الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمّة ذات الرداء الأزرق!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2023 / 6 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كان يوما مظلما غاب القمرُ عن سمائه، واكتظتْ السجون والمعتقلات بأبناء الشعب، وتفنن السجّانون في كل صنوف التعذيب، وخرج اللصوص في جُنح الليل يختطفون اللقمة من أفواه الكائنات البشرية، لكن الإعلاميين والعسكر والدُعاة كانوا مشغولين بزلزال كاد يطبق السماء على الأرض.

لم يكونوا مشغولين بتضخم نسبة الفقر المدقع، ولا بالأمهات اللائي يبحثن في صناديق القمامة عن بقايا طعام الأثرياء التي لم تتعفن بعد، ولا بعمليات اغتصاب في زنزانات قذرة، ولا بنهب دولة تحت سمع وبصر الملائكة والشياطين، ولا باحتقار القوانين والدستور التي قدسّها الشعب، ولا بالأحكام الظالمة التي تهتز منها قاعات المحاكم، ولا بالتعجيل في المشروع الوطني لكي تستقيم الإدارة المجتمعية.. لكنهم كانوا يتناقشون، ويتحاورون، ويفجّرون شاشات العرض التلفزيونية بزلزال جسدي أنثوي أوقف حركة الكون عن مسيرها، وأزاح الاهتمامات والعلومَ والفنونَ جانباً.

لم يكن الذين خاضوا في تنهدات ذات الرداء الأزرق أكثر من تجمع لـُعاب يسيل لنهدين يهتزان من الأسفل إلى الأعلى، وخصرين يتحركان يمينا ويسارا، ومؤخرة بضّة وناعمة وملساء جعلت رجال الأمة يتمنى كل منهم أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، فترقص كل واحدة لبعلها بعد أن تصفعه السلطة السياسية والدينية على قفاه من الضحى إلى المساء، فيهرب من عذاب القصر إلى عذاب الجنس قبل عذاب القبر(الذي أنا غير مؤمن به).

أمة تقف أمام تحديات ثقافية وعلمية وحضارية، فيدير أفرادُها أعينَهم نحو الحلال والحرام في اهتزاز جسد امرأة عبّرتْ عن سعادتها في عرس صديقتها؛ فأقامتْ الدنيا التي لم تقعد حتى الآن.

كل ما حولنا يشي بالجنس، قولا وفعلا ولغة وفناً ودينا، حتى تكاد تعجز عن العثور على مكان لا يثير الشهوة، ومع ذلك فالأمة تواجه التحديات بالخوض في تلك الفرحة الخاصة التي جعلتها كاميرا مهبول ومحروم عامة؛ حتى أن كبار الإعلاميين والمثقفين ونشطاء مواقع التكاسل الاجتماعي داسوا بأقدامهم على هموم العائلة والعمل والعلم، وتوجهوا نحو الحلال والحرام في دقيقتين زرقاوتين أسقطتا الأمة على المؤخرة الناعمة البضّة للسيدة الأشهر في التاريخ الحديث.

تنافس الإعلاميون واليوتيوبيون والعاطلون والشهوانيون دينياً في عرض عبقريتهم لشرح الحلال والحرام، فأهمية الموضوع أنه لا يثير سيد القصر في أي بلد في العالم الثالث الذي ينام ذكوره بين الخوف من الزنزانة وترقب اطفاء الشهوة يوم القيامة في أجساد حور عين تتجدد كلما أفرغ الرجل فيهن سائلــَه قبل أنْ يسأل أو يُسئَل.

أمة تتحدى؛ فضحك عليها نهدان وأرداف ومؤخرة، ولون مثل الأزرق الكبير الممتد من الاسكندرية إلى مرسليا قبل أن يزداد لمعانا في مالطا وكورسيكا!

إذا أردتَ البكاء على وطنٍ فشاهد وجهَه المحتقن وهو يتأمل امرأة ترقص، وبعد أن تهدأ أعضاؤه التناسلية؛ يحدّثك من فوق المنبر عن غضب الله!

الإعلام سقط في فراغ بين الأرداف، وظن كل إعلامي أن امرأة ستطرق باب مسكنه لترقص له؛ ولأول مرة منذ سنوات تتراجع كل الاهتمامات الأخرى؛ فالهجمة الزرقاء أجمل وأشرس وأشهى من الدنيا و.. ما فيها!

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 25 يونيو 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة