الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- المجلس العسكري -، بين الآمال المشروعة وتحدّيات حقائق الصراع الواقعية!!

نزار فجر بعريني

2023 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في مطلع حزيران الجاري، وجّه  العميد  السيد "مناف طلاس"  من مقر إقامته الباريسي  رسالة إلى السوريين  بصفته "قائد المجلس العسكري السوري، "ورئيسا" لحركة تحرر وطني" ، وبما يتوافق مع روح البيان الذي أصدره مجلسه في ٢٥  أيار الماضي  والذي أكّد فيه  "أن ثورة الشعب السوري أصبحت حركة تحرر وطني، ومن حق جميع السوريين العمل على إسقاط النظام الغاصب وبناء دولة القانون والعدالة والديموقراطية، وذلك من خلال جميع الوسائل الممكنة والمشروعة"، دون أن يفوته مباركة "المواقف الدولية الرافضة لتسويق النظام وإعادة تعويمه، و في مقدمتها الموقف الأوروبي والأمريكي"!!.

آمال متجدّدة  ،وتساؤلات كبيرة  يطرحها مشروع الجنرال مناف طلاس العسكري ،   أحاول الإحاطة بإجاباتها بعيداً عن نسق تفكير المعارضات السياسية والثقافية النخبوية، الذي بات وعيه يتحكّم  بالرأي العام السوري ، ويفسّر بعض أسباب عجز السوريين عن فهم الواقع؛ ناهيكم عن امتلاك أدوات تغييره!

أوّلا،

كيف نفهم  التوقيت ، و دوافع النشاط النخبوي الجديد عند قادة الحراك السياسي الراهن ، ومنظميه، وهويّة العرّاب الخارجي ؟

في السياق العام، من المؤسف الاعتراف بعدم ارتباط حراك النخب السياسية والثقافيّة  المعارضة بالشروط الوطنية السورية للتغيير ، بقدر تعلّقه بما يبدو للقائمين عليه من  ظهور بوادر جهد أمريكي / روسي  ضاغط بإتجاه إيجاد "حل سياسي"  ، قد  يفتح أمامهم نوافذ المشاركة ، وتحقيق الطموحات الشخصية والجبهوية  الخاصّة ؛ لكن سرعان ما تتكشّف عدم موضوعية التعويل على الأمريكي / الروسي  ، فيبدأ النشاط بالتراجع، وتخبو  الهمم!  حدث هذا منذ ٢٠١٨ مع " حركة ضمير " ، و في ٢٠٢١ مع فكرة  "  المجلس العسكري " ؛ وعشرات اللقاءات والتجمّعات اللاحقة ، ولم تكن النتائج على مستوى الحدّ الأدنى من الآمال !!

في أحد جوانب الحدث  ، يبدو لي  انّه في  حيثيات ودوافع تجدّد النشاط النخبوي اليوم، لسنا أمام حالة  استثنائية!  

من جهة أولى، ما تروّجه وسائل إعلام أمريكية وأوربية عن "ممانعة " الحكومات الأوروبية والأمريكية لخطوات التطبيع الإقليمي وتأهيل النظام السوري، والتلويح بعصا العقوبات الغليظة  وتسخين  ملفات المحاكمات  الجنائية ،  جعل  بعض نشطاء الحراك النخبوي المعارض يعتقدون بوجود جهد  سياسي  قانوني حقيقي ، أوروبي أمريكي، لدفع " الحالة السورية الراكدة " على  مسار حل سياسي، قد يتجاوز سقف ٢٢٥٤، وما  يشترطه من  مشاركة  وقيادة  النظام السوري "للعملية السياسية ".

من جهة ثانية ، الاعتقاد  بأنّ الِنزَال الأمريكي الروسي  على السيطرة الأوربية قد ينسحب على الساحة السورية، بما يعطيهم فرصة الاستقواء بروسيا  في ظل ما يرون انّه تعثّر لمسار التطبيع   في هذه المرحلة من الصراع السياسي .
أعتقد انّها بعض أبرز الدوافع  التي تقف خلف  إعادة  طرح   مشروع" المجلس  العسكري"  في هذا التوقيت، بعد طول انتظار  (١)، رغم  عمومية   الخطاب ، وما يحمله من مشاعر وطنية جيّاشة!
في قراءتنا للمواقف المُعلنة  ، لانجد صعوبة في فهم طبيعة الأسباب  التي تشجّع الجنرال طلاس على الاعتقاد  بأنّ الصراع على سوريا قد وصل عتبة  الحل السياسي، وتنفيذ القرار ٢٢٥٤، ومرحلة انتقالية ، تستوجب مشاركة العسكر، الذي يترأّس مجلسه ، بدور قيادي ، وهو   بهذا النشاط والحيوية يؤكّد "للقوى الفاعلة" على استعداده ، وأهليته الوطنية والثورية ، للمشاركة  الفاعلة !!

      في حوار مع “القدس العربي” (٢) بدا واضحا ربط الجنرال طلاس نشاطه السياسي  بإجراءات التطبيع ، وما يتساوق معها من تطوّرات الحراك الروسي الأمريكي  الأوروبي في هذه المرحلة من  الصراع على سورية  :

●"هل لديكم دعم سياسي خارجي ...؟

"الدعم الداخلي والخارجي موجود دائماً وخاصة من ناحية تقبل المشروع والحاجة إليه، وكونه مشروعاً لا بد منه في مسار المرحلة الانتقالية، .... لكن حالياً نحن نركز على إعادة ترتيب آلية العمل بحيث تساهم القوى الوطنية السورية بشكل أكبر من السابق في دعم المشروع خاصة مع استراتيجيتنا النضالية الجديدة وإطلاق حركة التحرر الوطني ..التي تحتاج لزجّ كل القوى الوطنية السورية فيها سواء العسكرية أو المدنية، وكذلك تساهم الدول المهتمة  بأدوات تنفيذ القرار 2254 في هذا الدعم،  لأنّهم باتوا مقتنعين بالحاجة إلى توفير بيئة عسكرية مساعدة في ضبط السلاح المنفلت وتحسين ظروف المرحلة الانتقالية."

●"لماذا تحرككم يتوافق مع تحرك الكتل السياسية والمدنية في الداخل والخارج، هل ذلك نابع من الخوف على موقع المجلس العسكري في الخارطة السياسية السورية؟
"تحركنا يتوافق مع آمال شعبنا، هناك خطوة ناقصة في سياق التطبيع مع نظام الأسد في مؤتمر القمة العربية، إذ لم يطلب من النظام أي خطوات إصلاحية تتوافق مع تأهيله، ونحن جزء من الخارطة السورية ومن التفاعل الدولي معها .....ولسنا خارج هذه الخارطة ولا نخرج عليها" .

رسالة الجنرال طلاس  واضحة الدلالات:

رغم الغلاف الوطني التحرري  للخطاب ، وربط أهدافه بآمال الشعب السوري، لايخرج نشاطه السياسي والعسكري  عن جهود ونشاط المعارضات الرسمية السورية التي اعتمدت آليات عملها ، وما تسعى لتحقيقه من أهداف ،على أجندات القوى الخارجية الرئيسية التي تورّطت في حروب " الخَيار العسكري الطائفي " ، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية سوريّة ، في أعقاب حراك الربيع السوري، وباتت في السياق والصيرورة تشكّل قوى " الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي " .

علاوة على ذلك ، في تقييمه للمشهد السياسي السوري الراهن ، ( وفي اعتقاده  أنّ الصراع على سوريا اليوم قد دخل في  مرحلة  إطلاق  مسار" حل سياسي" ، و "مرحلة انتقالية "، ويتطلّب نجاح خطواتها وجود قيادة عسكرية سورية،وطنية وموثوقة،  للمساعدة في " ضبط السلاح المنفلت وتحسين ظروف المرحلة الانتقالية "؛  وهو ما يجعل الدول الفاعلة تتقبّل مشروعه وتحتاج إليه، وهي – حاجة الدول الخارجية لمشروع " المجلس  العسكري " ، والمدني الوطني ،  في سياق تنفيذ القرار ٢٢٥٤ التي تُعطي المشروع الموضوعية وإمكانيات التحقّق)، لايخرج الجنرال طلاس عن إطار  الوعي السياسي النخبوي المعارض، الذي يتجاهل طبيعة المرحلة الراهنة من التسوية السياسية، وعوامل سياقها  الرئيسية التي صنعتها مراحل "الخَيار الأمني  العسكري الطائفي " منذ ربيع ٢٠١١، بما يؤكّد وقوفه على نفس أرضية وعي  " المعارضات الرسمية " ،  الذي ما زال يرى إمكانية في قيام " حل سياسي " ، ويرى أنّ " مسار جنيف " هو الطريق الواقعي  " ، بما  يُغيّب حقائق الوقائع العسكرية والسياسية   التي صنعتها حروب وموازين  قوى " الثورة المضادة " ، التي  وجدت  في  مسار "الخّيار العسكري الطائفي الميليشياوي"  الوسائل الأنجع لقطع مسار حل  وانتقال سياسي،  في مواجهة تحديات الربيع السوري  !

ثانيا ،

في حقائق الصراع الواقعية،و المآلات الممكنة .

كيف ندرك طبيعة " الإعاقة " الوطنية  في النشاط النخبوي المعارض  ، وما هي مآلاته ، و فرص تحوّل الأحلام والآمال  المشروعة إلى وقائع !؟

اختلاف قراءتنا لطبيعة المرحلة في أهدافها وسياقاتها ، وجدلية علاقات  قواها ، تضعنا أمام استنتاجات متناقضة مع الأهداف والآمال  النخبوية  المرجوّة!!  

في قراءتنا لأهداف وسياق المشروع العسكري/ المدني الذي طرحه السيد  مناف طلاس ، لا نجد صعوبة في اكتشاف ما وضعه من ربط بين شروط تشكيل المجلس وتحقيق أهدافه وبين شروط قيام حل سياسي، والاعتقاد  باعتماد تفعيل فكرة تأسيس المجلس العسكري على توفّر شروط حل سياسي .

بما يتناقض مع   قراءة الجنرال طلاس  ، أعتقد انّه  في إمكانية  توفير" شروط حل وانتقال سياسي"  في هذه المرحلة من الخَيار العسكري  التي تجسّدها " التسوية السياسية "  شبه استحالة ،  نتيجة لما صنعه الخَيار العسكري  الطائفي النقيض من وقائع  منذ منتصف ، ٢٠١٢   قوّضت شروط قيام حل سياسي ؛ وهو ما يجعل من اللاموضوعية  أن يربط أسباب ودافع مشروعه " التحرري الوطني " ، وشروط تحقّق أهدافه، بتوفّر شروط " حل سياسي"، تجاوزتها الوقائع ؛ كما ويصبح من الوهم  أن يراهن السوريون على" المجلس العسكري"  كأداة فاعلة  في تحقيق  أهداف  وخطوات حل سياسي، و"هيئة حكم انتقالي " هي  في  سياق التسوية السياسية  القائمة  غير موجودة أصلا !!  (٣)

إذن ، لماذا لا يكون   سيادة العميد أكثر واقعية  وشفافية ، ويعترف  بحقائق ووقائع  مرحلة التسوية ، ويبيّن طبيعة دور مجلسه العسكري في هذا السياق  ؟ هل  لأن ّ الوقائع  تضع مشروعه  عمليّا في سياق " لا وطني ، ولا تحرري " ، هو ذاته سياق " التسوية السياسية " الذي يتجاهله  ؛ بغضّ النظر عن مشاعره  الشخصية ، وزملائه في المجلس العسكري الموقّر !؟

لماذا هذا التجاهل النخبوي لألف باء السياسة ؟!

 إذا كان من الطبيعي أن تنتهي الحروب بتسويات سياسية ، تسعى قواها لشرعنة ما صنعته موازين قوى الحرب من وقائع جديدة، فقد انتهت معارك  تقاسم الحصص  بين ٢٠١٥  ٢٠٢٠ بحروب الخَيار العسكري  إلى مرحلة التسوية السياسية ، وهي ، كأي تسوية سياسية  بين قوى الحرب، تعمل على شرعنة الوقائع الجديدة  ، في  سياق تتناقض  فيه الإجراءات  والخطوات والصيرورة  مع طبيعة "الحل السياسي" الذي يتضمّن خارطة طريق انتقال سياسي؛ وتجعل من توفير شروط قيامه شبه استحالة؛ وهي أبرز الحقائق التي يتجاهلها الوعي السياسي النخبوي المعارض، وتضع وعيه   وسلوكه  في حالة انفصال عن الواقع، وبالتالي في تعارض مع الآمال المشروعة لجميع السوريين ، ومصالح سوريا العليا !!

لنحتكم إلى الوقائع :

في التوصيف العياني التفصيلي  للمشهد السياسي، يواجه  السوريون منذ ربيع  ٢٠٢٠  استحقاقات " تسوية سياسية (٤)، تختلف نوعيا عن حيثيات وسياق  إطلاق " حل سياسي " و "مرحلة انتقالية"،  كانت ممكنة فقط  بين ربيع ٢٠١١ ٢٠١٢، قبل  ذهاب الصراع السياسي بشكل نهائي على مسار الخَيار العسكري الطائفي في أواسط ٢٠١٢ !

في هذه المرحلة الرابعة  من "الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي(٥) "، التي تشكّلها التسوية السياسية، يستحيل توفّر شروط حل سياسي ، و إطلاق" مرحلة انتقالية "،  تشكّل خارطة طريق انتقال سياسي  ؛ وكلّ ما تُتيحه الظروف الموضوعية والذاتية هو الوصول إلى تفاهمات صفقات "  تسوية سياسية" بين قوى الخَيار العسكري الطائفي الخارجية و أدواتها السوريّة ، تعمل الولايات المتّحدة  وروسيا على تحقيق خطواتها وإجراءاتها التطبيعيّة والتأهيليّة منذ   نهاية ٢٠١٩، استكمالا لما أنجزته مرحلة حروب إعادة تقاسم الجغرافيا السورية بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠ ؟
ثالثا ،

التساؤل الذي يطرح نفسه، ويساعدنا على فهم  مختلف جوانب  المشهد السياسي الراهن، وما يظهره من عدم موضوعية التعويل على إمكانية قيام حل سياسي، ويفسّر سقف وطبيعة الصراع " التصافقي " بين قوى التسوية السياسية:

ما هي سيناريوهات وخيارات  "التسوية السياسية"  المطروحة في هذه المرحلة من الصراع، وما هي طبيعة العلاقات بين قواها ؟

 طبيعة  مصالح وسياسات  الولايات المتّحدة وشركائها في مشروع التسوية ، المرتبطة بخطوات وإجراءات  تحقيق أهدافها  ، على صعيد التطبيع الإقليمي وتأهيل سلطات الأمر الواقع  التي باتت تشكّل النظام السوري، ترجّح   أن يأخذ مسار صراع العلاقات  السياسي   من أجل الوصول  إلى تسوية سياسية ناجزة ، بين قوى الخيار العسكري الخارجية ( الولايات المتّحدة وروسيا وتركيا وإيران  و " إسرائيل ") وأذرعهم السوريّة – سلطات الأمر الواقع- سيناريوهات  متعدّدة  ؛ تواجه جميعها عقبات  رئيسيّة ، وتخلق صراعات بينيّة جديدة :

■ السيناريو الأمريكي/ الإيراني الرئيسي ،  الذي يشكّل خارطة طريق التسوية السياسية الأمريكية الشاملة ، وما   تتضمّنه  خطواتها وإجراءاتها من   اعتراف متبادل   بالحصص القائمة ،كما فرضتها  موازين قوى الحرب في نهاية ٢٠١٩ ، ورسمت حدودها  الاتفاقيات التركية الروسية ، خاصّة في ٥ آذار ٢٠٢٠ .

 وفقا لهذا السيناريو،  تعمل الجهود الأمريكية من أجل  الوصول إلى  تهدئة مستدامة ، واعتراف متبادل بين سلطات الأمرالواقع ، وبالتالي شرعنة الحصص ومناطق النفوذ في سياق مسارين متوازيين ، تتكامل  فيهما  خطوات وإجراءات  التطبيع الإقليمي، وإعادة التأهيل السوري  !

 في هدفه  الأمريكي الرئيسي ، يضمن هذا الخَيار تحقيق هدف المشروع الأمريكي المركزي  لبناء  قاعدة عسكرية و لوجستية دائمة في مناطق سيطرة قسد ، كما يضمن  استمرار الهيمنة الإيرانية على مواقع سيطرتها القائمة؛ داخل مناطق سيطرة الحكومة السورية  ، وخارجها، المتداخلة مع سيطرة قسد ؛بما  يعزّز استراتيجيّا  علاقات السيطرة الإقليمية التشاركية بين الولايات  المتّحدة  والنظام الايراني، التي ترسّخت في أفغانستان وإيران والعراق ولبنان ، وتتبع نفس الخطوات في اليمن ، وتأخذ أشكالاً مختلفة في السيطرة على السعودية !! !

أعتقد انّه يشكّل السيناريو الواقعي للتسوية السياسية الأمريكية الشاملة، سوريّا وعلى الصعيد الإقليمي؛ التي تسارعت خطواتها بشكل كبير بعد كارثة الزلزال الطبيعي، وقد شكّلت محطّتي " تطبيع العلاقات  الدبلوماسية " الإيرانية السعودية، وقمّة جدّة ، إنجازات استراتيجية على مسار تطبيع إقليمي إيراني، وإقليمي سوري ، وبالتكامل مع إجراءات تأهيل سلطات الأمر الواقع، التي تقودها واشنطن ، خاصة على صعيد مناطق " شمال شرق سوريا "!!

هذا لايعني انّه لا يواجه تحدّيات كبيرة  ، وخَيارات بديلة ، تعمل عليها القوى المنافسة،  التي لا يحقّق السيناريو الأمريكي/ الإيراني كامل مصالحها ؛ وهو ما يخلق أشكالاً جديدة من الصراع البيني، يحاول كلّ طرف استخدام أوراق الضغط التي يمتلكها ؛التي  قد لا تخلو من بعض المناوشات العسكرية، لكنّها لن  تتجاوز سقف سياق التسوية السياسية الشاملة!!

 ■بالنسبة للتحدّيات:

● تتعارض مآلات هذا السيناريو الرئيسي لمشروع التسوية السياسية الأمريكية مع  مصالح ورؤية النظام  السوري وروسيا ، اللتين تسعيان لفرض سيطرتهما على كامل الجغرافيا السورية ، عبر صفقة تفاهمات سياسية مع قسد وتركيا .

● تتعارض نتائج هذا السيناريو- الحفاظ على الهيمنة الإيرانية والسيطرة القسدية- مع مصالح تركيا ، التي ترى في كانتون قسد خطراً على أمنها القومي، وفي  الوجود الإيراني منافسا خطيرا لأهداف مشروع سيطرتها الإقليمية والسورية !!

● تتعارض نتائج وخطوات التسوية السياسية الأمريكية الشاملة  مع مصالح " إسرائيل " التي باتت أذرع المشروع الإيراني تُحكم الطوق على عنق" جيش الدفاع الإسرائيلي" ؛ وهو ما يجعل من سياسات القوّة الرادعة الإسرائيلية أكبر التحدّيات  التي تواجه سياسات الولايات المتحدّة!

