الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقراء البرازيل .. من دروب الجوع إلى دروب الأمل

بدر الدين شنن

2006 / 11 / 1
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


حقق فقراء البرازيل انتصاراً ديمقراطياً كبيراً ، بإعادة انتخاب " لولا دا سيلفا " لدورة رئاسية ثانية ، وذلك عبر معركة انتخابية طاحنة ، بين كتلة الفقراء الجماهيرية العريضة وبين الطبقة الرأسمالية المتحالفة مع الطبقة الوسطى . وتعبيراً عن فرحتهم بهذا الانتصار نزلوا إلى شوارع المدن وساحاتها .. وهتفوا .. وغنوا أناشيد الحرية .. أناشيد الحلم بغد تنمحي فيه من حياتهم سمات الفقر .. واختناقات الفقر .. ومآسي الفقر .. وتنمحي فيه الفوارق الطبقية الظالمة .. وتندثر فيه دروب الجوع .. وتنفتح دروب الكفاية والعدالة والكرامة والأمل

هؤلاء الفقراء الذين رفعوا " لولا " إلى موقع الرئاسة مرة أخرى ، هم صانعوا البرازيل الجديدة .. صانعو الدروب الجديدة .. في النظرية .. وفي آليات التغيير الاجتماعي الديمقراطي
كلمات قليلة ترددت في شوارع ساوباولو لخصت هذا الحدث .. وحلت اللغز الكامن في ثنايا ه المبهرة
برازيلي من أصل عربي قال : لقد كان " لولا " إلى جانب لبنان وفلسطين والعراق .. إلى جانب الحق العربي .. كما هو إلى جانب الفقراء في البرازيل .. ولهذا يحق له .. ولنا .. أن يكون رئيساً للبرازيل مرة ثانية
وقال برازيلي آخر : إن الفقراء في البرازيل هم الأغلبية في المجتمع .. ولذلك نجح " لولا " لدورة رئاسية جديدة

وذكرت مراكز أبحاث ووكالات أنباء عدة أن " لولا " اتبع في عهد رئاسته الأولى سياسة اقتصادية خفضت التضخم وأ سعار المواد الأساسية .. وقدم مساعدات مالية إلى 11 مليون عائلة .. دون زيادة الضرائب .. وطبق سياسة تعليم الفقراء .. ووقف الجريمة
ولاغلو إذا اعتبرت حصيلة الدورة الرئاسية الأولى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بمثابة برنامج سياسي للدورة الرئاسية الثانية . وهذا ماركز عليه " لولا " في خطابه الجماهيري الأول بعيد إعلان نتائج الانتخابات إذ قال .. أنه سيتابع نهجه السياسي الاقتصادي الذي اتبعه في دورته الرئاسية الأولى

ومم لاريب فيه ، أن لانتصار فقراء البرازيل انعكاسات قارية أمريكية ودولية هامة . فالبرازيل إذ تصر على النهج الاجتماعي الديمقراطي العادل ، إنما تؤكد على خيارها المستقبلي المغاير لنهج كبار الرأساليين البرازيليين ، المتمثل بالهيمنة على الثروات الوطنية وعلى نتاج عمل الكادحين ، الذي أفضى إلى إفقار البلاد ، وإلى تفشي الفساد والجوع والجريمة ، وتؤكد على اصطفافها إلى جانب فنزويلا وكوبا وبوليفيا وتشيلي في مواجهة " الإمبراطورية " الولايات المتحدة الجار المتغطرس في الشمال . ما يؤهلها أن تلعب دوراً دولياً هاماً في القضايا المصيرية الكبرى ذات التأثير المباشر على مسائل السلم والحرية في العالم ، وخاصة في الشرق الأوسط

من هنا ، فإن انتصار فقراء البرازيل ، قد أحدث ارتياحاً كبيراً لدى شعوب البلدان العربية ، التي تكابد من المؤامرات والاعتداءات الأمريكية والصهيونية
ومن هنا أيضاً ، قدمت البرازيل أنموذجاً نضالياً جديراً بالاهتمام والاقتباس من قبل الشعوب العربية ، التي تخوض نضالً مماثلاً إلى حد كبير ، إن على المستوى الداخلي ، معركة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، أو على المستوى الخارجي ، معركة رفض الهيمنة الإمبريالية . وبرهنت بالممارسة الحية ، على أن القوى الاجتماعية حاملة برنامج المواجهة للإمبريالية وبرنامج التغيير الديمقراطي هي ، قوى الفقراء المؤلفة من الطبقة العاملة في قطاعات الانتاج والإدارة والخدمات والقوى الشعبية في المدن والأرياف
ومما لابد من ذكره ، كنقاط لافتة في هذا السياق ، أن كل الانتصارات الديمقراطية التي تحققت ، بطبعة يسارية ، في أمريكا اللاتينية ، قد قام بها الفقراء وليس " الطبقة الوسطى " .. لقد كانت " الطبقة الوسطى " إلى جانب كبار الرأسماليين في الخندق الآخر
إن الديمقراطية سلاح الفقراء .. سلاح كل الشرفاء .. شرط أن يتحدوا تحت قيادة مؤمنة بهم وبمصالحهم .. وبالديمقراطية يمكن حل المشكلات الاجتماعية لصالح الفقراء والمجتمع برمته
إن قيادة " الطبقة الوسطى " ليس شرطاً أبدياً ملزماً لتحقيق الديمقراطية والتغييرات الاجتماعية الكبرى ، فهذه الطبقة إن وجدت أصلاً هي متعددة المشارب والمصالح .. ويمكن أن تكون شرائح منها أحياناً معادية للديمقراطية ، بل ولاتتورع عن تدبير أو احتضان الانقلابات الدكتاتورية ، كما حدث في عدد كبير من بلدان العالم في مختلف القارات ولاسيما في البلدان العربية

وما يمكن البناء عليه مما تقدم ، أن نتائج انتخابات الرئاسة في البرازيل ، قد شكلت إحراجاً شديدأ للمشروع الامبراطوري البوشي في أمريكا اللاتينية ، وإحراجاً شديداً لأنظمة عديدة ، مثل النظام السوري ، المدعية الممانعة للهينمة الامبريالية بتجذير الاستبداد والزاعمة تحقيق الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية بالارتباط باقتصاد السوق الامبريالي ، كما شكلت إحراجاً شديداً أيضاً ، لمن مازال يراهن على الدور الطليعي ل" الطبقة الوسطى " في معركة التغيير الديمقراطي وحماية الاستقلال الوطني

لاشك .. أن المستر بوش ما أن سمع بانتصار فقراء البرازيل المكرر ، حتى هرع إلى خلوته الروحية لائذاً ب" وحيه المزعوم " ليفسر له كيف تمكن الفقراء من ا ستخدام الديمقراطية ضده وضد حلفائه كبار الرأسماليين في " القارة البرازيلية " .. وقبلها جرى ذلك في بوليفيا وتشيلي وفنزويلا وفلسطين ؟ كيف سيتخلص من ورطته " الديمقراطية " في أفغانستان والعراق قبل أن ينقلب السحر على الساحر .. ؟ وماذا عليه أن يقدم من بدائل لخداع الشعوب والتحايل عليها ، لتأمين خضوعها لهيمنة أمريكا العولمية .. ؟

شاب برارزيلي في ساحة ساوباولو عبر فرحته بانتخاب " لولا " قائلاً : الحمد لله لأننا نحن الفقراء في البرازيل نشكل أغلبية كبيرة .. ولهذا كسبنا وفاز " لولا "

ألسنا .. نحن فقراء الوطن العربي .. نشكل أغلبية أيضاً .. ؟ أم أن الأغلبية لاتكفي للإنتصار بدون " لولا " .. ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها