الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألواقعية السياسية والإنصاف - الوطني

عدنان فارس

2003 / 6 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

ألواقعية السياسية والإنصاف " الوطني "

 

من خلال التجربة الغنية والضخمة التي مرّ بها الشعب العراقي منذ 1920 وحتى 1958 ،أدرك العراقيون أن الديموقراطيه "الحقيقيه" والتي ابتدأتها الدولة العراقية الفتية ، بأبسط مراحلها ، أنها الكفيلة بالقضاء على التركة العثمانية البغيضة، السبب الحقيقي في تخلف وتدهور العراق أنذاك ، وليس الإستعمار البريطاني .

إن مطلب الشعب العراقي أبان العهد الملكي ، أو قل، عهد نوري سعيد ، كان تعزيز وتعميق الديموقراطية، كسبيل ناجع لبناء العراق الحديث ، و ليس تزكية سياسات أطراف دولية ودعم مصالحها الخاصة على حساب دولة العراقيين الفتية ، كما فعل الحزب الشيوعي العراقي الذي وظف طاقات الشباب العراقي وتوقه للتجديد والتقدم، وأخضع كل آماني العراقيين لإرادة ونزوات الشيوعيين السوفييت .

إذا كان نوري سعيد حليفا أو " عميلا " للإستعمار البريطاني ، فهذا يعود إلى أن البريطانيين والإستعمار العالمي هم الذين أنشأوا الدولة العراقية بعد تخليص العراق من أنياب الوحش العثماني ، فما هو إذن تبرير الشيوعيين في محاولتهم إلحاق العراق بممتلكات الإتحاد السوفييتي ؟ وقد أعطوا " الشهداء " في سبيل ذلك !

لا أعتقد أن وطنيا عراقيا واحدا، اللهم عدا الحزب الشيوعي العراقي ، يؤمن بأن الإتحاد السوفييتي ونواياه , في الصراع الدولي ، أنذاك ، كانت أرحم من نوايا الإستعمار البريطاني تجاه العراق وشعبه .

الإستعمار البريطاني أنقذ الشعب العراقي من تبعية بشعة بغيضة ، تمثلت في الهيمنة العثمانية ، فممّ أرادالسوفييت إنقاذ الشعب العراقي ؟.

البريطانيون لم يُحرروا العراق وشعبه من التبعية العثمانية لإجل "سواد عيون" العراقيين ، وإنما من أجل "سواد عيون" المسيرة الحضارية ، التي هم يقودونها ، ولصالح تطور العالم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، هذا ما حاول " الوطنيون " تشويهه وأخفاءه على الشعب العراقي ، بدافع الولاءات الخارجيه . لقد اعتمدوا طريقة ( حب واحجي ، واكره واحجي ) ! ، والكل هنا يعرف أن لا مجال للحب والغرام في السياسة ، إنما إدراك مصالح البلد وشعبه هي المُحرك الحقيقي للسلوك الوطني الحق ، وأن احترام هذه المصالح هو معيار الوطنية الحقه .

الذين إكتفوا بوطنية عبدالكريم قاسم، ولم يعملوا على تطويرها الى ديموقراطية ، هم أنفسهم الذين جيّشوا الجيوش ضد نوري سعيد ، لصالح النوايا والأغراض السوفيتيه الخاصة، وهم أنفسهم الذين دعموا البعثيين ، قتلة الشعب العراقي ، وتحالفوا مع صدام حسين في جبهة وطنية قومية تقدمية ، بأوامر " الثورية الدولية " ألتي منحت صدام لقب ( طليعة حركة التحرر الوطني العالميه ) .. وهم أنفسهم الذين يعترضون الآن على حل البعث ويرفضون اعتباره حزبا فاشيا ! ، وهم أنفسهم الذين دخلوا بغداد يوم 11 نيسان ( ! ) بلافتة طويلة عريضة (( لا للإحتلال ! )) وكأنهم يقولون لصدام : إننا على العهد والجبهة باقون ! ....... هؤلاء الذين يتفقون على ان نوري سعيد ( مو وطني وعميل ) ، ويختلفون على أن صدام ( فاشي لو مو فاشي ) !؟

بعد ان حلّ الإتحاد السوفييتي نفسه ، تحت ضغط وجبروت تقدمية التطور وقانون " البقاء للأصلح " ، ينبغي على من يدّعي الوطنية وحب الوطن ان يتحلى بالواقعية السياسية ، وان ينظر إلى نفسه " حزبا كان أم شخصا " من خلال مصلحة العراق وشعبه ، وليس العكس ، هذا العكس المليء بالأنانية الفئوية و " الحزبية الضيقة ".

لقد منّ الله على الشعب العراقي أن يتمّ تحريره، من قبضة أقبح نظام حكم عرفه التاريخ، على أيدي الأميركان، هذه حقيقة ينبغي على " دعاة الوطنية " إدراكها، وإلا فسوف لن تنطلي على الشعب العراقي نوايا ولاءاتهم لغير العراق !

لقد حرص صدام حسين على أن يُجرّد الشعب العراقي من أي سلاح لمُقاومة نظامه، وقد افلح بذلك، بفضل نزوح " ألقيادات الوطنية " خارج العراق تاركين صدام ينفرد بالشعب العراقي ، إذن ما معنى أن يدعو الحزب الشيوعي العراقي و الإسلاميون "لاحقا" ألى ان مُهمّة إسقاط صدام هي " مُهمّة الشعب العراقي" وليست مُهمة الأميركان !!؟؟ إنها الولاءات الخارجية، لقد جعلوا منها ضميرا لهم ووازعا .

الآن، وفلول صدام مُنتشرة هنا وهناك في مناطق العراق، وبدلا من ان يهبّوا لتعزيز التحرير و لتضميد جراح العراق، يُطالب الشيوعيون والإسلاميون و "القوميون العرب " " برحيل القوات الغازية " و " تشكيل حكومة وطنية فورا "!! إن الشعب العراقي يشكك بالنوايا "الوطنية" لهؤلاء،

فتاريخ الإدعاءات "الوطنية" يُعيد نفسه ..

لقد جعلوها " تكت للوطنيه" مسبة وإهانة نوري سعيد، وباركوا سحله بالشوارع وهو

أحد مؤسي الدولة العراقية الحديثة ، وأحد أبرز رجالات السياسة في العالم أنذاك ، بدعوى أنه " دكتاتوري " و "عميل" !؟ أما الولاء للسوفييت المقبور وللذين يحتضرون في ايران وسوريا، والتحالف مع البعث، فهو نهج وطني ديموقراطي أممي !

الشعب العراقي كان سيُسمّي 14 تموز 1958 ثورة وطنية لو أنها عزّزت الإستقلال الوطني وعمّقت الديموقراطية وحققت الرفاه الإقتصادي ، لكن شيئا من ذلك لم يحدث ، إنما قد حدث العكس ، والعكس تماما .

دعو الشعب العراقي يُسمّي التاسع من نيسان 2003 " فجرا للحرية "، يُضمّد جراحه ويعيد بناء نفسه، و يتمتع بالمنافع سوية مع العالم الحر على أنقاض أنظمة وتنظيمات الإرهاب.

* مجموعة الليبراليين العراقيين

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان