الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع على الدستور في تشيلي ... الهزائم والتحديات والآمال

رشيد غويلب

2023 / 6 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في 7 أيار الفائت، جرت في تشيلي انتخابات المجلس الدستوري المكلف بصياغة دستور جديد، بعد أن رُفضت المسودة الأولى، والتي كانت، في كثير من النواحي، تقدمية للغاية ، في استفتاء عام جرى في أيلول ر 2022. وسيتم التصويت على مشروع الدستور الجديد في استفتاء عام في 7 كانون الأول من هذا العام.
لقد فاز اليمين بالأغلبية المطلقة في المجلس الدستوري الجديد. وحصل الحزب الجمهوري، وهو تشكيل يميني متطرف بقيادة خوسيه أنطونيو كاست، خسر أمام غابرييل بوريك في جولة الانتخابات الرئاسية الثانية في كانون الأول 2021) ، على 35,5 بالمائة من الأصوات وحصل على 23 من أصل 51 عضوًا في المجلس. وحصل تحالف "الوحدة لتشيلي" اليساري الحاكم على 28,4 في المائة ولديه 16 مقعدا فقط. وحصل اليمين التقليدي على 11 مقعدًا وبهذه النتيجة، يتمتع اليمين بالسيطرة المطلقة على المجلس الدستوري المستقبلي ويمكنه حتى الاعتراض على المقترحات التي لا يدعمها.
يضاف إلى هذه الأرقام الأصوات الباطلة، التي بلغت قرابة 2.1 مليون، 17 في المائة من مجموع الناخبين، وأصوات غير المشاركين في عملية الاقتراع التي بلغت قرابة 600 ألف صوت، 4,55 في المائة، ما يشير إلى خيبة أمل بين بعد الآمال الكبيرة التي أطلقها الرئيس بوريك.
في حوار نشره موقع "شيوعيون" الألماني يجيب توماس هيرش رئيس حزب "العمل الإنساني" المشارك في تحالف "وحدة تشيلي" الداعم للحكومة على أسئلة تتعلق بما حدث وافاق المستقبل والتحديات والآمال فيما يلي عرضا لاهم الموضوعات الواردة في الحوار. الى جانب ذلك، هناك عرض لجوانب من رؤية الحزب الشيوعي التشيلي للتطورات الأخيرة في البلاد.
انتصار اليمين المتطرف
لا شك في أن الهزيمة السياسية في انتخابات المجلس الدستوري في 7 ايار كانت مخيفة ومدوية. إنه انتصار لليمين المتطرف، جعله يتمتع بحق النقض والسيطرة المطلقة على صياغة مسودة دستور جديد. ومن الضروري تقييم وتحليل وفهم أسباب هذه النتيجة، والأهم من ذلك، ما هي التوقعات، ومن الضروري ان لا تؤدي هذه النتيجة الى شك القوى الداعمة لمشروعها، لأنه يهدف إلى إحداث تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة في البلاد. وان ما حدث يجب ان يكون حافزا لتعزيز وتعميق البرنامج الحكومي الذي حاز على ثقة الناخبين.
هناك العديد من العوامل التي أدت الى هذه النتيجة. أولاً، العدد الكبير للأوراق الفارغة والباطلة، والتي بلغت أكثر من 21 في المائة من أصوات المشاركين، والتي لا يمكن إهمالها. ولا يمكن ارجاعها إلى معلومات مضللة أو مجرد ارتباك. مثل هذا التفسير المبسط لا يساعد على تجاوزها. أن هذا العدد الهائل من الأصوات هو تعبير عن عدم الرضا: فمن ناحية، عدم الرضا من الأداء الحكومي، والذي لم يحقق آمال اليسار، والشباب، والنساء، والطلاب، والعمال، دعاة حماية البيئة ونشطاء حقوق الحيوان ومجموعات أخرى.
بعيدا عن هذا "الغضب" أو عدم الرضا من ناخبي اليسار السابقين، القادمين من عالم الحركات الاجتماعية واليسار السياسي، يبدو أن هناك غضبًا متأصل على النظام السياسي بأكمله من قبل الناخبين الجدد: أي هؤلاء الستة أو السبعة ملايين ممن تعين عليهم الآن التصويت بسبب تغيير نظام التصويت، وفرض التصويت الاجباري ثانية. بعبارة أخرى، يوجد الآن عالمان من الناخبين ليس لديهم حوار مع بعضهم البعض. أولئك الذين صوتوا في جميع الانتخابات السابقة والذين قاموا بذلك لأول مرة، بسبب فرض المشاركة في التصويت، او دفع غرامة. في هذه المجموعة الثانية، كان هناك الملايين من الأصوات الباطلة. لكن لا بد من القول أيضًا إن هذه النتيجة، بالإضافة الى التصويت لصالح اليمين المتطرف بينت أن اليسار والتقدميين تخلوا عن جذورهم وأرضيتهم، في عملية بدأت في التسعينيات، أي السياسات التي اكتفت بذهاب رموز الدكتاتورية عام 1990، مع بقاء قاعدتها الاجتماعية متنفذة.
من ناحية أخرى، من المهم أن فهم سبب تصويت الناس لليمين المتطرف، وهي ظاهرة لا تنحصر في تشيلي فقط، بل في العديد من البلدان الأخرى ايضا. يمتلك اليمين المتطرف القدرة الماكرة في توظيف مخاوف الناس الأكثر إلحاحًا وأكثر تأثيرا: الأمن والجريمة والهجرة. أي أن قبولهم الانتخابي المرتفع يغديه خطاب بسيط وسطحي يستغل تلك المخاوف من خلال تقديم حلول يسهل فهمها، رغم أنها تجرد من الإنسانية بشدة. خلال الحملة الانتخابية، لم يناقش اليمين المتطرف أبدًا مقترحات دستورية، بل قضايا راهنة فقط، تستند على التخويف. بعبارة أخرى، لديهم القدرة على التمويه والاختباء. وقد نجحوا في تصوير أنفسهم على أنهم "غرباء"، أي خارج المؤسسة السياسية، محتوين الغضب ضد ما يسمى بـ "الطبقة السياسية" بدافع التشويه المتزايد للأحزاب السياسية.
من القضايا الجوهرية بلا شك المطالب التي لم تتحقق. وفد مثل ذلك تحديا سياسيا. حراك عام 2019 مستمر ومتنامي، على الرغم من أنه بلا هياكل وغير منظم، إلا أنه يمثل تحديًا، واضطرابًا منتشرًا ولكنه عام جدًا، يضاف إليه المخاوف والقلق بشأن القضايا الأمنية الحالية. ان هناك استياء وإحباط من توقع تغييرات لم تحدث أو حدثت بشكل أبطأ مما كان متوقعًا، وقوى اليسار ليست أكثرية في الكونغرس، مما يجعل من الصعب للغاية تمرير مشاريع قوانين التغيير الهيكلي، وهذا السبب لا يقلل من استياء بعض شرائح السكان.
عناصر الأمل
على الرغم من هذه الهزيمة وصعوبات لا تعد ولا تحصى امام محاولة بناء مجتمع أكثر إنسانية، فلا شك أن هذا التغيير ممكن ويعتمد على كل واحد من أنصار التغيير. أما بالنسبة للحكومة، يجب على الرئيس أن يكون طليعة الأمل. والأمر متروك لكل معني للمساعدة في فتح المستقبل للأشخاص الذين يجدون أنه مغلق. هناك جملة قديمة يرددها الإنسانيون منذ سنوات عديدة: لا يزال هناك مستقبل! يجب أن نشجع على انفتاح المستقبل، لأننا نعلم، عاجلاً أم آجلاً سيأتي الافضل الناس.
لقد فاز التحالف في الانتخابات الرئاسية لتنفيذ برنامج التحول لجعل الأمل حقيقة واقعة. لهذا السبب نعتقد أنه من الضروري عدم الاستسلام، وفتح نوافذ المستقبل والتعليم، وليس إضعاف مشروع التغيير. والاستمرار في المثابرة في مواجهة الفشل. والتمسك بتوجهات البرنامج الانتخابي وتعميقه، بالضد من التجريد المتزايد من الإنسانية. وهناك حاجة إلى إعادة الاتصال مع الأوساط التي مثلها البرنامج الانتخابي، والذين يعلقون آمالهم بشكل أساسي على جيل جديد لتحقيق تشيلي أكثر عدلاً وديمقراطية وتشاركية ولامركزية والمزيد من الحقوق للجميع.
من المفارقات والمهمة أنه في نفس الأسبوع الذي تعرض فيه معسكر الحكومة للهزيمة في انتخابات المجلس الدستوري، تم تحقيق نجاحين كبيرين: أولاً، زيادة في الحد الأدنى للأجور، لم يسبق لها مثيل في تشيلي منذ عودة الديمقراطية. وثانيًا، فرض ضريبة تعدين على النحاس والليثيوم، التي ستدر مليارات الدولارات الإضافية كل عام. ومنذ البداية، تقرر توزيع الأموال على الأوساط الأكثر احتياجًا في البلاد، وأفقر مناطق التعدين، التي تجلب الموارد إلى تشيلي. بمعنى آخر، وفقًا لمعيار إعادة التوزيع واللامركزية القريب جدًا من النهج الإنساني، فهذا يمثل تحول تاريخي يمكن مقارنته فقط بتأميم النحاس في السبعينيات فقط.
وفي نفس الأسبوع، صدر قانون جديد يعاقب على ارتكاب الجرائم الاقتصادية والبيئية بأحكام بالسجن وغرامات باهظة. بالإضافة إلى ذلك، تم اصدار قانون لخفض ساعات العمل أسبوعيا من 45 الى 40 ساعة، بحيث يكون للعمال مزيد من الوقت لأحبتهم. التحدي التالي هو تحقيق إصلاح نظام التقاعد الموروث من عهد الديكتاتورية، وهو مشروع قيد المناقشة حاليًا في الكونغرس.
بعبارة أخرى، بعد هزيمة 7 ايار، من الواضح أصبح التوجه احداث تغييرات بعيدة المدى. والقصد هو الاستمرار في هذا الطريق.
لذلك، فإن أهم رد يمكن تقديمه هو، من ناحية، مواصلة الإصلاحات التي تم الالتزام بها، ومن ناحية أخرى، الكشف عن القطاعات اليمينية المتطرفة، التي تزين نفسها بخطاب الخلاص في وجه العنف والجريمة، ولكن في الواقع تريد إبقاء البلاد في نفس الظروف التي عاشتها، والتي أنتجت الفقر وعدم المساواة وتأجيل الحصول على الحقوق.

الشيوعي التشيلي: لم يتم اشراك الشعب
في حوار مع دانيال جادو عضو اللجنة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التشيلي، وعمدة منطقة ريكوليتا في العاصمة سانتياغو دي تشيلي، أجرته جريدة يونغه فيلت الألمانية أشر فيه رؤية حزبه بشأن عملية انتخاب المجلس الدستوري الأخير.
يتمتع المجلس الدستوري الحالي بصلاحيات أقل بكثير من الجمعية الدستورية السابقة التي انتخبها الشعب مباشرة، وسيكون المجلس بأشراف هيئة خبراء مؤثرة، وانتخب المجلس على غرار انتخاب مجلس الشيوخ، وبالتالي فانه غير تمثيلي كما هو حال مجلس الشيوخ. وسيكتب المجلس الصيغة البديلة لمسودة الدستور الجديد، وسيتم استبعاد القضايا القومية منذ البداية. وستتجاوز صيغة المشروع الجديد الدستور الموروث من الدكتاتورية العسكرية، لكنها ستكون اقل تقدمية من الصيغة التي رفضت في الاستفتاء العام خلال المحاولة الأولى. ولا تتمتع بأي حال من الأحوال بنفس الشرعية أو السلطة الاجتماعية التي تتمتع بها الجمعية التأسيسية في العام الماضي. فالشعب الذي هو مصدر السلطات سوف لن يشارك في تفاصيل العملية.
تجري العملية الحالية في إطار البرلمان ومجلس الشيوخ فقط، وهذا يمنع مشاركة الحركات الاجتماعية والأحزاب التي خارج البرلمان التي اشتركت في المحاولة الأولى، إضافة الى ان الأكثرية في جناحي السلطة التشريعية محافظة، تعمل على الحفاظ على الوضع الراهن، وتعمل ككابح لاي تطور تقدمي، لاستعادة السيطرة على العملية الدستورية. لهذا السبب يقومون الآن بتقييد العملية قدر الإمكان.
لقد اتفقت الحكومة مع المعارضة اليمينية على قواعد العملية التي تستبعد التغييرات الأساسية، ولذلك فان إمكانية ادخال زخم تقدمي في مشروع الدستور الجديد ستكون محدود. ان نتيجة الاستفتاء الأول شكلت خيبة امل وخففت ضغط الشارع، ولكن إمكانية تنشيط هذا الدور وعودته للصدارة ممكنة، لان عوامل احياء شرارة النضال من اجل حياة كريمة لا تزال قائمة.
في الحكومة الحالية، هناك مجموعتان مختلفتان أخفقتا في تشكيل ائتلاف مشترك. لذا فإن للحكومة الحالية روحان: واحدة تتطلع إلى التغيير ولكنها فقدت نفوذها وتمثيلها في الحكومة، والأخرى محافظة، ولهذا فرصة بقاء التحالف على قيد الحياة ضيقة جدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل