الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية نقيض الدّيمقراطية

الطاهر المعز

2023 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عند انهيار جدار برلين والإتحاد السوفييتي "بَشَّرَنا" صانعو الإعلام والبروبغندا وحكام أمريكا وأوروبا الغربية (أي حلف شمال الأطلسي) ب"نهاية التاريخ" وانتصار الدّيمقراطية والرأسمالية، ولا وجود لخيار آخر غير النموذج الرأسمالي الليبرالي الذي بدأ بتدمير العراق ويوغسلافيا والصومال في إشارة إلى تخلُّصِهِ من جميع "العراقيل" والكوابح التي كانت تحكم العلاقات الدّولية...
في داخل الدّول الرأسمالية الإمبريالية، أثبتت احتجاجات الكادحين والأُجراء والمتقاعدين والفقراء في فرنسا ضد قانون "إصلاح" المعاشات التقاعدية أن الرأسمالية تتعارض مع الدّيمقراطية فقد تمكّنت الحكومة من تجاوز المؤسسات والهيئات المنتخبة، وتجاوز قانونها البرجوازي، لإقرار القانون الجديد دون نقاش برلماني، وترافق هذا الإجراء "الدّيمقراطي جدًّا" مع تراجع الحريات في أوروبا، ومع حملة اعتقالات واسعة ومع حَظْر نشاط العديد من الجمعيات وإلغاء التمويل العمومي لبعضها الآخر (منها رابطة حقوق الإنسان التي تأسست في بداية القرن العشرين) وإلغاء دخول مثقفين وفنانين من بلدان أخرى، وحظر اجتماعات وتظاهرات سياسية أو ثقافية، في أوروبا، ومع ذلك يرفض العديد من أصدقائنا الحديث عن دكتاتورية أو فاشية أو استبداد في أوروبا وأمريكا الشمالية...
يمثل عدم احترام المعايير الديمقراطية الليبرالية - مثل الحق في الاحتجاج والتعبير والإضراب واستقلال القضاء – واحدا من مظاهر التراجع عن المطهر "الديمقراطي الليبرالي".
وعدونا، عند انهيار الإتحاد السوفييتي، إن تعميم النظام الرأسمالي ( العولمة النيوليبرالية) سوف يجلب الديمقراطية والرخاء للجميع، وبعد أربعة عُقُود، قدّرت المؤسسات "غير الحكومية" الأمريكية مثل "فريدوم هاوس" (وهي في واقع الأمر تدافع عن السياسات الرسمية الأمريكية وعن الإيديولوجية السائدة) أن حوالي 72% من سكان العالم يعيشون في ظل شكل من أشكال الحكم الاستبدادي وأن حوالي 38% من سكان العالم يعيشون في بلدان لا تحترم الحريات الأساسية، فكلما انتشرت الرأسمالية في العالم، تراجع مستوى الحريات والدّيمقراطية وزاد الترويج للميز والعنصرية والفاشية في أوساط السياسة والإعلام والثقافة والفن الخ
لم تنتشر الدّيمقراطية كما وعدت بذلك أبواق الدعاية الإمبريالية، ولم ينتشر الرخاء الإقتصادي، بل زحف اليمين المتطرف في الدّول الرأسمالية المتقدمة، وما رافق ذلك من تراجع أو إلغاء المكتسبات الإجتماعية، وزاد الفقر والبطالة في البلدان الفقيرة، وزادت وتيرة الحُرُوب العدوانية الأمريكية والأطلسية، منذ بداية القرن الواحد والعشرين، مع إغلاق الحدود أمام فقراء العالم الذين خربت الإمبريالية بلدانهم ونهبت ثرواتهم...
نشر الصحافي والكاتب والمُعلّق بصحيفة فايننشال تايمز، "مارتن وولف"، خلال شهر نيسان/ابريل 2023، كتابًا بعنوان "أزمة الرأسمالية الديمقراطية"، ضَمَّنَهُ نقدًا خفيفًا "للحروب التجارية والحواجز الجمركية...(لأنها) قرارات يتخذها الحاكمون الذين يعيقون التنافس الحر، وفق قانون السُّوق الذي يتيح شراء مجموعة أوسع من السلع والخدمات الأرخص والأعلى جودة"، وكان مارتن وولف ولا يزال يُمجّد الرأسمالية والنيوليبرالية، لكنه بدأ يُشير مؤخرًا إلى التفاوتات الكبيرة وانتشار الفساد داخل البلدان الرأسمالية المتقدمة، وإلى التفاوتات بين البلدان معتبرًا إنها "تخلق بعض المشكلات المهددة للعالم، بما في ذلك خطر الحرب"، وفجأةً أصبح مارتن وولف مهتمًا بمستقبل الديمقراطية، ويقترح تخفيف حدّة التوترات الإقتصادية والإجتماعية، لكنه يرفض نقد أو إعادة النظر في الأسباب التي أدّت إلى هذا "الوضع المتفجر"، بل يدعو إلى "الرأسمالية المُنظّمة التي تحقق إجماعًا ديمقراطيا" ( على الطريقة الكينزية)، ويتناسى مارتن وولف أو حتى المُنَظِّر السياسي التقدمي كارل بولاني، إن الرأسمالية لا تتحمل الإصلاح، فهي قائمة على استغلال العاملين لتحقيق النمو الاقتصادي ولزيادة الأرباح، كما يتجاهلون أن الرأسمالية تستخرج الجزء الأكبر من الأرباح الفائضة من البلدان الفقيرة، لتتمكن من إعادة توزيع بعض الفُتات على الطبقة العاملة بالدّول الرأسمالية المتطورة، في شكل سلع رخيصة، تُجنب الرأسمالية زيادة الأجور، وبذلك تتفادى الثورة في معاقل الرأسمالية الإحتكارية (أو الإمبريالية) وتمكنت هذه الأساليب من تأجيل الحرب الشاملة على العمال في الدّاخل وعلى الشّعوب والبلدان في الخارج، ويشترك الطَّرَفان في مقاومة زحف "مجتمع السوق" وما يتضمنه من استغلال واضطهاد وانعدام المساواة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألهروب من الواقع هو فشل مربع
د. لبيب سلطان ( 2023 / 6 / 21 - 12:41 )
الاخ طاهر المعز
اني ارى وضع الرأسمالية والامبريالية كسبب لتخلف مجتمعاتنا هو هروبا من الواقع في بلداننا فلا نظام الاسد او الميليشيات في العراق او حزب الله في لبنان محالف للهما وهذه اهم بلدان الشرق الاوسط وسكانها70 مليونا هي تحت سطوة اية الله الطهراني ومعركتنا معها تدور حول الديمقراطية والحريات وعلينا خوض معركة مع الرأسمالية وهي نظام اقتصادي عالمي من اليابان الى السويد بدلا من خوض معاركنا الداخلية وتضع فقدان الديمقراطية في بلداننا عليها ..اليس هذا تعمية للبصيرة وهروبا من الواقع وفشلا و داء العمى الايديولوجي على ترحيل مشاكلنا للخارج
وتوردون فقرة مضحكة حقا مثل - أن الرأسمالية تستخرج الجزء الأكبر من الأرباح الفائضة من البلدان الفقيرة، لتتمكن من إعادة توزيع بعض الفُتات على الطبقة العاملة بالدّول الرأسمالية
المتطورة- بالله عليك وضح لنا كيف ان ارباح شركة كوكل لعام 2022 البالغة 75 مليار دولار اي اكبر من ميزانية المغرب كيف استخرجتها من البلدان الفقيرة ووزعتها على عمال اميركا كي لايثوروا لقلب نظام الحكم وجعله بروليتاريا
انها اضرب من قصص الف ليلة وليلة .. فهم وطرح زائف وهروب من الواقع


2 - لاتناقض منطقي بين الراسمالية والديمقراطية
منير كريم ( 2023 / 6 / 21 - 18:19 )
الاستاذ المحترم الطاهر المعز
دعنا نطرح الموضوع منطقيا
الديمقراطية تتضمن الحرية والا لاتكون ديمقراطية
الراسمالية تستلزم الحرية الاقتصادية وخاصة الملكية الخاصة
الغاء الحرية الاقتصادية هو الغاء لنظام الحريات
نستنتج ان الديمقراطية والراسمالية متلازمتان منطقيا
هكذا اخبرنا التاريخ
وعلى العكس الغاء الحرية الاقتصادية اوجد نظم العبودية
وطبعا كلامي عن الراسمالية باطار قانون وليس الفوضى
شكرا


3 - اكتب لليابان والسويد بتناقض الديمقراطيةوالرأسمالي
د. لبيب سلطان ( 2023 / 6 / 22 - 03:53 )
الاخ الطاهر
يبدو ان مالا تعلمه اليابان والسويد هو ان نظامها ارأسمالي يتناقض مع الديمقراطية ورأيت ان
ترسل نسخة من مقالتك لتنبههم اليها فهي ذات فائدة لعلهم غير منتبهين او ان الامر مختلط عليهم وفتح عين انسان على امر مفيد فيه اجرا اذا لم يكن من رب العباد على الاقل انسانيا ، وقترح ان من المهم ارسال نسخة ايضا الى بريطانيا كونها هي البلد التي انشات كلاهما اي الرأسمالية والديمقراطية بعد الثورة الصناعية ولم يعوا انهما متناقضان ربما ان الانكليز شأنهم مثل اليابانيين والسويديين لم يفهموا ولم يعوا انهما متناقضان منذ مائتي عام ولليوم وبما ان هناك حكيما في افريقيا اكتشف الانر فوجب التنبيه لاخوانه الاوربيين والسيويين ، ولم لا فمحمد خرج من البادية ليهدي الروم ..
ولكن اخشى ان يجيبوك بعد الشكر على الاهتمام انك يااخونا الطاهر يبدو لا تعرف لا الرأسمالية ولا الديمقراطية وينصحوك بمراجعتها لفهمها ليس وفق كتيبات سوفياتية بل وفق اسسها واختصاصها واهدافها لتجد ان احداها يدعم الاخرى وهم بخير تحت كلاهما ويشكرونك على هذا الاهتمام بهم ويتمنون عليك الاهتمام بشؤون التخلف الداخلي وليس مشكلة التقدم عندهم

اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك