الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون ساكسونيا يحكم لبنان

حسن احمد عبدالله

2023 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


هل بقي في لبنان اي مؤسسات يمكن التعويل عليها، وهل للسلطة التشريعية حق في تأدية دور رئيس الجمهورية والحكومة معا، وتفويض نفسها مكانهما؟
هذا السؤال طرح مع انعقاد الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني لاقرار جملة من القوانين، رغم فراغ سدة رئاسة الجمهورية الذي استنادا الى المادة 75 من الدستور، فـ" إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر".
اذ رغم ان قاعدة الضرورات تبيح المحظورات فان الصواب العمل على انتخاب رئيس للجمهورية الذي معه تنتظم المؤسسات، لكن سلطة الامر الواقع والكيدية التي يتعامل بها الطاقم السياسي مجتمعا، اخرجت البلاد عن كل عرف، ورمت النص الدستوري في سلة المهملات، وبالتالي اصبحت الممارسة السياسية والتشريعية خارجة عن المألوف، لذلك مارس مجلس النواب صلاحيات غير دستورية.
وهذا في رأي الخبير الدستوري بول مرقص "عدم جواز التشريع في ظل الخلو في سدة الرئاسة، حتى إنه يمتنع على مجلس النواب القيام بأي عمل آخر قبل انتخاب الرئيس".
اضاف: "وُضع هذا النص لترميم حالة موقتة. وتالياً يصحّ هذا التفسير الحرفي في حالات الشغور القصير المدّة في سدة الرئاسة، لأن المشرع الدستوري لم يتصوّر ولا يُعقل أن يتصوّر خلوًّا يدوم شهوراً لأنه لا يُعقل عدم وجود مرشّح لتبوؤ هذه السدة"، كذلك رفض الخبير الدستوري حسن الرفاعي تقديم التشريع على انتخاب رئيس الجمهورية، لان الاولى هو الانتخاب في حال شغور سدة الرئاسة الاولى.
عباقرة السياسة اللبنانية، او بالاحرى شياطين التفاصيل، ابتدعوا اعرفا لا علاقة بها بالنص، وكأنهم يعيشون في عالم اخر، او يعملون بـ"قانون ساكسونيا" في العصور الوسطى الذي كان ينص على "معاقبة افراد الطبقة الفقيرة عامة الشعب بتنفيذ عقوبة القاتل بقطع رأسه وفصلها عن جسده، اما النبلاء الاغنياء فيتم قطع رأس ظل القاتل بعد وقوفه فى الشمس"، لهذا هم يبيحون المحرم لانفسهم، ويعاقبون الشعب على صبره عليهم، بالمزيد من التجويع والقهر وغياب المؤسسات.
واذا اخذنا بالنظرية التي اعتمدت في السابق، وهي بدعة "تشريع الضرورة" نجد ان هناك قوانين اقرت لفائدة اشخاص معينين، منها رفع "سعر صرف الدولار الجمركي" على السيارات المستوردة، والذي اقر بعد ان استفادت عائلة شخصية سياسية، من استيراد الاف السيارات من الخارج على اساس سعر صرف الدولار الرسمي الذي كان 1500 ليرة لبنانية، وبعد استكمال الاجراءات رفع رئيس حكومة تصريف الاعمال الحالي الدولار الى 86 الف ليرة لبنانية، وهو ما رفع معه سعر السيارات الا اكثر من الف في المئة، وزاد ارباح قلة من المستوردين الى عشرة اضعاف سعرها.
هذه الخطوة اعتبرت تخريبا للاقتصاد الوطني، رغم خرابه، لكن لا احد ابدى اي اعتراض لا من النواب ولا الوزراء، بل مر الامر مرور الكرام، وبالتالي على هذا النهج سارت بقية الصفقات، ومنها عدم محاكمة حاكم المصرف المركزي اللبناني عن المخالفات التي ادت الى انهيار القطاع المالي في البلاد.
هذه الممارسات الخارجة عن اي قانون ودستور تجري علنا لان ليس هناك من يحاسب الطبقة السياسية التي استباحت كل المحرمات، بل اعتبرتها حق له، وشرعية طالما تخدم مصالحها، اما لبنان الوطن والشعب والمؤسسات باتت في نظر هذه الطبقة عدة شغل، ليس اكثر.
كاتب وصحافي لبناني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب