الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور سياسات تحرير التجارة الدولية في إطار -WTO- في تعميق عدم الـمساواة والفقر

محسن العربي
باحث في القانون الدولي.

2023 / 6 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مقدمة

إن الهدف الرئيسي للمنظمة العالمية للتجارة "WTO" هو تشجيع، وإن شئت القول فرض تحرير التجارة الدولية بين دولها الأعضاء، وقد وضعت المنظمة في سبيل ذلك مجموعة من القواعد الصارمة التي تلتزم هذه الدول، لعل من أبرزها، على سبيل المثال لا الحصر، ما نصت عليه المادة 11 من الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة لسنة 1994 "جات 94"، وتقابلها في ذلك المادة 6 من الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات "جاتس"، حول حظر اللجوء إلى وضع قيود غير جمركية، كالقيود الكمية، أمام الصادرات من السلع والخدمات، أو ما نصت عليه المادة 3 من "جات 94" حول شرط المعاملة الوطنية، فضلا عن شرط الدولة الأولى بالرعاية المنصوص عليه في المادة 2 من "جات 94"، وهي كلها أمور تهدف أساسا إلى ضمان التحرير الفعال للتجارة الخارجية للدول الأعضاء بالمنظمة العالمية للتجارة.
وإذا كان تحرير التجارة الدولية، حسب المنظمة العالمية للتجارة، هو السبيل الفعال لتحقيق النمو الاقتصادي ورفع مستويات المعيشة وتحقيق العمالة، وغير ذلك من الأمور المذكورة صراحة في ديباجة اتفاق مراكش المنشئ للمنظمة، فإن نتائج هذا التحرير، خلافا لما هو معلن، حملت في طياتها العديد من التأثيرات السلبية والخطيرة لحقوق الإنسان ومتطلبات إعمالها كما أوضحت ذلك الأبحاث والدراسات والتقارير.
فمن المعروف أن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان ينتقدون المنظمة العالمية للتجارة بشدة، إذ يقول الكثير منهم أنه على الرغم مما بشر به المتحمسون للعولمة الاقتصادية بكون تحرير التجارة وعولمة الإنتاج سوف يترتب عليهما تزايد مضطرد في حركة الإنتاج بالمعنى الواسع على الصعيد الدولي، بما يحقق رفاهية البشر ويشبع احتياجاتهم بشكل أفضل. إلا أن الأمر، أي تحرير التجارة وعولمة الإنتاج، حمل في طياته تأثيرات سلبية جانبية أثرت على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والحقوق التضامنية، خاصة وأن التنظيم الذي جاءت به المنظمة العالمية للتجارة لا يقتصر على تجارة السلع كما كان الحال مع اتفاقية "جات 47"، بل امتد أيضا ليشمل تجارة الخدمات وحقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة.
وقد ذهب جانب من المنتقدين أبعد من ذلك، متهمين المنظمة العالمية للتجارة بتسليع حقوق الإنسان، وخدمة مصالح الدول القوية، وضرب المساواة بين الدول وبين الشعوب عرض الحائط. وهذا الجانب، يُفَنِّد الصور الوردية التي يرسمها المناصرون للتجارة الحرة، والقائلون بأن المنظمة العالمية للتجارة ترتكز على فلسفة مفادها أن التحرير التجارة العالمية هو السبيل الأفضل لتحقيق نمو اقتصادي عالمي، سواء في الدول المتقدمة أو النامية.
وبذلك، تقوم حجج هذا الجانب من المنتقدين على الأفكار القائلة بأن المنظمة العالمية للتجارة جاءت بوصفها نتيجة للأوضاع التي ميزت العالم منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، من ارتباط مصالح العديد من الدول النامية بالدول المتقدمة وبالشركات الكبرى، وتنامي دور المؤسسات المالية الدولية في رسم مسار التنمية للدول النامية والتحكم فيه، دون أي احترام لحق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلا عن سعي الدول المتقدمة للسيطرة على النصيب الأوفر من الاقتصاد العالمي، والتحكم بعمليات الإنتاج وتوزيع الدخل العالمي، وحل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية ولو على حساب الدول النامية وحقوق الإنسان. وهذا ما من شأنه أن يحمل تأثيرات سلبية وخطيرة على حقوق الإنسان.
هكذا، وأمام هذه الانتقادات الموجهة للنظام التجاري الدولي الذي تقوده هذه المنظمة، يتبادر للأدهان التساؤل عما إذا كان من الممكن أن تكون تلك الانتقادات الموجهة للمنظمة العالمية للتجارة مجرد تعتيم على فعالية هذا النظام؟ خاصة وأن الأرقام تشير إلى تزايد معدلات التجارة بين البلدان منذ إنشاء هذه المنظمة، مقارنة بعدم الفعالية النسبية للهيئات الدولية لحقوق الإنسان في حماية حقوق الإنسان التي تنتهك بشكل صارخ بعيدا عن النظام التجاري الدولي. أم أن هذه الانتقادات الموجهة للمنظمة العالمية للتجارة هي صحيحة؟ وأن قواعد المنظمة هي فعلا تحمل في طياتها انتهاكات لحقوق الإنسان، على اعتبار أن الظروف التي كانت سائدة زمن الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة لسنة 1947 "جات 47" لا زالت هي نفسها، أين وصفت هذه الأخيرة بـ"منتدى الأغنياء" الذي لم يقم حسابا للاعتبارات غير التجارية ذات العلاقة بالتنمية في الدول الفقيرة وحقوق الإنسان بصفة عامة، الأمر الذي دفع الدول النامية للانضواء تحت لواء "منتدى الفقراء" المضاد، الذي تقوده منظمة الأمم المتحدة عن طريق "الأونكتاد" (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية).
ولاستكشاف صحة هذه الانتقادات، سنبحث في سياسات وقواعد المنظمة العالمية للتجارة، من خلال تركيز الحديث بصفة خاصة على أبرز ما يمكن أن تحمله عملية تحرير التجارة التي تقودها المنظمة من آثار سلبية على حقوق الإنسان من خلال تعميق الفقر ومعاناة الفقراء.
فكيف ساهمت سياسات المنظمة العالمية للتجارة في تحرير التجارة في التأثير سلبا على حقوق الإنسان من خلال تعميق عدم المساواة والفقر ومعاناة الفقراء؟
إجابة على ذلك، سنعمل على إبراز بعض من جوانب هذه التأثيرات السلبية، أين نخصص الحديث لدور تحرير التجارة في تعميق عدم المساواة (الفقرة الأولى) وتعميق الفقر ومعاناة الفقراء (الفقرة الثانية).
ولعنا قبل ذلك، ننطلق مما قالته الباحثة في مجال حقوق الإنسان "سارة جوزيف Sarah Joseph" (1):
"حتى إن كان تحرير التجارة يعزز النمو الاقتصادي، فإن هذا الأمر قد لا يترجم إلى فوائد للفقراء. والنمو في حد ذاته لا يعني بالضرورة أن الزيادات في الثروة موزعة بشكل عادل".(2)
وهذا الأمر، أكدته لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها رقم 20 حول الفقرة 2 من المادة 2 من العهد الأول، حين قالت بصريح العبارة:
"يقوِّض التمييز إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لنسبة كبيرة من سكان العـالم. فـالنمو الاقتصادي، في حد ذاته، لم يؤدي إلى تنمية مستدامة، ولا يزال أفراد ومجموعات من الأفراد يواجهون عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، بسبب أشكال مترسخة من التمييز، تاريخية ومعاصرة، في أغلب الأحيان".(3)

الفقرة الأولى: تحرير التجارة وتعميق عدم المساواة

المساواة بين أعضاء الأسرة البشرية هي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ولعل الأهمية التي تحظى بها مسألة المساواة بين دول العالم وشعوبه، حملت واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على تضمين المساواة بين أعضاء الأسرة البشرية في السطر الأول من ديباجة الإعلان، حينما أوردت:
"لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم".(4)
وقد أعيد التأكيد على هذا الأمر في الفقرة الأولى من ديباجة العهدين الدوليين لحقوق الإنسان لسنة 1966.
ولعل ما دفع واضعي الإعلان والعهدين إلى التنصيص صراحة على مبدأ المساواة، هو إيمانهم الراسخ بكون أن انعدام المساواة سوف لن ينتج عنه سوى ازدراء حقوق الإنسان، والعودة إلى أعمال العنف التي تؤذي ضمير الإنسانية ويندى لها جبين البشرية جمعاء. وفي أسباب ومخلفات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وغيرهما من الحروب وأعمال العنف، خير دليل على ذلك.
فإذا كانت الأمم المتحدة، قد عملت في سبيل ذلك على توفير سبل المساواة بين الدول سياسيا، فإن واقع العلاقات الدولية في المجال الاقتصادي، قد أفرز عدم المساواة بين الدول اقتصاديا، وقد تفاقم عدم المساواة هنا بسبب العولمة (5)، إلى درجة قول البعض:
"بينما تم إنهاء الاستعمار السياسي قبل أكثر من خمسين سنة، فإننا لم نكمل بعد إنهاء الاستعمار الاقتصادي".(6)
ولعل المجال الخصب لعدم المساواة الاقتصادية بين الدول، هو متجسد أساسا في التجارة الدولية، التي تشرف على إدارة قواعدها المنظمة العالمية للتجارة. وهذا ما يفسر كون أن أبرز الانتقادات الموجهة لمنظمة التجارة العالمية في علاقتها بحقوق الإنسان، هي تلك القائلة بضعف فلسفة المساواة في حقوق المشاركة وجني ثمار تحرير التجارة في إطار هذه المنظمة. وإلى جانب عدم المساواة بين الدول، ينتج كذلك عن قواعد وسياسات المنظمة العالمية للتجارة عدم المساواة في الدخل بين شعوب الدول الأعضاء، أو بين مواطني البلد العضو الواحد.
ولعلنا في هذه النقطة، نركز حديثنا عن عدم المساواة بين الدول، ومعلوم أن عدم المساواة هنا تنعكس على شعوب هذه الدول وتؤثر على متطلبات إعمال حقوق الإنسان بها.
وعليه، فالدراسات التي أجريت في هذا السياق، تشير إلى وجود تحيز في عمليات المنظمة العالمية للتجارة ضد الدول النامية لصالح الدول الصناعية، وهو ما عبر عنه "توماس كوتيير Thomas Cottier" (7) بالقول:
"منظمة التجارة العالمية تعمل في الواقع في ظل نظام من التفوق الواقعي، يعكس النفوذ السياسي وحجم السوق".(8)
وهو أمر أقر به المدير العام السابق للمنظمة العالمية للتجارة "باسكال لامي Pascal Lamy" نفسه، حين ذكر في خطاب شهير له ألقاه في نيويورك سنة 2006 ما يلي:
"لقد ظهر الانطباع أيضا أنه في حالة التجارة المتعددة الأطراف، فإن النظام (عيوب النظام) يميل إلى العمل على غير صالح جزء معين من عضوية المنظمة العالمية للتجارة، التي تضم البلدان النامية. هذا التحيز لن يكون مستداما على المدى البعيد، ولذلك من الضروري تصحيحه إذا أردنا أن يزدهر النظام التجاري المتعدد الأطراف...".(9)
ولعل مسألة عدم المساواة بين الدول هنا، كما قالت "سارة جوزيف"، تعزى أساسا إلى العجز الديمقراطي للهياكل الداخلية للمنظمة العالمية للتجارة، حين وصفت هذه الهياكل بكونها "عاجزة"، باستثناء جهاز تسوية النزاعات، على اعتبار أن قيادة المنظمة العالمية للتجارة تتولاها الدول الأعضاء، وليس جهازا قويا يكفل المساواة في حقوق المشاركة بين الأعضاء (10)، ولا أدل على ذلك من كون المنظمة العالمية للتجارة تسير على هدى نتائج مفاوضات مؤتمراتها الوزارية.
فمفاوضات المؤتمرات الوزارية، تمثل التربة الخصبة لعدم المساواة بين الدول الأعضاء، إذ أن الأعضاء الأقوياء، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، يمارسون بوضوح نفوذا أكبر على المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف مقارنة بالدول النامية والأقل نموا، ومرد ذلك إلى أمور عدة، لعل أبرزها كون الفرق التفاوضية للدول لا تمتلك قوة متساوية، فمثلا في المؤتمر الوزاري الذي عقد في "هونغ كونغ" سنة 2005، مثَّل الولايات المتحدة الأمريكية فريق من حوالي 360 مندوبا، مقابل فريق يتكون من 3 أعضاء فقط مثلوا دولة بوروندي (11)، ولكون كذلك أن غالبية المفاوضين وغيرهم من الموظفين ذوي الصلة من الدول النامية والأقل نموا، يفتقرون إلى الكفاءة والخبرة الفنية لتمثيل مصالح دولهم بفعالية في إطار المنظمة العالمية للتجارة.
وهذا فضلا عن الممارسات غير المشروعة التي تلجأ إليها الدول القوية لإرغام، وترغيب، الدول النامية على قبول قواعد تخدم مصالح هذه الدول القوية، كالتهديد بقطع المساعدات، أو الحرمان من الاستثمارات المباشرة التي تقودها شركاتها الكبرى. أضف إلى ذلك أن الدول المتقدمة تلجأ إلى فرض شروطها التجارية بعيدا عن المنظمة العالمية للتجارة، من خلال القروض المقدمة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مثلا، إذ عادة ما تلجأ الدول صاحبة القوة التصويتية الكبيرة إلى التهديد بالتصويت ضد منح القروض للدول التي تخالف مصالحها التجارية.
وقد تنجح الدول النامية والأقل نموا في بعض الأحيان، نتيجة تنسيق جهودها داخل تكتلات اقتصادية، في الضغط من أجل التوصل لقواعد تجارية تخدم مصالحها، كتضمين استثناءات على ما تفرضه الاتفاقيات التي تديرها المنظمة العالمية للتجارة، أو التوصل إلى تنازلات إضافية في إطار ما يعرف بـ"شرط التمكين".
إلا أن النجاح في التوصل لهذه القواعد، يقابله صعوبة في تنزيلها على أرض الواقع، نتيجة ضعف الوسائل التقنية والفنية للدول النامية، كعدم توفر الدولة مثلا على مصانع لإنتاج الأدوية الجنيسة للاستفادة من الترخيص الإجباري الذي تتيحه المادة 31 من اتفاق "تريبس"، أو نتيجة لعدم امتلاكها لوسائل الضغط مقارنة بالدول المتقدمة، بما يحرمها في كثير من الأحيان من ممارسة حقوقها المقررة وفقا للاتفاقيات التجارية، وربما قد تجد صعوبة حتى في اللجوء إلى جهاز تسوية المنازعات من أجل الدفاع عن حقوقها المشروعة، نتيجة المخاوف من معاداة الدول القوية.
كما أن ممارسات الدول القوية، تنسف في كثير من الأحيان تلك القواعد التجارية التي تحمل في طياتها مصالح للدول النامية والأقل نموا، وذلك باللجوء إلى اعتماد قوانين تجارية أكثر صرامة في إطار التكتلات الاقتصادية والاتحادات الجمركية، أو الاتفاقيات التجارية الثنائية، أو اتفاقيات التجارة الحرة، التي تسمح بها المنظمة العالمية للتجارة شرط احترام أحكام المادة 24 من "جات 94"، كعدم عرقلة تحرير التجارة الدولية، وعدم وضع الحواجز الجمركية أمام تجارة الأطراف المتعاقدة الأخرى، وإعمال مبادئ المنظمة العالمية للتجارة، خاصة شرط الدولة الأكثر رعاية (المادة 2 من "جات 94") وشرط المعاملة الوطنية (المادة 3 من "جات 94").
وتشير الدراسات في هذا الإطار، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها اليد العليا في إبرام اتفاقيات التجارة الحرة مع المغرب والأردن وحتى أستراليا، كما أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بسلطة متفوقة في مفاوضاته حول اتفاقيات الشراكة الأوروبية مع دول في آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا. (12) وبالتالي، ليس من المستغرب أن تميل هذه الاتفاقات إلى فرض متطلبات أكثر شدة مقارنة بتلك التي تفرضها المنظمة العالمية للتجارة.
ومن جهة أخرى، يمكن تلمس عدم المساواة بين الدول في إطار المنظمة العالمية للتجارة، من خلال اتفاقيتي "الصحة والصحة النباتية- SPS" و"الحواجز التقنية أمام التجارة- TBT" اللتان تنظمان استخدام بعض الحواجز غير الجمركية، وهي التدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية والمعايير التقنية والفنية، إذ يُعْتَمَد في تنفيذ هذين الاتفاقين إلى حد كبير على المعايير المعترف بها دوليا، والتي تضعها الهيئات الدولية المختصة (13). وهي هيئات، كما أشار إلى ذلك "يورجن كورتز Jürgen Kurtz" (14)، "تتميز بعدم كفاية مستوى مشاركة البلدان النامية فيها" (15)، وذلك على الرغم مما تنص عليه الفقرة 4 من المادة 10 من "SPS"، من ضرورة تشجيع وتسهيل المشاركة النشطة للبلدان النامية الأعضاء في هذه المنظمات.
والمعايير المعتمدة في هذا الإطار، يمكن أن تشكل عقبة أمام صادرات الدول النامية والأقل نموا، على اعتبار أن هذه الدول لا تملك الخبرات الفنية، والقدرة المالية والتكنولوجية التي تمكنها من الالتزام بهذه المعايير، كما قد يشكل الالتزام بهذه المعايير من طرف الدول النامية تحملها لتكاليف إضافية، خاصة وأن الدول المتقدمة تميل إلى وضع معايير صحية وتقنية جد صارمة، يكون لها ما يبررها في كثير من الأحيان.(16)
ورغم ما تنص عليه المادة 12 من "TBT"، والمادة 10 من "SPS"، من ضرورة منح معاملة خاصة وتمييزية لصالح البلدان النامية والأقل نموا، إلا أن هذا الأمر يظل خاضعا لرغبات الدول المتقدمة، خاصة وأن المادتين المذكورتين تلزمان الدول المتقدمة فقط بمنح مُهَل زمنية أطول للمنتوجات التي تهم الدول الأعضاء النامية. وهذا أمر يؤثر سلبا على المنتجين المحليين بالدول النامية والأقل نموا، وخاصة منهم من يعتمدون أساسا على تصدير منتجاتهم للخارج.
ولا يفوتنا في ختام هذه النقطة، أن نسلط الضوء على مجال آخر مهم لعدم المساواة بين الدول وشعوبها في إطار المنظمة العالمية للتجارة، ونعني بالذكر هنا مسألة اللغات المستعملة في إطار هذه المنظمة، إذ أن الاتفاقيات التي تديرها هذه الأخيرة، هي متاحة فقط باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وهي اللغات التي تحظى بالحجية في تفسير الاتفاقيات في إطار المنظمة العالمية للتجارة وجهازها لتسوية المنازعات. وعلى الرغم من وجود ترجمات لبعض هذه الاتفاقيات بلغات أخرى، إلا أن هذه الترجمات تعد غير رسمية، وليست لها أي حجية في التفسير، إذ هي عادة نتاج لجهود فردية يقوم بها الكتاب المهتمين الملمين بأحد اللغات الثلاث الرسمية.
وما قلناه عن الاتفاقيات، ينطبق كذلك على الموقع الرسمي للمنظمة العالمية للتجارة، وكذا تقاريرها السنوية ونشراتها الإخبارية، إذ يتم تحريرها هي الأخرى فقط باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. وعلى اعتبار أن التقارير السنوية مثلا، خاصة منها التقارير المفصلة، تصدر بشكل سنوي وبعدد كبير من الصفحات، يتجاوز 400 صفحة، فإنه يستعصي على المهتمين الناطقين باللغات الأخرى والملمين بأحد اللغات الرسمية المذكورة ترجمة هذه التقارير، إذ عادة لا تتوفر أبدا ترجمات لها. وهذا ما يشكل عبئا مضاعفا بالنسبة للباحثين والمهتمين بمجال النظام التجاري المتعدد الأطراف، إذ يضطرون إلى تحمل عناء الترجمة. وقد يدفع هذا الأمر بالباحثين الغير الملمين باللغات الرسمية المذكور إلى العدول عن البحث في هذا المجال.
فإتاحة الاتفاقيات والتقارير والنشرات باللغات الثلاثة المذكورة في منظمة تضم غالبية دول العالم (164 دولة)، يمنح ميزة نسبية للدول الأعضاء الناطقة بهذه اللغات ولشعوبها، وفي نفس الوقت يحمل تمييزا غير مشروع ضد الدول الأعضاء الناطقة بلغات أخرى، كاللغة العربية المستعملة على نطاق واسع في شمال أفريقية ودول المشرق العربي، وهي في غالبيتها دول أعضاء في المنظمة العالمية للتجارة، خاصة وأن عدد الناطقين باللغة العربية يقدر بـ467 مليون شخص، محتلة بذلك الرتبة الرابعة بين اللغات الأكثر تداولا في العالم.
وهذا التمييز، ينعكس سلبا على متطلبات الاستفادة على نحو فعال من النظام التجاري المتعدد الأطراف بين الدول، ولعل هذا الأمر يتضح من خلال الخبراء في المجال التجاري الدولي، إذ تجد مثلا أن الدول الناطقة بأحد اللغات الثلاثة، عادة ما تتوفر على خبراء على مستوى عالي من الخبرة في هذا المجال، بخلاف الدول الأخرى التي تفتقد للخبراء المحنكين، وهذا يتضح جليا من خلال المفاوضات التجارية في إطار المؤتمرات الوزارية للمنظمة العالمية للتجارة، أو خارجها في إطار المفاوضات بشأن الاتفاقيات التجارية الإقليمية أو الثنائية، حيث تبرز سيطرة الدول التي تتوفر على خبراء وديبلوماسيين محنكين في المجال التجاري والقوانين التي تحكمه.
ومن جهة أخرى، فالمنظمة العالمية للتجارة بتركيزها على اللغات الثلاثة المذكورة، تكون أيضا قد قيدت سبل الوصول إلى المعرفة من طرف غير الناطقين بهذه اللغات الرسمية، بما يخالف مبدأ الشفافية ومتطلبات إعمال حق الإنسان في الحصول على المعلومة المعترف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الثاني.

الفقرة الثانية: تحرير التجارة وتعميق الفقر ومعاناة الفقراء

لعلنا نبدأ هذه النقطة بما قالته امرأة في حق أحد جيرانها الذي توفي من البؤس: "فقراء لدرجة أنهم لا يعرفون حتى أن لديهم حقوق". (17) هذا مثال يحمل في طياته دلالات عميقة ونحن بصدد الحديث عن تعميق الفقر ومعاناة الفقراء من خلال تحرير التجارة الدولية وعولمة الإنتاج، خاصة وأن الكُتَّاب اليوم صاروا يتحدثون عن "عولمة الفقر" (18) نتيجة للعولمة الاقتصادية.
فالتهميش والاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للفقراء، يؤدي إلى انتهاك حقوقهم الإنسانية التي لا يستطيعون الدفاع عنها في كثير من الأحيان، بسبب ضعف معرفتهم ووعيهم بحقوقهم.
ومن بين أهم سمات استبعاد الفقراء من الخدمات الاجتماعية والتنموية عموما، كما قال الاقتصادي المعروف بدفاعه عن الفقراء والمساواة بين الناس "توني أتكيسون tony Atkinson" (19)، هو وجود "الطرف المسبب" الذي يتسبب في هذا الاستبعاد. (20) وهذا الأمر، عبر عنه بوضوح أستاذ الفلسفة السياسية "توماس بوغي Thomas Pogge" (21) بقوله:
"يعكس تصميم النظام المؤسسي العالمي المصالح المشتركة للحكومات والشركات ومواطني الدول الغنية أكثر من الاهتمام بتجنب الفقر في العالم...".(22)
وانطلاقا من ذلك، سنبحث في قواعد وسياسات المنظمة العالمية للتجارة باعتبارها طرفا مسببا للاستبعاد الاقتصادي والاجتماعي لعديد من الأفراد والجماعات والمجتمعات، بما يزج بهم في براثن الفقر المدقع (ب). ولما كانت مسألة الفقر في علاقتها بانتهاك حقوق الإنسان محل اختلاف بين المفكرين والباحثين والدارسين، حسب اختلاف مشاربهم وتخصصاتهم ومنطلقاتهم الأيديولوجية (23)، فإننا سنلقي أولا نظرة مقتضبة نبرز من خلالها حجج القائلين بارتباط الفقر بانتهاك حقوق الإنسان (أ)، وذلك حتى لا يبقى هناك لبس في المسألة.
أ- الفقر كانتهاك خطير لحقوق الانسان
انسجاما مع ما نصت عليه المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 11 من العهد الأول، من كون أن لكل شخص حق في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، فإنه ليس من قبيل المبالغة القول، كما دافع عن ذلك "إريك توسان Éric Toussaint" و"هيجو رويز دياز Hugo Ruiz Diaz"، أن حالات الفقر تؤدي إلى انتهاك جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقريبا (24)، وهي النظرة التي يدافع عنها "توماس بوغي" من خلال كتابة الشهير المعنون بـ"الفقر العالمي وحقوق الإنسان".
والفقر، كما قالت عنه "سارة جوزيف":
"هو السبب الرئيسي الأول للبؤس البشري في عالم اليوم".(25)
ولعل ما يحمله العيش في حالة من الفقر والعوز من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، هو ما دفع الرئيس الأمريكي السابق "فرنكلين روزفلت Franklin D. Roosevelt" في خطابه الشهير، المعروف بخطاب الحريات الأربعة (26)، الذي ألقاه أمام الكونغرس بتاريخ 6 يناير 1941، بأن يعلن "الحرية من العوز" كواحدة من أربع حريات إنسانية أساسية، وهي الحريات التي تحظى بالقبول لدى الأمم المتحدة، وتم تضمين فحواها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وهكذا، يميز البعض العيش في حالة من الفقر، وخاصة الفقر المدقع، كانتهاك لحقوق الإنسان في حد ذاته، وعلى أقل تقدير، يعاني الفقراء بشكل غير متناسب من انتهاكات حقوق الإنسان (27). فقد ذهب أستاذ القانون الدولي "يوزو يوكوتا Yozo Yokota" (28) إلى القول بأن العلاقة بين الفقر المدقع وحقوق الإنسان هي علاقة ثلاثية الأبعاد، يتمثل أوَّلها في كون "الفقر المدقع هو بحد ذاته انتهاك لحقوق الإنسان". أما البعد الثاني فيتمثل في كون "الفقر المدقع يؤدي إلى انتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان"، مثل عمالة الأطفال والاتجار بهم، والعمل الجبري والرق، والاستغلال الجنسي.(29)
في حين يتمثل البعد الثالث، في كون "انتهاك حقوق الإنسان يؤدي إلى سقوط الناس في الفقر المدقع"، إذ أن التمييز ضد الأقليات، والشعوب الأصلية، والمرضى، وكبار السن، والمعاقين، والمشردين، يدفع هؤلاء الناس إلى الفقر المدقع. والحرمان من الحق في التعليم، يمنع الناس من العثور على عمل، ومن المحتمل أن يؤدي بهم ذلك إلى الفقر المدقع. و غياب الحقوق السياسية، يحرم الناس من فرصة التعبير عن آرائهم في صياغة البرامج الاجتماعية وتنفيذها، وهو أمر يؤدي بهم إلى الغرق في فقر مدقع.(30)
والصلة بين الفقر وانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واضحة، فالفقراء أسوأ حالا من حيث الوصول إلى الغذاء الكافي، والماء، والإسكان، والرعاية الصحية، والتعليم، والضمان الاجتماعي، والعمل، وفرصهم جد محدودة بسبب خضوعهم للتمييز الواضح والاستبعاد الاجتماعي. لذلك، تجد عمرهم المتوقع أقصر، ومعدلات وفيات الرضع والأمهات أعلى في صفوف الفقراء. أما حقوقهم المدنية والسياسية، فتتعرض هي الأخرى لخطر واضح، إذ أن الفقراء يعانون تدني مستوى الأمن الجسدي، وزيادة التعرض للعمل القسري وأشكال الرق الحديثة، وتقل فرص وصولهم إلى العدالة، كما أنهم أقل مشاركة في الحياة السياسية. وباختصار، يعتبر القضاء على الفقر وتعزيز حقوق الإنسان أهدافا متداخلة بشكل واضح.(31)
وأمام هذه المعطيات، فلا عجب أن تنخرط منظمة الأمم المتحدة نفسها في بحث مسألة الفقر ووضعها ضمن اهتماماتها، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على وعي واعتراف المنتظم الدولي بأن الفقر ليس إلا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وهكذا، قامت الأمم المتحدة في سبيل ذلك بإنشاء ولاية الفقر المدقع في عام 1998 عن طريق لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومن ثم عهدت إلى مجلس حقوق الإنسان في يونيو من سنة 2006، باعتباره حل محل لجنة حقوق الإنسان، إذ تعتبر هذه الولاية إحدى الولايات المتعددة التي تشكل مجتمعة ما يعرف بـ"نظام الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة".(32)
واليوم، تعتبر الأمم المتحدة الفقر مسألة طارئة على مستوى حقوق الإنسان، وتشير إلى أنه لا يجب النظر إلى القضاء على الفقر المدقع كمسألة من مسائل عمل الخير، بل كقضية ملحة من قضايا حقوق الإنسان، وهذا أمر جعل هدف القضاء على الفقر يشكل الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة المعتمدة في إطار الأمم المتحدة. وتعرِّف هذه الأخيرة الفقر (33) على أنه ظاهرة متعددة الأبعاد، ولا تقتصر فقط على النقص في الدخل.
وبذلك تختلف الأمم المتحدة مع بعض الجهات الفاعلة الدولية، والتي لا تزال تستند في تعريف الفقر إلى الإجراءات المرتكزة حصرا على الدخل (34)، كتعريف البنك الدولي للفقر القائم على تحصيل الفرد ما معدله2.15 دولار في اليوم حسب آخر تحديث لخط الفقر في خريف سنة 2022 من طرف البنك الدولي، الذي يعتمد في ذلك على تعادلات القوة الشرائية لبلدان العالم.(35)
على أيٍّ، فبعد أن أوضحنا بأن الفقر بحد ذاته هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، سنبحث في النقطة الموالية مسألة مدى مساهمة قواعد المنظمة العالمية للتجارة في تعميق الفقر ومعاناة الفقراء؟ وبالتالي مساهمة هذه القواعد في انتهاك حقوق وحريات الأفراد.
ب- قواعد المنظمة العالمية للتجارة وتعميق الفقر ومعاناة الفقراء
يقتضي تقييم مدى التأثير السلبي لقواعد المنظمة العالمية للتجارة، أي مدى مساهمة هذه القواعد ودفعها نحو تعميق الفقر ومعاناة الفقراء؟ بالضرورة تقييم أثرها السلبي على الدول النامية، موطن الغالبية العظمى من فقراء العالم. وهذا لا يعني أننا ننكر وجود الفقر في الدول المتقدمة، وإنما هو اعتراف بأن الدول المتقدمة لديها قدرات أكبر لمكافحة الفقر داخل حدودها إذا كانت لديها الإرادة السياسية للقيام بذلك، بخلاف الدول النامية التي تتمتع بقدرات أقل وأعداد أكبر بكثير من الفقراء.(36)
وبالتالي، فمواطني الدول النامية والأقل نموا هم الأكثر عرضة لخطر السقوط في براثين الفقر إذا ما حملت قواعد وسياسات المنظمة العالمية للتجارة في طياتها مقتضيات قد تؤدي إلى الفقر.
حقيقة، لا يمكن إنكار كون أن التجارة تعتبر الوسيلة الأكثر قدرة على التخفيف من حدة الفقر (37) وتَحرُّر الفقراء في الدول النامية من التعرض لأهواء ورغبات المانحين الذين يحكمون الوصول إلى ميزانيات المعونة، بحيث قدرت منظمة أوكسفام الدولية (38) سنة 2002 أن زيادة بنسبة 5% في حصة التجارة العالمية من قبل الدول ذات الدخل المنخفض ستولد أكثر من 350 مليار دولار، أي سبعة أضعاف ما تحصل عليه في المساعدات.(39)
وحتى يكون لتحرير التجارة نتائج إيجابية على الفقراء، لابد للسياسة التجارية للدول أن تكون متسقة مع حقوق الإنسان، بما يسهم في تقليل الفقر وتحقيق التنمية. ولكي يتحقق هذا الاتساق، كما أوردت ذلك "سارة جوزيف"، لابد من توفر العناصر التالية: (40)
- أولا، ينبغي أن تسهم السياسة التجارية للدولة بالفعل في التنمية والنمو الاقتصاديين من أجل تعزيز فرص الخروج من الفقر.
- ثانيا، يجب على الدولة أن تضمن احتفاظها وتحسين قدراتها على الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التزاماتها بتوفير حقوق أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة.
- ثالثا، ينبغي للدولة تنفيذ استراتيجيات لضمان توزيع المكاسب من النمو الاقتصادي والتنمية بصورة منصفة.
- رابعا وأخيرا، يجب أن تكون السياسة التجارية متجذرة في مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، أي ضرورة قيام السياسة التجارية على مبادئ عدم التمييز والمشاركة والتمكين والمساءلة.
إلا أنه، وعكس ما أوردناه أعلاه، فدور التجارة في مكافحة الفقر وتقليل نِسَبِه، على النحو الذي تقوده المنظمة العالمية للتجارة، انتقده الكثير من الباحثين وقللوا من شأنه، بل واعتبر البعض منهم أن التحرير التجاري التي تقوده هذه المنظمة يؤدي إلى تعميق الفقر ومعاناة الفقراء خاصة بالدول النامية والأقل نموا.
فلقد اعتبر المنتقدون هنا، أنه على الرغم من أن الحجة الرئيسية لصالح التجارة الحرة هي أنها تؤدي إلى النمو الاقتصادي، بمعنى أنه بقدر ما يتفاقم الفقر بسبب افتقار الدولة إلى الموارد، ينبغي أن يساعد النمو الاقتصادي والتنمية داخل الدولة على تخفيف حدة الفقر، إلا أن هذا النمو الاقتصادي في حد ذاته، لا يؤدي بالضرورة إلى تخفيف حدة الفقر. من جهة، بسبب عدم الإنصاف المحتمل في توزيع الثروة الإضافية، خاصة وأنه في كثير من الأحيان تتم مشاريع التنمية في تجاهل لحقوق السكان المحليين، ولاسيما الفقراء منهم، والذين قد يتم طردهم تعسفيا ودون تعويض مناسب، من أجل إفساح المجال لمشروعات البنية التحتية أو الاستثمار.(41)
ومن جهة ثانية، لكون النمو الاقتصادي هو في خلاف للحق في التنمية المكرس في إعلان الحق في التنمية لسنة 1986، والذي عرف التنمية بأنها أكثر من مجرد عملية اقتصادية، وتستلزم أكثر من مجرد زيادة في أرقام الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى أن حق الإنسان في التنمية يقتضي إعمال جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال عملية منصفة تنطوي على "المشاركة الحرة والفعالة والكاملة" لجميع الأفراد، بما يضمن تكافؤ فرص الوصول إلى الموارد والحصول على توزيع عادل لمزايا التنمية والدخل، وبالتالي ضرورة أن تأخذ عملية التنمية الفقراء في الحسبان. (42) وهذا أمر لا يخفى عن المنظمة العالمية للتجارة، بحيث أشارت هذه الأخيرة، في تقرير مشترك لها مع البنك الدولي سنة 2005 حول "دور التجارة في إنهاء الفقر"، إلى ما يلي:
"الجهود الرامية إلى تقليص الحواجز التجارية يجب أن تُكمِّلها جهود لتعظيم المنافع للفقراء، ولضمان وصول تلك المنافع إلى أشد السكان فقرا وحرمانا في العالم".(43)
غير أن مثل هذه الأهداف، تبقى مرهونة بالخطاب المعلن للمؤسسات الاقتصادية الدولية، والذي يركز على الاعتبارات الاقتصادية دون الاعتبارات الاجتماعية وحقوق الانسان بصفة عامة، كما تبقى هذه الأهداف حبيسة سطور التقارير، بالنظر للممارسات التجارية للدول الغنية التي تتجاهل الاعتبارات غير التجارية، ومن بينها الحقوق الإنسانية لفقراء العالم. وإذا كان للتجارة الدولية دور رئيسي تلعبه في مكافحة الفقر واللامساواة، وتَعِد بمنافع لكل من المنتجين والمستهلكين، بما يمكن من خلق فرص العمل والثروة التي توفر شريان الحياة للأسر والمجتمعات الفقيرة، وتوفير سلع وخدمات أرخص، فإن النظام التجاري الدولي مع ذلك، كما قال "دينكان كرين" ذلك:
"مليء بالقواعد الصارمة والمعايير المزدوجة التي تخرب الفوائد المحتملة من التجارة الدولية للفقراء".(44)
والسبب في ذلك كما قال "دينكان" وغيره، وباعتراف "باسكال لامي" نفسه (45)، هو وجود بعض العوائق في النظام التجاري الذي تقوده المنظمة العالمية للتجارة، والتي تؤثر سلبا على الفقراء وتؤدي إلى تعميق معاناتهم، ولعل أبرز هذه العوائق:
1- الحواجز غير الجمركية أمام التجارة الدولية: إذ تسمح الحمائية التي تجيزها بعض قواعد المنظمة العالمية للتجارة، خاصة في إطار اتفاقيتي "الصحة والصحة النباتية SPS" و"الحواجز التقنية أمام التجارة TBT" والاتفاق بشأن الزراعة (46)، للبلدان الغنية باستخدام الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام الواردات من السلع والخدمات المخالفة لمعايير الاتفاقيات المذكورة، أو المعايير التي تضعها المنظمات الدولية المعنية، وهذا ما أدى إلى إبقاء صادرات البلدان النامية في كثير من الأحيان خارج نطاق أسواق الدول المتقدمة، خاصة منها المنتجات التي تتمتع فيها الدول النامية بميزة نسبية وتنافسية (47)، بسبب ارتفاع قيمة الرسوم الجمركية المفروضة عليها. وهذا ما يجعل الدول الغنية هي صاحبة اليد العليا في الاستفادة من تحرير التجارة الدولية.
فمثلا، يبلغ متوسط التعريفة الأمريكية لجميع الواردات 1.6%، لكن هذا المتوسط يرتفع إلى 14% و 15% بالنسبة لبعض الواردات من أقل البلدان نموا في آسيا، مثل بنغلاديش ونيبال وكمبوديا. ونتيجة لذلك، في عام 2004، جمعت الخزانة الأمريكية تقريبا نفس المبلغ من الإيرادات الجمركية على الواردات من بنغلاديش (329 مليون دولار) وفرنسا (354 مليون دولار)، على الرغم من أن فرنسا تُصَدِّر 15 ضعفا مما تصدره بنغلاديش إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي العام نفسه، كانت المعونة الأمريكية إلى بنغلاديش تقدر بـ 74 مليون دولار فقط (48)، وهذا ما يبرز بجلاء كون أن المعاملة التفضيلية وشرط التمكين للدول النامية والأقل نموا ما هو إلا حبر على ورق، إذ يتم عادة الالتفاف على هذه المزايا من طرف الدول المتقدمة. وهو ما ينعكس سلبا على مواطني الدول النامية والأقل نموا، بما يحرمهم من فرص الانعتاق من براثن الفقر المدقع.
2- الدعم الزراعي: تعرقل قواعد التجارة الدولية في الزراعة الجهود التي تبذلها البلدان النامية لتطوير اقتصاداتها والحد من الفقر، إذ تسمح قواعد المنظمة العالمية للتجارة في إطار "الاتفاق بشأن الزراعة" ببعض الاستثناءات على المبدأ العام القائل بعدم جواز تقديم الدعم للزراعة الموجهة للتصدير، خاصة من خلال المادتين 6 و 7 والملحق 2 من هذه الاتفاقية، وهذا أمر تستغله دول قوية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، لتجعل من الصعب على المنتجين الفقراء بالدول النامية والأقل نموا منافستهم. إذ تبلغ قيمة الدعم بكافة أشكاله للزراعة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو 250 مليار دولار سنويا، أي أكثر من ضعف قيمة المساعدات العالمية التي تمنحها دول هذه المنظمة. ويشير البعض إلى أن جزء كبير من الدعم الذي تقدمه الدول الغنية لمزارعيها هو مخالف لقواعد اتفاقية الزراعة.(49)
ونظرا للدعم الهائل لقطاع الزراعة من طرف هذه الدول، تستطيع مثلا الولايات المتحدة الأمريكية تصدير القطن (50) والقمح بنسبة 35% و 47% على التوالي من تكلفة الإنتاج الداخلية، ويستطيع الاتحاد الأوروبي أن يصدر السكر ولحم البقر بنسبة 44% و 47% على التوالي من التكلفة الداخلية للإنتاج. والنتيجة هنا بطبيعة الحال، هي وجود قطاع زراعي ضعيف في البلدان النامية، بما يساهم في تعميق معاناة الفقراء بها، وإعاقة قدراتهم على الخروج من الفقر (51)، خاصة بالمناطق الريفية التي يعتمد سكانها بشكل أساسي على المجال الزراعي، وهذا ما يفسر كون أن الفقر المدقع هو ظاهرة ريفية بالأساس كما جاء في التقرير المشترك بين البنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة حول "دور التجارة في إنهاء الفقر".(52)
ومن زاوية أخرى، فإن ما تتيحه اتفاقية الزراعة واتفاقية "جات 94" للدول من فرض رسوم إضافية على الواردات الزراعية، أو غيرها من المنتجات، التي يثبت أنها مدعمة، تستغله الدول المتقدمة في فرض رسوم إضافية على الواردات من هذا القبيل القادمة من الدول النامية، بما يشكل حرمان لمزارعي الدول الفقيرة من أسباب انعتاقهم من براثن الفقر.
وهذا فضلا عن الممارسات الاستثمارية المشبوهة للدول الغنية في قطاع الفلاحة بالدول النامية والأقل نموا بهدف الاستفادة من العمالة الرخيصة، ومن المياة التي يتطلبها المجال الزراعي وبالمجان دون أي تقدير لثمنها، مما يساهم في استنزاف الموارد المائية بهذه الدول، الشيء الذي لن ينتج سوى تقويض مسار التنمية وتعميق الفقر ومعاناة الفقراء هناك.
3- التحرير القسري: تسعى المنظمة العالمية للتجارة، إلى جانب العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية، إلى الارتقاء بمبادئ إزالة القيود أمام تحرير التجارة والاستثمار، والمعاملة المتساوية بين الشركات الأجنبية والمحلية، على الرغم من عدم التساوي في الأوضاع بينهم. مما دفع البعض إلى القول بأن منظمة التجارة العالمية والدول المتقدمة يحرمون الدول الفقيرة من سلوك نفس المسار الذي سلكته الدول المتقدمة في سبيل تقدمها وتخفيضها لنسب الفقر.(53)
على سبيل المثال، فحدود وشروط الاستثمار الأجنبي في الصناعات الرئيسية التي استخدمتها دول كاليابان وكوريا الجنوبية، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، خلال فترات إقلاعها سابقا، تتعارض مع مبدأ "المعاملة الوطنية" الذي يشكل أحد المبادئ الأساسية للمنظمة العالمية للتجارة اليوم، كما تتعارض مع أحكام اتفاقية "تريمز TRIMS" التي تديرها هذه المنظمة. (54) فإلزام البلدان الفقيرة بتخفيض التعريفات الجمركية أمام الواردات من السلع الأجنبية يحرمها من مصدر رئيسي للإرادات الحكومية، بما ينعكس سلبا على متطلبات قيامها بأدوارها الاجتماعية لصالح الفقراء، كما أن إلغاء الحواجز والقيود أمام الاستثمار الأجنبي الذي تقوده عادة الشركات متعددة الجنسيات، يحرم الدول الفقيرة من وضع الشروط المناسبة لجعل الاستثمارات الأجنبية في خدمة التنمية والرفع من المستوى المعيشي بها. (55) وهذه أمور، تؤدي إلى تفاقم التخلف الإنمائي والفقر، ومن ثم الإضرار بالحق في التنمية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أفقر الدول.
4- براءات الاختراع: إن المستويات العالية من الحماية التي توفرها قوانين الملكية الفكرية تستفيد منها بالأساس الكيانات الصناعية القوية في البلدان المتقدمة (56). وفي سعيها لتحقيق الأرباح التي تذرها براءات الاختراع، لا تعير هذه الكيانات الصناعية أدنى اهتمام للاعتبارات غير التجارية، كتحقيق التنمية، والتقليل من معدلات الفقر، والأمن الصحي والغذائي، وحقوق الشعوب الأصلية، وغير ذلك من الأمور.
وفي نفس الوقت، تنطوي حماية براءات الاختراع على النقل العكسي للثروات من البلدان النامية والأقل نموا إلى الدول المتقدمة والغنية، على اعتبار أن جل براءات الاختراع هي مسجلة في الدول المتقدمة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفقير الدول النامية بدل تمكينها كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من ديباجة اتفاق مراكش.
وأمام الضعف المالي للدول النامية والأقل نموا، فإن هذه البراءات، التي تكون باهظة الثمن، تقيد بشكل غير مناسب نقل التكنولوجيا إلى هذه البلدان، وكذا وصولها للأهداف الاجتماعية الأخرى (57)، مما يؤدي إلى حرمان مواطني هذه البلدان من الاستفادة من الفوائد التي تنجم عن التقدم العلمي، وبالتالي حرمان جزء كبير منهم من فرص الانعتاق من الفقر، وهذا ينطوي على انتهاك واضح لما نصت عليه المادة 27 (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 15 (1- ب) من العهد الأول.
ومن جانب آخر، تسببت شروط وقواعد المنظمة العالمية للتجارة، التي أدت إلى تسهيل انسياب السلع والاستثمارات الأجنبية، في تقليص دور الدول في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وهذا حقيقة انعكس سلبا على أوضاع الفقراء الذين يعتمدون بالأساس على الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الحكومات. لتصبح السمة الأساسية لتحرير التجارة في ظل اقتصاد العولمة، هو استفادة شريحة صغيرة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة وموردي السلع، في حين أن غالبية أفراد المجتمع الآخرين يجدون أنفسهم في حاضنة الفقر.
فآخر تقديرات البنك الدولي لسنة 2015، تشير إلى أن 736 مليون شخص (10% من سكان العالم) يعيشون على أقل من 1.90 دولار يوميا، ويعيش أكثر من نصف الفقراء فقرا مدقعا في أفريقيا جنوب الصحراء، بمعدل 413 مليون شخص يعيش على أقل من 1.90 دولار يوميا بهذه المنطقة، وهذا الرقم هو في ارتفاع مستمر، بحيث سجل البنك الدولي زيادة 9 ملايين شخص بعد سنة 2015 لتنضاف إلى 413 مليون. وهذا ما دفع البنك الدولي إلى القول بأنه إذا استمر هذا الاتجاه، فإن كل 9 فقراء من بين كل 10 فقراء فقرا مدقعا سيعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء بحلول عام 2030.(58)
وهكذا، فإن التأثير الأساسي للعولمة الاقتصادية، من خلال المد العولمي للمنظمة العالمية للتجارة، أو من خلال التكتلات الاقتصادية والاتحادات الجمركية والاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية والعالمية خارج إطار المنظمة العالمية للتجارة (59)، هو تفاقم الفجوات بين الأغنياء والفقراء.
فالدراسات في هذا السياق، تشير إلى أن هذه الفجوات تتسع بين الدول، وداخل الدولة الواحدة، وأن الفقر يزداد في العديد من البلدان من حيث العدد والعمق، وقد اعترف البنك الدولي نفسه بأن عدد الفقراء في أفريقيا جنوب الصحراء هو في ازدياد مستمر.
ومرد هذا الأمر بالأساس، إلى تلك الممارسات الاقتصادية والتجارية التي تعطي الأولوية للأرباح القصيرة الأجل على التنمية البشرية المستدامة على المدى الطويل، وهذه الممارسات تقوض قدرة البلدان الفقيرة والفقراء على الاستفادة من التجارة الدولية، خاصة وأن التحرير الاقتصادي ترافق مع عدم المساواة، مما جعل الفقراء محاصرين في فقر مدقع، إذ أظهر "تقرير التنمية البشرية لسنة 1997" بأن البلدان الفقيرة والفقراء كثيرا ما يجدون مصالحهم مهملة نتيجة للعولمة.(60)
فاليوم صرنا أمام "عولمة الفقر"، إذ أصبح الفقر نتيجة لعولمة الاقتصاد لا يستثني دولة من الدول، فإذا كانت الدول النامية والأقل نموا هي من تشكل التربة الخصبة لمعدلات الفقر العالية، فإن الدول المتقدمة نفسها لم تسلم من النتائج السلبية للعومة الاقتصادية وتحرير التجارة وعولمة الانتاج، إذ برزت في الدول المتقدمة فئات من الفقراء الذين همشتهم العولمة واستبعدتهم اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما دفع آلاف المواطنين في الدول الغنية إلى القيام بين الفينة والأخرى بتنظيم مظاهرات وحراكات حاشدة، يصفها المراقبون بكونها تعبير عن غضب مواطنين همشتهم عولمة الاقتصاد ودفعتهم نحو تغذية معدلات الفقر في معقل التقدم والغنى.

خاتمة

هكذا، يتبين بجلاء أن سياسات المنظمة العالمية للتجارة في تحرير التجارة وعولمة الإنتاج، وإن ساهمت في تحقيق أرقام ومعدلات مهمة في العلاقات التجارية المتعددة الإطراف، فإنها بالموازاة مع ذلك، وخلافا لأهدافها المعلنة المتصلة بأمور من قبيل توفير البيئة المواتية لتحقيق التنمية والرفاه والرخاء العالميين ورفع مستويات المعيشة وتحقيق العمالة والمساواة في الاستفادة من النظام التجاري المتعددة الأطراف... إلخ، قد أدت إلى تعميق عدم المساواة وزيادة حدة الفقر ومعاناة الفقراء، مما جلب للمنظمة العالمية للتجارة وابلا من الانتقادات الحقوقية والإنسانية التي تم توجيهها من طرف منظمات ونشطاء حقوق الإنسان من خلال مجموعة من التقارير الدولية والبيانات والكتابات، وكذا الاحتجاجات التي ترافق انعقاد المؤتمرات الوزارية لهذه المنظمة.

قائمة المصادر

(1) سارة جوزيف Sarah Joseph: بروفيسورة ومديرة "مركز كاستان لحقوق الإنسان Castan Centre for Human Rights Law". وتتمثل اهتماماتها التعليمية والبحثية في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدستوري، وتشمل مجالات الاهتمام الخاصة كل من "العولمة الاقتصادية وحقوق الإنسان"، و"وسائل الإعلام وحقوق الإنسان". وللبروفيسورة "جوزيف" مجموعة من المؤلفات، فإضافة إلى الكتاب الذي اعتمدنا عليه في هذه الدراسة "اللوم على منظمة التجارة العالمية: نقد لحقوق الإنسان"، ألفت البروفيسورة "كتيب عن إجراءات الشكاوى الفردية في الأمم المتحدة" وغيره الكثير. كما أجرت البروفيسورة "جوزيف" أبحاثا لعدد من المنظمات، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومطبعة جامعة أكسفورد، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وإدارة النائب العام للكومنولث. لمزيد من التفاصيل انظر:
Official website of the MONASH University, Sarah Joseph, Personal profile. Available at:
https://research.monash.edu/en/persons/sarah-joseph
(2) Sarah Joseph, Blame it on the WTO?: a human rights critique, Oxford University Press, Inc., New York, 2011, p. 165.
Sarah Joseph, Op. Cit. p. 165.
(3) لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التعليق رقم 20: عدم التمييز في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الفقرة 2 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، وثيقة الأمم المتحدة رقم (E/C.12/GC/20)، 2 يوليوز 2009، ص، 1. متوفر على:
http://undocs.org/ar/E/C.12/GC/20
(4) الفقرة الأولى من ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(5) Nadia El Haouasse, Souveraineté de L État et Mondialisation, Thèse de Doctorat en Droit Public, Université des Sciences Sociales Toulouse 1, Année universitaire 2000-2001, p. 6.
(6) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 146.
وفي هذا الإطار، يشير البعض إلا أنه على الرغم من ظهور أنماط جديدة لقسيم العمل الدولي لم تكن معروفة، بفعل تطور النظام الاقتصادي العالمي، وبروز العولمة الاقتصادية كنمط يطبع العلاقات الاقتصادية الدولية، إلا أن هذا التقسيم الدولي الجديد للعمل قد احتفظ بجوهره القديم القائم على علاقة "الهيمنة- التبعية"، لكن مع إدخال بعض التغيرات على مستوى الإنتاج والتوزيع. وهذا لا يعني أن هذه التغيرات تخدم الدول النامية، بقدر ما هو خدمة لمصالح الدول المتقدمة الرأسمالية، وذلك بتحويل بعض التخصصات الصناعية إلى بعض المناطق الاستراتيجية للحفاظ على المزايا النسبية لهذه الصناعات بسبب وجود اليد العاملة والمواد الأولية بأثمان معقولة في هذه المناطق. انظر:
أحمد المومني، اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، أطروحة دكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، المغرب، السنة الجامعية 2010- 2011، ص ص، 36- 37.
(7) توماس كوتيير Thomas Cottier: سبق له أن شغل منصب المدير الإداري لمعهد التجارة العالمي، وعمل في فريق التفاوض السويسري في جولة أوروغواي للمفاوضات المتعددة الإطراف في إطار "الجات 47" من عام 1986 إلى عام 1993، كما عمل كعضو أو رئيس لعدد من لجان GATT وفيما بعد WTO، هو أستاذ فخري للقانون الاقتصادي الأوروبي والدولي في جامعة بيرن- سويسرا. لمزيد من التفاصيل انظر:
World Trade Institute, Prof. em. Thomas Cottier. Available at:
https://www.wti.org/institute/people/4/cottier-thomas/
(8) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 62.
(9) Ibid. Op. Cit. p. 145.
(10) Ibid. p. 68.
غير أن هذا القول لا يعني أن مهمة المنظمة العالمية للتجارة تكمن فقط في تطبيق ما تتوصل إليه مفاوضات الدول الأعضاء، بل على العكس من ذلك تضطلع هذه المنظمة بأدوار جد مهمة، خاصة استعراض السياسات التجارية للدول الأعضاء (عملا بالمرفق 3 لاتفاق مراكش حول آلية استعراض السياسات التجارية)، وتقديم المعونة الفنية والتقنية للدول، خاصة النامية، وغير ذلك من الأمور.
(11) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 63.
(12) Ibid. p. 88.
(13) نشير هنا إلى أن الهيئات ذات الصلة بالنسبة لاتفاقية SPS، هي كل من "الاتفاقية الدولية لحماية النباتات International Plant Protection Convention - IPPC" (فيما يتعلق بصحة النبات)، و"المنظمة العالمية لصحة الحيوان World Organisation for Animal Health - OIE" (فيما يتعلق بصحة الحيوان)، و"لجنة الدستور الغذائي" (فيما يتعلق بسلامة الأغذية)، ويطلق عليها مجتمعة ب"الأخوات الثلاث" لـ SPS. أما بالنسبة للهيئات ذات الصلة في اتفاق TBT فتشمل "المنظمة الدولية للمعايير International Standards Organization - ISO". انظر:
Sarah Joseph, Op. Cit. p. 63.
(14) يورجن كورتز Jürgen Kurtz: هو أستاذ للقانون الاقتصادي الدولي بمركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة (RSCAS) في الاتحاد الأوروبي اعتبارا من 1 يناير 2018، بعد أن كان يُدرِّس في كلية الحقوق بـ"جامعة ملبورن" في أستراليا منذ عام 2003. ولـ"كورتز" عدة أبحاث في مختلف فروع القانون الاقتصادي الدولي، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية وقانون الاستثمار الدولي. ولديه اهتمام خاص بتأثير نظم المعاهدات على الاستقلالية التنظيمية واستراتيجيات التنمية. لمزيد من التفاصيل انظر:
European University Institute, Professor of International Economic Law "Jürgen Kurtz". Available at:
https://www.eui.eu/DepartmentsAndCentres/Law/People/Professors/Kurtz
(15) نشير أيضا في هذا الإطار إلى أن ضعف مشاركة البلدان النامية والأقل نموا في الهيئات المذكورة أعلاه، أي المعنية بوضع المعايير الصحية أو المعايير التقنية، مرده أساسا إلى ضعف الإمكانيات المالية لهذه الدول، على اعتبار أن هذه الهيئات تمول أساسا من طرف المساهمات المالية للدول الأعضاء، فضلا عن عدم توفر البلدان النامية والأقل نموا على الخبرات التي يتطلبها وضع هذه المعايير، والمبنية على أسس علمية دقيقة. وبالتالي تتم السيطرة على هذه الهيئات ومخرجاتها من طرف الدول المتقدمة التي تميل إلى وضع معايير صحية وتقنية صارمة أمام التجارة والدولية. انظر:
Sarah Joseph, Op. Cit. p. 63.
(16) حقيقة، نشير إلى أن لجوء الدول المتقدمة إلى وضع معايير صارمة لدخول المنتجات الأجنبية لترابها الوطني يطرح إشكاليات عدة، فمن ناحية يحمل الأمر تقييدا لدخول المنتجات، خاصة من الدول النامية والأقل نموا، بما يضر بمنتجي هذه الدول ويؤثر سلبا على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ومن ناحية أخرى، نجد أن وضع هذه المعايير في كثير من الأحيان هو أمر له ما يبرره من ناحية حماية البيئة وحماية الحق في الصحة للمواطنين. ولعلنا هنا، أمام هذه الجدلية، نشير إلى تقرير البنك الدولي في سنة 2001، حينما وجد أن معايير SPS التي يفرضها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالأفلاتوكسين Aflatoxine (وهو عبارة عن سموم فطرية تنمو على المسكرات والحبوب والبقوليات، وهي ضارة بصحة الإنسان)، والتي تم وضعها فوق المعايير الدولية، من شأنها أن تقلل الصادرات الأفريقية من المكسرات والحبوب بنسبة 64%، بتكلفة قدرها 640 مليون دولار، وبالتالي فهذه المعايير تضر بالحق في العمل والحق في مستوى معيشي مناسب، لا سيما في ضوء محدودية قدرات الاقتصادات الأفريقية على التكيف. وفي الوقت نفسه، قدر البنك الدولي أن تدابير الأفلاتوكسين خفضت المخاطر الصحية بمقدار 1.4 وفيات لكل مليار في السنة (خاصة وأن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان وضعت الأفلاتوكسين على قائمة المسببات الأساسية للأورام السرطانية). انظر:
Sarah Joseph, Op. Cit. p. 88.
وأمام هذه الجدلية، لا يمكن للدول التضحية بحق مواطنيها في الصحة وفي البيئة النظيفة، لكننا نرى أن الدول المتقدمة تملك سبل التعامل الفعال مع هذه الإشكالية، وذلك بنقلها للتكنولوجيا والخبرات إلى الدول الفقيرة، بما يسهم في مساعدة هذه الأخيرة على الالتزام بمعايير حماية الصحة والبيئة والمعايير الأخرى، خاصة وأن الدول المتقدمة قد سبق لها وأن التزمت في إطار المنظمة العالمية للتجارة بمساعدة الدول النامية والأقل نموا في هذا السياق.
(17) Jean Tonglet, Les droits de l’homme sont-ils en danger?, Revue Quart Monde, N.186, 2003. Disponible à: https://editionsquartmonde.org/rqm/document.php?id=1933
(18) انظر على سبيل المثال: جي آر ماندل، العولمة والفقراء، ترجمة وليد شحاتة، شركة الحوار الثقافي، بيروت، لبنان، الطبعة العربية الأولى، 2004.
وانظر كذلك: ميشيل تشوسودوفيسكي، عولمة الفقر، ترجمة عبد الرحمان أياس، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، مارس 2016.
(19) توني أتكيسون Tony B. Atkinson: خبير اقتصادي مشهور، وأكاديمي بارز. وقد اشتهر بمناصرته لمواجهة الظلم والفقر وعدم المساواة. وقد ألف أزيد من 20 كتابا تم نشر أحدثها بعنوان "اللامساواة: ما الذي يمكن عمله؟" "Inequality: What Can be Done?" في عام 2015. وفي ديسمبر 2016، قدم"أتكيسون" تقرير لجنة الفقر العالمي التابعة للبنك الدولي، والتي كان يترأسها حينها. لمزيد من التفاصيل انظر:
University of Oxford, Professor Sir Tony Atkinson, 1944 -2017. Available at:
https://www.oxfordmartin.ox.ac.uk/news/201701_Tony_Atkinson
(20) حدد "tony Atkinson" ثلاث سمات رئيسية للاستبعاد الاجتماعي، وهي كالآتي:
- النسبية: لا يمكن تقدير الاستبعاد إلا بمقارنة ظروف بعض الأفراد (أو الجماعات أو المجتمعات) بظروف غيرهم، في مكان وزمان محددين.
- الطرف المسبب: يستبعد الأشخاص بفعل أطراف مُسبِّبَة.
- الدينامية: لا يمكن أن تظهر خصائص الاستبعاد (وآثاره السلبية) إلا مع مرور الوقت في شكل استجابة تراكمية. انظر:
تقرير الخبير المستقل المعني بمسألة حقوق الإنسان والفقر المدقع (السيد "أرجون سينغوبتا")، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، وثيقة الأمم المتحدة رقم (A/HRC/7/15)، 28 فبراير 2008، الفقرة 47، ص، 12. متوفر على:
http://undocs.org/ar/A/HRC/7/15
(21) توماس بوغي Thomas Pogge: من مواليد مدينة هامبورغ بألمانيا بتاريخ 13 غشت 1953، حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفارد، ويشغل عدة مناصب، من بينها: أستاذ الفلسفة والشؤون الدولية بجامعة ييل "Yale University". وله عدة منشورات، من بينها: "التحرر من الفقر كحق من حقوق الإنسان" و"كيف لا نحسب الفقراء"، وكتاب "الفقر العالمي وحقوق الإنسان World Poverty and Human Rights" الذي يعتبر من أهم كتبه في قضية العدالة العالمية وعدم المساواة. لمزيد من التفاصيل انظر:
Official website of the Carnegie Council for Ethics in International Affairs, Thomas Pogge, Yale University. Available at: https://www.carnegiecouncil.org/people/thomas-pogge
(22) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 146.
(23) إذ نجد مثلا أولئك المتشبعين بالفكر الليبرالي الجديد، الداعين إلى حرية السوق وعدم تدخل الدولة في المجال الاقتصادي بترك الحرية للأفراد، والقائلين أيضا بحيادية السوق، يعتبرون أن العيش في الفقر مرده للفقراء أنفسهم، وليس لطرف مسبب. إذ أنهم، أي الفقراء، لا يبادرون للاستفادة على النحو اللازم من الإمكانيات التي يتيحها اقتصاد العولمة، كما أنهم يميلون إلى كسب قوتهم من مجالات غير مهيكلة والاشتغال في القطاعات غير الرسمية، مما يجعلهم عرضة للصدمات الاقتصادية التي قد تزج بهم في براتين الفقر المدقع.
(24) Éric Toussaint, Hugo Ruiz Diaz, Le FMI, la Banque mondiale et le respect des droits humains, publié par le Comité pour l’Annulation de la Dette du Tiers-Monde (CADTM), 19 mai 2005, p. 12. Disponible à:
http://www.cadtm.org/Le-FMI-la-Banque-mondiale-et-le
- إريك توسان Éric Toussaint: أستاذ العلوم السياسية بجامعتي "لييج" و"باريس 8"، وعضو المجلس العلمي لمنظمة "ATTAC France".
- هيجو رويز دياز Hugo Ruiz Diaz: محامي وخبير في القانون الدولي للعلاقات الاقتصادية والتجارية.
انظر في ذلك الموقع الرسمي للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية (CADTM):
http://www.cadtm.org/Le-FMI-la-Banque-mondiale-et-le
(25) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 142.
(26) تتمثل الحريات الأربعة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي "فرنكلين روزفلت" في خطابه المذكور، في: حرية التعبير، وحرية العبادة، والتحرر من العوز، والتحرر من الخوف.
(27) Sarah Joseph, Op. Cit., p. 143.
(28) يوزو يوكوتا Yozo Yokota: من مواليد 1940 بنيويورك، وهو أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بـ"جامعة تشو" في طوكيو (Université Chuo à Tokyo). وخبير في لجنة الأمم المتحدة الفرعية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وشارك في صياغة التقرير عن "الفقر المدقع وحقوق الإنسان: حقوق الفقراء". لمزيد من التفاصل انظر:
Yozo Yokota, Une approche basée sur le droit, Revue Quart Monde, N. 205-206, 2008. Disponible à:
https://www.editionsquartmonde.org/rqm/document.php?id=1974
(29) Ibid.
(30) Ibid.
(31) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 143.
(32) الموقع الرسمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان: https://www.ohchr.org/ar/Issues/Poverty/Pages/SRExtremePovertyIndex.aspx
(33) نشير هنا إلى أن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ذكرت، من خلال البيان الذي اعتمدته في 4 ماي 2001، على أنه "يمكن تعريف الفقر باعتباره حالة إنسانية تتميز بالحرمان المستمر أو المزمن من الموارد والقدرات والخيارات والأمن والسلطة اللازمة للتمتع بمستوى معيشي لائق وغير ذلك من الحقوق المدنية والثقافية والحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وبينما تقر اللجنة بأنه لا يوجد تعريف مقبول عالميا، إلا أنها تؤيد هذا الفهم متعدد الأبعاد للفقر، والذي يعكس الطبيعة غير القابلة للتجزئة والمترابطة لجميع حقوق الإنسان". انظر:
Committee on Economic, Social and Cultural Rights, Poverty and the InternatIonal Covenant on Economic, Social and Cultural Rights, UN Doc. (E/C.12/2001/10), 10 May 2001, Para. 8, pp. 2 - 3. Available at:
http://undocs.org/en/E/C.12/2001/10
(34) الموقع الرسمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان، مرجع سابق.
(35) المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، تقرير البنك الدولي عن إحصاءات الفقر، وثيقة الأمم المتحدة رقم (E/CN.3/2018/23)، 21 دجنبر 2017، ص، 12. متوفر على: https://undocs.org/ar/E/CN.3/2018/23
(36) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 144.
(37) في هذا الإطار، توصل كل من البنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة في التقرير المشترك حول "دور التجارة في إنهاء الفقر"، الذي قدمه في 30 يونيو 2015 كل من "جيم يونغ كيم Jim Yong Kim" - المدير العام للبنك الدولي، و"روبرتو أزيفيدو Roberto Azevêdo" - المدير العام للمنظمة العالمية للتجارة، بمناسبة الاستعراض العالمي الخامس للمنظمة العالمية للتجارة حول المعونة من أجل التجارة، إلى نتائج وصفت تحرير التجارة العالمية بكونها ليست فقط عاملا رئيسيا في تيسير النمو في البلدان النامية، ولكن أيضا من شأنها التغلب بشكل أكثر فعالية على القيود التي يواجهها الفقراء المدقعين، بما يسهم في تقليل نسب الفقر، بحيث ساعدت التجارة في زيادة عدد ونوعية الوظائف في البلدان النامية، وحفزت النمو الاقتصادي، وقادت إلى زيادة الإنتاجية، خاصة في مجال الزراعة بالأرياف، بما يسهم في تقليل نسب معدلات الفقر بالمناطق الريفية التي تعرف انتشار الفقر المدقع بنسب عالية.
وفي نفس الوقت، اعترف التقرير نفسه بكون الفقراء المدقعين يواجهون العديد من القيود التي تحد من قدرتهم على الاستفادة من المكاسب الاقتصادية. ولا يُعْزي التقرير هذا الأمر إلى عيوب النظام التجاري المتعدد الأطراف، وإنما يُعْزيه إلى الهشاشة والصراع وانعدام المساواة بين الجنسين وغير ذلك من الأمور في بعض الدول الفقيرة، وخاصة في المناطق الريفية، على اعتبار أن الفقر، حسب التقرير، هو ظاهرة ريفية ملفتة للنظر. انظر:
World Bank Group and World Trade Organization, Report on: The Role of Trade in Ending Poverty, World Trade Organization, Geneva, 2015, pp. 21- 39. Available at:
https://www.wto.org/english/res_e/booksp_e/worldbankandwto15_e.pdf
(38) منظمة أوكسفام الدولية "Oxfam International"، هي اتحاد دولي يضم 19 منظمة، وتعمل مع الشركاء والمجتمعات المحلية في أكثر من 90 دولة. يتمثل هدفها الأساس في النضال من أجل محاربة الفقر وإيجاد حلول لمعاناة الفقراء. وشعارها الأساسي "سلطة المواطن ضد الفقر The power of people against poverty". انظر:
Site officiel de Oxfam, Paragraphe Qui sommes-nous?. Disponible à:
https://www.oxfam.org/fr/qui-sommes-nous
(39) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 143.
(40) Ibid. pp. 144 -145.
(41) Ibid. pp. 143 -144.
(42) Ibid.
(43) World Bank Group and World Trade Organization, Report on: The Role of Trade in Ending Poverty, Op. Cit. p. 39.
(44) Duncan Green, From Poverty to Power, Published by Practical Action Publishing Ltd in association with Oxfam GB, Second Edition, 2012, p. 260. Available at:
https://www.oxfamamerica.org/static/media/files/From_Poverty_to_Power_2nd_Edition.pdf
(45) فقد اعترف "باسكال لامي" بأن قواعد المنظمة العالمية للتجارة تفضل الدول الغنية والدول القوية اقتصاديا على الدول الفقيرة والدول التي لا تتمتع بقدرات نسبية. انظر:
Sarah Joseph, Op. Cit. p. 64.
ونشير هنا إلى أن مواقف "باسكال لامي" المناصرة للدول الفقيرة في مجال التجارة الدولية، جعلت العديدين يصفونه بالرجل المناهض للعولمة الاقتصادية من داخل مؤسساتها.
(46) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 146.
(47) Ibid.
(48) Duncan Green, Op. Cit. p. 260.
(49) Ibid. p. 263.
(50) نشير هنا إلى أن نفقات الحكومة الأمريكية لدعم القطن بين سنتي 2001 و 2010 بلغت حوالي 26.4 مليار دولار، والإعانات تسببت بأكثر من 1.6 مليار دولار في الإيرادات المفقودة في 12 بلدا من البلدان المنتجة للقطن في غرب ووسط أفريقيا خلال الفترة نفسها. انظر:
Duncan Green, Op. Cit. p. 263.
(51) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 125. See also:
Duncan Green, Op. Cit. pp. 260 -261.
(52) World Bank Group and World Trade Organization, Report on: The Role of Trade in Ending Poverty, Op. Cit. p. 39.
(53) Duncan Green, Op. Cit. pp. 260 -262.
(54) Ibid.
(55) Sarah Joseph, Op. Cit. p. 146.
(56) صلاح الدين بوجلال، حماية حقوق الإنسان في ظل عولمة الاقتصاد: دراسة في قانون المنظمة العالمية للتجارة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخظر- باتنة، الجزائر، السنة الجامعية 2011- 2012، ص، 185.
(57) نفس المرجع، ص، 185.
(58) الموقع الرسمي لمجموعة البنك الدولي، فقرة فهم الفقر، المواضيع الرئيسية، المساواة بين الجنسين، وفق تحديث 28 شتنبر 2018. متوفر على: http://www.albankaldawli.org/ar/topic/gender/overview
ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن إحصاءات الفقر في إطار البنك الدولي تبقى مرتبطة بتعريف البنك الدولي للفقر ، والقائم أساسا على الدخل، وهو معيار غير متفق عليه بين باقي الفاعلين الدوليين، على اعتبار أن الفقر كما تعترف بذلك منظمة الأمم المتحدة مثلا هو متعدد الأبعاد ولا يمكن حصره في الدخل. وبذلك فإن نسب الفقر هي أعلى بكثير عن الإحصاءات التي يقدمها البنك الدولي.
(59) نشير هنا إلى أن التكتلات الاقتصادية التي تتم خارج المنظمة العالمية للتجارة تحمل تهديدات على متطلبات إعمال حقوق الإنسان والتمتع الفعلي بها أكثر من التهديدات التي تحملها المنظمة العالمية للتجارة، إذ أن هذه الأخيرة تدير قواعد تجارية معروفة، وعلى الرغم من اتهامها بكونها غير عادلة إلا انها توفر نوعا من الأمن التجاري بالنسبة للدول، فقد تُمنع الممارسات الانفرادية للدول القوية بتوفر المنظمة على جهاز لتسوية المنازعات تحترم عادة الدول قراراته. أما التكتلات الاقتصادية خارج إطار المنظمة العالمية للتجارة، فعادة ما تدير قواعد أكثر صرامة من تلك التي تفرضها المنظمة العالمية للتجارة نفسها، وفي إطارها تتوصل الدول القوية إلى تنازلات من جانب الدول النامية لم تكن لتتوصل إليها في إطار المنظمة العالمية للتجارة.
(60) Nisar Mohammad bin Ahmad, The Economic Globalisation and its Threat to Human Rights, International Journal of Business and Social Science, Vol. 2 No. 19, Special Issue, October 2011, p. 276. Available at: http://www.ijbssnet.com/journals/Vol_2_No_19_Special_Issue_October_2011/33.pdf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا