الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوتيريش ينفي أي وجود للبوليساريو قبل 1975

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2023 / 6 / 25
السياسة والعلاقات الدولية


في أحدث كشف له، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن جبهة البوليساريو الانفصالية هي وافد جديد على نزاع الصحراء الغربية لأنها لم تكن موجودة قبل عام 1975، مؤكدا أن النقاش الدائر تاريخيا حول وضع المنطقة المتنازع عليها في البداية كان يتعلق فقط بالمغرب وموريتانيا.
قال غوتيريش ،يوم أمس الجمعة، إن جذور الصراع تعود إلى الوقت الذي تخلت فيه إسبانيا عن السيطرة على الإقليم وتوصلت إلى اتفاق يقضي بتقاسم المنطقة بين المغرب وموريتانيا، دون السماح بأي شكل من أشكال تقرير المصير.
وأوضح أن "الوضع في الصحراء الغربية نشأ عندما تخلت إسبانيا عن الإقليم، وأبرمت إسبانيا اتفاقية لتقاسم المنطقة بين المغرب وموريتانيا دون أي تقرير مصير".
وأضاف أن "موريتانيا أدركت وجود مشاكل وانسحبت" مع استمرار المغرب في مطالبته بالصحراء الغربية وكونه الوجود الوحيد في المنطقة.
ومع ذلك، فإن المسكوت عنه في تصريحات غوتيريش هي حقيقة أن اتفاقية 14 نوفمبر الثلاثية الموقعة بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا قد تم توقيعها في إطار قرارات مجلس الأمن 377 في يوم 22 أكتوبر، و 379 في يوم نوفمبر 1975، و 380 في يوم 6 نوفمبر.
وطالبت هذه القرارات الأمين العام والأطراف المعنية والمهتمين بالتوصل إلى تسوية تفاوضية للنزاع. وفقا للمادة 2 من الاتفاقية، تم التوصل إلى هذا الأخيرة "بما يتوافق مع التحديد المذكور أعلاه ووفقا للمفاوضات التي دعت إليها الأمم المتحدة مع الأطراف المتضررة". تم التصديق على الاتفاقية الثلاثية من قبل الحكومة الإسبانية يوم 19 نوفمبر 1975 وتم إيداعها لدى الأمم المتحدة يوم 9 ديسمبر من نفس العام.
من جهتها، لم تنسحب موريتانيا من الإقليم إلا في أعقاب الانقلاب العسكري ضد مختار أول داداه، أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، ما دل على أن موريتانيا أُجبرت على التخلي عن مطالبها بالصحراء لأنها لم تستطع الاستمرار في الصمود أمام حرب عصابات لا هوادة فيها شنت بإيعاز جبهة البوليساريو والنظام الجزائري.
بفضل الدعم العسكري والمالي واللوجستي للجزائر، سرعان ما نمت وتقوت جبهة البوليساريو، وظهرت باعتبارها المجموعة الانفصالية الرائدة التي تدعو إلى استقلال الصحراء المغربية. وفي ذروة التوتر بين المغرب وإسبانيا في أكتوبر 1975، كانت مدريد لا تزال مترددة في التوصل إلى تسوية تفاوضية مع الرباط، لأن وزير الخارجية الإسباني، بيدرو كورتينا، سعى إلى التنسيق مع الجزائر لإقامة دولة مستقلة في الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها.
أشارت مذكرة سرية لوكالة المخابرات المركزية بتاريخ 29 أكتوبر 1975 إلى أنه بغض النظر عن الاتفاق الذي قد تتوصل إليه إسبانيا مع المغرب، فإن الجزائر، التي كانت مصرة على منع المغرب من استعادة السيطرة على الصحراء، كانت "حجر العثرة الرئيسي في طريق التوصل إلى حل مبكر للنزاع".
كما أكدت مذكرة أخرى لوكالة المخابرات المركزية، بتاريخ 19 أكتوبر 1978، الدور الأساسي للجزائر في خلق وإطالة النزاع الإقليمي، مشيرة إلى أن "المفاوضات المطولة فقط هي التي من المرجح أن تجد حلاً للصراع حول الصحراء، والذي هو جزء من التنافس التاريخي. بين الجزائر والرباط من أجل الظهور كقوة إقليمية في شمال غرب إفريقيا".
في تصريحاته يوم الجمعة، أشار غوتيريش إلى أن المغرب أقام جدارا داخل الإقليم، تاركا جزء من الجهة الغربية دون وجود مغربي فعال.
أدلى الأمين العام للأمم المتحدة بهذه التصريحات خلال القمة العالمية في باريس ردا على سؤال إحدى المشاركات حول "لماذا لا يزال موضوع الصحراء محجوبا في الأمم المتحدة اليوم؟" على الرغم من جهود المغرب لحل الخلاف والتأييد الدولي لخطة الحكم الذاتي المغربية.
أوضح جوتيريس أن مشكلة الصحراء الغربية ليست في طريق مسدود بسبب الأمم المتحدة بل بسبب أولئك الذين يعرقلون باستمرار تقدمها، مشيرا إلى الجزائر ودعمها لجبهة البوليساريو.
وشدد على أن "المشكلة لم تعترضها الأمم المتحدة (...) بل هي محاصرة من قبل أولئك الذين يعرقلونها"، في ضربة موجعة لأولئك الذين يعارضون وحدة أراضي المغرب.
هذه المرة، ليس عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، هو الذي يشرح لنظرائه المعتمدين في نيويورك أن إنهاء استعمار الصحراء المغربية قد تم بشكل نهائي في عام 1975، ولكنه الأمين العام للأمم المتحدة نفسه.
في يوم الجمعة 23 يونيو، داخل مدرج مكتظ بمعهد "ساينس بو" المرموق في باريس، أكد أنطونيو جوتيريس أن الصحراء الغربية قد تم إنهاء استعمارها سلميا في عام 1975، في حين أن البوليساريو لا تزال غير معروفة.
على هامش زيارته إلى باريس، حيث شارك في "قمة المناخ من أجل ميثاق مالي عالمي" (22-23 يونيو)، كان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ضيفا على معهد العلوم السياسية في باريس. في مواجهة مجموعة من الأساتذة وطلابهم من جميع أنحاء العالم الذين يواصلون دراستهم في هذا المكان الرفيع من أجل تكوين رفيع المستوى، حظي به في السابق العديد من صانعي القرار في هذا العالم، شارك غوتيريس جمهوره، لأزيد من ساعة، قناعاته ورؤااه حول القضايا الدولية المعاصرة، بما فيها النزاع الذي نشأ حول الصحراء المغربية.
يبدو أن الطالبة التي استجوبته بشأن الصحراء تدرك جيدا تطور هذا الملف، لأنها فوجئت أنه منذ عام 2007 كان هناك اقتراح بالحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، مع الاحترام الكامل لجميع قرارات الأمم المتحدة ودعمه من قبل العديد من الدول التي اعتبرته جادا ومعقولا. لكي تكون الأمم المتحدة جادة وذات مصداقية ، نجد أن الأمم المتحدة تتلكأ وتعترض أي حل. رد عليها أنطونيو غوتيريش دبلوماسياً بأنه ليست الأمم المتحدة هي التي تقف وراء إعاقة تنفيذ الحل لهذا النزاع، حيث قال: "هذه المشكلة يعرقلها من يعرقلها"، في إشارة واضحة إلى الجزائر ومحمييها الانفصاليين.
وأضاف غوتيريش أن الصحراء قد تم إنهاء استعمارها في عام 1975 بعد اتفاق ثلاثي بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا. في الواقع، فقط بعد هذا الإنهاء للاستعمار، تم إخراج البوليساريو من العدم على يد جزائر هواري بومدين وليبيا معمر القذافي. من خلال التأكيد على أنه تزامنا مع مغادرة الصحراء الأطلسية قد حان، تركت إسبانيا الملف في يد المغرب وموريتانيا، لم يقل أنطونيو غوتيريش بصوت عالٍ سوى ما يعرفه الجميع: البوليساريو مصنوعة يدوية أتى ظهورها بعد إنهاء استعمار الصحراء المغربية.
بالإضافة إلى ذلك، سلط غوتيريش الضوء على جهود الأمم المتحدة للحفاظ على السلام في المنطقة، مشيرا إلى جهود المبعوث الأممي الخاص للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا، لا سيما في أعقاب أحداث الكركرات في عام 2019.
أدت هذه الأحداث إلى سيطرة المغرب القوية على المعبر الحدودي المغربي الموريتاني بعد أن شنت عناصر انفصالية هجمات على المنطقة العازلة، حيث قامت ميليشيات البوليساريو بإغلاقها بشكل غير قانوني.
ردا على ذلك، اتخذت القوات المسلحة الملكية المغربية إجراءات لتأمين مركز الكركرات الحدودي والسماح باستئناف حركة المرور. تلقى المغرب دعما دوليا واسع النطاق في أعقاب المواجهة القصيرة الأمد في الكركرات أواخر عام 2020، حيث أيدت عدة دول ومنظمات دولية تحرك المملكة لدرء استفزازات البوليساريو والحفاظ على وحدة أراضيه.
وقال غوتيري: "لسوء الحظ، أصبح الوضع أكثر تعقيدا بعد حادثة الكركرات"، مسلطا الضوء على التحديات التي تفرضها جبهة البوليساريو وتأثيرها على تحقيق حل سلمي في المنطقة.
وحذر غوتيريش من أن "الوضع خطير لأن هناك صراعا منخفض الحدة، ولكن على أي حال، هناك صراع مستمر".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة نشرت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمنع أي مواجهة مباشرة. ومع ذلك، أدت الأحداث الأخيرة، بقيادة البوليساريو، إلى تعقيد عمليات المينورسو وأعاقت تنفيذ ولايتها.
في السنوات الأخيرة، كان المغرب يتمتع بدعم دولي متزايد لوحدة أراضيه، حيث أشادت عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسبانيا وسويسرا، من بين دول أخرى، بجهود المغرب لإنهاء النزاع المستمر منذ عقود وتحقيق السلام في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فتحت العديد من الدول من إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم تمثيلات دبلوماسية في المناطق الجنوبية للمغرب، معربة عن دعمها لسيادة البلاد على الصحراء.
يمكن لنا أن نستنتج أن الأمين العام للأمم المتحدة ومحاورته في "ساينس بو" بباريس متفقان على الشكل الحالي للملف. فمن ناحية، اقترح المغرب حلاً له ميزة الاستجابة لمصالح جميع الأطراف، وقد أيده مجلس الأمن من خلال جميع قراراته الأخيرة الداعية إلى حل سياسي وواقعي. ومن ناحية أخرى، تتمسك الجزائر وجبهة البوليساريو باستفتاء تقرير المصير الذي حاولت الأمم المتحدة لفترة من الوقت تنفيذه، قبل التخلي عنه بشكل نهائي، مع الاعتراف بأنه غير قابل للتحقيق.
فضلا عن ذلك، استبعد أنطونيو غوتيريش نفسه أي إمكانية للعودة إلى مسار استفتاء تقرير المصير، موضحا أن دور بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الأقاليم الصحراوية هو ضمان الامتثال لوقف إطلاق النار عام 1991، حتى لو انتهكت البوليساريو هذا الأخير ، وتم طردها بشكل نهائي من الكركرات في نوفمبر 2020 ، يعتقد غوتيريش أن الصراع الحالي تعتبره الأمم المتحدة " منخفض الحدة ".
استنادا إلى ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، تتمثل مهمة المينورسو فقط في ضمان احترام وقف إطلاق النار وليس في تنظيم استفتاء مستحيل لا تتذكره سوى الجزائر وطفلها المدلل غير الشرعي مرة أخرى.
من الواضح أن هذا الخروج الإعلامي الذي بدر من أنطونيو غوتيريش وضع الصحافة الجزائرية في حيص بيص: "هل الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي أنطونيو غوتيريش ملم بملف تصفية استعمار الصحراء الغربية أم انضم إلى أطروحة المحتل المغربي؟"، يتساءل موقع جزائري، شعر بالمرارة لعدم سماع الأمين العام للأمم المتحدة يشير أدنى إشارة إلى الشعارات الجوفاء للدعاية الجزائرية المعتادة، المجمدة منذ عام 1975، بل قبل ذلك بكثير. بأي "تحول" يتهم غوتيريس الذي، على عكس أسلافه في القصر الزجاجي بمانهاتن، أتيحت له الفرصة لمعرفة ملف الصحراء كرجل في الميدان.
خلال السنوات العشر (2005-2015) التي ترأس خلالها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد تعيينه من قبل الغاني كوفي عنان، ثم الأمين العام للأمم المتحدة، وتجديده في عام 2010 من قبل الكوري الجنوبي بان كي - مون، كان لدى غوتيريش دائما شكوك حول العدد الدقيق للصحراويين وأصلهم. ولهذا السبب واجه مشكلة مع الجزائر عام 2009، عندما حثته الأخيرة للمرة الألف على زيادة المساعدات الدولية لسكان مخيمات تندوف، المساعدات التي من الواضح أنها تم تحويلها وكانت بمثابة أصل تجاري وغنيمة اقتسمها القادة الانفصاليون والجنرالات الجزائريون.
في رده على ذلك المطلب، حاول جوتيريس بكل الوسائل، ولكن دون جدوى، إقناع الجزائريين بإجراء إحصاء سكان مخيمات تندوف حتى تنفذ المفوضية تدخلاتها هناك بشكل فعال.
يوم 11 سبتمبر 2009، أثناء توقفه في الرباط، كشف عن هذا الخلاف العميق بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجزائر. وقال غوتيريش "تلقينا إشارة من الجزائر بأنها (المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة) ليست كافية وقلنا أنه يجب إجراء إحصاء ... الجزائر لم تقبل ولم نغير تقديراتنا". في الحقيقة، قدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحت قيادة غوتيريش أن الصحراويين في تندوف أقل بكثير من 165000 شخص، وهو رقم قدمته الجزائر.
هذا الرفض الجزائري المستمر لقبول تعداد الصحراويين في مخيمات تندوف مستمر حتى اليوم رغم التنبيهات العاجلة لمجلس الأمن. ربما سيحظى غوتيريش بفرصة أفضل لأن تسمعه الجزائر الآن بعد أن احتفل هذا البلد بانتخابه العادي للغاية والذي طال انتظاره كعضو غير دائم في مجلس الأمن باعتباره إنجازا غير مسبوق.
يصرخ النظام الجزائري بأنه سيبذل قصارى جهده لدعم السلام في العالم ومساعدة الأمين العام للأمم المتحدة في مهامه. يجب أن يبدأ بالإذن بإحصاء لاجئي مخيمات تندوف التي حولتها إلى أصل تجاري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا