الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية عندما تبتسم الشمس

سليم النجار

2023 / 6 / 19
الادب والفن


ندى جمال صالح
دار الخليج
السرد الباب الملكي للرواية
كتب/سليم النجار


الرواية هي خطاب النسبية وتنتمي لحقل التخييل وهي متحررة من خطورة قول الحقائق لذلك يتعرض هذا الجنس الأدبي إلى الملاحقة والمطاردة والمصادرة . كما هي صوتاً للذين يعشون خارج التاريخ الرسمي ؛ وتوفر للإنسان المقموع والفقير والمحبط تعويضاً نفسياً ؛ واملاً في المسقبل وإمكانية التغيير . إن الرواية كما يصفها الروائي كولن ويلسون هي من " أكبر التعويضات الممتعة التي استطاع الإنسان ابتكارها " . ورواية ندى جمال تاتي في هذا السياق ؛ ويمكن تشبيها بأنها على تسير على حلبة الملاكمة ؛ وهنا نستحضر ما كتبه هيينغواي في روايته " ولاتزال الشمس تشرق " : " لم يكن كون يحب الملاكمة ؛ بل كان ينفر منها ؛ لكنه تعلمها بمشقة وحذقها ليساوق الشعور بالنقص والخجل " ؛ والشبه بين بين السرد الروائي والملاكمة ليس في الأوزان كما يتصور بعض الروائيين الذين يتنافسون في اكتساب الشحوم ويربون الكروش السردية دون أدنى قيمة فنية . والرواية مثل الملاكمة تحتاج إلى بناء ونظام غذائي دقيق وتحكم في الوزن وعليه أن يتدرب يومياً على الكتابة لتربية العضلات والخيال والمحافظة على لياقته ليوم الحسم . وكما ان المطلوب من الروائي / الروائية ؛ بتحمل عصيان الخيال وشطط الشخصيات وتمردها على المسار الذي وضعه ؛ وكما يقول تولستوي : " ينبغي للإنسان ألا يكتب إلا إذا ترك بضعة من لحمه في الدواة كلما غمس فيها القلم " . وعندما كتب بول استر كتابه اختراع العزلة وكشف فيه كيف قتلت جدته جده ؛ انقلبت عليه العائلة لأنه نبش في الماضي وفضح تاريخها وعلم الجميع بما خفي من أسرار آل استرالدموي . وهذا ما اعاد أشكالية رواية " عندما تبتسم الشمس " ؛ البوح الحقيقي ؛ فقد رسمت الروائية ندى شخصية " حازم " المتعاون مع العدو ؛ لكن لم تسطتيع الأستمرار في هذا البوح ؛ ووجدت الحل ان يكون هذا المتعاون بالأصل يعمل بهذه الصفة بالإتفاق مع المقاومين ؛ خاصة ان خطيبته وفيما بعد زوجتها ؛ منذ لحظة ولادتها الروائية مناضلة ؛ وان نشؤء هذه العلاقة المتضادة لا يمكن ان تكتمل إلا بصورة درامية مثالية ؛ بعد ان كشفت أمره وبغض النظر عن طريقة الكشف ؛ فكان المهم في السرد أن العلاقة لا يمكن ان تكتمل إلا مع متفقين وإن اختلفت الصورة التي تظهر بين الناس ؛ متعاون ومناضلة ؛ وارادت الكاتبة من هذه الصورة ؛ القول انها صورة مزيفة ؛ والصورة الحقيقية ؛ أنهما من نفس الموقف المقاوم . وهذه الصورة قد تصلح لكتابة سياسية أو مادة تحريضية ؛ لكن ليست لصورة روائية . وترصُدُ الروئية لحظاتِ تواصل مع الأخر الّذي هو ماضيها وحاضرها . الأخر عندها هو الرجل الرّمز ؛ والفكرة ؛ والمجتمع الّذي كبّل أحاسيها وسيّجها ؛ وصاغ لها قواعد مصافحة طيناتها واشكال ونظم تعابيرها ؛ : ( اتجهت خنساء نحو باب الغرفة تضرب رجليها بالأرض غاصبة ؛ حاول ألا يأخذ هجومها عليه محمل شخصيّ ؛ فهو يعرف كيف تُجرح كرامتها بسهولة بسبب نظرة المجتمع القاسية إليها ص ٢٨ - ٢٩ ) . هي تجربة المفرد - الأنثوي ومحاولة التملص ؛ وإدراك ذاتي من خلال إطلاق عنان تعبيريّة الشّكل وقدرته على الترميز وتضمين المعنى من أجل فعل التّجاوز ؛ ويكون موضوعها الذّاتي كالاشتياق ؛ : ( - اردت ان تكون اللحظة التي أخبرك أنني حامل مميزة في ذاكرة زواجنا ؛ لكن كلما وجدت تلك اللحظة أسمعتني كلمات قاسية ... ص ٣٥٤) .
إنّ روح الانزياح والإبداع في إنشاء السرد في رواية " عندما تبتسم الشمس " يتجلّى في روح تجديد بنية تركيبية الأشكال السردية وإعادة توزيعها . وهي بنية تعيد قراءة الصّور ليتطابق الشّكل مع المعنى ويتناغم الرّمز مع المقصد التعبيري ؛ : ( سحبت دموع طفلٍ حازمَ إلى ذكريات هجرها منذ عشرين سنة ؛ راى نفسه يبكي أمه التي فقدها بسبب المرض ؛ وأباه الذي تركه ليتزوج من ممرضة كانت تعمل في قسم السرطان في المشفى الذي تلقّت فيه امه علاجها ص٣٤ ) .
وبقدر ما تبدو العلاقة الّتي تحكم قواعد السرد في رواية ندى والتّواصل بين المرأة ومادّة الطّين والمقصود بالطين هو الرجل ؛ علاقة توالف ؛ وتمازج ومُساكنة ؛ فأنها موسومة بلحظات صراع واستكانة ضمن فضاء روحي يعيد قواعد " لعبة " التكشّف ؛ : ( ظل حازم متوتّرا طوال فترة عقد القران ؛ ولم يتبدّل إلا عند دخوله غرفة المعيشة ليجد عروسه بانتظاره ص١٤٩ ) . يبقى القول ان الكاتبة ندى انطلقت من فكرة نشر الضوء في رحلتها الروائية مارا عبر الفراغات بين القيم والمفاهيم وما تبقى من امل لتكون ظلال اجسام شخصياتها الروائية التي تتعرض لضوء شمسها التي تبتسم على جدار الذكرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش