الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح وإلماحات (١)

محمد ليلو كريم

2023 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


التحذير أو الحذر من عودة الدكتاتورية لا يعني تلازمه مع التخوف الشديد أو التوجس المرَضي، رغم أن مغادرة الذاكرة للحقبة القمعية ليس بالأمر الهيّن، وما بين المكابرة وطرح الحالة الذاتية بصراحة قد نلف وندور، ولهذا؛ دعونا نعتبر المصارحة والنقد مفردات نحتاجها بالضرورة لتشييد ثقافة ديمقراطية عملية وليكن النقد والتدقيق الصادر من المواطن تمرين ثقافي ديمقراطي إيجابي.
هناك نقطة جد مهمة ينبغي الالتفات لها سأوضحها بسؤال: 
ما الذي نخشاه في الدكتاتورية؟
اعتقد أن الإجابة تتطلب طرح سؤال آخر أراه نقطة تأسيس لقبولِ نوعِ دولةٍ يرتضيها المواطنون أو يتفقون على العيش فيها بنوع من الرضا والإطمئنان، وأول مشاكل المواطنين في هذه البلاد أنهم يفتقدون للإطمئنان، والسؤال هو: 
هل الرفاهية أهم عند المواطن أم الديمقراطية؟..
عهد صدام حسين هو المثال الأكبر، والأوضح لعملية الدكتاتورية، فالمواطن يخشى الدكتاتورية بوضعها العملي، هو لا يخشاها كنظرية، وأغلبية الناس لا تلتفت وتفهم الدكتاتورية كنظرية، ولهذا أقول أن الدولة عملية منظَمة تتعلق بحاجات الإنسان الحياتية، أما إن جاء شخص وأخبر آلاف المواطنين بأن لدى الحاكم كتاب أو حزمة من الأوراق فيها نظرية دكتاتورية فلن يجد في الأغلب تجاوب نشط، وببساطة؛ مشاهدة فيلم رعب على شاشة التلفاز أقل تأثيرًا من معايشة تجربة مرعبة في منزلٍ مهجور، والإنسان يتأثر أكثر إن لامس الظرف حواسه مباشرة، ولهذا؛ فالدكتاتور يؤثر في المواطنين إن تعسف في ما يتعلق بحواسهم، بالجوع والألم والتنكيل اللفظي مثلاً..
كثيرون ممن أحادثهم لا يُميزون بين المسؤول السوي وغير السوي، وضرورة تصدي مسؤول سوي للحكم في الفترة الانتقالية، فهل شخصية رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني سوية أم لا؟
لعل ثلاثة اسئلة تكونت عندنا ينبغي الوقوف عند كل منها لتكون النتائج توعوية لصالح المواطن..
١: ما الذي نخشاه في الديكتاتورية؟
٢: هل الرفاهية أهم عند المواطن أم الديمقراطية؟..
٣: هل شخصية رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني سوية أم لا؟
-في الأصل اللاتيني يعني الفعل: dictātus-ديكتاتوس؛ يُملي أو يفرض أو يأمر. ونظام الحكم الدكتاتوري هو ذلك الحكم المطلق حيث السلطات بيد واحد يُملي ويفرض ويأمر، وفي العموم تكون الدكتاتورية عكس الديمقراطية، فليس للشعب أن ينتخب أو يعترض أو يطالب بتغيير سياسي أو تداول سلمي للسلطة، وقد يتسلق الدكتاتور عبر الديمقراطية وصولًا لترأس نظام الحكم كما حصل مع هتلر، وقد تُمارس الدكتاتورية في ظل الديمقراطية كما فعل بوتين، وقد يضمر الحاكم الدكتاتورية ولكن المراقب الفاحص يرصد مؤشرات الدكتاتورية في فلتات وانفعالات وسياسات تمهيدية تصدر عن الحاكم فيحللها ليخرج بمحصلة رصد، ولعل السؤال الثالث يوصلنا الى تحليل نكتشف به مضمر.
-( رَفاهِيَة:
رَغْدُ العَيْش وطِيْبُه وسَعةُ الرِّزْق والخِصْب والنَّعيم.
"تمتَّع بالرَّفاهِيَة"/ نت).
-حاكم غير سوي: لا أشير هنا الى العاهات الجسدية، بل الى العاهات النفسية أو الوظيفية: 
( ما معنى شخص سوي نفسيا؟
 متكيف مع الأحداث، فهو يتمتع بمرونة شديدة وسرعة التكيف مع الناس، كما أنه عقلاني ومسيطر جيد لانفعالاته فهو يتدبر الأمور ويدرسها قبل أن يقدم على أى فعل، أو يتخذ قرارًا فهو لا يسمح بأن يتسلط عليه الهوى أو الانفعال، لا يخلق لنفسه أعداء، كما أنه صادق ولبق ويتحلى بروح الدعابة، وغير أنانى يتقبل النقد بصدر رحب/ نت).
هل يسعى رئيس مجلس الوزراء لتوفير ما يسد حاجات المواطنين، أم أنه مصاب بعاهة التنكيل بحاجات المواطن، سواء أكانت العاهة توجهه للتنكيل بكل الشعب أم بجزء منه، فالعاهات تختلف في شدتها، ولكنها تشترك بصفة واحدة: كلها عاهات..
ولغرض التشخيص سنبحث عن دكتاتور أو أكثر مصاب بعاهة التنكيل بإحتياجات المواطنين ثم نشخص الحالة: 
في فترة الحصار الشامل الذي فُرِضَ على العراق طوال عقد التسعينيات خُصِصت امكانيات هائلة لبناء قصور كبيرة وفخمة بتوجيه وإشراف صدام حسين، ومع أن الظرف كان استثنائيًا من ناحية الإقتصاد والاستيراد والإنتاج إلا أن صدام سخّر الطاقات والمواد وجزء كبير من جهد الدولة وما متوفر عندها وآلاف الأيدي العاملة العراقية وأكثر من عقد من الزمن لتشييد قصور مرتفعة الكلفة رغم الاحتياج المتصاعد للسكن الذي اضطر الكثير من العوائل العراقية للتكدس في نفس مساحة المنزل مع اضافة غرف وملحقات لتعسر شراء وحدة سكنية جديدة، فعرفنا في تلك المرحلة انصاف القطع "نص قطعة"، ومُزحة " العشرطعش" عائلة في نفس مساحة المنزل بعد توسع العوائل لبلوغ جيل جديد سن الزواج ومن ثم الانجاب.
كان صدام دكتاتور يُملي ويفرض ويأمر بالإضرار بحاجات المواطنين، وأنا تناولت الجانب السكني، المأوى، وهي حاجة بشرية ضرورية لا غنى عنها.
في فترة ترأس نوري المالكي لمجلس الوزراء أهدرت أموال طائلة أو كان مصيرها مجهولًا، ولم تحدث طفرات نوعية في الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية الخ، ولما خرج المالكي من المنصب ألقى باللائمة في عرقلة انجاز الخدمات على التيار الصدري، وتصريحات المالكي في هذا الشأن موثقة على النت، ولو تفحصنا موقف المالكي من هذه الناحية فقط لأكتشفنا أنه قد أضر بحاجات المواطنين بتستره على شريك في الحكومة يمنع تشييد مستشفى، وهذه دكتاتورية عملية، فالتستر في فترة التصدي للمسؤولية مشاركة في الاضرار بحاجات المواطنين، وهذه بحسب رأي هذا المقال أشد انواع الممارسات الدكتاتورية، فهي ليست تنظير دكتاتوري، إنها ممارسة دكتاتورية.
يبدو أن الأنظمة الحاكمة وممارسة السلطة وفعل الدكتاتورية والعمل السياسي قد تطورت ايجاباً وسلبًا، فمن قبل لم تكن هناك تجربة رفاهية شاملة كالتي نشهدها في دول الخليج العربي، ولم نشهد دكتاتورية على شكل تستر الحاكم على تصرفات واحد من كادر حكومته تضر بالمواطنين، ولما تنتهي فترة حكم الحاكم يشرع بفضح التصرفات المُضرِّة فنكتشف أن حكومة في ظل نظام ديمقراطي تتوسل الذرائع للسماح بالإضرار بحاجات المواطنين..
توجهت بالسؤال التالي للإستاذ المؤرخ شامل عبد القادر: "العفو استاذنا الكريم.. لدي سؤال احتاج اجابة له: 
ما الذي نخشاه في الديكتاتورية؟"
إجابة الأستاذ: " الديكتاتورية سرطان بالمعنى الحرفي للكلمة وما ينتج.عن هذا السرطان المرعب المخيف"
لقد وصف الأستاذ شامل الدكتاتورية وصفًا عضويًا دقيقًا، فالدكتاتورية كالسرطان يصيب الإنسان بجسده ويضر به، والدكتاتورية العملية تضر بجسد الإنسان سواء عبر القطاع الطبي أو الخدماتي وعموم العلاقة التنفيذية بين الحكومة والمواطن.
نخرج بنتيجة مفادها أن هناك دكتاتورية عضوية، حتى إنها تضر بالجانب البيولوجي للبشر، وهذه دكتاتورية عملية أو مادية تمس حياة المواطن مباشرًة وتضره من ناحية حاجاته الضرورية كالسكن والصحة.
أسمينا هذا المقال: ملامح وإلماحات. ومن ملامح الإستبداد في نظامنا أن رئيس الحكومة يقبل أو يداهن المحاصصة السياسية فيشترك في الاضرار بحاجات المواطنين، وهو كذلك يضر بالمواطن بتلفزة انفعالاته ليشاهدها المواطن، أما الأولى فإضرار بالجسد، وأما الثانية فإضرار بالصحة النفسية والذائقة التي ينبغي أن تُدرَّب على الثقافة الديمقراطية وما يتعلق بها.
ما بين ممارسة المقدمات الدكتاتورية، ومداهنة الإضرار بالمواطنين من قِبل الوزراء أو البرلمان أو المشاريع الخارجية؛ تتبلور دكتاتورية عملية-عضوية-مادية.
تأقلم المواطنين مع الثقافة الديمقراطية والسِلم والهدوء يحتاج الى فترة ليست بالقصيرة، ويحتاج الى تدريب وإعتياد، وهذا من واجبات النظام الحاكم عبر أدواته التعليمية والتربوية والإعلامية، وعبر لغة جسد المسؤول،وصوته، وعكس ذلك هي عملية تبريرية ولكنها مثل دس السم بالعسل، والملمح الدكتاتوري العملي-العضوي في تصرفات السيد السوداني يتمثل في انفعالاته الجسدية والصوتية التي شاهدناها بأعيننا عبر التلفاز والنت، وهي انما تتخذ الخاصية السرطانية بتحولها الى منهج عملي للطاقم الحكومي، فعدة وزراء استنبطوا اسلوب السوداني في لغة الجسد ونبرة الصوت، وهذا يعني أن اسلوب السوداني تسبب بعدوى للوزراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من