الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا لن تنتصر على الإرهاب ما لم....

حمزة الجواهري

2006 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عجيب أن نسمع مثل هذه المفارقات، فقد كانت نوعا من المزاح الثقيل قبل أن يصبح الطائفي زلماي سفيرا لأمريكا في العراق، لكن الرجل بكفاحه الطائفي المستمر استطاع أن ينزع برقع الخجل عن وجوه الطائفيين ليعلنوا جميعا وصراحة أنهم أخس من الخسة نفسها، وإذا أراد بوش حقا أن ينتصر في الحرب على الإرهاب، عليه أن يحيل زلماي على التقاعد أولا، وأن ينسى تماما نصائح حلفائه العرب ثانيا، السبب هو أن هذا الجمع له مآرب لا حدود لها في النتائج النهائية التي سينتهي عندها الصراع في العراق، وهم بلا أدنى شك من أكثر خلق الله خبثا وطائفية.
لمجرد أن أوصت لجنة بيكر بأن تقوم الأردن ودول أخرى بدور في العملية السياسية، ومن قبل أن يوافق الكونجرس الأمريكي على الخطة، ومن قبل أن توافق عليها إدارة بوش وترضخ الحكومة العراقية لقبولها، ومن قبل أن تفرض قسرا على الشعب العراقي على أن يصبحوا من جديد عبيدا مكبلين يساقون كالخراف إلى مهاوي الردى، ومن قبل أن تقبل الأمم المتحدة التي هي اليوم من يتولى حماية العراق، حيث مازالت هذه التوصيات سرية ولم يعرف أحد بنودها التفصيلية لحد الآن، لكن الأردن (الشقيق جدا جدا!) قد اعتبر مسألة قبولها والرضوخ لشروطها من قبل كل هذه الأطراف مجرد حاصل تحصيل. لذا سارعت الأردن لتعلن صراحة عن طائفيه غير مسبوقة، حتى غلاة الطائفيين لم يستطيعوا قبولها، وطالبوا بما لا يقبل به عقل ولا أخلاق، ولا أعراف، ولا قوانين، ولا أديان، ويطالبوا أولا بصلاحيات أوسع لطارق الهاشمي وكأنه بلا صلاحيات في حين يعتبر هذا الرجل أقوى من الرئيس نفسه، وهو الذي عرف عنه فرض شروطه ورغباته التي لا يستسيغها أحد على الجميع بقوة سلاح المليشيات، ويطالب الأردن أيضا بإعادة الاعتبار للسنة، القصد كما نفهمه نحن العراقيون هو إعادة الاعتبار للبعثيين في العراق لأن السنة لم يفقدوا الاعتبار لا بتشكيل الحكومة ولا دستوريا ولا بأي معنى آخر، وهكذا وبضربة واحدة نصحت الأردن أولا بإعادة السلطة البعثية الطائفية التي كانت في العراق، وعلى العراقيين، من أي طيف كان، القبول بمراكز رمزية لا تغني من جوع! كانت هذه هي النصيحة الأولى التي يقدمها الأردن لحل المعضلة العراقية.
كما ويجد الأردن أن هناك ضرورة لاستحداث مواقع أخرى للسنة، مرة أخرى القصد من ذلك هو البعثيين، في الجيش والقوى الأمنية وكأنهم بعيدين عنها حاليا، في حين هم الآن يستحوذون فعلا على نصيب معتبر في القوات المسلحة الجديدة، لذا نستطيع أن نفهم أن الدعوة الأردنية هذه تعني إعادة الجيش والقوات المسلحة إلى ما كانت عليه في السابق ذات صفة طائفية عنصرية صرف، أي بعثية، وليذهب الجميع إلى الجحيم!
نصيحة الأردن الثالثة: عدم تمسك الأطراف الشيعية بالنتائج المترتبة على الانتخابات التشريعية! وحسب زعم الأردن، أنها هي التي أدت إلى عزل السنة (القصد البعثيين طبعا) عن العملية السياسية، لأن النتائج الانتخابية لا يمكن تغييرها، حيث أنها تعكس الواقع الديموغرافي الحقيقي في العراق. أي أن ما يطلبه الأردن هو إلقاء الدستور في سلة المهملات لأنه لا يناسب مقاسات البعث والأردن! والأسلوب الذي يطالب به البعثيين، والأردن حاليا، هو أن يكون للصوت السني ثقلا بثلاثة أصوات من باقي أبناء الشعب العراقي، وهذا ما طالبوا به رسميا في الأيام الأولى لكن كعادتهم لا يكفون عن الهراء حتى لو كان من النوع يصيب المرء بالغثيان!!!
الخطأ الوحيد الذي ارتكبه المالكي، كما أعتقد، أنه عندما تقلد رئاسة الوزارة قبل تبنى المشروع الرث والذي لا يستند إلى أرضية واقعية وهو مشروع المصالحة الوطنية، والذي اسماه العراقيون مشروع الانتحار الوطني، هذا المشروع فقط تدعمه الأردن! لأنه يسمح للبعثيين وضع شروطهم، وليس أسهل على المرء من وضع الشروط، وكلما زادت الشروط يكون أفضل، حيث إن ما سيتحقق منها ""خير وبركة""، أما الشروط الأخرى فإنها سوف تتحقق بمزيد من الإرهاب ومزيد من البكاء على ضحايا مزعومين للسنة، وبكاء على مهجرين لا أحد يعرف من الذي هجرهم، بل ولا أحد يعرف من هم هؤلاء المهجرين، ربما يقصدون ألائك الذين نقلوهم من بيوتهم لكي يشغلوا مساكن المهجرين الآخرين من "أولاد الكلب" الذي لهم صوتا واحدا فقط في الانتخابات أو الاستفتاءات، هذا إذا بقي لهم صوت يسمع!
الذي نستطيع قوله أن هذه المطالب تعتبر من أوضح أنواع التدخل السافر في الشأن العراقي وأكثرها صفاقة سياسية، بل وغير مسبوقة في صفاقتها، وتخرج عن معايير الذوق والأخلاق والأعراف والمعاهدات الدولية وتفتح بابا واسعا للتدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الدول الأخرى، حتى لو كان التدخل من قبل دويلة بائسة كالأردن!
كل هذا يحدث للعراقي مقابل أمل مريض لبعض المعممين من الشيعة بإقامة دولة ولاية الفقيه على جزء من الأراضي العراقية، والتي لا يمكن لها أن تقوم لأنها سوف تكون ذات صلة بإيران، في حين أن الأخوة السنة، أي البعثيين والسلفيين، لن يقبلوا بها، وأن وزن الصوت السني بثلاثة، وربما سوف يطالبون بوزن أكبر، لا بل فيتو لكل سني حتى لو كان أردنيا، حيث لديهم في الواقع أكثر من فيتو حاليا.
الأردن كما هو معروف تحتضن فلول البعث الدموي وتقدم جميع أنواع الدعم لأقطاب الإرهاب في العراق، وهذا يثير السخط والاشمئزاز من أي عراقي غير بعثي، ومن نشاطات البعثيين العادية التي نقلها "الملف برس" من العاصمة الأردنية كما نقل شروط الأردن سالفة الذكر في مؤتمر المصالحة المزعومة، نقل أيضا أنه يجري تشكيل جبهة بعثية يصطف بها جميع القوميين العرب وحليفهم الجديد القاعدة بتنظيماتها المختلفة، وفي الأردن، الشقيق جدا جدا، تجري مفاوضات قد أعلن عنها زعيم لإحدى العصابات الإرهابية المعروفة بإسم "الجيش الإسلامي"، ذلك التنظيم الذي قتل من العراقيين ما لم يفعله صدام بدمويته، هذا الزعيم هو عبد الرحمن الأنصاري، يعلن عن مفاوضات، بشروط البعثيين والسلفيين فقط، تجري بين12 فصيل إرهابي مسلح مع الأمريكان، أي زلماي خليل زاد عراّب الطائفية الجديد في المنطقة، وشروطها هي تقريبا نفس شروط الأردن البعثية إضافة إلى جدولة الانسحاب وحل المليشيا الشيعية واعتبار عصابات البعثيين والسلفيين شرعية كونها تمثل "المقاومة الشريفة" كما يصفها الأردن! وكأن ما قامت به قتل للأبرياء وانتهاك للأعراض و هدر المال العام و الإخلال بالأمن وتفجر الأماكن المقدسة والتهجير القسري والقتل ذبحا على الهوية على مدى الفترة منذ سقوط النظام البعثي وحتى اليوم. بهذه الشرور، عفوا الشروط، لا يريد لنا الأردن، حامي حمى البعث، صوتا له وزن، بل صم بكم عمي، قبل أن يهجرونا إلى دول أخرى قد تقبل بنا كماسحي أحذية أو كناسين، أما ما هو ملفت للنظر أيضا أنهم يريدون حل المليشيات الشيعية، والتي لم تنشط إلى من أجل الدفاع عن النفس بعد أن استمرت الهجمات عليهم ثلاثة سنوات متواصلة من جانب واحد، أي وفق العادلة الزلماوية الأردنية البعثية الطائفية الجديدة يكون حق الدفاع عن النفس محرما في العرق وأن القتل الطائفي مباح فقط للبعثيين والسلفيين وهو حق مشروع لهم، لأن الدم العراقي غير البعثي مباح أردنيا وعربيا، وقد أصبح بالفعل أمريكيا بفضل زلماي!
وما أثار استغرابي حقا هو ما ذكره أستاذ العلوم السياسية في جامعة مشيغان والخبير المتخصص بشؤؤون الحركات الشيعية خوان كول حيث أعلن عن الوعود الأمريكية للمالكي، والتي لم نسمع بها من قبل بالرغم من حرصنا على متابعة الوضع العراقي، لأن وسائل الإعلام المنحازة لم تروق لها وعود الأمريكان لذا لم تنقلها للقارئ العراقي، فقد قال "أن المسؤولين الأمير كيين السياسيين و العسكريين في بغداد وواشنطن كانوا قد وعدوه في الصيف الماضي عند بدء العملية الأمنية في بغداد، بأن الولايات المتحدة ستتولى معالجة حركة العمليات السنية في العاصمة قبل أن تتوجه ضد المليشيا الشيعية، وبذلك يستطيع المالكي أن يتوجه إلى القادة الشيعة في بغداد قائلاً لهم " أنكم بأمان الآن، وبالتالي لستم بحاجة إلى المليشيات، التي باتت تشكل عقبة في طريق العملية السياسية، وعليه ينبغي حلها".
وقد بين خوان كول السبب وراء هذا الوعد أيضا بقوله "إن وجود المليشيات الشيعية متأتٍ من شعور الشيعة بفقدان الأمن و التعرض للخطر، و منبع هذا الشعور متأتِ من عمليات التمرد السني التي تستهدف الشيعة، الذين ملوا من تلقي الضربات، و اقتنعوا بضرورة تسليح أنفسهم و إقامة نقاط تفتيش في أحيائهم، من اجل توفير الأمن لسكانها".
لكن، وبالرغم من أن زلماي يعرف ذلك تماما، يريد من المالكي حل المليشيات الشيعية دون أن يتحقق أمن العراقيين من بطش العصابات البعثية السلفية، حيث مازالوا مستهدفين من قبل هذه العصابات التي فقدت المروءة، بل وكل صفة إنسانية! حتى أصبح الاستهداف في زمن زلماي مشروعا أمريكا بعد أن كان قاعديا وبعثيا فقط، وهذا مشين بحق أمريكا التي جاءت محررة لا غادرة لمن وعدتهم بالحرية والنظام الديمقراطي.
فلو قبل المالكي بهذا الشرط الأردنية يكون قد ساهم بجريمة قتل أهله، شيعة وسنة وكورد أيضا.
كل هذه التحركات والأصوات البعثية العالية والنباح وهم يعتبرون أنفسهم مهمشين! وكل هذا الدعم الإقليمي والعربي والعالمي والأمريكي، زلماويا، ومازالوا يعتبرون أنفسهم مهمشين! وكل هذا الحشد من وسائل الإعلام التي تدعمهم، العربية والعالمية كالبي بي سي والواشنطن بوست والنيويوك تايمس ورويتر والفرانس برس وغيرها كثير جدا، ومازالوا يعتبرون أنفسهم مهمشين! فما الذي سيحدث فيما لو تقلدوا السلطة أو بعضا منها من جديد؟ أقسم أن الدم سوف يكون انهارا. بهذا الصدد أتذكر، أيام النظام البعثي المقيت، أنني أردت الحصول على فيزة سنغافورة، وكان علي إرسال جواز السفر إلى أقرب دولة عربية لوضع الفيزة عليه هناك، لكن ما أثار استغرابي بأن جميع شركات النقل السريع كالدي أج أل وغيرها ترفض إرسال الجواز إلى هذه الدولة العربية، وحين سألت عن السبب تبين أن هذه الدولة قد منعت حتى جواز السفر العراقي من المرور بأجوائها! تخيلوا حتى الجواز! وليس من يحمل الجواز! في حين نرى اليوم جميع العواصم العربية تحتضنهم وتدعم كل ما يفعلون! كل هذا ومازالوا يعتبرون أنفسهم مهمشين!
عجيب أن نرى الإدارة الأمريكية مستمرة بدعمها لزلماي خليل زاد الذي زاد في طائفيته وخبثه كل حدود التصور، والضحية ليس إيران كما تتوهم الإدارة الأمريكية، فإن رجال الدين الذين يحملون مشاريع إيران الشريرة سوف يجدون لهم طريقا نحو إيران، والتي سوف تحميهم وتقدم لهم كل أسباب الرفاهية والعيش الرغيد، لكن الذي سوف يعاني من نتائج هذه السياسة هو الشيعة العزل من السلاح الذين مافتئوا يقتلون على الهوية، وسوف لن ينسى العراقي أن أمريكا قد وعدته بنظام ديمقراطي، وعليها أن تفي بوعدها.
في الواقع إن ما يجري ما هو إلا محاولات مستميتة لذبحنا من جديد بسبب انتمائنا كما ذبحنا وشردنا من قبل، وأن الدفاع عن النفس أسمى وأقدس حقوق الإنسان، فمن لا يقف مع الحق لأبناء شعبه لا يستحق الاحترام، بل ولا يستحق الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل