الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم - النشاط الاشعاعي - قصة كفاح العالمة ماري كوري

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2023 / 6 / 19
الادب والفن


للسينما دور في التوعية بالقضايا الانسانية والتعريف بدور العلماء وأنجازاتهم وتضحياتهم من أجل البشرية . الكثيرمن الانتاجات السينمائية التي تناولت حياة كتاب ومفكرين ورسامين وموسيقيين وفنانين كثيرة سواء كانت سيرة شخصية أو أفلام روائية مستوحاة من فترات من حياتهم أو أعمالهم ، كانت العالمة ( ماري كوري) الأوفر حظاً في تناول السيرة الذاتية ، ( ماري كوري) بولندية الأصل والحاصلة على الجنسية الفرنسية ومكتشفة اليورانيوم. انتجت عن ماري كوري ثلاثة أفلام . فيلم فرنسي من إنتاج عام 2016، عرف بنسخته الإنجليزية باسم "ماري كوري: شجاعة المعرفة"، أخرجته ماري نويل ولعبت فيه شخصية العالمة الشهيرة الممثلة كارولينا غروشكا، وفيلم ( مدام كوري) ، أول فيلم عن العالمة الشهيرة، وهو أمريكي من إنتاج شركة ميترو غلودن ماير عام 1934، أخرجه مرفين لوروي، ولعبت بطولته غرير غارسون في دور ماري كوري ووالتر بيدجون في دور زوجها ، ورشح الفيلم لعدة جوائز أوسكار بينها أفضل ممثل وأفضل ممثلة . فيلم"نشاط إشعاعي " فيلم بريطاني من إنتاج عام 2019، وهو الفيلم الأحدث عن حياة ماري كوري، أخرجته الفرنسية الإيرانية الأصل " "مارجان ساترابي" وهي أيضا مخرجة فيلم "برسبوليس" وكتابة جاك ثورن استنادا إلى الرواية بقلم لورين ريدنيس بعنوان(النشاط الاشعاعي : ماري وبيير كوري: قصة حب وتداعيات ) :
"Radioactive: Marie and Pierre Curie: A Tale of Love and Fallout"
يحكي الفيلم سيرة حياة مدام كوري التي عاشت في زمن لم تحظ المرأة فيه بقدر أو حرية ولكنها ورغم التحديات استطاعت أن تحصل على جائزة نوبل ، وكانت أول امرأة في فرنسا تكمل رسالة الدكتوراة ، وأول امرأة تحصل على جائزة نوبل مرتين ، وذلك بعد أن اكتشفت مادة الراديوم المشعّة . أنشأت مدام كوري معهد الراديوم ومعملاً للأبحاث البيولوجية لدراسة مرض السرطان . في عام 1934 توفيت بسبب التأثر بإشعاعات الراديوم ، وهو نفس الإشعاع الذي نالت عنه جائزتي نوبل وذلك بسبب تعرّضها لجرعات هائلة منه دون إجراءات وقائية في مختبرات الفيزياء بجامعة السوربون . قامت ماري بعدة أبحاث على الأشعة المنبعثة من اليورانيوم ، مكتشفة أن الأشعة المنبعثة تبقى ثابتة بغض النظر عن شكل الذرة. ماري وضعت فرضية مفادها أن الأشعة تنبعث من البنية الذرية للعنصر نفسه وليس من تفاعل بين الذرات . أسست هذه النظرية قاعدة لأختصاص المعروف بـ"الفيزياء الذرية"، وأحدثت ماري مصطلحاً جديداً يُدعى "النشاط الإشعاعي" يصف ظاهرة الإشعاع الناجم عن الذرة . تزوجت من الباحث الفرنسي "بيير كوري"، نجحت مع زوجها في اكتشاف عنصرين مشعين سماهما "البولونيوم" و"الراديوم" في العام 1898، ليحصل الزوجان في العام 1903 على جائزة نوبل في الفيزياء . ماري كانت أول امرأة تحصل على جائزة نوبل، ولم تكتفِ بذلك بل حصلت عليها مرة أخرى هذه المرة في الكيمياء لتصبح الوحيدة التي حازت على جائزتي نوبل في مجالين مختلفين .وُلِدت ماري كوري في وارسو في بولندا في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1867. كانت الأصغر بين إخوتها وكان والداها مُدرّسَين، حيث كان أبوها أستاذًا للرياضيات والفيزياء وكان لذلك أثرٌ عليها فقد نبغت تلك الفتاة وتميزت بذكائها في المدرسة ، إلا أن المصيبة ألمّت بهذه الأسرة حين توفيت والدة ماري جرّاء إصابتها بالسّل. تفوقّت ماري في دراستها الثانوية، لكنّها لم تتمكّن من دخول جامعة وارسو التي كانت مخصصة للذكور فقط، لذلك فقد تابعت تعليمها وانضمت إلى جامعة سرية غير رسمية في وارسو كانت تُدعى "الجامعة العائمة" . عملت ماري لمدة خمس سنوات كمُدرّسة ومربية في المنازل حتّى تمكّنت في عام 1891 من السّفر إلى باريس والالتحاق بصفوف جامعة السوربون، وانكبّت ماري على الدراسة بكُلّيتها وعانت أثناء دراستها من بعض المشاكل الصحية نظرًا لقلة التغذية الناجمة عن الفاقة وضيق الحال . وفي عام 1893 حصلت ماري على شهادة الماجستير في الفيزياء وثابرت على دراستها حتى حصلت في العام التالي على شهادةِ في الرياضيات. في ذلك الوقت بدأت ماري العمل على أبحاث عن الأنواع المختلفة للفولاذ وخصائصه المغناطيسية، حين كانت ماري بحاجة إلى مُختبَر لتُنجِز أبحاثها حول الفولاذ أرشدها بعض زملائها إلى الفيزيائي الفرنسي بيير كوري وتطورت العلاقة بين ماري وبيير وشكّلا ثنائيًا علميًّا مميّزًا، وتزوّجا في 26 تمووز/ يوليو 1897 ، في عام 1897 أنجبت ماري ابنتها آيرين. وفي العام الذي حصل فيه الزوجان على جائزة نوبل في الفيزياء أنجبت ماري ابنتها إيف . في عام 1903، رفض بيير كوري تسلم جائزة نوبل للفيزياء، احتجاجا على عدم ترشيح زوجته ماري لإسهامها في الأبحاث حول المواد المشعة، ليقرر مجلس الجائزة ترشيحها، وتصبح أول امرأة تحصل على جائزة نوبل، واستعمل الزوجان أموال الجائزة لدعم أبحاثهما الجديدة . توفي زوج ماري في حادث عن طريق الخطأ عام 1906، تاركا ماري وحدها في قيادة أبحاثهما العلمية، فحلت مكان زوجها بروفيسورة في جامعة السوربون، لتكون أول امرأة تعمل في هذا المنصب . ثم في عام 1911، حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم، لتكون أول شخصية تحصل على جائزتي نوبل في مجالين مختلفين .
دفعت ماري ضريبةً لشهرتها في أنحاء العالم وذلك حين انتشرت قصة علاقتها مع "بول لانجي فين" الذي كان أحد تلاميذ زوجها الراحل ، وغطّت الصحافة الفرنسية ذلك الخبر وتناولت تلك العلاقة بالنقد اللاذع . وحين اندلعت الحرب العالمية الأولى كرّست ماري وقتها وجهدها لمساعدة ضحايا الحرب واستخدمت جهاز متنقل للأشعة السينية لمساعدة المصابين في الحرب وهو الأمر الذي ساعد بإنقاذ العديد من الأرواح . نالت آيرين جولييت كوري ابنة ماري جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1935 وتشاركت هذه الجائزة مع زوجها فريدريك . لم يكن لدى ماري كوري أدنى فكرة عن مخاطر العناصر الكيميائية المشعّة بالرغم من أنّها كانت تعمل مع هذه العناصر بشكلٍ مباشر . طيلة أيام عملها مع المواد الكيميائية والنظائر المشعة ، كانت ماري كوري تحمل في جيبها أنابيب اختبار تحوي عناصر مشعّة كالراديوم، إذ لم يكن معروفًا حينها خطورة التماس مع تلك العناصر، اضطرت بعدها ماري لتلقّي العلاج في مصحّة سانسيليموز في باسي في فرنسا حيث كانت تتعالج من مرض فقر الدم اللاتنسجي الذي أصابها بسبب التعرض للمواد المشعّة، وتوفّيت ماري كوري في 4 تموز/ يوليو 1934 . في عام 1995 نُقِل رفات ماري كوري وزوجها إلى البانتيون في باريس حيث يوجد رُفات العديد من عظماء فرنسا . هناك العديد من مراكز الأبحاث العلمية والطبية تحمل اسم كوري اليوم مثل "معهد كوري" و"جامعة بيير وماري كوري" في باريس . أسهمت ماري كوري في مجال الطب بشكل كبير، فقد استطاعت تغيير فهم العلماء للنشاط الإشعاعي، مما ساعد في اكتشاف علاج للسرطان، وذلك بعد أن أجرت دراسات هي الأولى لعلاج الأورام باستخدام النظائر المشعة .
فيلم السيرة عن حياتها الذي أنجزته المخرجة مرجان ساترابي إستناداً على سيناريو "جاك ثورن " يبدأ من لحظة إنهيار ماري (روزاموند بايك) في أحد المختبرات وتنقل إلى المستشفى في عام 1934، أثناء نقلها إلى غرفة الطوارئ ، تومض حياتها أمامها، وتبدأ في رؤية حياتها في سلسلة من ذكريات الماضي . لذلك تعمل المخرجة في تقديم غالبية الفيلم على طريقة الفلاش باك . تتكشف مهنة ماري كعالمة وكيف بدأت تجاربها العلمية بعد بضع سنوات من وصولها إلى باريس من موطنها بولندا في تسعينيات القرن التاسع عشر ، لقد نظرت إليها إدارة جامعة باريس بازدراء وأستخفاف ، ولكن إصرار ماري وهو مايميزها عن غيرها جعلها تتجاوز التميز الجندري . الفيلم يؤرخ في المقام الأول الفترة التي أمضتها العالمة كوري في مدينة باريس ، ابتداء من عام 1893 عندما كانت تعمل لدى البروفيسور غابرييل ليبمان (سيمون راسل بيل). وبعد طردها من مختبرها الجامعي من قبل لجنة من العلماء الذكور الذين تتعرض للمضايقة والاستهزاء منهم على الدوام ، والذين يشعرون في التهديد بشكل واضح من قبل امرأة على وشك قلب عالمهم رأسا على عقب باكتشافات جديدة ونظريات رائدة. يعرض عليها زوجها المستقبلي بيير يقوم بدوره الممثل والمغني الانكليزي ( صاموييل سام رايلي) مساحة في مختبره الصغير . ماري المحرجة اجتماعيا والمستقلة بجرأة ترفضه في البداية ، ولكن بعد فترة وجيزة قبلت عرضه. ويطور الاثنان علاقة مهنية وشخصية ويتزوجان في 1895. ويصبحان أحد أكثر الأزواج شهرة في العالم - ويصبح لديهم أطفال ويعيشون معا بسعادة لسنوات عديدة. خلال ذلك الفترة ، تنجح تجاربهم لليورانيوم وتؤتي ثمارها في إكتشافهما " النشاط الاشعاعي" ، ويكتشفان أيضاّ اثنين من العناصر الجديدة البولونيوم والراديوم. وتثمر جهودهما في الحصول على جوائز نوبل ل ماري - واحدة في الفيزياء تشاركها مع بيير (في عام 1903) وأخرى في الكيمياء التي تمنح لها وحدها (في عام 1911) . إبنة ماري الكبيرة ، إيرين (أنيا تايلور جوي) تتبع خطى والدتها الحائزة على جائزة نوبل .
موت زوجها في حادث سير عن عمر يناهز 49 سنة، شكل صدمة كبرى وهو الحادث الذي غير مجرى حياة ماري تمامًا، فقد تعلمت أن حياتها هي قصة فقد للأحبة . في وقت لاحق من حياتها ، كانت على علاقة غرامية مع طالب الدكتوراه المتزوج من بيير بول لانجفين (أنورين بارنارد) ، مما أدى إلى فضيحة مع اعتصام مجموعة من الفرنسيين لإعادتها إلى بولندا . حرضت الصحافة ضد ماري كشيطانة فاسقة تود نشر الخليعة في المجتمع، ووصل الأمر إلى درجة أن الناس تجمعوا حول منزلها وطالبوها بالخروج من فرنسا فهربت من المنزل هي وأطفالها الذين طالهم أثر أيضًا . خاطبتها لجنة نوبل ماري كي تعتذر عن السفر إلى ستكهولم لاستلام الجائزة، لكنها رفضت قائلة إن مشكلاتها الشخصية لا علاقة لها بإنجازها العلمي، وذهبت بالفعل وأستلمت الجائزة . يغطي الفيلم كل ذلك بينما يستخدم أيضا جهازا مثيرا للاهتمام يتمثل في توظيف العديد من الفلاش إلى الأمام لإظهار الآثار الجانبية لعملها مع الذرات واكتشاف النشاط الإشعاعي ، في فترات مختلفة من التاريخ . يتضمن ذلك مشاهد تدور أحداثها في مستشفى كليفلاند في عام 1957 حيث يحصل صبي صغير على علاج مفعم بالأمل من استخدام الإشعاع على سرطانه ، وأختبار للقنبلة الذرية في صحراء نيفادا في عام 1961 الذي يظهر بشكل تقشعر له الأبدان تأثير القنبلة النووية المدمر ، ومشهد الهجوم على هيروشيما في عام 1945 بقنبلة ذرية في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية ، وكارثة تشيرنوبيل في عام 1986 . لاتكتفي المخرجة في سرد السيرة الذاتية لمدام كوري بعملية الاسترجاع ( الفلاش باك ) بل تستخدم صور لنتائج أكتشافات كوري وبطريقة ( فوروورد فلاش ). التسلسلات السريعة المذكورة أعلاه والتي نرى فيها كل شيء على الرغم من أن هذه التسلسلات ربما كان لها تأثير في إخراجنا من القصة في نقاط مختلفة . في المشاهدة الأخيرة ، تغامر في حياتها المهنية الناجحة كعالمة وتتبع ابنتها ا الآن إيرين (آنا تايلور جوي) إلى ساحات القتال في الحرب العالمية الأولى بوحدات الأشعة السينية المتنقلة التي تنقذ الأرواح .
الفيلم هو خروج عن تقديم صورة عن حياة او سيرة ذاتية للعالمة مدام كوري ، بل تتراوح المخرجة في عرض صورها بين الحاضر والمستقبل وتقديم مقتطفات موجزة تبحث في مختلف جوانب المستقبل وفي استخدامات / آثار الإشعاع خلال السنوات التالية لاكتشافه . تواجه المخرجة الفرنسية الإيرانية مرجان ساترابي تحديا غريبا في تحقيق التوازن بين حياة هذه العالمة الشهيرة والموروثات الأكثر تعقيدا من الناحية الأخلاقية لأبحاثها. كما يشير العنوان نفسه ، لم يكن كوري مفتاحا لاكتشاف النشاط الإشعاعي فحسب ، بل اكتشف أيضا عنصرين جديدين تماما - الراديوم والبولونيوم. يتتبع الفيلم علاقتها الشخصية (إلى حد كبير مع زوجها ، زميلها العالم بيير كوري) وحياتها المهنية من ناحية ، ولكن من ناحية أخرى هناك صور ومشاهد بطريقة الفلاش فورورد الذي يذكرنا ببعض الجوانب المظلمة لإرثها ، مثل قصف هيروشيما في عام 1945 وكارثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية عام 1986 . يرسم صانعو الفيلم بشكل إلزامي العلاقة بين عمل كوري والدمار الذي أحدثه في النهاية ، على سبيل المثال ، بين خطاب قبول بيير لجائزة نوبل وإينولا جاي الذي ألقى قنبلة ذرية على هيروشيما. تجلب المخرجة ساترابي ومضات من الابتكار الإبداعي والسينمائي في لحظات سريالية من الخيال والواقعية السحرية التي تتخللها طوال الوقت .
صور ماري المنكوبة بالحزن تتوازى مع صور متوهجة إشعاعيا لراقصتها المعاصرة والحديثة لوي فولر ، التي أرتدت زيا متقنا من القماش بألوان صارخة وملتهبة ، تتلاعب بالمواد لمحاكاة النار. ربما ارادت المخرجة ان تشير الى النساء اللواتي تجرأن على اللعب بالنار ، مشاهد أدائها كما لو كانت زهرة متفتحة متوهجة في الظلام . يركز معظم الفيلم على كوري وعلاقتها بزميلها العالم بيير كوري (سام رايلي) ، زوجها المستقبلي الذي تتعاون معه على الرغم من كونه شديد الحماية لعملها. مدام كوري التي توفيت في عام 1934 عن عمر يناهز 66 عاما بسبب تعرضها الطويل للإشعاع ، شكلت العلم باكتشافها للراديوم والبولونيوم . سيتم استخدام هذه العناصر لاحقا في كل شيء من استخدام التصوير بالأشعة السينية إلى علاج السرطان إلى إنشاء أسلحة نووية . المخرجة تكشف شخصية العالمة مدام كوري ومن خلال الاداء المميز للممثلة الانكليزية ( روزاموند بايك) ، وتظهر امرأة رائعة كانت متناقضة في أجزاء طموحة وعاطفية وعنيدة . كعالمة رائدة نجحت في مجال يهيمن عليه الذكور والذي أدار ظهره لها ذات مرة ، يمكن قول الشيء نفسه عن كوري كواحدة طالبت بالتميز والبراغماتية في كل ما فعلته ، مما سمح للحب بأن يكون نقطة الضعف الوحيدة التي كان عليها الخضوع لها ، كان خلاصها في متابعة ابنتها الكبرى ، وهي طبيبة شابة (أيضا للفوز بجائزة نوبل ، مع زوجها) ، في الحقول القاتمة للمسلخ الذي كان الحرب العالمية الأولى ، مع وحدات التصوير الشعاعي المتنقلة مما ينقذ حياة الشباب.
وغالبا ما تقفز المخرجة إلى الأمام في سردها إلى الأحداث التي وقعت بعد عقود من وفاة كوري في عام 1934 للتأكيد على أن الراديوم هو بالفعل اكتشاف علمي مغر بشكل لا يصدق وخطير بشكل لا يصدق. يمثل الإرث المعقد فيلم ساترابي ، الذي يتصارع بقوة مع ما تركته لنا كوري: العلاج الإشعاعي للسرطان وأجهزة الأشعة السينية ، ولكن أيضا هيروشيما وتشيرنوبيل. يركز الفيلم على درجة الهوس بهذا الإرث من الأحداث التي وقعت بعد عقود من وفاة كوري للتأكيد على أن الراديوم هو بالفعل اكتشاف علمي مذهل ومفيد بشكل لا يصدق وخطير بشكل لا يصدق . لكن أخذ على هذا الفيلم عدم التزامه بالدقة التاريخية، كما في مشهد عودة بيير كوري من ستكهولم، بعد إلقائه خطاب الفوز بجائزة نوبل، ليصطدم بغضب ماري وهي تلتقط ألعاب أبنائها من الأرض، وتوبخه على تعامله معها وكأنها "مجرد زوجة"، وفي الحقيقة، رفض بيير قبول جائزة نوبل في الفيزياء عام 1903، ما لم تشمل زوجته، بوصفها شريكا مساويا له. ولم يحضر أي منهما مراسم منح الجائزة في ذلك العام، لكن بعد عامين عادا وألقى بيير المحاضرة. وبالنسبة لشخصية ماري كما يقدمها الفيلم، الذي لا يصور مكانتها العلمية كما كانت فعلا في أوساط العلماء .
في الختام : يتتبع الفيلم علاقتها الشخصية (إلى حد كبير مع زوجها ، زميلها العالم بيير كوري) وحياتها المهنية من ناحية ، ولكن من ناحية أخرى هناك قرا(ءة مستقبلية عن طريف الفلاش فورورد ) يذكرنا ببعض الجوانب المظلمة لإرثها ، مثل قصف هيروشيما في عام 1945 وكارثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية عام 1986 . سيرة ذاتية جيدة الصنع عن واحدة من أكثر الشخصيات النسائية تأثيرا في تاريخ البشرية. نجحت المخرجة في تسليط الضوء بشكل جيد على العلاقة الجسدية والإنسانية مع زوجها بالإضافة إلى الأهمية الأساسية التي كانت تتمتع بها ماري كوري من أجل "القيمة العلمية". أكثر من كونها عالمة بارزة ، كانت أيضا امرأة ذات مبادئ وتحمل الكثير من القيم الإنسانية . ويتضح هذا من خلال مساهمتها في مستشفيات الحرب التي تم سردها جيدا في الفيلم بمساعدة ابنتها التي أصبحت طبيبة. سنتذكر أيضا رغبتها الثابتة في العمل من أجل تقدم العلم رغم تعريض حياتها للخطر . فيلم " النشاط الاشعاعي " إطلالة على نضالات المرأة في مطلع القرن العشرين . وأخيرا ، تتناولت مرجان ساترابي أخلاقيات العلم وحدوده من خلال تنظيم الجوانب البصرية للغاية، الإيجابية والسلبية على حد سواء، لاستخدام الراديوم عبر العديد من الفلاش الرائع والتوضيحي بشكل خاص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب


.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز




.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم