثة.

العملية للعسكرية الخاصة في سياق المواجهة بين أحادية القطب وتعدد الأقطاب.

من حيث بنية السياسة العالمية، العملية للعسكرية الخاصة هي النقطة التي يتم عندها تحديد ما إذا كان العالم سيصير أحادي القطب أم سيصبح متعدد الأقطاب. فانتصار الغرب على الاتحاد السوفيتي أنهى عصر التنظيم الثنائي القطب للسياسة العالمية. فقد تفكك أحد المعسكرين المتعارضين وخرج من المشهد، بينما بقي الآخر وأعلن نفسه الرئيس والوحيد. في تلك اللحظة، أعلن فوكوياما نهاية التاريخ .
على المستوى الجيوسياسي، كما رأينا، فإنه يتوافق مع انتصار حاسم لحضارة البحر على حضارة الأرض. وصف الخبراء الأكثر حذرا في العلاقات الدولية (شارلز كراوثامر/ {1} Charles Krauthammer) الوضع بأنه لحظة أحادية القطب ، مشيرين إلى أن النظام الناتج لديه إمكانية أن يصبح مستقرا، أي عالم أحادي القطب حقا، لكنه قد لا يصمد ويفسح المجال لتكوين آخر.
هذا هو بالضبط ما يتم تحديده في أوكرانيا اليوم: النصر الروسي يعني أن اللحظة الأحادية القطب قد انتهت بشكل لا رجعة فيه وأن التعددية القطبية قد لحقت كشيء لا رجعة فيه. وبخلاف ذلك، ستتاح لمؤيدي عالم أحادي القطب فرصة لتأخير نهايتهم، على الأقل بأي ثمن.
هنا مرة أخرى ، يجب أن نشير إلى المفهوم الجيوسياسي ل "قلب الأرض الموزع" ، والذي يقوم بتصحيح مهم في الجغرافية السياسية الكلاسيكية: فإذا كانت حضارة البحر قد توطدت الآن و تمثل شيئا موحدا، نظاما كوكبيا للعولمة الليبرالية تحت القيادة الإستراتيجية لواشنطن وإمرة الناتو، إذن، و على الرغم من أن حضارة الأرض المعارضة مباشرة تمثلها روسيا وحدها (التي تشير إلى الجغرافية السياسية الكلاسيكية)، فروسيا لا تحارب من أجل ذاتها فحسب، ولكن من أجل مبدأ قلب الأرض، مع الاعتراف بشرعية الأرض.
هذا هو السبب في أن روسيا تجسد نظاما عالميا متعدد الأقطاب، حيث يعهد إلى الغرب بدور منطقة واحدة، واحدة من الأقطاب، دون سبب لفرض معاييره وقيمه كشيء عالمي.
-------------
1- تشارلز كراوثامر/ Charles Krauthammer؛ (13 مارس 1950-21 يونيو 2018) كاتب عمود و سياسي أمريكي. ليبرالي معتدل تحول إلى محافظ مستقل كمحلل سياسي ، فاز كراوثامر بجائزة بوليتزر عن أعمدته في واشنطن بوست في عام 1987. تخرج طبيبا نفسيا مشاركا في إنشاء الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الثالث في عام 1980. انضم إلى إدارة كارتر في عام 1978 كمدير لأبحاث الطب النفسي ، أصبح في النهاية كاتب خطابات لنائب الرئيس والتر مونديل في عام 1980.
تلقى كراوثامر إشادة لكتاباته عن السياسة الخارجية ، من بين أمور أخرى. كان صوتا محافظا رائدا ومؤيدا للمشاركة العسكرية والسياسية للولايات المتحدة على المسرح العالمي ، حيث صاغ مصطلح عقيدة ريغان ودافع عن كل من حرب الخليج وحرب العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة مهمة
شيخ صفوك ( 2023 / 6 / 20 - 00:20 )
اتمني ان يقرأها الجميع حتي يعرف بأن الحرب ليست مجرد حرب عسكرية وان هذه المساعدات وهذا الكرم الغير عادي من الغرب ليس من اجل عيون اوكرانيا …بل المسألة اكبر من ذلك بكثير 
اعتقد لو لم ينجحوا في جر بوتين لهذه الحرب ..لحاولوا ذلك مع الصين لقد كانت القضية مسألة وقت
تحياتي للسيد نور الدين

اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا