الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارفنا النخبوية دعامة لفقد القيمة – جزء 2

أمين أحمد ثابت

2023 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


من كاروسيل ضياع الوجود العربي / ح ( 3 )

مما سبق طرحه في الجزء ( 1 ) وخلال الحلقات الماضية يتلخص برؤية تصورية خاصة بنا ( بأن مجتمعاتنا العربية – دونا عن غيرها من المجتمعات الاخرى ، بما فيها الاضعف نموا – موسومين وجودا منذ زمن ماضي بعيد بتاريخ خاص بنا ( دوراني المسار على انفسنا فراغيا . . بمعزل عن المسار التاريخي الطبيعي لبقية الشعوب ) – دوران تعدى ( منطوق إعادة انتاج القديم في مراحل الاجيال اللاحقة لإنسان المجتمع ) . . كما يحلو لكبار المفكرين العرب الحداثيين المعدودين بأصابع الكف الواحدة تكرارها والاتكاء عليها كاكتشاف فكري مجرد نوعي ، وذلك من خلال استدلالاتهم العقلية بتسيد ( قيم القديم ) على القيم العصرية لكل مرحلة وصولا الى راهن اليوم ، والذي عليه يستنطقون حكمهم السببي بأن – هذه الحقيقة وفق استقرائهم – هي وراء فقدان مجتمعاتنا خاصية التطور والتغير عبر مراحل طويلة من تاريخ عمر وجود مجتمعاتنا العربية الى هذه اللحظة – بينما فيما نراه أن تصورهم المؤمنين بها اعتقادا . . انه طبع مجتمعاتنا العربية لمراحل اولى من بعد حدوث الانسلاخ عن المسار الطبيعي لتاريخ المجتمعات الاخرى ، حيث كانت حركة المسار الدوراني تعيد انتاج قيم القديم السائدة لتسود مجددا على وجودها طول تلك المراحل وفق افتراضنا – ولنا تعليل نستدل به لم يطرح عند غيرنا – والمتمثل بكون أن تلك المراحل الاولى من منقطعنا التاريخي عن المسار الطبيعي لم تكن المجتمعات البشرية عموما ( رغم مسارها التطوري ضمنيا بدرجات متفاوتة فيما بينها ) قد خرجت بعد الى طابع نوعي جديد للمجتمع بقيمه المغايرة جوهرا ) ، بينما في المراحل الزمنية اللاحقة من التاريخ – أي منذ بدء نشوء طابع جديد نوعي مغاير كليا لما عرفته البشرية طوال كامل تاريخها القديم ، والذي يعد بتعبير مجازي بظاهرة ( الانقلاب الجذري لبنى المجتمع وقيمه الجديدة الخاصة به ) ، والذي ظهر بمحدودية وجود لبعض قليل من المجتمعات البشرية ، والذي ( بسمته التطورية الارقى بديناميته المتسارعة مقارنة بالأنماط القديمة من التاريخ للمجتمع البشري ) ، لم يأخذ زمنا مستطيرا . . بل زمنا اختزاليا غير معهود لمسار التاريخ الماضي ، حيث طبعت التاريخ البشري منذ ذلك الوقت وحتى اليوم وغدا بالتسيد التدرجي ( الاحتوائي ) على بقية المجتمعات البشرية – بغض النظر عن طابع نمطها الوجودي او درجة التطور او التخلف عن غيرها – لتصبح من بعد منتصف القرن العشرين معرفة بكونها ( قيم وطابع العصر ) الحاكمين للوجود البشري لمختلف مجتمعات الارض البشرية – وعودة يمكننا القول ، أن مراحل التاريخ القديمة تلك منذ بدء التعميم الجبري لقيم تلك المجتمعات المتحولة جدة ل . . لتكون حاكمة لشعوب المجتمعات الاخرى ( غيرها ) ، والتي حملت تاريخيا بطابع الاستعمار الاحتلالي القديم – منذ بدايات القرن ال17 الميلادي والى منتصف القرن العشرين – وهنا مربط الفرس الذي نقصده ونعنيه تمييزا لكشف ما هو خاص بنا العرب ، بأن طابعنا الدوراني لمجتمعاتنا خارج مسار التاريخ الطبيعي لبقية شعوب المجتمعات . . تمثل متكرر إعادة انتاج قيم القديم وتسيدها على مجتمعاتنا ( موسوما ) بطابع ( هجائني مسخي ) لوجود انسان مجتمعاتنا وقيمه السائدة حضورا – أي منذ ذلك الوقت الذي اشرنا اليه افتراضا وفق زعمنا وحتى راهن اليوم والمستقبل المنظور ايضا – هذا الطابع التشوهي للمجتمع بقيمه التشوهية . . التي اخذ مسارا خفيا غير ملاحظ للانتشار التوسعي عبر ابنية ومكونات مجتمعاتنا العربية لتصبح هي المتسلطة قيمة ( كنزعات ومحركات دافعية لشخصية الانسان المجتمعي ) غير معلنة او مدركة لحقيقة وجود مجتمعاتنا العربية وحياة انسانها – بينما المعلن عن قيمه قولا وخطابا بانتقائية ( مثالية ) عن ما هو اصيل ايجابي قديم وحديث – وصولا الى فترة العقد الاخير من القرن العشرين وحتى نهايات العقد الاول من القرن الحادي والعشرين . . بدأت مجتمعاتنا العربية بإنسانها من مختلف مكوناتها الفئوية تنضح واقعا تسيد هذه القيم المشوهة على مجتمعاتنا وتوجه قناعات انسانها وتؤطر نزعاته – في مسألتي وجود العيش الحاضر والمستقبلي – فلم تعد القيم المثلى ( الدينية والدنيوية ) ليست اكثر من ظاهر قولي يخفي النزعات والقناعات – اللاقيمية - المخفية الحاكمة كنوع من الحياء او الادراك بكونها تحط من قيمة وجوده الواقعي كإنسان ومجتمع بشري – وهو ما يلاحظ على من تثبت الادانة عليه من اناسنا بهروبه نحو تقديم التذرعات الواهية بأن الوضع او الظروف هي ما حكمته الى ذلك الانحراف اللاقيمي لأفعاله و . . ليس لكونه يؤمن بها – كالرشوة والنهب المخفي والتسلط والارهاب . . الخ – بينما نجد انساننا يتابع ذات المسلك . . حتى لحظة مماته إذا لم يتم القبض عليه او محاكمته . هذه القيم المشوهة اخذت بالسطوع علنا كحاكمة تسيديه على المجتمع والفرد . . تحت ( غطاء وهم عقلي متسلط على وعي المجتمع والفرد ) – من بدايات العقد الثاني من قرننا الحادي والعشرين ولاحقا – بأنها جوهر العصر ، فبدونها لن ينتقل المجتمع وجودا – كما نحلم به – ليلحق ببقية شعوب المجتمعات المتقدمة ، ولن يحقق المرء ( كأفراد ) ما يبتغيه او يؤمل به او يحلم أن يصل إليه من العيش والمكانة والثروة ، أي بمعنى التذرع السائد المعمم فينا ( حكم الضرورة او ضريبة العصر ) في أن تكون ابن زمنك ، وتكون غير خارج عن التاريخ في وجودك الراهن والمستقبلي – بغض النظر عن ضعف النمو وتأخره – فأنت تظل معاصرا وحداثيا مثل غيرك من البشر ( مجتمعا وافرادا ) !!!!ّ!!
هذه الوهمية بصيغة ( زيف الوعي وزيف الواقع ) – الظاهرين خداعا ك ( حقيقة وجود واقعي ملموس ) – هي التي اصبحت مفرز متكرر حركة الدوران حول انفسنا خارج التاريخ ، حيث تحمل كل مرحلة او فترة جديدة ( معلمة بذاتها عن غيرها ) من تاريخنا – خاصة منها من بعد منتصف القرن العشرين – تحمل متشوها قيميا ( روحيا وماديا ) مقارنة بما سبق و . . ليس إعادة انتاج القديم – حيث يطبع ذلك ب( ملموسية يمكن استقراءها ) بصورة معبر ( اعادة انتاج الازمات والمشكلات ) القديمة بطبيعة اكثر تعقيدا بنيويا و . . طبعا بسمتها العصرية ( في كل مرحلة او فترة جديدة ) . . وهكذا – وهو ما يخدع العقول الاعتيادية بغض النظر عن الشهادة التعليمية المتحصل عليها عند الافراد او خبراته الممارسية الحياتية والمهنية – حيث لا يرى في ازمات او مشكلات كل مرحلة او فترة من عمر المجتمع . . خاصة بها وبالظروف التي تحكم ظهورها بتلك الصورة والدرجة من التعقد ، لا يجوز الخلط او الجمع بينها وبين سابقاتها ، فكل وجود منها يختلف عن الاخرى والظروف التي صنعتها ، وهو ما يجعلنا قادرين على ملامسة اختلاف طابع ازمات او مشكلات باختلاف مرحلة او فترة وجودها الزمني من عمر المجتمع .
وعليه ، فوجودنا الخاص - كدواليب مرجيحة الهواء الكاروسل وبمسار حركة دورانية حول انفسنا . . منعزلة عن حركة المسار الطبيعي لتقدم شعوب المجتمعات الاخرى اماما ، كمسار انقيادي استلابي ( لا ادري ) – مجتمعا وافرادا – اشبه ما يكون معبرا عنه بقول مجازي استعاري عن العلوم الفيزيائية ب ( بمسار قصور ذاتي امتدادي عبر مراحل التاريخ الماضية وصولا الى اليوم وغدا ) ، حيث تصبح بنية الشوه كديناميكية حاكمة لقانونية وجودنا المجتمعي ( العربي ) عبر مسار كل تلك الازمنة في مختلف المراحل والفترات ، بل واصبحت اشبه ب ( جينية مجتمعية ) مورثة اجتماعيا عبر مختلف الاجيال المتلاحقة التالية الى الآن – كما يقال غصبا عنا نحن عليها وليس بأيدينا تغيير هذه الحقيقة .
طبعا ، هذا السطر الاخير العرضي اعلاه . . لا نتفق معه ، بل نزعم بأنه من الممكن واقعيا التخلص من هذه ( الجينية المورثية المرضية التاريخية ) - الخاصة فينا – فهي بقدر وجودها فينا ، لا تعنى سوى انها تطبعنا ب ( حالة غير صحية مرضية ) . . مغايرة لحقيقة وجودنا الافتراضي بجيناتنا الطبيعية ، أي أن ما نظهر عليه ونكون عليه واقعا ( لا يمثل حقيقتنا الاصلية ) ، بل ( ما يمثل حالتنا المرضية ) التي نحن عليها بدرجة من الضرر – قد يكون الوقت الذي نحن فيه بفعل تسيد ( قيم قوة التسلط والاستبداد الابوي والانتهازية النفعية الذاتية الرخيصة ) على نظام الحكم ووعي المجتمع وحياته بينما تكون الحالات الفردية غير المعاقة السليمة نادرة العدد مجتمعيا . . ما يجعلها غير قادرة على علاج ( المجتمع والفرد والحياة والواقع ) حتى الآن ، لكنها مع تقدم الزمن وتزايد نموذجها مجتمعيا وتصدر قوة فاعليتها العلاجية للمجتمع ك ( منقذة للبلد والانسان والمجتمع ) . . مع تنامي الصحوة المجتمعية لتقبل التطبب ، هناك سيظهر وقتها في قابلية التشافي أن اعاقتنا وإن كانت تاريخية إلا انها حالة شاذة لا تعبر عن اصل حقيقتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام