الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من شيوعية لاأرضوية ثانيه؟/ ملحق ب1

عبدالامير الركابي

2023 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لم يحدث لشعب من شعوب المعمورة ان عاش خارج ذاته منفصلا عنها، ماخوذا بغيرها، وبما يفرضه عليها من اعتقاد يخصها ويتعلق بكينونتها كما هو حال الموضع المعروف بارض مابين النهرين/ العراق، بعدان حل عليه، وصار بديلا له "العراق الويرلندي" الدالة الفاضحه الكبرى على نوع من الكساح العقلي غير المسبوق، ولا القابل للوصف، كله توهمات وافترضات لااساس لها، منافيه للواقع والمعاش، وللتاريخ واحكامه، وماكان رتبه من بنية خاصة بهذا الموضع من المعمورة.
وماتقدم ولاشك جعل تاريخ ارض الرافدين / العراق "الحديث"، ينقسم الى عتبتين، اولى ويرلندية ميزتها الكساح العقلي الذاتي واللانطقية، وثانيه هي المرجوه من هنا فصاعدا، يفترض انها عتبة استعادة الذاتيه المفقودة، المغيبه على مر التاريخ اصلا، فهذا المكان وجد كبنية ونمطية خارج الطاقة العقلية، والقدرة المتاحة للكائن البشري على الاحاطة وادراك منطويات الظاهرة المجتمعية، وظل كذلك كما المعمورة ككل، فمر بدورتين تاريخيتين كبريين فصل بينهما انقطاعان، وصولا الى الدورة الحالية الثالثة، المستمرة من القرن السادس عشر، والمتواقته مع متغير انقلابي اساسي وقع في اوربا، هو الانقلاب الالي، ماقد غير في آليات التشكل الراهن، وجعل الدورة الراهنه مختلفة عن سواها، ومنطوية على احتمالات غير عادية على مستوى وعي الذاتيه، ومقاربتها عبر الاصطراع الافنائي مع الكيانيه الالية الصاعدة، وغلبتها النموذجيه والتفكريةعلى مستوى المعمورة.
بحسب ويرلند فان العراق وجد بسبب الغرب ونهوضه الراسمالي، وانه يعود وجودا الى القرن التاسع عشر وتحديدا عام 1831 علما بان العراق الحديث الحالي، انبعث في القرن السادس عشر، قبل الانقلاب الالي البرجوازي الاوربي، وظهر بصيغته القبلية الاولى في ارض سومر التاريخية مع "اتحاد قبائل المنتفك"، والعتبه القبلية من تاريخه الحديث، قبل العتبة الانتظارية النجفية، التي اخذت تتكرس منذ القرن الثامن عشر، ونحن نتحدث هنا عن العراق التاريخي حيث موطن الاليات المجتمعية في الدورتين الاولى والثانيه، الاولى السومرية البابلية، والثانيه الكوفية البصرية التي افرزت بغداد كحصيله للتفاعلية الاصطراعية المجتمعية، حيث اتاح الفتح الجزيري وقتها الامتداد الامبراطوري الاوسع الذاهب الى الصين، في حين حصل الانبعاث الراهن بظل البرانيه المستمرة من سقوط بغداد العاصمه الامبراطورية على يد هولاكو، وصولا الى الاحتلال الالي الانكليزي، واختلاقه الويرلندي لكيانيه العراق المفبركة الحديثة، ماقد وضع هذا الموضع وتشكله الحديث، امام، وفي غمرة العتبه الثالثة المضادة للفبركة الويرلندية، بدات مع مفتتح القرن العشرين بالثورة اللاارضوية الاولى غير الناطقة عام ،1920 وذهاب الاحتلال لفبركة الكيانيه المصطنعه وماعرف بالدولة، الامر الذي غير في العناصر الفاعلة، والاليات التشكلية العراقية التي لم تتوقف وقتها، بل اتخذت مايلزم من التحورات المناسبة للحالة، ونوع التحدي.
ومع ان ارض الرافدين استمرت غير ناطقة وقتها وحتى اليوم، الا انها كانت حاضرة فعلا وواقعا، فرض على المحتل وفبركته وتوهماته فعلا مخالفا ومضاد لها، ذهب الى تحويرها واعطائها الصفات المناسبة للبنية العراقية والياتها، فلم يتوقف قانون الاستبدال الجنوبي اللاارضوي، فجرى وفقا له تحوير اشكال التجلي الويرلندي "وطنيا" كما اسلفنا، بما خص الشيوعية والبعث، الامر الذي استمر الى الثورة اللاارضوية الثانيه في 14 تموز 1958 حين وقع الانفصال بين الحركات الايديلوجية والبنية اللاارضوية، ساعة الحت النطقية بازاء عجز تلك الحركات عن النطق المتوافق مع الحقيقة اللاارضوية، واصرارها على تكريس مفاهيمها الايديلوجة واهدافها المتمثلة باغراض ثورتها "البرجوازية الوطنيه" المفترضة، وهنا تنتهي علاقة الاستبدال التي ظلت سارية من الثلاثينات الى الثورة التموزية، وقد تبدلت الاشتراطات، وماعاد بالامكان استمرار الحزب الشيوعي، ولا البعث اللاارضوي بصيغتهما التي وجدا عليها ابتداء، الا بالثورة على ذاتهما والانتقال غير الوارد وقتها، الى مقاربة النطقية المؤجلة.
وهنا انفتحت امام "شيوعية الافندية" المهزومة الفرصة، وصار انتقال الحزب الشيوعي من ارض السواد استبدالا، الى الاطار الاعلى البراني واردا، بتزكيه من الظروف الناشئة، وهو ماقد حدث فعليا بسبب الاحتداميه التازمية المتولده عن الثورة عبر خطوتين متلازمتين، الاولى كارثية قام بها تيار براني متحور سلطويا في 8 شباط 1963 ، اقدم فيها على تصفية الحزب الشوعي اللاارضوي، مهدت الطريق واتاحت لتيار الافندية السطو على الحزب وقيادته عام 1964 باعتلاء عزيز محمد قيادة الحزب، الامر الذي ماكان ليحصل من دون العملية التصفوية الاولى، علما بان تصدر عزيز محمد قيادة حزب الافندية الشيوعي، استند الى محرك هو اليات الحركة الكردية، وهو ماسيكون حاضرا، وظل يطبع عموم مواقف وسياسة الحزب من يومها، بما في ذلك تحالف حزب عزيز محمد مع من اجهزوا على الحزب اللاارضوي، بعد بضع سنوات.
ولابد هنا من ان نتوقف عند ظواهر الشيوعيه الافندوية كما كانت تظهر قبل هذا التاريخ ممثلة في اثنين من اليهود البغداديين، واربعة اكراد، واثنين من الموصل، ظلوا يمثلون خلال تاريخ الحزب، وابان الغلبة اللاارضوية، تيارات واتجاهات داخل معسكرهم، لعبت ظروف الكرد وحركتهم فيها كخلفية ومحرك، دورا في اعطاء جماعة عزيز محمد، وبهاء نوري، وكريم احمد، وحميد عثمان، محركا لما قد لعبوه من ادوار في الصراعات والانشقاقات في الخمسينات، لم تصبح واقعية وممكنه، الا بعد 8 شباط 1963، وصعود عزيز محمد للقيادة عام 1964.
الشيوعية في العراق شيوعيتان، استبدالية لاارضوية مرتكزها العراق التشكلي في ارض السواد، وافندوية موضعها الاطار الاعلى البراني، الاول يبدا من 1934 الى 1958، وينتقل كما التتابع القبلي الانتظاري بين الناصرية والنجف، والثاني يصير واقعا منذ 1964 والاثنان لاشبه بينهما، الاول ينتهي عادة بالتصفية الجسدية، وباعدام قيادته، والثاني لااحد من قيادية يموت الا في فراشه، بعدما يقارب القرن من الزمن، الثاني مهمته التفاهم مع السلطة المركزية وصولا للعب دور ومهمه "بعثيي الجبال" كما حصل عام 1973 مع عقد الجبهة مع من قاموا بتصفية حزب اللااارضوية قبل عشر سنوات، تزكية لهم ولفعلهم بحق جهة "استحقت" ماوقع عليها.
ونحن هنا ننظر لتاريخ الحزب الشيوعي بمنظار التشكلية التصارعية المجتمعية العراقية، وكيف يتجلى تنظيم توهمي ينتمي الى الاصطراعية الطبقية الاوربية التي لاوجود لها في ارضه، ولاسبق له ان عرفها في اي من دورات تاريخه، هذا في الوقت الذي ماتزال الارض التي اقحم عليها ضمن اشتراطات بعينها، كرست الغلبه النموذجية الاوربية، غير ناطقة بعد، ومانذهب اليه يخالف بالطبع وكليا المنظور الويرلندي/ الايديلوجي، وتوهميته الاختلاقية الاستعارية، اهم مظاهر الكساح العقلي المستمر الى اليوم، في الفترة الجاري تناولها.
وعلى مدى قرابة الستين عاما من تاريخ الحزب الثاني، لم يسجل اي اثر او حادث كمنجز يمكن الافتخار به، او وضعه بموضع يمكن اضافته الى كل تاريخ الحزب اللاارضوي، على قصر عمره الذي لايتعدى نصف عمر حزب الافندية الكردي المحركات، هذا الا اذا احتسبنا عقده للجبهة مع البعثيين، او الالتحاق ببريمر والغزو الامركي للعراق، استنادا فقط الى تاريخ وحزمة منجزات الشيوعيه اللاارضوية وقادتها الشهداء، وانتفاضاتها الكبرى، وقيادتها عملية الاطاحة بمشروع الغرب الاحتلالي، ودولته الواجهه التي اقامها، وسحقها، لابل اكلها في الطرقات وفي الريف حيث سندها المجتمعي المصنع، ولنتصور للحظة لو اننا قمنا باقتطاع، او ازالة تاريخ مابين اواخر العشرينات، وبالذات منذ مابعد 1934 حتى بداية الستينات، او على وجه الحصر حتى بعيد ثورة 14 تموز 1958 و ازلنا تلك اللحظة من تاريخ الشيوعية في العراق، ونظرنا للهيكل العظمي المتبقي، العاري والمخزي، الذ ي يفاخر بمنجز غيره وهو يدوس عليه، بينما هو يعتاش على امجاده، ولاذخر له سواه، مايدل قطعا على فعل الدينامية التشكلية والاليات البنيوية التاريخيه، وعملها الحاسم الفاعل في موضع الدينامية التاريخي، محل التوهمات الطبقوية والايديلوجية الببغاوية.
والا فمالذي يمكن ان يجمع امثال عزيز محمد، وحميد مجيد، و"الطرن" الاخير، باشخاص من عينة "فهد" وسلام عادل، وباي مقياس او قاعدة مقارنه، يمكن اعتبارهم مجتمعين من الحزب، او التيار، او الجماعه نفسها، مواصفات، ودور، وفاعلية، في حين هما وبوضوح صنفان وجماعتان متضادتان، الثاني منهما تصفوي للاول، فلقد اقتضت "الضرورة" برانيا، وبالذات بعد ثورة تموز 1958، الاجهاز على حزب اللاارضوية الاستبدالي الشيوعي، بالتصفية المباشرة الجسدية كما حدث في 8 شباط 1963، والتصفية الداخلية النوعية، وهو ماتكفل به تيار الافندية على خلفية المسالة الكردية، والياتها بزعامه المدعو "عزيز محمد"، لتكتمل وقتها ومن ساعتها، عناصر التخلص من حزب اللاارضوية، استنادا لاسباب ومبررات، من اهمها، لابل على راسها، تأخر النطقية التاريخيه.
ليس حزبا واحدا على الاطلاق...حزبان، لاحياة ولا وجود لاحدهما بوجود الاخر..
ـ يتبع ـ هل من شيوعية لاارضوية ثانية؟/ ملحق ب2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية