الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تتمكن الصين من ضم تايوان لسيادتها ...؟ ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


هنالك دلائل عديدة تؤكد أن النهج الذي تتبعه الصين لإعادة ضم تايوان لسيادتها هو نهج سلمي منها :
اولا : نجاح تجربة عودة هونغ كونغ للسيادة الصينية وفق مبدأ " نظامان في دولة واحدة " حيث مضى على هذه العودة اكثر من ربع قرن و ظلت هونغ كونغ بنظامها المالي و الاقتصادي المستقل عن الصين و لها عٌمْلتها الخاصة " الدولار الهونغ كونغي " و قانون انتخابات وفق دستورها الخاص بها و شرطتها المحلية أما ألأمور السيادية التي تخضع لها هونغ كونغ للدولة الصينية فهي أن لا يكون لها جيش و لا علاقات ديبلوماسية مع الدول الأخرى و أن تكون تحت سلطة الأجهزة الصينية المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة و الإرهاب و المخدرات مع احترام بعض الثوابت منها احترام جيش الشعب الصيني و علم دولة الصين باعتبارهما رمزا للصين الواحدة .
لايزال نجاح تجربة ضم هونغ كونغ للدولة الصينية غير كافية للكثير من التايوانيين و هم بحاجة الى ضمانات تحافظ على خياراتهم في حياة ليبرالية يعتقدون انها مناسبة لهم , و هذا الأمر يحصل على ارض الواقع ليس باقتراب الحالة التايوانية من النظام في البر الصيني الذي يعتمد على نظام " الاشتراكية ذات الخصائص الصينية " بل بحصول تغيرات تدريجية في مجال تعزيز مستوى الحريات في البر الصيني الذي يحصل فيه اصلاحات على كافة المستويات بحيث تجعله قادر على طرح تجربة مميزة و ناجحة في الديمقراطية الشعبية لتكون منافسه للديمقراطية الليبرالية التي تعتمدها تايوان و يبقى خيار أي الديمقراطيتين هو اصلح لتايوان أمرا يقرره اهل تايوان .
ثانيا : لا يمكن أن تكون الصين هي السبب وراء جعل مضيق تايوان منطقة حرب لأن جزء كبير من تجارتها تمر عبر هذا المضيق و من غير المعقول و لا المنطقي قيام الصين بخنق نفسها بنفسها و انها ستتضرر ايضا اذا تم خنق تجارة الدول الأخرى .
ثالثا : التاريخ يؤكد أن سبب الاقتتال بين الحزب الشيوعي الصيني و الحركة القومية الوطنية الصينية التي كان يقودها حزب الكومينتانغ هي الدول التي كانت تسعى الى استعمار الصين و الهيمنة عليها من خلال دفع الصينيين لقتال بعضهم البعض , و امريكا مستمرة في لعب دور المستعمر و المهيمن , لقد ادرك حزب الكومينتانغ هذه الحقيقة و هذا الأدراك هو المحفز لأجراء مصالحة تاريخية بين الشيوعين في البر الصيني و القوميين الصينيين في جزيرة تايوان التي تحققت في لقاء القمة للرئيسين الصيني و التايواني في سنغافورة سنة 2015 .
رابعا : ليس من المنطقي أن تتعجل الصين في مواجهة امريكا حول قضية تايوان و الزمن يسير لصالح الصين .
العديد من الدراسات تشير الى أن سرعة تطور العلوم و التكنولوجيا في الصين خلال العقود الأخيرة وصل الى حدود اربع أضعاف سرعة التطور في امريكا و إن الصين تمكنت من تقليص الفجوة التي كانت تفصلها عن مستوى التطور في البلدان الغربية حيث وصلت الى مستواهم أو تفوقت عليهم في بعض المجالات و لازالت ايضا متخلفة عنهم في مجالات أخرى , لكن هذه الفجوة مستمرة بالتقلص و أن وصول الصين الى قمة التطور العلمي و التكنولوجي و الاقتصادي امر يراه الصينيين حتمي و قريب .
خامسا : تعمل الصين سلميا على محاصرة تايوان ديبلوماسيا حيث اعتمدت شرط لإقامة علاقة ديبلوماسية مع أي دولة هو أن تعترف هذه الدولة أن هنالك صين واحدة و إن تايوان جزء من الصين , و بموجب هذا المبدأ تراجع عدد الدول التي تعترف بتايوان الى 13 دولة فقط من اصل 196 دولة و أخر دولة سحبت اعترافها من تايوان هي هندوراس و معظم الدول التي لازالت تعترف بتايوان هي دول هامشية و صغيرة جدا , هذا و إن الصين لا تمانع من تطور العلاقات التجارية و الأقتصادية لأي دولة مع تايوان على أن لا تتضمن هذه العلاقات المجال العسكري .
سادسا : سياسة الصين واقعية و براغماتية و يغلب عليها الطابع التجاري و في سياستها الخارجية جمدت الجوانب الخلافية في علاقاتها مع دول عديدة و ركزت على تنمية الجوانب الإيجابية في هذه العلاقات , على سبيل المثال لا الحصر لقد جمدت الصين خلافها مع اليابان حول جزر متنازع عليها بينهما " جزر ديايو " , هذه الجزر كانت محتلة من قبل امريكا في فترة الحرب العالمية الثانية و حين انسحبت امريكا منها سنة 1971 لم تعيدها امريكا الى الصين بل منحتها الى اليابان .
الصين لازالت تطالب باستعادة هذه الجزر من اليابان لكنها لا تجعل من هذه المشكلة سبب في التأثير على تعاونها المتنامي مع اليابان في المجال التجاري و الاقتصادي و العلمي و التكنولوجي و كذلك الثقافي وفق مبدأ " المنافع المشتركة " .
من الأمور المهمة جدا الواجب الإشارة اليها هي أن القيادة الصينية بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في تايوان التي ستجري في السنة القادمة 2024 و فرص فوز حزب الكومينتانغ و صعوده للسلطة من جديد عالية و هو حزب قومي ليبرالي يدافع عن مبدأ الصين الواحدة لكن ليس ضمن نظام اشتراكي و يقف ضد النزعة الانفصالية للحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم حاليا لتايوان .
من المعروف أن الحزب الديمقراطي التقدمي التايواني مدعوم من قبل امريكا و يدعو الى استقلال تايوان عن الصين و يرفض الدعوة الى أن تكون الصين دولة واحدة بنظامين أو بأي شكل أخر من الوحدة .
إن نتائج الانتخابات المحلية التي جرت في تايوان سنة 2022 افزع الإدارة الأمريكية حيث كانت لصالح حزب الكومينتانغ على حساب الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم , فمن بين 21 منصبا قياديا على مستوى المحافظات و المدن حصل الكومينتانغ على 13 مقعدا ( 62% ) و شمل هذا الفوز الكاسح عاصمة تايوان تايبه في حين حصل الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم على 5 مقاعد فقط ( 24% ) , و هذا مؤشر مهم و إذا بقى على هذه الحالة في الانتخابات الرئاسية القادمة فإن فوز حزب الكومينتغانغ بمنصب رئاسة تايوان يصبح امرا مؤكدا .
إن فوز مرشح حزب الكومينتانغ المعارض في الانتخابات الرئاسية القادمة سنة 2024 سيقضي على كل مخططات امريكا في توتير العلاقة بين تايوان و الصين و دفعهما الى حافة الاقتتال و ستعود العلاقة بينهما الى مسيرة المصالحة التاريخية التي بدأت سنة 2015 .
من المؤكد أن جلوس ممثل حزب الكومينتانغ على كرسي الرئاسة في تايوان في العام القادم سيشكل اكبر ضربة للهيمنة الأمريكية في منطقة بحر الصين و اذا توافق هذا الحدث مع فشل المخطط الأمريكي بإنزال هزيمة بروسيا في الحرب في اوكرانيا فإن العالم سيدخل مرحلة جديدة يتغير فيها ميزان القوى بشكل كبير لصالح شعوب العالم و تراجع تاريخي في الهيمنة الاستعمارية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