الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرة الآن في الملعب التركي

جان كورد

2006 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أيام قلائل التقى الصحافي الكوردي اللامع سامي أرغوشي من قناة (كوردستان تي ڤي) في أحضان جبال كوردستان المروية بالدماء مع رئيس مجلس قيادة (حزب العمال الكوردستاني) السيد مراد قه ره يلان، حيث جلس كل منهما على جذع شجرة مقطوعة، توسطهما جذع آخر مقطوع على شكل طاولة صغيرة...

السيد مراد قه ره يلان بدا هادئاً مرتاحاً وواثقاً بنفسه في بذلته الخاكية التي تذكّرنا بأيام القتال المريرة والقاسية وجيش التحرير الكوردستاني (الڱريلا)، والآخر في بذلته الأوربية ذات اللون الأزرق المنفتح، ترتاح لطلعته القلوب وتطمئن لسلوكه المهذّب عين الناظر... يوحي مظهره الخارجي وكذلك جلسته بأنه قادم من الحرية وأنه لم تعد هناك حاجة للسلاح أو بذلة ( الڀيشمه رڱه) ... ولكن نظراته كانت توحي بالحفاظ على حيز من المسافة بينه وبين محاوره، كأي صحافي يسعى لأن يكون محايداً وموضوعياً وخارجاً عن اللعبة السياسية التي يقوم بها طرفان، كانت بينهما مرحلة طويلة من الجفاء والابتعاد والحذر، بل أريقت بينهما دماء الكثيرين من شباب الكورد....

قائد سياسي وصحافي أديب، الأول من شمال كوردستان والآخر من جنوبهما، يتبادلان أطراف الحديث وهواء الجبال العليل ذاته يلفح برقة وجه كل منهما، يشاركان بحوارهما الطويل والمثير والهادىء تماماً في فتح صفحة جديدة من تاريخ العلاقة بين قوتين تصارعتا على القوّة والنفوذ والأرض والشعب في كوردستان، بل تحاربتا وللأسف، كل منهما يستند إلى فكرة وأسلوب وكاريزما تختلف عن الأخرى.. إلاّ أن املاءات الظروف الدولية، وتغيّرات الواقع وقراءة جديدة لمجمل حركة التحرير الوطني الكوردستاني قد فرضت على الجنوب والشمال الخروج من الخنادق الضيقة والانتقال إلى ساحة أفسح وأوسع للتلاقي والتعانق والتقارب والتعاون لما فيه خير هذه الأمة المظلومة....

في الحقيقة، وعلى الرغم من أن اللقاء كان مجرّد مقابلة صحافية، فإن هذه الساعة من عمر الإعلام الكوردستاني ستكون ساعة تاريخية ، تذكّرنا بكسر الجليد من قبل المثقفين السوفييت أيام الحرب الباردة، وهي في الوقت نفسه تحد كبير لأعداء الكورد وكوردستان الذين كانوا يفزعون الكورد من مثل هذا التلاقي ويهددون ويتوعدون، في أن اجتياز الخطوط الحمر، وردم الخنادق وهدم السور غير المرئي بين الشمال والجنوب سيدفع بالمنطقة إلى أتون كارثة لاتبقي ولاتذر وسيتحطّم كل آمال الشعب الكوردي في جنوب كوردستان في الاستقرار والأمن والحرّية... فجاء هذا اللقاء تحدياً لكل من آنقرة ودمشق وطهران ومن يسير في فلك هذه الأنظمة التي تعادي الطموح القومي الكوردي في الوحدة والحرية والحياة المشتركة لأمة تعرّضت للتقسيم والتجزئة نتيجة معاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية لعام 1916...

الأسئلة التي طرحها السيد سامي أرغوشي كانت محددّة بدقة ومفرطة في الجدية وقوّية في الطرح، متزنة وواقعية وتعكس تفهماً جيداً لوضع الأخوة الكورد في الشمال الكوردستاني والظروف التي يمرون بها، وبخاصة بعد اختطاف واعتقال زعيمهم السيد عبد الله أوجلان، وما تبع ذلك الحدث من تحولات في مسار حزب العمال الكوردستاني وما نجم عنه من تداعيات وتغيّرات عميقة في فكر وسلوك وعلاقات هذا الحزب، وكذلك ما جرى في الجنوب الكوردستاني منذ سقوط نظام البعث الدكتاتوري الرهيب من انجازات كبيرة حققها الكورد في ظل النظام الفيدرالي الذي يرأسه الأخ المناضل مسعود البارزاني وحكومة كوردستان النشيطة.... وعكست الأجوبة قناعات جديدة وفكراً متنوراً وقراءة مثيرة للواقع الدولي والواقع الكوردستاني، بعيداً عن الطنطنات الآيديولوجية وعنعنات القوة، بل في هدوء وانتظام يمكن للقاصي والداني فهمها وتفسيرها وتطبيقها بسرعة...

الطرح الجديد والجميل الذي فهمناه من هذا اللقاء هو أن عدو الكورد وكوردستان واحد لا اثنان: التيار الفاشي العنصري في الجمهورية التركية الذي يرفض الوجود الكوردي القومي ولايزال مرتدياً أردية الطورانية المهترئة، هذا التيار الذي لايستطيع فهم المرحلة الجديدة من السياسة الدولية والتحولاّت الكبيرة على الصعيد السياسي – الثقافي – الإعلامي – الاقتصادي الذي يمر به عالمنا المعاصر، إنه عدو الكورد والترك معاً، سواء أكان أنصار هذا التيار من العسكر أو المدنيين...

أكّد السيد مراد قه ره يلان على الدور الهام الذي ستلعبه قوى الحرية والديموقراطية في كوردستان وتركيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في الاتيان بحل عادل وسلمي وديموقراطي للقضية الكوردية في شمال كوردستان، وأكّد أيضاً على الدور الإيجابي الضروري لزعيمي الكورد الكبيرين، رئيس اقليم كوردستان العراق الأخ المناضل مسعود البارزاني، ورئيس العراق الجديد الفيدرالي مام جلال الطالباني الذي سيكون بمثابة الظهير القوي لكل المساعي الدولية والكوردستانية والتركية لمثل هذا الحل...كما أبدى السيد مراد قه ره يلان مرونة فائقة في التعامل مع مستجدات المرحلة، وبأن جيشه قادر على إلقاء السلاح، بعد أن أعلن الهدنة من طرف واحد من قبل، فيما إذا كانت هناك ضمانات دولية أو أمريكية بأن القضية الكوردية ستدخل حيز الحل السلمي وعن طريق الحوار الذي يشكّل قطبيه الرئيسيين كل من ممثلي الكورد و الترك….

كان حوراً عصرياً تقدمياً واضح المعالم والأهداف، وكان موجّهاً إلى عقلاء الشعب التركي ومثقفيه وسياسييه وإعلامييه، قبل أن يكون موجهاً للكورد… فرمى الفريق الكوردي الكرة، كورد الجنوب وكورد الشمال معاً ، صوب المرمى التركي، ودخلت الكرة مرمى أنقرة واسطنبول بسلام وهدوء، وسط تصفيق الأمة الكوردية كلها… وماذا سيكون جواب الديموقراطيين الترك وجواب العنصريين الترك، هذا ما يجب أن يبحث عنه ، وسط كومة كبيرة الحجم من التكهنات والتوقعات الآن (روژ تي ڤي) قبل أي طرف إعلامي آخر… وكم سيكون تحدي الكورد قوياً عندما تكمّل هذه القناة ما بدأته (كوردستان تي ڤي) من عمل بأن تحاور قادتة الكورد في الجنوب، وتعقد مع شقيقاتها الأقنية الإعلامية هناك عقوداً تلفزيونية باللغة الأم، وفي ظل سياسة التلاقي الأخوي التي بدأت تنتعش في كوردستان، تلك التي نادى بها أحمدى خانى منذ قرون طويلة….

الخطر الوحيد الذي أخشاه، هو أن يقتنع بعضهم بمراوغات الدولة التركية التي تعمل دائماً على إظهار القضية الكوردية وكأنها مسألة تركية داخلية لتبعد بها الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية من القاعة، مثلما تمكّن من ذلك مصطفى كمال وأعوانه بعد معاهدة سيفر الدولية عام 1920، حيث خدع الكورد والمجتمع الدولي بشعارات "وحدة الوطن والدين" وأخرج الأوربيين من اللعبة تماماً…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا تقر قانونا يسمح لسجنائها بالقتال في صفوف قواتها الم


.. دول الاتحاد الأوروبي تتفق على استخدام أرباح أصول روسيا المجم




.. باريس سان جيرمان.. 3 أسباب أدت للفشل الأوروبي منها كيليان مب


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقاشات في إسرائيل بشأن بدائل إدارة مع




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: المهمة لم تكتمل في الشمال والصيف ربم