●  تواجه أيضا  سياسات الولايات المتحدّة لتأهيل قسد  في مناطق" الإدارة الذاتية " جهودا إيرانية وسورية وروسية وتركية منافسة ، لا تخلو من بعض المناوشات العسكرية !

■ بالنسبة للخَيارات البديلة :

١ الخَيار التركي و الروسي  السوري  ، في مواجهة المشروع الأمريكي/ الإيراني  ، حيث  تحاول تركيا  وروسيا والنظام التوصّل إلى صفقة تسوية ، في مواجهة الشروط الأمريكية ، وعلى حساب " قسد " أو عبر الوصول إلى صفقة  تفاهمات  معها.

يكشف هذا الخيار طبيعة التحدّي الذي تواجهه قسد ، في علاقاتها تجاه جميع أطراف التسوية ؛ الولايات المتحدّة وتركيا وروسيا وسوريا ؛ ناهيكم عن تعقيدات علاقاتها مع  فصائل " الجيش الوطني" و " الهيئة " .

حصول صفقة   روسية  سورية  مع تركيا، قد يدفع قسد إلى " التطبيع "  مع النظام السوري  والتوصل إلى صيغة لدمج الهياكل الأمنية والعسكرية التي تحكم منطقة السيطرة الأمريكية  بإطار المؤسسات السورية، مقابل  اعتراف دمشق "بحزب الاتحاد الديمقراطي" حزباً شرعياً في سورية، وربط مؤسسات مسد بهياكل مؤسسات النظام؛ وهو ما يهدّد مرتكزات السيطرة  الأمريكية!!

٢ الخَيار  الروسي/ الإيراني ، التركي الذي تسعى من خلاله روسيا وإيران وتركيا إلى الوصول إلى صفقة شاملة  مع الولايات المتّحدة وقسد ، تضمن على المدى المتوسط  إعادة سيطرة النظام  الشرعية على كامل الجغرافيا السوريّة، عبر مفاوضات ، وتسويات مع سلطات الأمر الواقع الأخرى ،"الجيش الوطني" و " الهيئة "،  و مفاوضات تسوية تأخذ بعين الإعتبار الضمانات المطلوبة لحماية مصالح الولايات المتّحدة وتركيا . ليس لهذا الطرح  حظوظ كبيرة، نظرا لتعارضه مع هدف المشروع الأمريكي  المركزي في إقامة قاعدة ارتكاز في مناطق الإدارة الذاتية ، ومطامح  قيادة قسد !!

رابعا ،

بناء عليه ، يمكن الوصول إلى استنتاجات مهمّة :

١ لا تتوفّر لمشروع" المجلس العسكري السوري " في ارتباطه بمسار "حل سياسي" كما يعتقد  الجنرال طلاس  ، أيّة شروط  موضوعية أو ذاتية للحصول على فرصة  وطنية ؛ والفرصة  المتاحة هي التي تأتي في سياق تحقيق أهداف وخطوات التسوية السياسية الأمريكية/ الروسية !!

٢الفرصة الممكنة نظريا ، الغير واردة في  منظور موازين القوى القائمة سوريّا وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، هي حاجة روسيا لمجلس الجنرال طلاس العسكري  في حالة دخولها في صراع "كسر عظم "مع مرتكزات الهيمنة الإيرانية  داخل النظام السوري؛ وهي ، حتى في حال حصولها ،  حروب عبثية ، من وجهة نظر مصالح السوريين المشتركة في  حصول انتقال سياسي ، وتفاقم ظروف تدمير مقوّمات الدولة السورية الموحّدة !!

صعوبة هذا الخَيار الروسي لاتأتي فقط مما تواجهه القيادة السياسية والعسكرية الروسية من تحديات غزو أوكرانيا ، بل ترتبط  بشكل رئيسي بطبيعة العلاقات التشاركية  بين مشروعي السيطرة الإقليمية للولايات المتّحدة  والنظام الايراني، وبالتالي الدور الرئيسي  لحلقة الوصل  التي تشكّلها سلطة  النظام السوري، وتعطيها أهمّ أوراق القوّة،  ومظلّة الحماية ،  والافضلية ، في سياسات الولايات المتّحدة  ، على جميع البدائل السياسية المنافسة ،  القابلة للحياة .

٣ على غرار ما حصل في المرحلة الثانية  من الخَيار العسكري بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠ ، من المرجّح والطبيعي، في منطق تنافس سياسات الشركاء  وتصارعها على الحصص ،   دخول العلاقات بين قوى التسوية السياسية في مرحلة تسخين جديدة ، يحاول فيها الجميع استخدام جميع أوراق القوّة التي امتلكها لدفع الأطراف الأخرى لقبول شروط تسويته؛ لكن على مستويات أدني ، لاتخرج عن سقف التسوية السياسية .

ضمن هذا السياق العام يصبح من الطبيعي أن يتعرّض النظام أوّلا وقسد ثانيا ، لحملة ضغوط مؤثّرة من قبل روسيا والولايات المتّحدة .

٤في سياق تحقيق خطوات التسوية السياسية الأمريكية على الصعيد السوري ، تسعى واشنطن لوصول النظام و قسد  إلى تفاهمات اعتراف متبادل وتنسيق أدوات السيطرة والنهب التشاركية ، وتطبيع العلاقات بين سلطات الأمر الواقع، بما يضمن للولايات المتّحدة والنظام الايراني حالة تهدئة مستدامة ، توفّر أفضل شروط تأبيد سيطرتهما المشتركة على سوريا والإقليم، وتستخدم جميع أوراق الضغط عليهما لإنجاح اهدافها، كما تستخدم ضغوطا مشابهة على تركيا وروسيا،  اللتين تعملان على مواجهة الضغوط الأمريكية  بأوراق  وخيارات بديلة !

٥من المؤسف أن  يتجاهل الوعي السياسي النخبوي المعارض  أهداف الضغوط  وسياقها ، وسقفها السياسي ؛  والتي لاتتجاوز سياق تحقيق شروط التسوية السياسية المطلوبة أمريكيّا ، وسياسات الخصوم لتحسين شروط حصصهم؛  وتكرّس مواقعه واقلامه جهدها لترويج مزاعم الولايات المتّحدة  وشركائها الأوروبيين، الذين يزرفون دموع التماسيح على المعتقلين ، والعدالة المستباحة ،  ولا يخجلون من التأكيد على حرصهم على الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية ؛ رغم كلّ ما تعرّض له السوريين من انتهاكات؛ والشرعية الدولية من ابتزال ، ومتاجرة  !!  (٦).

٦ في سياق تحقيق شروط التسوية السياسية  على الصعيد الإقليمي، تتمحوّر الجهود الأمريكية على إقامة  علاقات طبيعية بين الأنظمة العربية  والنظامين الإيراني والسوري ، بما يشكّل قاعدة لقيام  محور إقليمي جديد ، ينسّق جهود أنظمته لمواجهة سياسات  روسيا وتركيا و"إسرائيل" ، المرتبطة برفض شروط التسوية السياسية الأمريكية الشاملة ، والمتعلّقة  أيضا بسياسات إضعاف قدرات روسيا على استمرار الحرب في أوكرانيا.

من الطبيعي أن تعمل روسيا وتركيا  على مواجهة السياسات الأمريكية  عبر محاولات الوصول إلى صفقات مع النظامين الإيراني والسوري .  ضمن هذا السياق ، لن يكون مجلس الجنرال طلاس العسكري ، أو غيره من تجمّعات المعارضة وانشطتها، سوى أداة ضغط بيد الولايات المتّحدة أو روسيا ،  تستخدمها كورقة ، على غرار قوانين العقوبات ، و أوراق المحاكمات الأوربية.  

في غمار معارك الإدارة الأمريكية المتعدّدة الجبهات ، لا ضير في أن تجيّر النشاط النخبوي المعارض المتجدّد، كما أوراق الضغط الأخرى التي تشكّلها مواقف الحكومات الأوروبية والكونغرس، في معركة تحقيق أهداف مشروعها السياسي والعسكري بإقامة قاعدة ارتكاز في شمال وشرق سورية ، بالتكامل مع أدوات المشروع الإيراني، وقد استخدمت طيلة سنوات صراع آلام ملايين السوريين وآمالهم دون أدنى أشكال تأنيب الضمير الديمقراطي/ الإنساني .

مع الأسف، الخاسر الوحيد هم السوريون،  جميع السوريين الذين تلتقي مصالحهم في بناء  مقوّمات الدولة الوطنية الموحّدة  !!

 ◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆

(١)-

من مقال سابق :

" في اواسط  نيسان ٢٠٢١ ،  تناقلت  بعض مواقع التواصل الاجتماعي ، ووسائل الإعلام ،خبراً مثيراً، حظيَ بمتابعة غالبية السوريين ، المهتمين  والمعنيين ، بمآلات المرحلة الراهنة ،والقادمة ، من الصراع على سوريا، وتناول بالتفصيل ما سُمّي  " مشروع وطني سوري "، يعتقد ناقلو الخبر، الذين يعتمدون على " مصدر عسكري مقرّب من مناف طلاس" انّه "سيبصر النور قريبا"!!

فما هي حقيقة هذا "المشروع "، وما هي موضوعية هذا الطرح ، ومَن هي الجهات الداعمة له  ؟ 

  في محاولة لمعرفة دقّة الخبر ومصداقية المصدر ، من الجدير بالملاحظة أنّه لم يصدر عن " مناف طلاس " شخصيّاً ، سواء بشكل مباشر ، أو تلميحا ، بل كما نَقلَت صحيفة " المرصد السوري لحقوق الإنسان "، فإن   الخبر منسوب إلى   " مصدر عسكري ، مقرّب من مناف طلاس " !

عند العودة  إلى  المصدر الأساسي للخبر ، في تقرير  الصحفي " ابراهيم هويدي " في جريدة " الشرق الأوسط " ، اللندنيّة نجد أن الكاتب يذهب بعيدا في تفاؤله بنهاية واحدة من أبشع الحروب ، وأطولها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، مبشّراً  بعنوان مشوّق ، "  بنهاية الصراع على سوريا ، ونقلها من تحت السيطرة المشتركة لقوى و ميليشيات الأمر الواقع ، الأمريكيّة والتركيّة والإيرانيّة والميليشيات التابعة ،إلى مظلّة "السيادة الروسيّة "، الوحيدة !

يمهّد التقرير للخبر بعنوان عريض، يقول:

"مقترح خطي لروسيا ،...

مهمّاته توحيد البلاد وإخراج القوات والميليشيات الأجنبية عدا قوات موسكو"،

ومقدّما للموضوع المثير  بتأكيده على أنّ " موسكو.... تلقّت مجدّداً عروضاً من معارضين سوريين تدعو إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين الجيش وفصائل مسلّحة، ومنشقين ..." .

تحت عنوان" مجلس عسكري " يجزم الكاتب بوجود " وثيقة مكتوبة" للإقتراح ، الذي "جاء خطّياً من معارضين من «منصتي» موسكو والقاهرة ، تحتفظ" الشرق الأوسط " بنسخة عنها" ،ويتحدث عن آليات محدّدة لتنفيذه! ".

(٢)-

 

https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%81-%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B3-%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%AD-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81/

(٣)-

في الوعي  السياسي الرائج  ، ساهمت  دعايات  الجميع في  الخلط بين مفهوم  وشروط وسياق "الحل السياسي "و " التسوية السياسية " ،وقد ساهم في تضليل الرأي العام السوري ، وإبعاد السوريين عن دائرة الوعي السياسي  الموضوعي والفعل الوطني!

 بداية لابدّ من التأكيد على حقيقة أنّ مسار "الحل السياسي" يقطع مسار وصيرورة  " الحل العسكري " ولا يوازيهما  ،بينما يوازي ويواكب  مسار" التسوية السياسية"  الخَيار / الحل العسكري ، الذي تفرض  موازين قواه في نهاية الصراع شروط التسوية  السياسية النهائية .

في مواجهة استحقاقات  ديمقراطية وطنية سوريّة خلال  ٢٠١١ ، كان يمكن أن  ينطلق مسار حل سياسي  ، قبل نجاح جهود التطييف والعنف، و عبر مفاوضات واتفاقيات بين  قوى وطنية داخل قيادة النظام من جهة ، وبين قوى وشخصيات ديمقراطية ، ثمثّل حراك السوريين السلمي، وتعبّر عن تطلعات الشعب السوري في حصول انتقال سياسي وتحوّل ديمقراطي ، وتكون أداته  " هيئة حكم انتقالية مستقلّة ومفوّضة " تضم شخصيات قيادية  من النظام والمعارضة ، تهيئ الشروط الوطنية لقيام انتخابات ديمقراطية  ، وتطلق صيرورة الانتقال السياسي و التحوّل  الديمقراطي  من خلال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية.

المحاولة الأكثر جدّية لدفع  الصراع السياسي  في نهاية  ٢٠١١ومطلع  ٢٠١٢ على مسار الحل السياسي تجسّدت" بخطّة السلام العربية ٢ " ، التي طرحتها الجامعة العربية في خريف  ٢٠١١، بدعم تركيا ، وتكامل مع جهود " لجنة المراقبين العرب "؛ والتي لم تجد دعماً فعّالاً أو " تبنّياً "  من قبل  الولايات المتحدة ؛  التي كانت إدارتها مشغولة بعقد "مؤتمرات الصداقة" مع الشعب السوري ، وإطلاق التصريحات النارية ، لتأجيج الصراع ، وكان سفيرها في دمشق  " روبرت فورد " منهمكا  في ضمان عدم وصول الحراك النخبوي الديمقراطي  المعارض إلى تشكيل جسم سياسي، قد يُمثّل الخيار البديل ، ومشغولا بترتيب صفقات وتفاهم مع أبرز شخصيات المعارضة،  وتسهيل سفر بعضهم إلى الخارج، بالتنسيق مع نظرائه الأوربيين .. فكان من الطبيعي أن يتم إسقاط الخطة عند طرحها للتصويت  في جلسة  مجلس الأمن ، بتاريخ ٤ شباط ، بفيتو روسي / صيني ؛ ولم تجد السيدة كلينتون ما تفعله سوى إطلاق التصريحات النارية ضد روسيا ، وتحميلها المسؤولية؛ ولم يمنعها هذا من التنسيق مع نظام الرئيس بوتين لإغلاق باب الحل السياسي نهائيا ، وفتح مسار " التسوية السياسية "،عبر بوابة "  جنيف .

(٤)- تحت يافطة مسار جنيف للحل السياسي، والشرعية الدولية ، بدأت أولى خطوات  التسوية السياسية على المسار السياسي  ،في  موازاة وتكامل مع جهود إطلاق مسار الخَيارالعسكري الطائفي ، مع  " نقاط كوفي أنان الست في شباط ٢٠١٢  ،  و في بيان جنيف ١ ، حيث  "استُبدلت آليات  مسار الحل السياسي العربي، (التي أكّدت على انتقال السلطة إلى نائب الرئيس ،وما تضمّنته خطّة السلام العربية الثانية من "خطوات خارطة طريق " هيئة حكم انتقالية مستقلّة ومفوّضة "؛  والتي اسقطها فيتو " روسي / صيني " بتنسيق مع واشنطن في ٤ شباط )، بعبارات عامّة ، فضفاضة، لاتملك أيّة آليات تنفيذ ، تتحدّث عن  وجوب  ،  الحوار" بين السوريين  " الذي يُّسره " كوفي أنان "بصفته الوظيفيّة  كوسيط ، ومندوب  مشترك ، عن الجامعة العربية ومجلس الأمن،و تمّ تكريسها، كنهج وغياب  آليات فعّالة في القرار ٢٢٥٤ ، لعام ٢٠١٥، وكان اهمّ إنجازاتها التأكيد على شرعية سلطة  النظام، وضرورة الحوار معها   ، واشتراط موافقتها على أيّة مخرجات قد تصل إليها " المفاوضات " ....!!

في الأهداف السوريّة والإقليمية  لهذه المرحلة النهائية من التسوية السياسية:

على الصعيد السوري ،

 الهدف الأساسي للتسوية السياسية التي باتت  ذات طابع أمريكي أحادي واضح خلال ٢٠٢٣  هو إضفاء الشرعية السورية والإقليمية والدولية على الحصص التي أفرزتها موازين  قوى الحرب التي استمرّت  بين ٢٠١٥ ٢٠٢٠،بما يحافظ بالدرجة الأولى  على حصّة  الولايات المتّحدة ووظيفة وكيلها ، وعلى  حصّة شريكها الإيراني ووظيفة وكيله؛  في سياق صيرورة شاملة،  تشرعن وجود  سلطات الأمر الواقع  الأخرى ، المتشابهة في البنية و الوظيفة ، وتخلق مرتكزات وآليات" نظام سوري  تشاركي "،( فدرالي ،وفقا للتوصيف الأمريكي/ القسدي !!)،جديد، تشكّل سلطة النظام عرّابه  وممثّله الشرعي ،بينما تشكّل قاعدته شبكة  أدوات سيطرة ذاتية لسلطات الأمر الواقع  الجديدة؛ وبما يثبّت  وقائع الحرب، التي  حوّلت   سورية  جغرافيا وبشريا  إلى كانتونات هشّة، تقودها سلطات أمر واقع ، متنافسة  على الثروة والسلطة والإرتزاق للأجنبي، تشكّل عقبات أمام جهود  إعادة توحيد سوريا  سياسيا وجغرافيا واجتماعيا ، وتجهض  جهود السوريين وآمالهم للعمل  معا لمواجهة جميع عواقب الصراع على السلطة في ظل معادلة  قوى مصالح  محليّة وإقليمية  و إمبريالية تميل دائما لصالح تحالف  استراتيجي تتناقض سياسات أطرافه  مع  خيار الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي  .

على الصعيد الإقليمي،

 تسعى التسوية السياسية الأمريكية الشاملة إلى إعادة صياغة علاقات تشاركية جديدة بين القوى الإقليمية التي تصارعت على الحصص  ومناطق النفوذ في سياق الخيار العسكري  الطائفي ،تخلّلها  مواجهات عسكرية وسياسية  كبيرة غير مباشرة و بدرجات متفاوتة  بين سياسات  الولايات المتحدّة من جهة، وسياسات شركائها التاريخيين ،  من جهة ثانية، (خصوم أدوات وأهداف مشروع السيطرة الإقليمية الإيرانية، أنظمة تركيا والسعودية و " إسرائيل " والإمارات ؛وكانت المواجهات  نتيجة لواقع تقاطع أدوات وأهداف المشروعين الايراني والأمريكي- قطع صيرورة الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي ، إضعاف سلطة النظام  دون السماح  بتغييرها، لصالح الميليشيات وسلطات الأمر الواقع )،  كما شهدت  صراعات بينيّة  مباشرة بين أصحاب المشاريع الإقليمية المتنافسة ، التركي والسعودي والإيراني والإماراتي والمصري و"الإسرائيلي "؛   شكّلت بمجموعها أخطر عوامل صيرورة الخيار العسكري الطائفي، ورسمت ملامح  خارطة   الصراع في سوريا والإقليم، وحدّدت طبيعة التسوية السياسية.

تسعى الولايات المتّحدة بشكل أساسي ، ( بناءً على معطيات ما حقّقه جميع الشركاء من  انتصار تاريخي على صيرورات التغيير الديمقراطي   خلال ٢٠١١ ٢٠١٤  أوّلا ، وفي ضوء ما فرضته موازين قوى الصراع من حصص و مناطق نفوذ خلال المرحلة الثانية بين ٢٠١٥، ٢٠٢٠، وشكّل أبرزها الحصتين الإيرانية والامريكية، ثانيا) ، لتوفير شروط قيام  حالة " تهدئة  مستدامة" ، تُعيد صياغة العلاقات الإقليمية  بما يتوافق المنظور العالمي للصراع ضدّ  روسيا ، ويؤدّي إلى  تشكيل تحالف إقليمي أوكراني، لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، وإضعاف شبكة العلاقات والمصالح الإقليمية التي تساعد  النظام الروسي على استمرار الحرب . يرتكز المحور الجديد  على تنسيق وتوافق  سعودي إيران ، في إطار تطبيع العلاقات  الإقليمية مع النظام الايراني،وسياق  "تطبيع "العلاقات  الأمريكية الإيرانية!!

(٥)-

الأولى ، بين ربيع ٢٠١١ ومنتصف ٢٠١٢ المواجهات  الأمنية وخطوات وجهود التطييف والميلشة  والعسكرة ، وتفشيل قيام  حل سياسي و تشكيل قيادة/ جسم  سياسي  وطني ديمقراطي معارض ، خاصّة من خلال دق اسفين في وحدة الصف الوطني، العربي / الكردي ، وما نتج عنها تغيير في طبيعة الحراك ، وتحويل جمهوره الى " مجاهدين " لقد شكّلت  المرحلة الأخطر في تفشيل جهود الحل السياسي، الذي يعني قطع مسار الخيار العسكري، ودفع الصراع على مسار خارطة طريق انتقال سياسي  ، بين شباط  وتموز ٢٠١٢ ، ( إسقاط " خطّة السلام العربية الثانية في مجلس الأمن ٤ شباط ، و " اغتيال ضباط خليّة الأزمة في ١٨ تموز )، وشكّلت أخطر    مقدّمات دفع الصراع على مسار الخيار العسكري ، الذي استمّر بمراحله الحربية حتى آذار ٢٠٢٠ ،  وما بات مطروحا منذ حزيران  ٢٠١٢ بدءا بنقاط كوفي أنان الست، لم يكن سوى في إطار " تسوية سياسية " بين النظام و " المعارضة " .
 والثانية ، بين منتصف ٢٠١٢/ ٢٠١٤ – وانتهت  عند  تدخّل جيوش الولايات المتّحدة وتحالفها الدولي ؛ وقد نتج عنها سيطرة ميليشيات قوى الثورة المضادة على كامل مساحة سوريا، وقد شكّل أبرز نتائجها " الحفاظ على سلطة النظام " واستمرار شرعيتها الدولية ،  وحصول  ميليشيات  " حماية الشعب "  على سيطرة واسعة في محافظات الحسكة وحلب ؛

 المرحلة الثالثة، بين منتصف ٢٠١٥ - وربيع ٢٠٢٠ - مرحلة حروب  إعادة توزيع الجغرافيا السوريّة إلى حصص ومناطق نفوذ  بين قوى الثورة المضادة الرئيسية ، وقد كان أبرز نتائجها تبلور سلطات الأمر الواقع  ، خاصّة سلطات النظام ، و قسد و " الهيئة " ، ومناطق السيطرة التركية المباشرة ، التي فرضها عسكريا  الجيش التركي  وأذرعه السورية من ميليشيات قوى الثورة المضادة، في مواجهة حروب روسيا والولايات المتّحدة وإيران لتقاسم الحصص؛ المرحلة الرابعة ، والاخيرة- انطلقت صيرورتها بعد توقيع اتفاقيات ٥ آذار بين الرئيسين التركي والروسي، وهي مرحلة "التسوية السياسية  الشاملة" ، وتتمحوّر حول  هدف وإجراءات الوصول الى إعتراف متبادل و تهدئة مستدامة بين سلطات الأمرالواقع، تشرعن واقع الحصص ، وتسمح بإعادة التأهيل على الصعيد السوري، والتطبيع ، إقليميّا وعالميا.

(٦)-مع الأسف أن  يتجاهل الوعي السياسي النخبوي المعارض هذه الحقائق في العلاقات التشاركية الإيرانية والامريكية، ويبالغ في تضخيم وظيفة أورق الضغط التي تستخدمها واشنطن من أجل ضمان التزام جميع الأطراف بإجراءات  وخطوات تسويتها السياسية ؛ خاصة النظام السوري. إذا كان من الطبيعي أن تعمل واشنطن وشركاؤها الاوربيون  على إخفاء حقيقة أهداف العقوبات وما تستخدمه من أوراق ضغط في سياق تنفيذ إجراءات التسوية السياسية،  فمن غير الطبيعي أن تعمل أقلام ومنصّات المعارضة  على ترويجها ، وتحويلها إلى رأي عام سوري!!

 ● رأى المحلل السياسي، د. باسل معرّاوي ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "واشنطن لم تعارض جدياً التقارب العربي مع الأسد طالما أنه تحت رقابتها،(!!) ولن يتعدّى حدوداً أو سقوفاً وضعتها،( وما هي تلك السقوف،؟)ولكنها كانت تصرّ على أخذ شيء من الأسد مقابل ذلك، كما قالتها بصراحة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف". ومن هذه الأشياء، برأيه، "الإفراج عن معتقلين وقبوله بالقرارات الدولية"!! يكرر الدكتور باسل  معراوي ما تقوله الموظفة الأمريكية وكأنه "كَلاَمٌ مُنْزَلٌ " لا يأتيه الباطل ؟

هل حقّا يصدّق الدكتور باسل  أنّ " قضية المعتقلين" ، و" عدم التزام النظام بالقرارات الدولية" " هي التي تنغّص على واشنطن   ؟

أضاف د. معرّاوي  ، مذكراً بأن "الدول العربية كانت قد حصلت على تنازل أميركي (كما يقال) لغضّ الطرف الأميركي عن مساعدات إنسانية بعينها تقدم للنظام وأيضاً تقديم أموال لمنع تهريب الكبتاغون". وبرأيه، فإنه "عدا ذلك فإن العين الأميركية تراقب تدفق الأموال ولن تسمح بالتجاوز على قانون قيصر أو العقوبات الأخرى".  

 مع كامل الاحترام ، ما تريده واشنطن من النظام ، مقابل رفع عصا العقوبات ، وعدم إعاقة تقدّم مسار التطبيع الإقليمي وتأهيل النظام سوريّا ، لا يرتبط بما ذكره السيد معراوي؛ وآخر هموم الولايات المتّحدة هو القضايا الإنسانية أو تطبيق القرارات الدولية !

العصا الناعمة التي تستخدمها الولايات المتحدة في وجه النظام  والمطبعين معه تستهدف توفير شروط التسوية السياسية الأمريكية ، التي يتجاهلها المحلّل السياسي ، الدكتور باسل معراوي، كما يفعل جميع صنّاع الدعاية الأمريكية، ومروّجيها.

في المحصلة النهائية ، أعتقد   أنّ تأثير  دعايات واشنطن على الوعي السياسي السوري لايقلّ خطرا  عن تأثير الكبتاغون "  الإيراني" على عقول الملايين  ، رغم اختلاف موقع ودوافع المروّجين !!

كلّ ما يعني الولايات المتحدة في هذه المرحلة من التسوية السياسية هو إضفاء الشرعية السورية  والدولية على سلطة " شمال شرق سورية " ، وبالتالي فإنّ جوهر الصفقة الامريكية مع نظام الأسد هو الوصول إلى تفاهمات مع قسد ، تؤدّي  إلى إعتراف متبادل ، وتنسيق في آليات السيطرة والنهب التشاركية، مقابل إطلاق قطار التطبيع بشكل نهائي ؛ وهو جوهر مشروع التسوية السياسية الأمريكية.

● في " العربي الجديد " يحرصون على ترويج أضاليل الدعاية الأمريكية بكلّ مهنية :

تحت عنوان " تحفظ أميركي على تعويم النظام السوري... وشروط الانخراط ":

13 يونيو 2023

" شروط أميركية للانخراط مع نظام الأسد !

من جهتها، علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، إليزابيث ستيكني، في حديث مع "العربي الجديد"، على موقف بلادها الذي عبّر عنه الوزير بلينكن من الرياض، بالقول إن الولايات المتحدة "لن تقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد ما لم يحدث تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الأساسي". و أضافت ستيكني: "لقد أكدنا للشركاء الإقليميين المنخرطين مع النظام السوري أن الخطوات الموثوقة لتحسين الوضع الإنساني وحقوق الإنسان والأمن للسوريين يجب أن تكون محور ذلك الانخراط".  

وأضافت: "ما زلنا نعتقد أن الحل السياسي على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 يظلّ السبيل الوحيد القابل للتطبيق لحل النزاع، ونحن نعمل مع حلفائنا وشركائنا الذين يشاطرونا هذا الرأي، ومع الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254".

●   هل ما يحتفي به المناضل السياسي والحقوقي الأستاذ أنو  البني  خارج السياق؟
لماذا يتجاهل الأستاذ طبيعة  التوقيت  ؟
" هذا المشروع الذي عملنا علينا وطرحنا مذكرته الاولية شكرا للتحالف الامريكي من اجل سوريا ولكل من عمل من أجل المشروع !

عاجل:

"  بدعمٍ من منظمّات التّحالف الأميركي لأجل سورية يُطرحُ اليومَ في مجلسِ النوّاب الأميركيّ مشروعُ قرارٍ يدعو إلى إنشاءِ محكمةٍ دوليّةٍ خاصّة لمحاكمة نظام ‫#الأسد على جرائم الحربِ والجرائمِ ضدَّ الإنسانيّة التي اقترفها بحقّ الشّعبِ ‫#السوري، وذلك عن طريقِ إنشاء آليّةٍ قضائيّةٍ دوليّةٍ مختصّةٍ ب ‫#سورية عن طريق الجمعيّةِ العموميّةِ للأممِ المتّحدة (لتجاوز حقّ النّقضِ الرّوسيّ المعروف ب "الفيتو").
ويدعو مشروعُ القرار الرّئيسَ الأميركي إلى توجيهِ سفيرةِ الولاياتِ المتّحدة للأمم المتّحدة لاستخدامِ "صوت، وتصويت، ونفوذ الولاياتِ المتّحدة للدعوة الفوريّة لإنشاء آليّة دوليّة لمحاكمةِ مرتكبي جرائمِ الحرب، والجرائم بحقّ الإنسانيّة، وانتهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ في سورية".
وينوّهُ مشروعُ القرارِ إلى توافرِ كمّ كبير من المعلومات التي تُثْبِتُ ضلوعَ "حكومة الجمهوريّة العربيّة السّوريّة بقيادة الدكتاتور بشار الأسد" بانتهاكِ عدد كبير من الاتّفاقاتِ والمواثيقِ الدّولية التي وقّعت عليها سورية، ومنها اتّفاقيّات جنيف، منذ عام ٢٠١١ وحتى يومنا هذا، كما ينوّه إلى أنّ إقامة محاكم خاصّة من هذا النّوع عبر الأمم المتّحدة قد جرى بنجاح في حالات مشابهة للحالة السّوريّة كيوغسلافيا، ورواندا، وسيراليون، وبأنّ هناك دروساً مهمّة من هذه التّجارب يَجدرُ الاستفادةُ منها في الحالة السّوريّة.

كما يطلب مشروعُ القرار:

— أن تُعلنَ الولايات المتّحدة دعوتها لذلك رسميّاً،
— وأن تُساعدَ في وضعِ أصولٍ إجرائيّة قضائيّة تُمَكّنُ من إجراءِ محاكماتٍ علنيّةٍ وعادلةٍ للمتّهمين باقترافِ هذه الجرائم،
— وأن تتعاونَ مع هذه المحكمة الخاصّة وتُقدّمَ لها الدّعم والمعلومات،
— وأن تَحُضّ جميعَ الدّولِ الأخرى المعنيّة على إلقاءِ القبضِ على المتّهمين.

وقد جاء في الرّسالة التي أرسلت إلى أعضاء الكونغرس لدعوتهم لتبنّي مشروع القرار هذا بأنّ بعض القوى الإقليميّة قد سَعَت في الأشهر الأخيرة إلى التغاضي عن "الجرائم الوحشيّة" التي ارتكبها "سفّاح سورية بشار الأسد" وإلى ‫#تطبيع العلاقات معه والتّرحيب به مجدّداً وكأنّ شيئاً لم يحصل، وبأنّ محاسبة الأسد و"زبانيته" على جرائمهم أمرٌ ضروريٌ لضمانِ عدمِ تكرارِ هذه الجرائم.

التّحالف الأميركي لأجل سورية"!

مع الأسف، هي بعض أوراق الضغط ،   وتُغطّي على حقيقة أهداف الولايات المتحدة من أجل  توفير  شروط التسوية السياسية الأمريكية  ...لا أكثر !

  أفكار  دعايات ، تعمل على تغييب حقيقة أهداف الولايات المتحدة في سياق توفير  شروط التسوية السياسية ،   وتضليل الرأي العام السوري !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي