الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكاء الاصطناعي

فهد المضحكي

2023 / 6 / 24
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر


لا يخفى على أحد اليوم أن التكنولوجيا تنمو بشكل مذهل بمرور الوقت، وأن العديد من الأدوات الجديدة متعددة الاستخدام تولّد كل يوم، مسهمة في تسهيل مهام لا حصر لها للبشرية. إحدى هذه الأدوات، هي أداة تكنولوجية تطورت كثيرا في الآونة الأخيرة، ورغم كونها لم تكن أكثر من مجرد حلم بعيد أو خيال علمي حتى عقود قليلة مضت، إلا أننا اليوم يمكننا رؤيتها كحقيقة مخيفة بشكل متزايد. تلك الأداة هي الذكاء الاصطناعي. ثمة ورقة علمية أشار إليها موقع «Masaar» للعالم الأمريكي في مجال الحاسوب جون مكارثي - والد الذكاء الاصطناعي - صدرت قبل عدة سنوات، عنوانها «الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي»، بداية تعرف الذكاء الاصطناعي على أنه «علم وهندسة صناعة الآلات الذكية، وخاصة برامج الكمبيوتر الذكية. أنه مرتبط بالمهمة المتمثلة في استخدام أجهزة الكمبيوتر لفهم الذكاء البشري، لكن لا يتعين على الذكاء الاصطناعي أن يقتصر على الأساليب التي يمكن ملاحظتها بيولوجيا». تقول الورقة، يسمح لنا الذكاء الاصطناعي اليوم بمعالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة. تساعد هذه الحسابات على فهم اتجاهات السوق والرأي العام والتغيرات الجوية. شهد تطبيق الذكاء الاصطناعي على الروبوتات تطورات كبيرة في الطب، والتنبؤ والتحليل، وتحسين الكفاءة والتعليم، والتجارة الإلكترونية، والأمن والسلامة، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وأتمتة المنازل. لقد غيرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي هذه حياتنا اليومية ومنازلنا وتفاعلاتنا مع الأخرين، ومع ذلك، يوصف الذكاء الاصطناعي الموجود حاليًا بأنه ضيق أو ضعيف؛ لأن جزءًا صغيرًا فقط هو ما يتم استغلاله. لاتزال هذه الأداة التكنولوجية قيد التطوير، وعلى الرغم من أن تحقيق اكتمالها بنجاح سيكون أحد أعظم الإنجازات في تاريخ البشرية، إلا أن ذلك لن يكون بالضرورة لصالحنا. فرغم أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه لإنهاء الحروب أو القضاء على الأمراض، إلا أن بإمكانه إنشاء آلات قتل مستقلة أو زيادة البطالة أو تسهيل الهجمات الإرهابية.

تلقي الورقة الضوء على أكبر المخاطر والآثار السلبية المحيطة بالذكاء الاصطناعي، والتي يخشى الكثيرون أنها توشك أن تصبح حقيقة واقعية، وتشمل هذه الآثار السلبية: البطالة، والتحيز، والإرهاب، والمخاطر المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، وغيرها. ووفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، نستنتج أنه مع التطور المنخفض للذكاء الاصطناعي حاليًا، يمكن أن تتأثر 14% من الوظائف في العالم بظهور الذكاء الاصطناعي. في حين توضح المنظمة أن بعض المهن تميل إلى التأثر بالذكاء الاصطناعي أكثر من غيرها. وقد أنشأت فئات لشرح هذا التأثير، من «الأقل تعرضًا» إلى «الأكثر تعرضًا». يسلط التقرير الضوء أيضًا على بعض المجالات التي تندرج تحت الفئة الأكثر تعرضًا، وهي في الغالب وظائف تتطلب أشخاصًا ذوي مهارات عالية يشاركون في وظائف فنية مثل فني المختبرات السريرية وفني البصريات والمهندسين الكيميائيين. ومع ذلك، فقد لوحظ أيضًا جانب إيجابي لجلب الذكاء الاصطناعي إلى هذه الوظائف، إذ لاحظ الأشخاص المنخرطون في وظائف الفئة الأكثر تعرضًا، حدوث تغيير في الطريقة التي يؤدون بها وظائفهم الآن؛ أدى هذا التغيير إلى جعل وظائفهم اليدوية أسهل وأدى كذلك إلى زيادة في الأجور وفي التعليم. وقد وجد أيضًا أن الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي ليس قريبًا من استبدال القوى العاملة ولكنه يضيف إلى إنتاجه العمال. فيمكن ملاحظة الدراسات التي قدمتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تزال منقسمة بشأن الذكاء الاصطناعي على التوظيف والأجور. تؤكد الورقة على أنه لايزال هناك عالم كامل من عدم اليقين بشأن تأثير محتمل لذكاء اصطناعي أكثر تطورًا على العرض والطلب على الوظائف. هناك احتمال أن يعني هذا مزيدًا من الإنتاجية ورواتب أعلى للبعض، ولكن من ناحية أخرى، فإن الخطر الذي سيترتب على البعض الآخر سيكون ملموسًا إذا سمح بأتمتة عمليات معينة، ما يجعل تدخل الإنسان فيها محدودا، ما يعني إنهاء وظائفهم. توصلت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن التكنولوجيا سوف تحل محل الإنسان في القيام بجميع الأعمال البشرية خلال ما يزيد قليلا عن قرن من الزمان. ويتوقع معهد ماكينزي العالمي عن الأتمتة أن العالم سوف يشهد فقدان ثلثي سكان العالم لوظائفهم، نحو 800 مليون وظيفة، بسبب الأتمتة بحلول عام 2030.

تشير رؤية مكارثي إلى أن التحيز هو سلوك تمييزي أو تحامل موجود في شخص ما، وبما أن الذكاء الاصطناعي من صنع البشر؛ فهو ل ايخلو من التحيز. أثناء البرمجة، قد ينشئ المبرمجون خوارزمية تحمل التحيزات الشخصية الخاصة بهم. قد يفعلون ذلك بوعي أو دون وعي، ولكن في كلتا الحالتين، يمكن ملاحظة مدى معين من هذا التحيز في الخوارزمية، ما يجعلها غير عادلة. يقول المختصون، يمكن للتحيز أن يجد طريقه إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي بعدة طرق من خلال خوارزمياتها. تتعلم أنظمة الذكاء الاصطناعي من بيانات التدريب، والتي تتعلم من خلالها اتخاذ القرارات. قد تحتوي هذه البيانات على قرارات بشرية متحيزة أو تمثل عدم مساواة تاريخية أو اجتماعية. وهكذا يمكن أن يدخل التحيز مباشرة من برمجة الإنسان الذي يصمم النظام، بناءً على تحيزاته الخاصة. لا يقصد هنا إنكار إمكانية تطور نظام ذكاء اصطناعي خال تماما من التحيز، لأن من الممكن فعلًا بناء نظام يتخذ قرارات محايدة بناءً على البيانات، لكنه لن يكون محايدًا إلا بقدر جودة البيانات المدخلة فيه، وبالتالي لا يتوقع أن يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى الحياد التام في أي وقت قريب.

لقد لخصت الورقة علاقة الذكاء الاصطناعي بالإرهاب في عبارة واضحة، إذ أشارت إلى أن الإرهاب على وجه الخصوص، تطور مع الإنترنت والشبكات الاجتماعية، التي أصبحت لا غنى عنها بالنسبة لهم؛ كان ذلك لتجنيد المتابعين أو شراء الأسلحة أو نشر رسائل الكراهية أو البرامج التعليمية وغيرها. كما تم استخدامه لإنشاء أسلحة لاستهداف مجموعة ما على وجه التحديد عن طريق التعرف عليها والقيام بالهجمات ضدها. لجأت الجماعات الإرهابية إلى الذكاء الاصطناعي لأنه زاد من انتشارها وسرعتها؛ فهو يسمح لها بتوسيع نطاق أنشطتها وقد أثبت أيضًا أنه مفيد لأغراض التجنيد. أصدر مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب تقريرًا عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الجماعات الإرهابية. يذكر التقرير أن الإرهابيين لطالما اختاروا أن يكونوا من أوائل من تبنوا التقنيات الجديدة، خاصة عندما تظهر دون أن تكون منظمة أو محكومة بدرجة عالية. وبالتالي، بينما يتم تطوير أدوات تكنولوجية جديدة تسعى إلى نتطور كبشر، أو تساعد في تنميتنا أو الحفاظ على وجودنا كجنس بشري، يحصل الإرهابيون على أدوات جديدة للتلاعب بها واستخدامها كأسلحة لنشر الرعب، والذكاء الاصطناعي ليس استثناءً. ومن ناحية أخرى، لا يمكن إنكار إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لمكافحة الإرهاب والتطرف، إذ ساعد الذكاء الاصطناعي بشكل خاص في تنفيذ هجمات مكافحة الإرهاب بسبب قدرته على التنبؤ بالحركات الإرهابية. كما يتم تعقب الجماعات الإرهابية عن طريق استخدام التكنولوجيا التي تستخدمها هذه الجماعات الإرهابية لتنفيذ الهجمات، وبالتالي منع عملياتهم المخطط لها مسبقًا إلى حد. لذلك، يمكن القول إن للذكاء الاصطناعي اليوم ومستقبلا أهمية كبيرة فيما يتعلق بالإرهاب، سواءً بشكل إيجابي أو سلبي. سيعتمد كل شيء على التطوير والتطبيق، ومن بإمكانه الوصول إلى هذه الأنظمة، ومدى فعالية وكفاءة الحكومات في تنظيم استخدمها.

تناول مكارثي قضية تقيد حرية الرأي والتعبير باستخدام الذكاء الاصطناعي، فذكر، اليوم، تتلقى معظم المعلومات عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن لمنصات التواصل الاجتماعية أو الأطراف الوسطاء التحكم في ما نستهلكه، ولذلك، فإننا في بعض الأحيان لا نكون قادرين على اتخاذ قرار مستنير بسبب السرد المتحيز المقدم لنا من هذه المنصات، ما يؤثر على حريتنا في الكلام والتعبير. وعلى الرغم من أن هذه القضايا تبدو للوهلة الأولى غير ذات صلة، إلا أن نظرة مقربة فاحصة تكشف العلاقة الوثيقة ين الذكاء الاصطناعي وحرية التعبير. في الوقت الحالي، تشكل الأدوات التكنولوجية الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع المعلومات وطريقة وصولها إليها وممارستهم حريتهم في التعبير. يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على كيفية تنفيذ الأشخاص لهذه الأنشطة، من خلال محركات البحث أو شبكات التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال. وبالمثل، فيما يتعلق بالوصول إلى المعلومات التي يبنى الأشخاص اعتمادًا عليها أفكارهم الخاصة، فإن الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لها تأثير كبير على إمداد الأخبار، صانعة بطريقة أو بأخرى، آراء وقرارات مجتمعات بأكملها بناءً على رغبات مبرمجيها. وهذا هو السبب في وجود الخطر الكامن المتمثل في كون مجموعة صغيرة من الشركات هي التي تتلاعب، باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، بالمعلومات التي يتم نشرها عبر المواقع الإخبارية ورسائل البريد الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها. وهذا أمر مقلق، خصوصا حين نتحدث عن أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الشفافية القليلة أو معدومة الشفافية، والتي يمكن أن تستبعد أو تؤكد المعلومات الهامة أو الحساسة بشكل انتقائي، وبالتالي التلاعب في عملية صنع القرار في مجتمع ما من جذورها، المجتمع الذي يمكن أن يكون كبيرا كمدينة أو بلد أو قارة بأكملها. خلاصة الورقة، ترى للتخفيف من المخاطر الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، نحتاج إلى القيام بدور أكثر فعالية في تطويره، يمكن الاستجابة لهذه التحديات من خلال النزعة الإنسانية للتكنولوجيا، التي تضع الإنسان في صميم الجهد، وعلى الرغم من أن هذا يبدو متناقضا؛ إلا أنك إذا كنت تريد أن تضع الإنسان في مركز الاهتمامات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في حياتنا، فإننا لا يمكننا أن تفشل في تصميم سياسة روبورت توجه تطورنا بطريقة تنافسية وصارمة وشاملة في نفس الوقت. يعمل هذا على تقليل الفجوات لا بين الإنسان والآلة فحسب، بل وبين الأشخاص أنفسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي... مبادرات عديدة للإضاءة على ا


.. طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع




.. بعد تشخيص إصابته بالسرطان.. قصر باكنغهام: الملك تشارلز يعود


.. ازدحام شديد للحصول على مياه الشرب في مخيم للنازحين غرب دير ا




.. مش مصدقين التكنولوجيا هتودينا فين..خالد أبو بكر عن مشروعات ش